مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ،وآله وصحبه أجمعين، وبعد.
أجمع الباحثون على أنَّ المدرسة لها دور حيوي بجانب الأسرة ولا يقل عنها في صياغة المكون التربوي والسلوكي للأبناء، بل أكدوا على أنَّ المدرسة هي التي تستطيع إمداد الطفل أو الشاب بالأخلاق والسلوكيات التي تمكنه فعلاً من يكون عنصرًا صالحًا في دينه ودنياه، والمدرسة تمده بها يمكَّنه من فهم واعٍ لكل جانب من جوانب الحياة.
فالمدرسة تلعب دوراً بارزاً في التوجيه، وتنمية القدرات، وإكساب المهارات المختلفة، ويكفى للدلالة على ذلك أنه في كثير من الأسَرِ، وخاصة في البيئة الريفية المتواضعة أو المهنة ـ في كثير من الأحيانـ لا تتوافر فيها فرص المناقشة والحوار بين الآباء والأبناء، ولا بين الأبناء وبعضهم، ولكنها ـقطعاًـ تتوفر هذه الفرص بين المدرس وأبنائه الطلبة، وبين الطلبة بعضهم البعض.
فكيف كان أو يكون هذا الحوار، وفي أي مجرى يصب؟
هذا هو السؤال.
ومع الأسف، وبالرغم من هذا الإجماع، فإننا نرى المدرسة لم تقم بالدور المنوط بها، فهي مازالت مؤسسة تعليمية، ليس للجانب التربوي فيها أي دور. والحقيقة أنَّ انعدام الجانب التربوي في المدرسة ليس فقط سسبه المناهج التعليمية ـ مع اعترافنا وعملنا أنَّ المناهج لمختلف مراحل التعليم باتفاق الخبراء المختصين تكاد تكون عديمة الفائدة، وليس لها أدنى دور في صياغة الشخصية مطلقاً.
الفصل الأول
أولا: أعرف مهمتك:
• اعلم أيها المعلم أنك تحمل أعظم وأشرف مهنة حملها إنسان على وجه الأرض فلقد كانت مهمة سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم وأنت وريث النبي (ص) في علمه وعلمه إن كنت من المخلصين الصادقين.
• لا بد أن تعمل وتجتهد وتصبر وتصل الليل بالنهار ليحفظ الله عليك هذه النعمة والمتمثلة في تلك المهنة الزائدة كمعلم وهاد إلى طريق الله سبحانه وتعالى. فغيرك يجتهد ويكد ليحصل دنيا، أما أنت فما تجنيه فهو خير لك من الدنيا وما فيها.
• اعلم أن مهمتك هي طلابك وهم أمانة بين يديك ينبغي عليك أن تبذل ما في وسعك لترفع مستواك حتى تكون أهلا لحمل المسئولية وأداء الأمانة على أكمل وجه.
• اعلم انك مأمور بعدم كتمان العلم ، يقول رسولنا صلى الله عليه وسلم"من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار".
• اعلم أيها المعلم أنك تصنع جيلا وتبني شخصية وتهدي عقلا وتبني قلبا وتصنع مستقبلا وتصوغ إنسانا ليكون مواطنا صالحا في كل ميدان فمن بين يديك يخرج الجندي الشجاع والاقتصادي المخلص والإداري العادل والعالم الشرعي التقي والطبيب الماهر والمهندس الوفي. فما أعظم مسئوليتك!
• اعلم أن مهمتك تحتاج إلى عمل وصبر وتضحية إنك تحميل أشبال الوطن من كل سوء تحميهم من الصديق السوء، من البيت المنحرف، من المعلم الضال، من أجهزة التخريب التي أفسدت حياتنا!
• اعلم أنك في مهمتك لا يساعدك بيت ولا شارع ولا ناد ولا أجهزة الإعلام المدمرة التي تأتي على كل ما تبنيه. وللأسف نرى الفساد له مساحة واسعة في دنيانا والصلاح مساحته ضيقة محدودة في كثير من الأحيان وهنا ، أيها المعلم المخلص ـ دورك، ولتوقن بأن جهدك سيباركه الله ولتجهد ولتؤد دورك.
