وَهذا ما يعمل المعالجونَ التقليديون والشيوخ على نشره بين الناس وهو افتراءٌ ينتج عن سوء نيةٍ أو عن جهل بحقيقة الأمور وعلينا قبل أن نناقش هذا الاعتقاد أن نبيِّنَ أن الإيمان بالجن والسحر والعين يمكن أن ننظر إليه على ثلاثة مستويات كما يقول الدكتور طارق الحبيب (طارق الحبيب، 2001) :
1- الإيمان بوجود الجن وحقيقة السحر والعين
2- الإيمان بتأثير الجـن والسحر والعين.
3- الإيمان بالأعراض التي يصفها بعض الشيوخِ والمعالجين بالقُرْآنِ لأثر الجن والسحر والعين.
فالأول والثاني يجب الإيمان بهما دون شك أو نظر ومن أنكرهما فهو منكر لصريح الكتاب والسنة، وأما الثالث فلم يرد في الكتاب ولا في السنة وصف تفصيلي لأعراض معينة لكل من أثر الجان والسحر والعين بمثل ما بتناقله الناس، وإنما هي اجتهادات من بعض الخلف بشكلٍ خاص.
ولعلنا هنا نقف مع ذلك الاعتقاد الخاطئ عدة وقفات:
أولاً: تضع طبيعَـةُ تخصص الطب النفسي من يتخصَّصُ فيه من بين الأطباء في وضع من يتعامل مع مشاعر وأفكار الناس وخبراتهم التي تختلف عما يتعامل معه الأطباءُ في جميع تخصصات الطبِّ المختلفة من علامات ترى بالعين وتجس باليدين ويضعه تخصصه هذا في موقف من يستشعرُ ما لا يقاس أي أنه أكثرُ احتكاكا من غيره بالأمور الغيبية؛ وأكثرُ قدرَةٍ على حدسها.
ثانيًـا: أن الأطباء النفسيين المسلمين يختلفون بشكل كبير في إيمانهم بتلك الغيبيات عن غير المسلمين.
ثالثًـا: أن بعض الأطباء النفسيين غير المسلمين يؤمن بتلك الأمور الغيبية، فما بالك بالأطباء النفسيين المسلمين.
إن نقاش أحد الأطباء النفسيين للمستوى الثالث (ماهية الأعراض) لا يعني إنكاره للمستويين الأول والثاني (وجود وتأثير تلك الأمور الغيبية). ولذلك إنه إذا ما حاور طبيب نفسي بعض الشيوخِ حول المستوى الثالث فإن أول سؤال يواجهونه به هو: هل تنكر وجود الجن والسحر والعين وتأثيرها (المستوى الأول والثاني)؟؟!!. ولذلك يضطر ذلك الطبيب إلى توضيح تلك المستويات الثلاثة، وأنه مؤمن بتلك الأمور الغيبية وتأثيرها، ولكنه يسأل عن دليل شرعي أو علمي يربط تلك الأعراض التي يعاني منها مريض ما بأنها حدثت بسبب أحد تلك الأمور الغيبية. ورغم عدم وجود دليل واضح يربط تلك الأعراض بسببها الغيبي الذي يفترضه بعض الشيوخِ فإن العقلاء من الأطباء النفسيين لا ينكرون احتمالية ذلك، كما أنهم يتوقفون عن قبوله في آن واحد.
وهناك قلة من الأطباء النفسانيين كذلك -خاصة في مصر والبلدان المغربية- تجد الواحد منهم يتخذ موقف المنكر أو المتجاهل أو المتقبل على مضض لأمور مثل العمل أو السحر أو الحسد والعين واللبس إلخ، فمنهم من يتجاهل كلام المريض ومنهم من ينهره إذا تكلم في مثل تلك الخزعبلات، نستطيع القول بأن تأثير هؤلاء على البسطاء غالبا يكون التنفير .... ليس فقط وإنما أيضا التأكيد على مقولة أن "الطبيب النفسي ينكر أثر الجن والسحر والعين" .... ويصبح اتجاه الناس لمن يفهمهم أسهل !
