أرسلت سها (24 سنة، مصر، مدرسة( تقول:
حدود العلاقة بين المريض والطبيب النفسي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أود أن أشكر القائمين على هذا الموقع على ما يقدمونه لنا من مساحة للتنفيس عما في أنفسنا من ألمٍ وتعب وربما يلتقي مريض بطبيبه ويفضفض له هنا في هذا الموقع
أولا أنا سأقول تجربتي مع أحد الأطباء النفسانيين وما لاحظته وما انتقدته بحرية ووضوح.
بعد معاناة من الوسواس القهري دامت سنوات قررت أن أذهب إلى الطبيب النفسي للعلاج (ولم أقرر قبلها لأني لم أكن أعلم أن ما أمر به هو مرض نفسي) وطبعا كما ترون عمري 24 عاما يعني كبيرة ومش صغيرة أني أروح وحدي للطبيب وأكشف عادي جدا من وجهة نظري ومن حيث ثقافتي التي استمديت جزء لا بأس به من الغرب نظرا لعشقي للغة الإنجليزية التي هي تخصصي بآدابها وفنونها، المهم بعد أن ذهبت إلى عيادة أحد أشهر الأطباء النفسية:
1- الكشف غالي جدا الذي يبتلع جزءا كبيرا جدا من راتبي الشهري الذي هو 170 جنية مصري.
2- السكرتارية ليسوا على وعي كامل بالمريض النفسي وكيفية معاملته وأنهم يجب أن يكونوا أكثر بشاشة وودا.
بدأ السكرتير في كتابة ملف خاص بي وسألني عن الاسم السن التليفون والحالة الاجتماعية وجعلني أنتظر دقائق حتى دخلت إلى الكشف. وجدت الطبيب جالسا وأمامه كومبيوتر وخلفه آخر من اللابتوب والسكرتير في الخارج أمامه كومبيوتر آخر أنا قلت إيه التقدم ده.... الدكتور بدا لي كأنه مدمن نت وكومبيوتر لأنه كان مشغولا بالرد على إحدى مواضيع المنتديات وكان يدخن سيجارة حتى أنه لم يطفئها عندما دخلت وهذا لا يليق بطبيب........ لأن السجائر مضرة بالصحة الجسدية والنفسية ولأنها مثل الإدمان كما أنها أحسستني بقلقة وتوتره كما أن خلال الجلسة يقطع حديثه مكالمات تليفونية تحول له......... طبعا أحسست بالتوتر والقلق والرغبة في المغادرة.
المهم بدأ في سؤالي ثانية عن اسمي سني عنواني وهل أنا متزوجة ولا آنسة ولا مخطوبة وما هي مهنتي؟ بطريقة جعلتني أشعر أنه يعمل لي "فيش وتشبيه" ومن المعروف أن مريض الوسواس القهري له أفكاره الوسواسية المتعددة فالطبيب النفسي يعرف أن مواضيع الوساوس ممكن أن تتعدد ويكون لها ارتباطاتها الخاصة وأفعالها القهرية وأن هناك مواضيع أخرى غير الصلاة والوضوء ممكن أن تكون جديدة على مسامع الطبيب النفساني لكن المريض يوسوس فيها وتحكم سلوكه ويريد الخلاص منها فيجب ألا يبدي الطبيب اندهاشه وذهوله......... عند سماعها ويقول له كل الحاجات اللي انت بتعملها علشان.................. ده
وهذا ما فزعني أكثر هو ذهوله واندهاشه فكيف لطبيب نفساني أمضى دهرا في مهنته ويعلم خباياها أن يندهش وبيذهل من وسوسة موسوس... أيا كان موضوع الوسوسة جديدا عما ألفه ما دام أصل المرض واحد، وبلهجة فيها اتهام لي سألني أهلك يعرفون أنك جايه هنا... لماذا يسأل سؤالا كهذا ألم يلاحظ أني عندي 24 سنة ومدرسة يعني كبيرة ومستقلة يعني ممكن أتخذ أي قرار أنا عايزاه...... وهل لو ذهبت إلى طبيب أسنان لوحدي علشان أخلع ضرس يقول لي أهلك يعرفون أنك جاية هنا يا شاطرة..!!!!!!!!!!! وقال لي أنت لو عايزه تخفي هتتعبي معايا شوية وكتب لي على دواء.
