منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في الثامن والعشرين من سبتمبر 2000، صعدت قوات الاحتلال الإسرائيلي سياستها في الاعتقال بحق أبناء الشعب الفلسطيني، من خلال إتباعها لسياسة الاعتقال العشوائي والمنظم بشكل واسع النطاق، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع حاد في أعداد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي حيث بلغ عدد من تعرضوا لعمليات الاعتقال خلال الثلاث سنوات الأولى من انتفاضة الأقصى ما يقارب (32) ألف معتقل فلسطيني، حسب ما أكده رئيس نادي الأسير عيسى قراقع في ندوة عقدت بمدينة رام الله بتاريخ 3/5/2004، وقد رافق ذلك اندفاع سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتوسيع سجونها ومعتقلاتها.
وكذلك أعادت افتتاح سجون ومعتقلات كانت قد أغلقتها خلال السنوات التي سبقت انتفاضة الأقصى، أو تشييد سجون جديدة وفق مواصفات شديدة القساوة والإجحاف، وهذه السجون منها ما يخضع لسلطة ما يسمى بمصلحة السجون الإسرائيلية كسجون نفحة الصحراوي، عسقلان، شطة، هدريم، تلموند، بئر السبع المركزي، بئر السبع ايشل، بئر السبع قسم العزل، سجن الرملة ومستشفى سجن الرملة ونفي تريستا وعتليت...الخ، ومنها ما تتبع لسلطة جيش الاحتلال، كسجون مجدو، النقب الصحراوي، عوفر، حواره، قدوميم، سالم، كفار عتصيون وبيت إيل...الخ.
أما مراكز التحقيق فهي تابعة لأجهزة الأمن مثل الجلمة، بتاح تكفا والمسكوبية، وما زالت الأنباء تتحدث عن إنشاء سجون جديدة مثل سجن جلبوع الذي أفتتح مؤخراً، ووصف بأنه السجن الأشد حراسة، فهو عبارة عن قلعة حصينة شيدت من الاسمنت والفولاذ في غور بيسان بإشراف خبراء ايرلنديين. وهناك سجن آخر مشابه له بالمواصفات أفتتح في نهاية شهر حزيران 2004 ويقع بالقرب من سجن بئر السبع، وهناك بعض التقارير التي تشير إلى وجود مركز للاعتقال السري المعروف بسجن رقم 1391الذي يقع في قرية تعاونية استيطانية وسط إسرائيل، وتفيد آخر الإحصائيات الصادرة عن وزارة شؤون الأسرى الفلسطينية بتاريخ 8/7/2004بـأن عدد الأسرى الفلسطينيين المتواجدين رهن الاعتقال في مختلف السجون الإسرائيلية حتى نهاية شهر حزيران 2004قد بلغ (7400)أسير، وهذا العدد تقريبي نظراً لعمليات الاعتقال والإفراج المستمرة، منهم (88.6%)من الضفة الغربية و(9.9%)من قطاع غزة و(1.5%)من فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948.
وبينت الإحصائية بأن عدد الأسرى الموثقين لدى الوزارة قد بلغ (6066)أسير، بينهم (5371)أسير من الضفة الغربية و(602)أسير من قطاع غزة و(93)أسير من فلسطينيي الداخل. ومن هؤلاء الأسرى (753)أسير هم رهن الاعتقال قبل اتفاق أوسلو، بينهم (538)من الضفة الغربية و(199)أسير من قطاع غزة و(24)من فلسطينيي الداخل.
وتفيد الإحصائية أيضاً بأن عدد الأطفال الذين تعرضوا للاعتقال منذ بداية انتفاضة الأقصى أكثر من (2000)طفل بقي رهن الاعتقال، منهم (470)طفل أي ما نسبته (6%)من مجموع الأسرى، بينهم (206)تجاوزوا سن الثامنة عشرة داخل السجن و(22)طفل معتقل إداري و(286)بانتظار المحاكمة و(31)طفل محكوم بالسجن لفترات مختلفة بينها الحكم مدى الحياة عدة مرات كما في حالة الأسير علي المغربي من مخيم الدهيشة.
أما بالنسبة للأسيرات الفلسطينيات فتشير الإحصائية بأن هناك (100)أسيرة يقبعن في سجون الاحتلال من أصل (250)فتاة تعرضن للاعتقال، بينهن (28)أسيرة صدرت بحقهن أحكاماً متفاوتة وصلت إلى الحكم بالسجن مدى الحياة و(69)منهن لا زلن موقوفات في انتظار المحاكمة و(3)منهن حكمن بالسجن الإداري و(3)أخريات اعتقلن قبل انتفاضة الأقصى، كما يوجد (18) أسيرة من الأمهات وعدد أبنائهن (75).
