تاريخ سوء معاملة الأطفال
لقد عّرفت الإساءة للأطفال منذ فجر التاريخ بأشكال صور مختلفة كالإساءة الجسدية، الإهمال، الإساءة العاطفية، الإساءة الجنسية، وحتى قتل الأطفال.
نعم لقد تمت ممارسة عملية قتل الأطفال منذ القدم. ووأد البنات الذي استفحل في عصور الجاهلية خير مثال على ذلك، وأما القوانين التي تحرّمه فقد وضعت في عهد حمورابي. ومن ثم أتت الرسائل السماوية والديانات لتحرمه.
أما الأشكال الأخرى للإساءة للأطفال فقد تم التغاضي عنها من قبل المجتمع حتى القرن التاسع عشر حيث أدت إساءة معاملة الأطفال الصغار في العمل خلال الثورة الصناعية إلى صدور قوانين العمل المتعلقة بالأطفال في إنكلترا.
وفي أمريكا وإنكلترا تطورت جمعيات منع الإساءة للأطفال بعد انتشار وشيوع قضية Marry Ellen في نيويورك عام 1874 فقد كانت طفلة غير شرعية، وكانت تعامل بقسوة من أم تبنتها ومن قبل زوج هذه الأم. وتم وضعها تحت الوصاية نتيجة الفعالية القانونية للجمعية الأميركية للرفق بحيوانات الأرض.
أما نقطة التحول الهامة فكانت في عام 1950 حين بدأت مهنة الطب تنظر باهتمام لهذه القضية. ففي هذا الوقت اكتشف أخصائيو الأشعة بمصادفة غريبة سبب كسور القحف، الأورام الدموية تحت الجافية والكسور العديدة في العظام الطويلة التي صورت بأشعة x للأطفال المزعوم أنهم أصيبوا بها بواسطة حوادث وقرروا أن هذه ليست نتيجة حوادث وإنما هي بسبب القائمين على العناية بهؤلاء الضحايا غير المحظوظين.
أخذ الدكتور C.Henry Kempe وزملاؤه هذه القضية على عاتقهم، وقاموا في عام 1962 بنشر مقالة "تناذر الطفل المضطهد The Battered Child Syndrome" وهذه المقالة أثارت اهتمام مهنيي الطب، وأدت لزيادة الجهد الموجّه لتشخيص ومعالجة هؤلاء المرضى وعائلاتهم.
نسبة حدوث سوء معاملة الأطفال
هذه النسبة غير معرفة تماماً، وتقريباً من المستحيل تحديدها بدقة. وإحصاءات مثل هذه تبقى مضلّلة، لأن الكثير من الحالات لا يبلغ عنها، وفقط بعض حالات من الإساءة الجسدية الشديدة أو الخطرة وقد تعّرف كحالات إهمال الأطفال.
إن العاملين في هذا المجال يقدّر أن ما يقارب مليون ونصف طفل تتم الإساءة إليهم ويهملون، في كل عام في الولايات المتحدة وحدها. وأيضاً نفس العدد في أميركا وحدها أيضاً يتعرض لإساءة جنسية ويتزايد هذا العدد بصورة أسرع من بقية حالات سوء المعاملة.
إن حوالي 3000 ـ 4500 طفل على الأقل يموتون سنوياً في U.S.A كنتيجة للإساءة المتكررة أو الإهمال المستمر، وهكذا فالإساءة للأطفال هي مشكلة ذات نسبة أذيات ووفيات أكثر من تلك الأسباب الأخرى التي نعرفها جيداً، تؤدي لوفيات الأطفال، مثل الأمراض الخمجية، الابيضاض والحوادث.
تحدث أذيات الأطفال في كل الطبقات الاجتماعية الاقتصادية، وفي عائلات لها درجات إنجاز ثقافي مختلفة، وبين متعبدين من مختلف التعاليم الدينية، وبين هؤلاء الذين ليس لهم أي مذهب ديني أيضاً.
الحلقة المتكررة للإساءة للأطفال
الحقيقة إن الإساءة للطفل مشكلة كبيرة جداً، والإصابات التي شوهدت منها الخطير جداً، ومنها ما يصعب تشخيصه بسبب اختلاطه مع أمور أخرى. والأصعب من وضع التشخيص، هو مسؤولية الطبيب الخاصة تجاه هذا الوضع، حيث تحوّل هؤلاء الذين يفترض بهم أن يحبوا ويعتنوا بالطفل إلى أشخاص يسببون له الأذى والضرر.
تجاه هذه المواقف يكون هلع الطبيب شديداً، ويتعامل مع عملية الإساءة بسلبية منكراً إياها وباحثاً عن أسباب عضوية للأذية، أو يقبل القصص غير المقنعة التي تعزو سبب ذلك لحادث ما، أو أن يقوم الطبيب بالانفجار غضباً على الأهل أو المربيّن.