وبعدها إداني كام ورقة فيهم وساوس وأنا أختار ما أشعر به وأعلم عليه...... يعني بحث علمي كتب دراسات عليا ..وعلى حد علمي أنه مش مهم نعرف موضوع الوسواس طالما المرض واحد..... وهذا ما بنيت عليه حكمي أنه بحث علمي كتاب أو دراسات عليا وإن كنت مخطئة في ذلك الاعتقاد فليسامحني على ظني السيئ به.
والسكرتير قابلني وقال لي معاد الجلسة الثانية بعد أسبوع وقال لي أجيب نفس المبلغ معي المرة الجاية، ولم المبالغة في أسعار الكشف!!! إن دكاترة القلب وغيرهم يأخذون كشف غالي ولكنه مش زي الطبيب النفساني علما أنهم عندهم أجهزة وأشعة يكشفون بها على المريض وتكلفهم.
ولم كل هذه الكومبيوترات في عيادة الطبيب النفسي, اتنين لاب توب عند الطبيب وكمبيوتر عند السكرتاريه وهل هم يأخذون أموالا مبالغا بها في الكشف كل مرة علشان يجيبوا كومبيوترات لهم ونت؟
علما أنا على فكرة لم أعطه معلومات صحيحة عن عنواني أو تليفوني لأني أحسست أنه تطفل منه فماذا يفيده أن يعرف أني أسكن في المنطقة الفلانية أو تليفوني كذا طالما عرف مني مستواي الاجتماعي ووظائف أهلي ومن طبيعة دراستي يستطيع أن يعرف أني منفتحة..... حيث أن دراسة اللغات تعطي شيئا من ثقافتها لدارسها.
وشكرا على طول بالكم.
31/7/2008
تعليق الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي
الابنة العزيزة سها أهلا وسهلا بك على مجانين وأهلا بفضفضتك البريئة.... الأطباء النفسانيون مختلفون جدا في طريقة تعاملهم مع مرضاهم.... فهناك من يسمع ولا يتكلم إلا نادرا وهناك من يكثر كلامه مع المريض، وهناك من يدخن وهناك من لا يدخن، وهناك من يصر على معرفة التفاصيل والأبعاد الاجتماعية للمشكلة وهناك من لا يهتم بغير علامات المرض حتى يصل إلى تشخيص وبعدها يكتب عقاقير وهكذا.
هناك بالتأكيد أشياء مشتركة بين الأطباء النفسانيين وغالبا خاصة بطبيعة التخصص... من أكثرها ثباتا ارتفاع قيمة الكشف وأخذ معلومات عن الأسرة ومن بين المعلومات عن الأسرة رد فعلهم للسلوك المرضي إذا كان معروفا لهم، وكذلك قابليتهم للقيام بدور الداعمين في العملية العلاجية، وكذلك من المشترك بين الأطباء النفسانيين السؤال عن التفاصيل التي تبين المستوى الاجتماعي ومكان الإقامة ومن لا يفعل ذلك منهم يكون مقصرا في أخذ البيانات اللازمة عن مريضه.... ولكن هناك بعد ذلك اختلافات شاسعة فربما تكون طريقة هذا الطبيب مستفزة لك ولكنها ليست كذلك لغيرك بالتأكيد وإلا ما كان طبيبك أحد أشهر الأطباء النفسانيين.
إذن المشكلة يا ابنتي هي في أن أسلوب هذا الطبيب لم يريحك ولله ألف حمدٍ أن لديك كثيرين غيره،..... ومنهم من سيسمع شكواك في هدوء ويقول لك بالضبط نفس الكلام الذي تقولينه مثل أن أصل المرض واحد وهو خلل كيميائي في مادة السيروتونين وبالتالي فالعلاج واحد ولا داعي لتفاصيل كثيرة خصوصا مع مريضة شكاكة مثلك لها وساوسها الخاصة... ثم هو سيكتب لك العقار ويعطيك موعدا للاستشارة وسوف لن يقول لك سكرتيره شيئا وأنت تخرجين غالبا لأن ثمن إعادة الكشف يكون مبلغا بسيطا... هؤلاء الأطباء النفسانيين الكيميائيين هم الأكثر عددا يا ابنتي فراجعي أحدهم....
