ارتبطُ الأكلُ في اللغة العربية بالأدب إلى الحد الذي جعلَ الفعلَ أدَبَ إنما يعني دعا إلى الطعام فأدبَ الناس أي دعاهمْ إلى طعامه ومنها مأدبة بمعنى وليمة، وآداب المائدة هي آداب تواضع عليها العباسيون من الخلفاء والوزراء وعِلية القوم في العصر العباسي الأول، وذكر المفهرسون الكتب التي صنفت في آداب الأكل، وهيَ آداب شرعية، وآداب منسوبة إلى الشرع، وعادات موروثة عن العرب في جاهليتهم، وآداب استجدت في الحضارة العربية، ومن يتتبع الشعر العربي الجاهلي يجد كثيرا من آداب الأكل كافتخار الشنفرى بأنه ليس إلى الزاد أعجل، وافتخار عروة الصعاليك بإيثاره الزاد غيره، وكوصفهم عمرو بن معدي كرب بأنه أكول... إلخ
يقول الغزالي في تقديمه لكتاب آداب الأكل "أما بعد فإن مقصد ذوي الألباب لقاء الله تعالى في دار الثواب ولا طريق إلى الوصول للقاء الله إلا بالعلم والعمل ولا تمكن المواظبة عليهما إلا بسلامة البدن ولا تصفو سلامة البدن إلا بالأطعمة والأقوات والتناول منها بقدر الحاجة على تكرر الأوقات، فمن هذا الوجه قال بعض السلف الصالحين إن الأكل من الدين وعليه نبه رب العالمين بقوله وهو أصدق القائلين "كلوا من الطيبات واعملوا صالحا" فمن يقدم على الأكل ليستعين به على العلم والعمل ويقوى به على التقوى فلا ينبغي أن يترك نفسه مهملا سدى يسترسل في الأكل استرسال البهائم في المرعى فإن ما هو ذريعة إلى الدين ووسيلة إليه ينبغي أن تظهر أنوار الدين عليه وإنما أنوار الدين آدابه وسننه التي يزم العبد بزمامها ويلجم المتقى بلجامها حتى يتزن بميزان الشرع شهوة الطعام في إقدامها وإحجامها فيصير بسببها مدفعة للوزر ومجلبة للأجر وإن كان فيها أوفى حظ للنفس"؛
ثم يستشهدُ الغزاليُّ بالحديث الشريف: "إن الرجل ليؤجر حتى في اللقمة يرفعها إلى فيه والى في امرأته" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرجه البخاري من حديث لسعد بن أبي وقاص، ونقوم هنا بعرض رؤية طبية نفسية لما يرد في الباب الأول من كتاب آداب الأكل للغزالي والذي يختصُّ بما لا بد للآكل من مراعاته وإن انفرد بالأكل، وسأتخذُ نفس الإطار العام الغزالي ثم أضعُ ما أعثرُ عليه من أحاديثَ شريفةٍ أو آثارٍ أو تعليقات في غير إحياء علوم الدين ضمن هذا الإطار.
ينقسمُ البابُ الأول من آداب الأكل إلى ثلاثةِ أقسام هيَ قسمُ ما قبلَ الأكل وقسمُ مع الأكل وقسمُ بعد الفراغ منه، ومن يقرأُ ما كتبهُ الغزالي يدركُ كيفَ أن المسلم حين ينظر إلى الطعام والشراب إنما ينظرُ نظرةً تميزهُ عن غير المسلمين، فهو ينظر إليهما نظرة الوسيلة التي تقود لما هو أفضل وأكمل، فتصبحُ عمليةُ الأكل في حد ذاتها عبادةً ما دامت النيةُ أن يتقوى بها المسلمُ على العبادة (والعبادةُ هنا لا يقصد بها مجرد أداء الفروض أو النوافل فقط وإنما هي العبادةُ بمفهومها الواسع، والذي يشملُ كل سعيٍّ يسعاهُ المسلمُ في حلال).
