قراءة في انتهاكات الصهاينة مع الفلسطينيين(2)
هنغبي "يحكي" عن الاعتراف..
تساحي هنغبي وزير الشرطة الإسرائيلية، اعترف بانتهاج أسلوب التعرية في سجون الاحتلال وذلك في رسالة جوابية لعضو الكنيست أحمد الطيبي في نهاية شهر حزيران 2004. وكذلك اعترف مدير مصلحة السجون يعقوب غانون في لقاء مع عضو الكنيست أحمد الطيبي بتاريخ 4/7/2004 باستعمال أسلوب التعرية، قائلاً إن هذه وسيلة قانونية وشرعية لإجراءات أمنية ضد المشتبه بهم بتهريب الرسائل أو أشياء أخرى داخل السجن، مدعياً أن التعرية تتم بشكل فردي وليس جماعي.
عمليات التنكيل بالأسرى ومشاركة أفراد حرس الحدود من أبناء الطائفة الدرزية العاملين في مصلحة السجون، دفعت بالأسرى إلى توجيه رسالة مناشدة بتاريخ 17/6/2004 لشيوخ الطائفة الدرزية للتدخل للجم هؤلاء الأفراد وردهم عن التنكيل بالأسرى.
عمليات التنكيل بالأسرى لم تتوقف عند السجانين أو الوحدات الخاصة، بل شارك بها المعتقلين الجنائيين من المجرمين الإسرائيليين. فبتاريخ 3/7/2004 تعرض 9 أسرى إداريين يقبعون في سجن كفار يونا بين 300 سجين جنائي إسرائيلي، إلى الإصابة بحروق بالغة جراء مهاجمتهم بالماء الساخن والزيت الحار من قبل هؤلاء السجناء الجنائيين، أمام سمع وبصر إدارة السجن. وقد دفعت هذه الحادثة مجلس الوزراء الفلسطيني إلى إصدار بيان أعرب فيه عن إدانته واستنكاره الشديدين لهذه الجريمة البشعة بحق الأسرى الفلسطينيين في سجن كفار يونا، وحمل حكومة إسرائيل المسؤولية الكاملة.
سياسة العزل..
أقدمت إدارات سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ زمن بعيد على إتباع سياسة عزل الأسرى في ظل ظروف سيئة للغاية، بدعوى الضرورات الأمنية، حيث عمدت إلى عزل الأسرى أصحاب القضايا الخطيرة، حسب ادعائها، أو من تعتقد بأن وجودهم بين الأسرى يؤدي إلى المساس بالأمن الإسرائيلي، وكذلك استخدمت أقسام العزل كعقاب للأسرى الرافضين لسياسات إدارات السجون.
وقد ناضل الأسرى لسنوات طويلة، حيث خاضوا الإضرابات المتكررة حتى استطاعوا أن يجبروا إدارات السجون على إغلاق معظم هذه الأقسام في عام 1994، ولكن سرعان ما عادت هذه الإدارات إلى إعادة افتتاحها وافتتاح أقسام جديدة في معظم السجون في أعقاب اندلاع انتفاضة الأقصى، وزجت بأعداد كبيرة من الأسرى بداخلها، ومن هذه الأقسام عزل الرملة وبئر السبع ونفحة، ومؤخراً عملت سلطات الاحتلال على افتتاح سجون عزل بأكملها كسجن جلبوع.
رائد عامر مدير نادي الأسير في محافظة نابلس، يؤكد بأن المعتقل يزج في زنزانة انفرادية مساحتها 1.5-2.5، توصف بأن الشمس لا تدخلها وتكاد تنعدم فيها التهوية، ومليئة بالحشرات، وتحتوي على فتحة يتم إدخال الطعام من خلالها، والمرحاض بداخلها، ولا يسمح للأسير بمغادرتها سوى مرتين لمدة نصف ساعة صباحاً ونصف ساعة مساءاً إلى ساحة يطلق عليها اسم الفورة وهي لا تقل سوءاًَ عن الزنزانة، ويقبع الأسير في هذه الزنازين لفترات طويلة قد تمتد إلى سنوات يكون فيها معزولاً عن العالم الخارجي.
ويضيف رائد عامر بأن الهدف من سياسة العزل هو كسر إرادة الأسير أو كسر خطوات نضالية، خاصةً الإضراب عن الطعام أو ضرب وحدة وتماسك الأسرى.
المعتقل ناصر عويس (33 عاماً) من مخيم بلاطة، يقبع في عزل بئر السبع منذ اعتقاله في نيسان 2002 حتى الآن، وهو محكوم 13 مؤبداً في قسم (ايشل) في بئر السبع.
وهناك الأسير هاني جابر (29 عاماً) من الخليل، حيث حكم عليه مؤبد مرتين، وهو معزول منذ 22 شهراً في زنزانة انفرادية، وهناك النائب في المجلس التشريعي حسام خضر وكذلك النائب مروان البرغوثي.
في أعقاب الإضراب الذي خاضه الأسرى في سجن (هداريم) بتاريخ 12/5/2004، قامت مصلحة السجون بنقل 35 أسيراً إلى العزل في سجن شطة وبئر السبع والرملة، في محاولة لكسر الإضراب.
محاكم وأحكام جائرة..
يمثل الأسير الفلسطيني في مراحل اعتقاله الأولى أمام المحاكم العسكرية الإسرائيلية التي تمثل أحد أذرع الاحتلال، وهي محاكم غير شرعية وتتناقض مع نظام العدالة. فهذه المحاكم تستند في آلية عملها إلى معايير وأوامر عسكرية تصدر عن قادة جيش الاحتلال.