• اعلم أيها المعلم أن دورك لا يقف عند حشو أذهان طلابك بالمعلومات والمعارف، لأنها وحدها لا يمكن أن تبني رجالا، ولكن لا بد أن تعزز هذه المعلومات بالعمل الصالح، فإعداد الجيل يكون بالعلم والعمل والأخلاق والسلوك.
• اعلم أيها المعلم أن أي تفريط في مهمتك خيانة للأمانة التي قبلت أنت حملها ، فلا تتخل عن مسئوليتك.
ثانيا: اعرف هدفك:
كي تسير في الطريق الصحيح لا بد أن تعرف هدفك، كما عرفت مهمتك فأنت مكلف بإعادة بناء الإنسان وصياغته ليكون إنسانا مسلما عابدا لربه ناجحا في حياته الدنيا معدا لحياته الآخرة، قوي الجسم متين الخلق مثقف الفكر قادرا على الكسب. سليم العقيدة مجاهدا لنفسه صحيح العبادة منظما في شئونه نافعا لغيره.هذا هو هدفك فلتسعى إليه بكل قوتك.
ثالثا: اعرف غايتك:
لا بد أن تكون غايتك الله سبحانه وتعالى وتقصده في قولك وعملك وعلمك وتبغي مرضاته وحسن مثوبته، فلا تنظر إلى جاه أو لقب أو تقدم أو تأخر، فإذا جعلت قصدك لغير الله ـسبحانه ـ جعلته لمن لا يستطيع أن يجزيك كما سيجزيك رب العالمين، فتخسر دنياك وآخرتك، فلابد من الإخلاص بصدق النية، وقوة العزيمة، وحسن التوكل، وإيثار ما عند الله خير وأبقى يقول تعالى:
(قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (الأنعام : 162،163)، وبذلك تكن أخترت الصفقة الرابحة (إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (التوبة : 111 )).
رابعا: اعرف مكانتك وأجرك:
اعلم أيها المعلم أن الله سبحانه وتعالى يصلي عليك، ويسخر الكون للصلاة عليك والاستغفار لك لأنك دائما مشغول عن نفسك بصناعة الجيل.
* إياك أن تنظر إلى مكانتك من خلال راتبك الذي تتقاضاه ولتجتهد في عملك بدقة التخطيط والإعداد وحسن التنفيذ، ولا تستشعر الدونية بين أصحاب المهن، فأنت من صنع كل المهن ، وأنت أعز الناس وأكرمهم وخيرهم ويكفيك لتعرف مكانتك أن أجرك الجنة، كما قال رسولنا صلى الله عليه وسلم "ما من رجل مسلم تعلم كلمتين أو ثلاثا أو خمسا مما فرض الله"فيتعلمهن ويعلمهن إلا دخل الجنة".
خامسا: اعرف حقك على طلابك:
إليك أيها المعلم بعض حقوق المعلم التي ينبغي أن تعرفها وتربي طلابك على القيام بها:
• التبجيل والتوقير والتواضع له وعدم الاستخفاف به.
• الإصغاء التام له، وعدم انشغال الذهن بفكر أو حديث أثناء الدرس، ففي ذلك إساءة أدب مع المعلم.
• البعد عن كل ما ينافي الأدب والحياء، وعدم كثرة الكلام من غير حاجة.
• ألا يدخل المتعلم على معلمه إلا باستئذان، ولا يدخل إلا كامل الهيئة نظيف الثياب.
• أن يجلس المتعلم أمام ويخصه بالتحية ولا يسارر أحدا في مجلسه.
تأليف: أسامة علي متولي
اختصار وتهذيب: راوية سرحان
ويتبع >>>>>: مع المعلمين: بناء الشخصية
اقرأ أيضاً :
التربية: دعوة إلى الله ! / حتى نعْدل إن عاقبنا / مفهوم اللغة في حياة الطفل