مشكلة مرضى الوسواس القهري وأحد أهم عوائق علاجهم هي ميلهم الشديد للسرية فيما يتعلق بأعراضهم أمام الآخرين... بل أحيانا هم يخفونها عن الطبيب، وأنت يا سها يا ابنتي تعبرين عن ذلك في أوضح صورة .. لكن للأسف وقع اختيارك على أحد الأطباء النفسانيين الذين يعملون بطريقة العلاج السلوكي المعرفي (بدليل سؤاله عن تفاصيل كثيرة وإعطائك قائمة للوساوس وقوله أنك ستتعبين لتنجحي في العلاج) فكان رد فعلك أنك بدلا من فهم أن العلاج المعرفي السلوكي يحتاج إلى تفاصيل دقيقة عن الأحداث العقلية التسلطية (الوساوس) والأفعال القهرية من أجل تشريح السلوك المراد تغييره.... بدلا من ذلك رأيت أنت أنه يستجوبك بلا داعٍ وأنه لا داعي للدخول في التفاصيل المحرجة وبالتالي يا ابنتي أرى أن العلاج السلوكي المعرفي لا يناسبك، والحمد لله أن هناك عقاقير يمكن جدا أن تفيدك.
كذلك من الواضح أنك كنت خائفة إلى حد كبير من الدخول في تفاصيل مشكلتك ومما زادك خوفا أن الطبيب أبدى ذهوله وهذا ما يمكن أن يكون لغاية علاجية فيما بعد إن كان المقصود هو إيصال الذهول بينما يمكن من جانبك أن تفسري اهتمامه المفرط بما يسمعه منك على أنه ذهول.
لست أدري هل ترين في وجود أجهزة كومبيوتر ثابتة ومحمولة وإنترنت في عيادة الطبيب النفساني عيبا أو نقصا؟ أو ترين أن ذلك يشغل الطبيب عنك؟؟ ومن أين عرفت أن الطبيب كان يرد على مشكلة في منتدى؟؟ صحيح أن معظم الأطباء النفسانيين -المتمكنين من تقنية الكومبيوتر والإنترنت- الآن يجيبون على موقع إنترنت أو أكثر وكثيرون منهم يفعلون ذلك في عياداتهم لكن لا يتوقع أن يقوم الطبيب بالرد على مريض إليكتروني في منتدى بينما أمامه مريض حقيقي بلحم ودم... ربما يفعل مثلي أنا مثلا ويرد على مرضى الإنترنت في الدقائق بين الجلسة والجلسة أو الكشف والكشف.... لكن ليس ذلك في وجود المرضى، من المؤكد هنا أنك لم تسألي الطبيب، وعلى كل اقرئي هنا رأينا: الطبيب النفسي الجيد = منصتٌ جيد
ربما تكون تكاليف العلاج النفسي الخاص باهظة يا ابنتي وإن لم يكن ذلك لازما في حالة الوسواس القهري فيمكنك العلاج بأحد عقاقير الم.ا.س.ا بسعر لا يزيد عن عشرين جنيها مصريا في الشهر الواحد طبعا باستخدام البديل المصري الجيد (وهو فعلا جيد) للمنتج الأجنبي... ولكنني لا أستطيع أن أحدد لك زمنا للاستمرار عليه وهذا عيب العلاج بالعقاقير فقط فغالبا ما تحدث انتكاسة عندما يتركون عقاقيرهم ولو بعد حين..... ولكن بالنسبة لك وفي ظروف غياب الدعم المادي من الأسرة لأنها لا تعلم أو لا تستطيع وغياب الدعم المادي من الدولة لأنها لا تهتم أصلا بالمسألة.. فإن الخيار العقاري هو الأنسب لك ويمكنك أن تزوري طبيبا نفسانيا يعالج بالعقاقير فقط وقولي له أريد علاجا للوسواس القهري بسعر لا يزيد عن عشرين جنيه في الشهر... وستكون الإجابة سهلة.... والتحسن في الأعراض إن شاء الله سريع...
نشكرك على فضفضتك البريئة ولكننا لم نؤسس مجانين ليكون موطنا للفضفضة فقط وإنما لنا أهداف أخر تقرئينها تحت عنوان: كلمة الموقع
أهلا بك وتابعينا.
اقرأ أيضاً:
المريض النفسي: مهضوم الحق؟ أم كلنا؟/ المريض الصعب.. هل يمكن أن يصبح سهلا!!/ أسر المرضى النفسيين Patient/ حقوق المريض النفسي بين الرعاية والوصاية