(1) الوضوءُ أو غسل اليدين قبل الطعام: يبينُ الغزاليُّ في آداب ما قبلَ الأكل كيفَ يجبُ على المسلم أن يتحرى ويتأكدَ من كون طعامه حلالاً من كسبٍ حلال، ثم يوصي بغسل اليد قبل الطعام، ويستشهدُ بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "الوضوء قبل الطعام ينفى الفقر وبعده ينفى اللمم" وفي رواية "ينفى الفقر قبل الطعام وبعده" ولأبي داود والترمذي من حديث سلمان "بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورغم أنها كلها أحاديثُ ضعيفة، إلا أن الغزالي يرى أن غسيل اليد أقربُ إلى النظافة والنزاهة.
ولم يذكر الغزالي في هذا الموضع ما أجدهُ في فقه السنة (السيد سابق،1365هـ) من أن الوضوءَ قبل الأكل يستحبُّ إذا كانَ الإنسانُ جُنُبًا، فعن عائشةَ رضيَ اللهُ عنها قالت:"كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا كانَ جُنُبًا وأراد أن يأكلَ أو ينامَ توضَّأ"، وعن عمار بن ياسر:"أن النبي صلى الله عليه وسلم رخَّصَ للجنبِ إذا أرادَ أن يأكلَ أو يشربَ أو ينام، أن يتوضَّأ وضوءهُ للصلاة" رواهُ أحمدُ والترمذيُّ وصححه.
(2) الأكل على الأرض وإحسان الجلسة: وأما الأمر الثالثُ الذي أوصى به الغزالي فهو "أن يوضع الطعام على السفرة الموضوعة على الأرض فهو أقرب إلى فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من رفعه على المائدة"، ثم يستشهدُ الغزاليُّ بحديث أبي هريرةَ رضي الله عنه "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى بطعام وضعه على الأرض" أخرجه أحمد في كتاب الزهد ورواه البزار، وقال أنس بن مالك رحمه الله "ما أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم على خوان ولا في سكرجة" رواه البخاري؛
والسفرةُ هيَ فرشةُ المسافر على الأرض، ويستكملُ الغزاليُّ واعْلَم أنَّا وإن قلنا الأكل على السفرة أولى فلسنا نقول الأكل على المائدة منهي عنه نهي كراهة أو تحريم إذا لم يثبت فيه نهي وما يقال إنه أبدع بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس كل ما أبدع منهيا بل المنهي بدعة تضاد سنة ثابتة وترفع أمرا من الشرع مع بقاء علته بل الإبداع قد يجب في بعض الأحوال إذا تغيرت الأسباب وليس في المائدة إلا رفع الطعام عن الأرض لتيسير الأكل وأمثال ذلك مما لا كراهة فيه، ثمَّ يوصي الغزاليُّ في الأمر الرابع بإحسان الجلسة على السفرة أثناء الأكل "أن يحسن الجلسة على السفرة في أول جلوسه ويستديمها" فعن عبد الله بن بشير رضيَ اللهُ عنهُ قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربما جثا للأكل على ركبتيه وجلس على ظهر قدميه وربما نصب رجله اليمنى وجلس على اليسرى" أخرجه أبو داود.
(3) النيةُ المصاحبةُ للأكل: وأما الأمرُ الخامسُ من آداب ما قبل الأكل فيتعلقُ بنية الآكل "أن ينوي بأكله أن يتقوى به على طاعة الله تعالى ليكون مطيعا بالأكل ولا يقصد التلذذ والتنعم بالأكل" قال إبراهيم بن شيبان منذ ثمانين سنة ما أكلت شيئا لشهوتي ويعزم مع ذلك على تقليل الأكل فإنه إذا أكل لأجل قوة العبادة لم تصدق نيته إلا بأكل ما دون الشبع فإن الشبع يمنع من العبادة ولا يقوى عليها فمن ضرورة هذه النية كسر الشهوة وإيثار القناعة على الاتساع، ويستشهدُ الغزالي بحديث المقداد ابن معد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن لم يفعل فثلث طعام وثلث شراب وثلث للنفس" صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم، رواهُ الترمذي والنسائي وابن ماجه.
