الفصل التاسع عشر
أدب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مع الأطفال:
الطفولة لها سماتها الخاصة التي تتطلب فهمها بطريقة تتناسب مع هذه المرحلة الخاصة، وقد تعددت الدراسات والأبحاث العلمية التي تناولت هذه المرحلة، والحقيقة أنه لولا رعاية الكبير لصغيره وتوجيهه لم يكن في الناس كبير.
يقول التنوخي
لولا ملاحظة الكبير صغيره ما كان يعرف في الأنام كبير
وقد تناول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كثيراً من الأمور التي تخص قضاياهم ومشاكلهم نتناول جزءاً منها، وهي بمثابة غَيْض من فيض من حكمة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) التي هي بمثابة مواقف تعليمية للآباء والأمهات.
الرأفة بالبنات:
قالت عائشة (رضي الله عنها): "أمرنا رسول الله أن نُنْزِل الناس منازلهم"، فإن كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد أمرنا بتعليم الأطفال الصلاة مثلاً وهذا واجب عليهم، إلا أنه وضع لهم في نفس العبادة حقًا بأن خفف في الصلاة من أجلهم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي؛ فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه"، أي أنه قبل أن يؤدي واجباته فليأخذ حقوقه.
الرفق:
إن من الجميل أن نتحدث مع الأطفال، ولكن الأجمل أن ندنوا لمستواهم ومن خلال عالمهم لا من عالمنا نحن، ومن الأفضل أن يتمتعوا بمساحة من الحرية المسئولة.
عن أم خالد بنت خالد بن سعيد قالت: أتيت رسول الله مع أبي وعليّ قميص أصفر قال رسول الله سنة سنة: (قال عبد الله وهي بالحبشية حسنة حسنة)، قالت فذهبت ألعب بخاتم النبوة فزجرني أبي، قال رسول الله: دعها، ثم قال رسول الله: أبلي و أخلقي، ثم أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي، قال عبد الله: فبقيت حتى ذكر؛ يعني طال عمرها كثيراً.
تلطفوا مع الأطفال:
من المعلوم أن كثيراً من الأطفال عندما يخطئون فإنهم ينتظرون اللوم أو حساب الآباء لهم، ولكن القليل من الآباء من يقدمون لأطفالهم الشكر عندما يقومون بعمل طيب، فلا يحرص على الشكر والثناء كالحرص على التأنيب أو العقاب، [قال ابن عباس: ضَمَّني رسول الله وقال: اللهم علمه الكتاب]، [وقال ابن عباس: وضعت للنبي (صلى الله عليه وسلم) وضوءاً قال: من وضع هذا؟ فأُخبِر؛ فقال: اللهم فقهه في الدين].
[لما خدم أنس رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دعا له النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: اللهم أكثر ماله وولده، وبارك له فيما أعطيته]. ويرى كثير من الأطفال أن الكبار يسلمون على بعضهم البعض، ويتبادلون التحية فيما بينهم ، غير أنهم يرون أن بعض الكبار يتجاهلونهم.
مرَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) على أطفال يلعبون.. فقال لهم: "السلام عليكم يا صبيان" [عن أنس بن مالك (رضي الله عنه) أنه مر على صبيان فسلم عليهم وقال: كان النبي يفعله].
غير أنه لا يحرم الأطفال من مشاركة الكبار في السلام أو التحية.
[قال صلى الله عليه وسلم: يُسَلِّم الصغير على الكبير، والمار على القاعد، والقليل على الكثير].
قل له: أحبك!
ومن الجميل أن يسمع كثير من الأطفال آباءهم يقولون لهم: إنهم يحبونهم كثيراً قدر الدنيا كلها، ولكن الأجمل من الآباء والأمهات أن يشعروهم بهذا الحب وهذه الحفاوة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن رسول الله التزم الحسن بن علي، فقال اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه، وقال أبو هريرة فما كان أحد أحب إليَّ من الحسن بعد ما قال الرسول ما قال.
اللعب ضرورة:
واللعب ضرورة هامة في حياة الطفل والحرمان منه نهائياً له آثاره النفسية والاجتماعية، واللعب عند الأطفال وجبة أساسية يصعب التنازل عنها أو نسيانها، غير أن بعض الآباء والأمهات يمتَنُّون على أولادهم عندما يسمحون لهم باللعب، ولا يَعُدُّون ذلك حقًاً لهم.
عن عائشة (رضي الله عنها) قالت: كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله إذا دخل يتقمعن منه فيسر بهن إلي فيلعبن معي.
يتبع >>>>>>>>>>> التقبيل والحنان