الفصل الثامن عشر(2)
مِنْ الحمائمِ إلى الصقور:
في مكتبنا العديد مِنْ الشخصياتِ، قد تَجِدُ بعضهم جالساً على مكتبه يطالع في أوراقه، وبَعْضهم ترفرف عليه السكينة والهدوء، والبعض يتحركون كالنحلة بلا كلل ولا ملل، وآخرون منهم الكفء أو غير الكفء أو الكسالى، ولكنهم مجموعة واحدة مُرتَبَطةُ بخاصية مشتركةٍ، وهي أنهم غير مؤكدين لذاتهم في العمل، والآن دعونا نُقسِّمَهُم إلى ستّة أصنافٍِ أساسيةِ.
0 رجلٌ مُسالمٌ كالحمامة: أنت جيّدٌ في عَملِكَ، محبوب ومُحترم وخدوم بكل المقاييس، لكنك تفشلُ تماماً؛ فلا ترقيات جديدة مع القليل من الزياداتِ في راتبك، ورغم أنك تعمل أكثر دائماً لكن لا مسئوليات جديدةَ. أنت مُهمَل في جانب مفاوضة نظام الشركة لتحقق أهدافك من حيث الترقي والحصول على العلاوة السنوية التي تستحقها ولكنك لا تتحرك في ذلك الجانب؛ لذا تَبقى حمامة لأنك مؤكد لذات الشركةِ ولكنك لست مؤكداً لذاتك، أنت غير مهتم بأهدافك الشخصية ولا تعرف كَيفَ تأخُذ خطوتك القادمةَ.
0 رجل قابِعٌ في الخلفيةِ: أنت تقوم بعمَلٍ ممتاز بل وقد تكون مُبدِعاً في الأعمال الصعبة، ولكن لا أحدَ يَعْرفُ ما تقوم به؛ فدائماً يَجني الآخرون ثمرة كل ما تقوم به من أعمالٍ، وأنت تظْهرُ كالخادم البسيط أو على الأكثر كمُساعدٍ للمخرج، ويبقى الرئيس هو المُبدع الدائم ومُخرِج الروائع، والمشكلة عِنْدَكَ هي الإمكانيةُ والطموحُ اللّذان يُكُونانِ شخصية الرئيس، لكن لأنك غير مُؤكد لذاتك أساساً؛ فأنت لم تتعلم أبداً كيفية لفت انتباه الآخرين إلى إنجازاتِكَ الخاصةِ، ودائماً ما يَلتقطُ رئيسُكَ وزملاءُ عملك ثمرة عبقريتك وإبداعك.
0 أنت أسوأ عدو لنفسك: قد تكون عدوانياً حتى مع رؤسائك، عملك جيدٌ لَكنَّك تُعرقلُ العمل بالمكتب الذي تعمل فيه، أنت تخلق كثير من الاضطرابات في مكان عملك، أنت قد تختلفُ مع أي شخصِ في طريقك بصورة عدائية وغير منضبطة؛ وبالتالي فأنت مكروهٌ من الآخرين، أسلوبُكَ منفرٌ وبصورة كبيرة؛ لذا فهم لا يَستمعونَ إلى الذي تَقُولُ بالرغم من أنَّ أفكاركَ ممتازة.
0 موظف غير منضبط: لأنك لا تُحضِّر نفسك بصورة صحيحة عند قيامك بعملك؛ وذلك لبعض العادات السيئة لديك، فأنت لا تقوم ببذل كل إمكانياتَكَ عند قيامك بعملك، لديكَ غالباً مشكلة في سلوكِ ضبطِ النفس، َرُبَّمَا تُؤجّلُ بعض الأعمال المطلوبة منك، أو قد تنام متأخراً وتحضر إلى العمل كذلك مُتأخراً، أَو قد تكون ممن يَستغرقون أوقاتاً طويلة في أحلام اليقظة يومياً في أثناء ساعات العمل الرسمية، وعندما تَبْدأُ أخيراً، فعملكَ من الدرجة الأولى؛ لكن عاداتَ عملِكِ السيّئةِ تَمْنعُ ترقيتك.
والناس الذين هم مدركون لمواهبِكَ يتساءلون لِماذا لم تُنجِز أكثر، في بادئ الأمر، يَشعر رؤساءكَ بالإحباط ثمّ يَتوقّفونَ عن تَوَقُّع إفاقتك من مشاكلك، أَو قد يُصبِحون غاضِبِين منك في أغلب الأحيان لقلةِ انضباطِك، فأنت تَخْلق المشاكلَ لهم؛ كما أنك في أغلب الأحيان كثير الشكوى؛ من أجل كل ذلك فلديك خوفٌ دائم من أن تُطرَد من العمل، تذكر قول سقراط: "من يحرص على عمله يزدد قوة".
ولعلاج وضعك هذا عليك بتذكر ذلك المثل: "أعمل كأنك عبد، وكل كأنك سيد"، عليك أن تكون حازماً مؤكداً لذاتك، جاهد وجد واصبر ولا تستسلم أبداً للملل أو الكسل.