(4) الرضا بالمتاح من الطعام واستحباب الاجتماع على الأكل: والأمرُ السادس هو الرضا "أن يرضى بالموجود من الرزق والحاضر من الطعام ولا يجتهد في التنعم وطلب الزيادة" وعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم "سأل أهله الأدم فقالوا ما عندنا إلا خل فدعا به فجعل يأكل ويقول نعم الأدم الخل نعم الأدم الخل" رواه مسلم، وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: "ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً قط، إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه"، متفقٌ عليه،
وأما الأمرُ السابعُ فهو الاجتهادُ في تكثير الأيدي على الطعام ولو من الأهل والولد ويستشهدُ بالحديث الشريف عن وحشي بن حرب رضي الله عنهُ أنهُ قال: "قال صلى الله عليه وسلم اجتمعوا على طعامكم يبارك لكم فيه" صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم، أخرجه أبو داود وابن ماجه، وعن أنس رضي الله عنه "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأكل وحده" وقال صلى الله عليه وسلم "خير الطعام ما كثرت عليه الأيدي" صدق رسول الله عليه الصلاة والسلام،
(5) وجوب ذكر الله بالتسمية قبل الأكل: وفي القسم الثاني يقول الغزاليُّ في آداب حالة الأكل "وهو أن يبدأ بـ بسم الله في أوله وبالحمد لله في آخره ولو قال مع كل لقمة بسم الله فهو حسن حتى لا يشغله الشره عن ذكر الله تعالى ويقول مع اللقمة الأولى بسم الله ومع الثانية بسم الله الرحمن ومع الثالثة بسم الله الرحمن الرحيم ويجهر به ليذكر غيره"، ويقول تعالى (وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) صدق الله العظيم، (الأنعام:121)؛
وأغلبُ تفسيرات هذه الآية الكريمة تنحصرُ في وجوب تذكية الذبيحة قبل الذبح، وأن الذبيحةَ التي لا يُسَمَّى عليها عند الذبح يحرمُ أكلها، مع أن الأمر بالتسمية مطلقٌ في الآية، وهذا هو ما يرد به بعضُ الشيعة على ذهاب الشافعي إلى أن التسميةَ على الأكل مستحبةٌ لا واجبة، ومن الأحاديث التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوب تسمية المسلمِ في حالة الأكل: عن عمر بن أبى سلمة رضى الله عنهما قال: قال لي صلى الله عليه وسلم: "سم الله وكل بيمينك، وكل ما يليك" صدق صلى الله عليه وسلم، متفقٌ عليه، وعن عائشة رضى الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى، فإذا نسى أن يذكر اسم الله تعالى في أوله، فليقل، بسم الله أوله وآخره" صدق صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود والترمذي.
(6) التيمن والتروي والنهيُ عن الشره في الأكل: يقول الغزالي "ويأكل باليمنى ويبدأ بالملح ويختم به ويصغر اللقمة ويجود مضغها وما لم يبتلعها لم يمد اليد إلى الأخرى فإن ذلك عجلة في الأكل"، فعن عمر بن أبى سلمة رضى الله عنهما قال: كنت غلاماً في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي صلى الله عليه وسلم: "يا غلام سم الله تعالى، وكل بيمينك، وكل مما يليك" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، متفقٌ عليه، كما جاءَ في بحار الأنوار (بحار الأنوار: الباب الخامس) أن النبي صلى الله عليه وآله قال: "إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بيمينه، فان الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم؛
وعن علي رضيَ اللهُ عنه قال: "إذا أخذ فليأخذ بيمينه، وإذا أعطى عطاء فليعط بيمينه، فإن لشيطان يأخذ بشماله ويعطي بشماله"، ولا يجوز الإسراف في الأكل، ويُكره أن يزيد عن الشبع لقوله تعالى: ((يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)) صدق الله العظيم (الأعراف:31)، ولكن أجازَ بعضُ الفقهاء زيادةَ الشبع للتَّقَوِّي على الطاعات كالصوم وغيره، أو التقوي على أداء الواجبات، أو حتى لا يستحي الضيفُ.... ولشدة كراهة الإسراف في الطعام فقد شبَّهَ القرآن الكافرين بالأنعام السائبة في أكلهم وشربهم: ((إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ)) صدق الله العظيم (محمد: 12).