وتفيد إحصائية وزارة شؤون الأسرى إلى أن (1873)من الأسرى محكومين إدارياً وأن (3058)أسير موقوفين على ذمة التحقيق، في حين يوجد (393)أسير يقضون أحكاماً بالسجن مدى الحياة، ويقضي (309)أسير حكماً بالسجن أكثر من (15)عاماً وأقل من (50)عاماً، و(142)أسير محكومين بالسجن ما بين (10-15)عاماً.
وتناول التقرير سنوات الاعتقال التي قضاها الأسرى في الاعتقال، لافتاً إلى وجود (6)أسرى قضوا أكثر من (25)عاماً داخل السجن، بينما يوجد (297)أسير قضوا أكثر من (10)سنوات.
ويعيش هؤلاء الأسرى في مختلف مراكز اعتقالهم سالفة الذكر، ظروفاً مأساوية نتيجة لما يتعرضون له من انتهاكات مبرمجة ومخطط لها بأحكام طالت مختلف ظروفهم المعيشية، بهدف كسر إرادتهم والنيل من عزيمتهم، الأمر الذي اعتبرته مختلف المؤسسات العاملة في مجال حقوق الإنسان وعلى رأسها المؤسسات المهتمة بشؤون الأسرى سواء كانت محلية أو إقليمية أو دولية، انتهاكاً صارخاً لكافة المواثيق والمعاهدات والشرائع الدولية.
ولعل أول هذه الانتهاكات التي ترتكبها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسير الفلسطيني تبدأ من لحظة اعتقاله الأولى والتي عادةً ما تجري وسط جو من الرعب والإرهاب، سواء كان ذلك من خلال علميات إطلاق النار الكثيف وقنابل الصوت وفتح الأبواب بتفجيرها وتدمير الممتلكات، أو من خلال تعرض المعتقل وذويه في أغلب الأحيان للضرب المبرح والشتم من قبل جنود الاحتلال الذين يسارعون إلى تكبيل يديه وأحياناً رجليه وتعصيب عينيه. هذا المشهد المروع هو الماثل في أذهان أسر معظم المعتقلين في حال روايتهم لحادثة اعتقال أحد أفراد الأسرة.
المحامي بهاء السعدي مدير مكتب الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن في مدينة نابلس، يقول إن أول حلقة من حلقات مسلسل الانتهاكات التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسير الفلسطيني، تبدأ من لحظة اعتقاله، حيث تتم عملية الاعتقال دون مذكرة اعتقال ودون إخبار المعتقل وذويه بالجهة التي سيتم اقتياده إليها، وذلك يتم بالاستناد إلى مجموعة من الأوامر العسكرية وفي مقدمتها الأمر العسكري رقم 1500الصادر بتاريخ 5/4/2002 عن القائد العسكري الإسرائيلي للضفة الغربية، الذي يسمح باعتقال أي فلسطيني بدون إبداء الأسباب وبدون مذكرة اعتقال، بالإضافة إلى الاحتجاز لمدة (18)يوماً دون أي إجراءات قضائية، الأمر الذي اعتبره السعدي انتهاكاً صارخاً لاتفاقية جنيف الرابعة.
بعض المعتقلين تم إعدامهم بعد اعتقالهم بدم بارد. رئيس نادي الأسير عيسى قراقع أكد ذلك في شهادته أمام اللجنة الدولية الخاصة بالتحقيق في الممارسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة بتاريخ 3/6/2004 في القاهرة، بأن أكثر من (150)أسير فلسطيني أعدموا بعد إلقاء القبض عليهم.
شهادة على الإعدام...
وعلى سبيل المثال بتاريخ 7/1/2004، استشهد الشاب رضوان إبراهيم عطاري(32)عاماً من قرية دير شرف في محافظة نابلس، وزميله عبد العفو نصوح قصاص(32)عاماً من مدينة نابلس، جراء إصابتهما برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي بعد اعتقالهما في حي رفيديا بنابلس، حسب ما جاء في تقرير للهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن في شهر أيار 2004.
وبتاريخ 31/3/2002 اعتقل جنود الاحتلال الشاب مراد عوايصة(17)عاماً في مدينة رام الله، وزج به مع عدد من جيرانه في أحد الشقق السكنية تحت حراسة جنود الاحتلال، وفي الساعة العاشرة مساءاً قام الجنود بإخراج مراد بالقوة من الشقة، وبعد عشرة دقائق سمع المعتقلون صوت إطلاق رصاص كثيف، وبعدها أبلغ الجنود المعتقلين بأن مراد قد قتل حسب ما ورد في تقرير لمنظمة بتسيلم.
ويتبع >>>>> : قراءة في انتهاكات الصهاينة مع الفلسطينيين(2)
اقرأ أيضاً:
عيد الأم في فلسطين / فلسطيني يروي حقائق عن التعذيب في سجون إسرائيل/ رضيع فى زنازين الاحتلال / الشاباك تستخدم التحرش الجنسي بالأسيرات الفلسطينيات