0 رجل مشكلته الاستسلام: هو يتمسكُ بشكل ثابت بوظيفته وعمله، تجد أن بيئته بل وعالمه هو المكتب الذي يعمل به، قد يَتكلّمُ الزملاء معه في الردهات أو يأخذون رأيه في مشاكلهم، لَكنه أبداً لا يفكِّرُ في حل مشكلته هو بالطريقة الصحيحة، هو لا يُناقِشُ وضعه مَع المسئولين، ولا يحاول أن يُقدِّم اقتراحاته إلى أصحاب الشأن، وبدلاً مِن ذلك فهو يَتذمّرُ في المكانِ والوقت غير المناسبين ومشكلته هي عدم قدرته على التغيير، عليك أن تفكر في كيفية توصيل صوتك للمسئولين، وتذكر أن العمل سهل والتفكير صعب.
0 رجلٌ كالصقر (المُستغِلون): الابتسامة جميلة وحلوة، تَقُولُ نعم إلى كل طلب، أنت تعرفُ جيداً من أين تُأكل الكتف، تعرف المدخل لكل واحد من رؤسائك، وقد تَتخلّى عن الأوقات الخاصة بالعمل أحياناً لتنام أو لتتنزه، أنت لم تُعلِّم نفسك قَول لا إلى طلباتكِ الشخصية غير المعقولةِ، من الممكن أن تقول في نفسك: مستحيل أن أقوم بكل ذلك العملِ اليوم!!، والنَتائِج هي: انفجارات من البُكاء أَو الغضبِ في المكتب، وفي أغلب الأحيان كآبة أَو إزعاج في البيت، وأخيراً تغيير مندفع للوظائفِ، وعلى هذا الشخص أن يعلم أن المداومة على العمل المُرهق الجاد ليست موهبة أو نافلة، ولكنها الوسيلة الوحيدة للاستمرار في الحياة إذا أعوزته الموهبة.
يُدركُ أكثر الناسِ الأهميةَ المادية لوظائفِهم؛ فهم يَعْرفونَ أنها الطريقَ لَكسب قوتهم ودفع أجرة منازلهم، ومصاريف المدارس والجامعات لأبنائهم، بل وثمن الصحيفة اليومية التي يقرؤونها، والملابس التي يلبسونها، وكذلك همهم في توفير مبلغ يستثمرونه ويتعيشون من ربحه عند تقاعُدِهم،على كل حال فقد يُخفقونَ في أَخْذِ هذه المعرفةِ خطوة للأمام فلا يَعتقدونَ في أهمية العمل بحياتهم.
وتكون المحصلة النهائية بالنسبة لهم هي الشعور بالسأم والحزن؛ لأن المهنةَ أو الوظيفة أو العمل يُعتَبر من المناطق الحيوية في حياتنا.
النجاح في العلاقات الإنسانية بالعمل
تُعدّ العلاقات الإنسانية التي تكونها على المستوى المهني أو الشخصي بمثابة الكنز، والشخص الذي لديه قدرة على تكوين علاقات إنسانية متينة يتمتع بمستوى ذكاء اجتماعي مرتفع، فهل تملكه أنت؟!، عموماً هذا الكتاب سوف يساعدك على تكوين علاقات إنسانية إيجابية على المستوى المهني أو الشخصي لبناء مستقبل مشرق وحياة متوازنة.
- أهمية العلاقات الإنسانية:
غالبية الموظفين لا يقدرون أهمية العلاقات الإنسانية:
يعتمد استقرار المستقبل الوظيفي للموظف على مدى بنائه العلاقات الإيجابية في بيئة العمل أو حياته الخاصة؛ فالكثير من الموظفين يقدرون قيمة الذكاء الفني، ولكنهم يجهلون قيمة الذكاء الاجتماعي، عموماً يمكن القول أن: جودة أية علاقة تنعكس على إنتاجية الشخص سواء كانت إيجابية أو سلبية.
- طبيعة العلاقات الإنسانية:
تقوم العلاقة الإنسانية بين طرفين، وهذه العلاقة هي بمثابة الاتصال بين الناس وأفضل الطرق الموضوعة للحكم على العلاقات الإنسانية، هو التركيز على نوعية العلاقة بغض النظر عن شخصيات طرفي هذه العلاقة.
- الموقف الإيجابي والعلاقات الإنسانية:
الموقف هو الحالة الذهنية التي تنظر بها إلى الأشياء، فإن ركزت على الجوانب الإيجابية كان ذلك دافعاً لعلاقاتك الإنسانية الجيدة، وإن ركزت على الجوانب السلبية أدّى ذلك إلى تعطيل علاقاتك الإنسانية.
والموقف الإيجابي يحقق ثلاثة أهداف:
0 يشعل حماسك للعمل الذي تؤديه أنت وزملاؤك.
0 ينمي طاقات إبداعك ويزيد من إنتاجيتك.
0 يساعد على إبراز شخصيتك بشكل إيجابي مما يجعل الآخرين حريصين على التعامل وإقامة علاقات متينة معك.
يتبع >>>>>>>>>>> الإنتاجية والعلاقات الإنسانية