(7) الأكل بثلاثة أصابع: ومن السّنّة النبوية الأكل بثلاثة أصابع، قال القاضي: والأكل بأكثر منها من الشّره وسوء الأدب، ولأنّه غير مضطرٍّ لذلك لجمعه اللّقمة وإمساكها من جهاتها الثّلاث: وإن اضطرّ إلى الأكل بأكثر من ثلاثة أصابع، لخفّة الطّعام وعدم تلفيقه بالثّلاث يدعمه بالرّابعة أو الخامسة هذا إن أكل بيده، ولا بأس باستعمال الملعقة ونحوها، وقد كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يأكلُ بثلاث أصابع فقد جاء في صحيح مسلم: عن كعب بن مالك رضى الله عنه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل بثلاث أصابع، فإذا فرغ لعقها"؛
وقال النووي: فيه استحباب الأكل بثلاث أصابع ولا يضم إليه الرابعة والخامسة إلا لعذر، وقال ابن القيم في هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم: وكان يأكل بأصابعه الثلاث، وهذا أنفع ما يكون من الأكلات؛ فإن الأكل بإصبع أو إصبعين لا يستلذ به الأكل ولا يمريه ولا يشبعه إلا بعد طول، ولا تفرح آلات الطعام والمعدة بما ينالها في كل أكلة، فتأخذها على إغماض كما يأخذ الرجل حقه حبة أو حبتين أو نحو ذلك، فلا يلتذ بأخذه ولا يسر به، والأكل بالخمسة والراحة يوجب ازدحام الطعام على آلاته وعلى المعدة، وتغصب الآلات على دفعه، والمعدة على احتماله، ولا يجد له لذة ولا استمراء. فأنفع الأكل أكله صلى الله عليه وسلم، وأكل من اقتدى به بالأصابع الثلاث.
(8) آداب الشرب: وأما آدابُ طريقة الشرب في الإسلام فيضعها الغزاليُّ في آخر القسم الثاني فيقول: وأما الشرب فأدبه أن يأخذ الكوز بيمينه ويقول بسم الله ويشربه مصا لا عبا قال صلى الله عليه وسلم "مصوا الماء مصا ولا تعبوه عبا فإنه الكباد من العب" صدقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعظمُ المعاني هنا تعبرُ عن كرهِ الشرب بشراهةٍ ووجوبِ التروي فيه، فلا يشربُ المسلمُ على مرةٍ واحدةٍ، وإنما على مرتين، وثلاث، فعن ابن عباس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تشربوا واحداً كشرب البعير، ولكن اشربوا مثنى وثلاث، وسموا إذا أنتم شربتم، واحمدوا إذا أنتم رفعتم" رواه الترمذي وحسنه، وعن أبى قتادة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى أن يتنفس في الإناء" صدقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، متفق عليه.
(9) الإمساكُ قبل الشبع وحمد الله على نعمة الأكل: وفي القسم الثالث يعرض الغزاليُّ ما يستحبُّ بعد الفراغ من الطعام فأولُ كلامه "أن يمسك قبل الشبع ويلعق أصابعه ثم يمسح بالمنديل ثم يغسلها"، وسوفَ أعود إلى مناقشة لعق الأصابع بعد قليلٍ لأن في قلبي عنه الكثير، ولكنني الآن سأوردُ الأحاديث التي رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لتفيد معنى الحمد لله على نعمة الطعام، فعن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان إذا رفع مائدته قال الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه غير مكفي ولا مستغني عنه ربنا" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواه البخاري، وعن معاذ بن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أكل طعاما فقال الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
(10) لعق الأصابع بعد الأكل: ومما ورد في لعق الأصابع بعد الأكل ويستفاد منه أيضًا إكرامُ الخبز ما رواه مسلمُ في صحيحه عن جابر رضى الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم أمر بلعق الأصابع والصحفة، وقال: "إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة" صدق صلى الله عليه وسلم، وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا وقعت لقمة أحدكم، فليأخذها فليمط ما كان بها من أذى وليأكلها، ولا يدعها للشيطان، ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعق أصابعه؛ فإنه لا يدرى في أي طعامه البركة" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه، حتى يحضره عند طعامه؛ فإذا سقطت لقمة أحدكم فليأخذها فليمط ما كان بها من أذى، ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان، فإذا فرغ فليلعق أصابعه؛ فإنه لا يدرى في أي طعامه البركة" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.،
وعن أنس رضى الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل طعاماً، لعق أصابعه الثلاث، وقال: "إذا سقطت لقمة أحدكم فليأخذها، وليمط عنها الأذى، وليأكلها،ولا يدعها للشيطان" وأمرنا أن نسلت القصعة وقال: "إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد، عن القاسم ابن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا آكل أحدكم طعاما فمص أصابعه التي آكل بها، قال الله عز وجل: بارك الله فيك" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم؛
وفي روايةٍ أخرى لهذا الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهُ أن النبي صلى الله عليه وآله قال: "إذا أكل أحدكم فلا يمسح يديه بالمنديل حتى يـَلعَـقَـها أو يـُلْـعِـقها" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال النووي: المراد إلعاق غيره ممن لا يتقذر من زوجة وجارية وخادم وولد، وكذا من كان في معناه كتلميذ معتقد البركة بلعقها وكذا لو ألعقها شاة ونحوها وروي مسلم عن جابر عنه عليه السلام أنه قال: إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط ما أصابها من أذى وليأكلها ولا يمسح يده حتى يلعقها أو يلعقها ، فانه لا يدري في أي طعامه البركة.