إن المحاكم العسكرية أقيمت بالاستناد إلى الأمر العسكري رقم (378) لسنة 1970، وبموجب هذا الأمر يحق لقائد المنطقة العسكري تشكيل محاكم عسكرية، يكون رئيس المحكمة ضابطاً في الجيش ذا أهلية قانونية بالإضافة إلى قاضيين من ضباط الجيش، ولا يشترط أن يتمتعا بالأهلية القانونية، ويتولى أيضاً قائد المنطقة تعيين المدعي العسكري.
وهذه المحاكم هي محكمة (بيت أيل) العسكرية ومحكمة (سالم) العسكرية ومحكمة (ايرز) العسكرية و(عوفر).
المحامي محمد الحلبي والذي يترافع أمام هذه المحاكم منذ 18 عاماً، يروي بأن هناك انتهاكات لحقوق الأسرى تجري بداخل هذه المحاكم يقف على رأسها تقديم الأسير الفلسطيني لمثل هذه المحاكم، خلافاً لاتفاقية أوسلو المبرمة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وكذلك أحكامها التي تتأثر بالأوضاع السياسية والميدانية. فكلما تصاعدت أحداث الانتفاضة تصاعدت الأحكام والتي يمكن وصفها بشكل عام بالأحكام الرادعة.
فعلى سبيل المثال إلقاء حجارة على الجيش والمستوطنين كانت عقوبته قبل انتفاضة الأقصى لا تتجاوز 6 أشهر، أما الآن فالعقوبة تصل في حدها الأدنى 10 شهور، وحدّها الأقصى 17 شهراً.
ويضيف الحلبي بأن من حق الأسير أن تهيئ له الظروف المناسبة في أثناء محاكمته وتحديداً وجود المحامي الذي يترافع في قضيته، إلا أن المحامي يواجه كغيره من المواطنين بالحواجز العسكرية المنتشرة في كل مكان في الأراضي الفلسطينية، فيضطر إلى الانتظار مطولاً لكي يسمح له بالعبور، مما يحول دون وصوله في أغلب الأحيان إلى قاعة المحكمة في الوقت المناسب.
وفي ذات السياق، فإن الأسير لا يعطى فرصة الحديث مع المحامي فور انتهاء جلسة المحكمة، حيث يساق على وجه السرعة إلى مكان احتجاز الأسرى في قاعة المحكمة.
لم تتوقف الانتهاكات في قاعة المحكمة بحق الأسرى عند هذا الحد، بل تجاوزت ذلك لتصل حد الاعتداء على الأسرى من قبل السجانين في قاعة المحكمة.
فحسب بيان صادر عن نادي الأسير الفلسطيني بتاريخ 3/5/2004، أفاد محامي نادي الأسير نعيم أبو يعقوب أنه أثناء تواجد 6 من الأسرى في قاعة رقم (7) في محكمة عوفر يوم 2/5/2004 ينتظرون قاضي التمديد وهم محمد كراجة وفرحان عبد الرحيم وعدنان ناصر ويوسف أحمد ومجد محمود، حاول أحد الأسرى إلقاء التحية على والدته من خلف الشبك، فقام 10 جنود من حرس الحدود بإلقاء الأسرى خارج قاعة المحكمة بصورة وحشية، وضربوهم ضرباً مبرحاً على مرأى ومسمع الأهالي.
المحامون الذين شاهدوا المنظر أيضاً، دفعهم ذلك إلى الإعلان عن الإضراب يومي 2 و3/5/2004 عن المثول أمام المحاكم الإسرائيلية مطالبين بالتحقيق بما جرى.
وكان رد رئيس محكمة الاستئناف العسكرية بمعاقبة المحامين، بسبب إضرابهم بمنعهم من المثول أمام المحكمة. والمحامون هم: خالد الأعرج وأنور أبو عمر وأحلام حداد وتوحيد شعبان وأسامة عودة وأكرم سماره ونادر الخراز وايليا تودوري وسامر حجازي، حسب ما جاء في بيان لنادي الأسير الفلسطيني بتاريخ 4/5/2004.
وبتاريخ 1/7/2004، تعرض الأسرى عدنان بيشاوي وسلطان صقر ونزار أبو بكر إلى الضرب المبرح من قبل قوات حرس الحدود في محكمة سالم العسكرية، الأمر الذي استدعى نقلهم إلى المستشفى.
المحامي نهاد خنفر يضيف إلى هذه الانتهاكات منع المحامي المكلف بمتابعة الأسير من زيارته والاطمئنان على حياته وعلى معاملة المحققين له في مرحلة التحقيق لفترات متفاوتة بناء على قرار من ضابط التحقيق، مما يضطر المحامي إلى اللجوء لمحكمة العدل العليا الإسرائيلية لإلغاء القرار، وحين يصدر القرار من المحكمة بإلغاء أمر منع الزيارة، تراوغ سلطات التحقيق وتماطل في السماح بالزيارة.
اقرأ أيضاً على صفحتنا فلسطين يد بيد :
عيد الأم في فلسطين / فلسطيني يروي حقائق عن التعذيب في سجون إسرائيل / رضيع فى زنازين الاحتلال / الشاباك تستخدم التحرش الجنسي بالأسيرات الفلسطينيات/ الاحتلال يجبر عاملين فلسطينيين على شرب بولهم!