ولقد أدى هذا الاعتقاد عند بعض الشيوخ إلى التأثير على النظرة الاجتـماعية العـامة للطب النفسي، لما لهم من تأثير فعال، خصوصاً على بسطاء وعامة الناس، وهم العدد الأكبر في الشعوب عامة. فحين يؤمن الشيخ الذي يعتلي المنبر بأن الطبيب النفسي ينكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة فإن خطر ذلك يصبح كبيرا كما نرى الحال في بلادنا حتى ما بعد الألفين وما زال الناس يلجئون للطبيب النفسي في خجل وخشية وإطار غير مبرر من السرية ... بينما يمكن اللجوء للمعالج التقليدي وهو عادة رجل دين بكل سهولة لأنه يعالج بالقرآن ؟
والسؤال هو لماذا تعتقد حتى يومنا هذا أسر بكاملها أن الطب النفسي حرام ! وأن العلاج يكون بالرقيا أو القرآن أو حتى لا يكون!.... ألا يعني هذا فائدة تحجب عن قطاع كبير من الناس في بعض مجتمعاتنا على الأقل هم الملتزمون دينيا ؟ ويحرمون من فوائدها ؟ ألا يمكن أن يقعد الفقهاء والأطباء معا لحل هذا الخلاف والكف عن التفكير الثنائي الذي يرى الطب النفسي إما شر كله أو خير كله وكذا عن التعميم الذي يشير إليه طارق الحبيب حين يقول (طارق الحبيب، 2001) :
إن وجود طبيب نفسي واحد أو أكثر ينكر تأثير تلك الأمور الغيبية، بل ربما ينكر وجودها أصلا، فإن ذلك لا يعني أن كل الأطباء النفسيين كذلك، فالأطباء النفسيون مثلهم مثل غيرهم من الناس، حيث إن هناك بعضاً من الناس -من غير الأطباء- ينكرون تلك الأمور الغيبية جملة وتفصيلاً. ولست هنا أعلل لأولئك الأطباء فهـم مخطئون ولا شك، وإنما أرفض وصم جميع الأطباء النفسيين بإنكار تأثير الجن والسحر والعـين.
والسؤال هو لماذا تعتقد حتى يومنا هذا أسر بكاملها أن الطب النفسي حرام ! وأن العلاج يكون بالرقيا أو القرآن أو حتى لا يكون!.... ألا يعني هذا فائدة تحجب عن قطاع كبير من الناس في بعض مجتمعاتنا على الأقل هم الملتزمون دينيا ؟ ويحرمون من فوائدها ؟ ألا يمكن أن يقعد الفقهاء والأطباء معا لحل هذا الخلاف والكف عن التفكير الثنائي الذي يرى الطب النفسي إما شر كله أو خير كله وكذا عن التعميم الذي يشير إليه طارق الحبيب حين يقول (طارق الحبيب، 2001) :
إن وجود طبيب نفسي واحد أو أكثر ينكر تأثير تلك الأمور الغيبية، بل ربما ينكر وجودها أصلا، فإن ذلك لا يعني أن كل الأطباء النفسيين كذلك، فالأطباء النفسيون مثلهم مثل غيرهم من الناس، حيث إن هناك بعضاً من الناس -من غير الأطباء- ينكرون تلك الأمور الغيبية جملة وتفصيلاً. ولست هنا أعلل لأولئك الأطباء فهـم مخطئون ولا شك، وإنما أرفض وصم جميع الأطباء النفسيين بإنكار تأثير الجن والسحر والعـين.
المراجع:
1- د. طارق الحبيب (2001): مفاهيم خاطئة عن الطب النفسي ... عن موقع bafree.net بتاريخ 24 كانون الأول (ديسمبر) 2001
ويتبع >>>>>>>: الطبيب النفسي ينكر أثر الجن والسحر والعين ×× مشاركة