قال النووي: أي الطعام الذي يحضر الإنسان فيه بركة لا يدري أن تلك البركة فيما أكل أو فيما بقي على أصابعه أو فيما بقي في أسفل القصعة أو في اللقمة الساقطة، فينبغي أن يحافظ على هذا كله فتحصل البركة، والمراد بالبركة ما يحصل به التغذية ويسلم عاقبته من الأذى، ويقوي على الطاعة، وقيل: في الحديث رد على من كره لعق الأصابع استقذارا لفم يحصل ذلك إذا فعله في أثناء الآكل، لأنه يعيدها في الطعام وعليها أثر ريقه، وقال الخطابي: عاب قوما أفسد عقلهم الترفه، فزعموا أن لعق الأصابع مستقبح كأنهم لم يعلموا أن الطعام الذي علق بالأصابع جزء من أجزاء ما أكلوه، فأي قذارة فيه.
*فهل يا ترى يكونُ من المقبول اليوم أن نقترح على الناس الالتزام بسنة النبي عليه الصلاة والسلام في لعق الأصابع بعد الأكل بينما نحنُ نعيشُ في زمانٍ ابتعدت فيه مفاهيمنا وسلوكياتنا كثيرًا عن هذه السنة في الأكل، وبينما كثيرون من المتكلمين اليوم في آداب الأكل في الإسلام يكتفون بذكر التسمية قبل الأكل والتيمن والتروي في الأكل وحمد الله بعده ويخجلونَ كما بينت من الإشارة إلى لعق الأصابع ولعل بعضهم يحمدُ الله أنهُ وفقَ الناس إلى اختراع الملعقة! لكي يتجنبوا الحرج الذي يحسونه من الإشارة إلى لعق الأصابع!؛
وبينما نعيشُ في زمانٍ يتعلمُ فيه المسلمون استخدام الشوكة والسكين في الأكل، والشوكةُ كما يعرفُ كل الناس اليوم تمسك باليد اليسرى لأن هذا هو السلوك المتحضر، وبينما الأمهات المسلمات ينهرن أطفالهن عن لعق الإصبع بعد الأكل (وقد شاهدت ذلك بعيني أكثر من مرة) لأن ذلك سلوك مقرف! وفصل القول عندي هو أن الأمر متروك لتصرف المسلم واختياره بعد أن قلتُ له ما هو من السنة وما هو من عندي، وأما المعانون من البدانة أو من مشكلات تتعلق بالأكل وصورة الجسد فإن الأمر قد يختلفُ بالنسبة لهم وقد يكونُ من بين السلوكيات المطلوبة منهم ضمن برنامج العلاج السلوكي المعرفي أن يأكلوا بأصابعهم وأن يلعقوها بعد الفراغ من الأكل، كما سنبين في مقالٍ تالٍ.
واقرأ أيضاً:
اضطرابات الأكل والحمية Eating (dieting) Disorders / بدانة: عدم رضا عن الجسد Body Dissatisfaction / اضطرابات صورة الجسد Body Image Disorders