لكن في الحقيقة، إن أياً من هذه الإحساسات لا تفيد في التعامل مع هذه المشكلة، لأنه، بدون استثناء، فإن الأهل المسيئين، كان مساء إليهم في طفولتهم، والمأساة تكرّر نفسها. لذلك فالإساءة لتطور عواطف وشخصية الفرد هو الأكثر أهمية من الإساءة الجسدية لأن هذه التأثيرات العاطفية تدوم أكثر، ولأن تجربة الطفولة هذه ستقود في المستقبل إلى سوء الوظيفة الوالدية تجاه أطفالهم.
الطفل المساء إليه
قام Arthur Green بدراسة في مركز Downstate الطبي في بروكلين على 60 طفل تعرضوا للإساءة وأمهاتهم، وتراوحت أعمارهم بين 5 ـ 12 سنة، وذلك على 30 طفل مهمل معرّض للإساءة، و30 طفل غير مهمل غير معرض للإساءة، وخضع كل الأطفال لفحوصات نفسية وعصبية، أظهرت النتيجة أن الأطفال المتأذّين أبدوا أذى واضح بالمقارنة مع الطبيعيين.
إن حوالي 25 % من الأطفال المساء إليهم كانوا يعانون من درجة من الإعاقة مع نسبة ذكاء أقل من 70 % وعندهم صعوبات في العلاقة مع الموضوع، والسيطرة على دوافعهم. وكانوا يعانون من فقر في الصورة الذاتية، وكانت صورتهم لذاتهم مشوهة، وكانوا مكتئبين أكثر من أقرانهم الطبيعيين، وكانوا يجدون صعوبات مدرسية، كما كانوا عدوانيين لهم ميول كره للآخرين ويعانون من صعوبات تعليمية واضحة. كما أبدى الكثير منهم كرهاً محطماً للذات. لقد حاول بعضهم الانتحار. وهذا يوضح العلاقة بين هؤلاء الأطفال المساء إليهم والأهل المسيئين. بالإضافة إلى ذلك فإن 31% من الأطفال المساء إليهم وجد عندهم إصابات عصبية مع كسور قحف، ورم دموي تحت الجافية، قصور دماغي، كدمات رأسية شديدة. ولقد بينت الدراسات أن قسماً من هؤلاء الأولاد المساء إليهم كان عندهم تصرفات منحرفة منذ ولادتهم وأن هذا يولّد سبباً لكره أهلهم لهم والإساءة إليهم، وهذا يولّد تصرفات منحرفة أكثر وهكذا تدخل في حلقة مفرغة من الإساءة للطفل والتصرفات المنحرفة.
الأهل المسيئون
غالباً ما تكون علاقات أمهات الأطفال المساء إليهم، مزعزعة وضعيفة. وغالباً ما يكنّ قد انفصلن عن أهلهن من فترة باكرة، وربما عانين من الأذيات والاستغلال من قبل أهلهنّ. وعندهنّ صراعات مع أزواجهن. ونسبة قليلة منهنّ قادرات على إنشاء علاقات مع الجوار. وهنّ لا يطلبن المساعدة من أحد، وتكون تجاربهن ناقصة فلا يستطعن اللجوء لأحد وعندما تمر بهن صعوبات فهن يلجأن لأطفالهن، وبهذا يحققن عكس السلوك الطبيعي الذي من المفروض أن تأخذه الأمهات. وتسمى هذه الظاهرة انعكاس الأدوار Role Reversal، وتختلف هذه الظاهرة باختلاف عمر الطفل فالطفل في عمر المدرسة يطلب منه أن يكون قادراً على الطهي والاعتناء بالأشقاء الأصغر سناً وتنظيف المنزل.
أما الطفل الدارج يتوقع منه أن يتحكم بمصرّاته بشكل جيد وأن يكون قادراً على الأعمال الحركية التي تفوق قدرته الحقيقية. وفي فترة الرضيع، تنظر الوالدة إلى إطعامها لطفلها كإشباع حاجة عندها وليس لسدّ حاجات الطفل، كما هو المألوف، فتتضايق إذا رفض الرضاعة، أو إذا لم تنجح بتهدئته، أو إذا لم ينام كما هو المفروض، أو إذا لم يزد وزنه. وتعتبر هذا رفضاً شخصياً لها، على أنها غير جديرة بالأمومة.
والمهم أن كل هذه الأمور تجعل الطفل غير قادراً على تحقيق الأمور المنوّطة به والتي هي أكبر من طاقاته. هكذا فإن هذا الطفل غير المستجيب يمثل صورة لا شعرية عن أمها الرافضة وصعبة المراس. كنتيجة لهذا، تعتبر هذا الطفل من أصعب الأولاد مراساً وأشدهم تعذيباً، مع أن هذا الطفل هو الأكثر حاجة للعطف والحنان بسبب عدم قدرته التلاؤم مع المتطلبات الزائدة المنوطة به من لعبة انعكاسية الأدوار.
يجب ألا يُفهم من هذا أن المسؤولية تقع فقط على عاتق الوالدة، ففي نصف الحالات يكون الوالد هو المسئول، وهناك كذلك زوجات الآباء أو أزواج الأمهات، والذين يلعبون غالباً دوراً عن طريق تحريض الوالد الفعلي للطفل بالإساءة بما ينقلونه عن الطفل، وهم في حال غياب الوالد الفعلي سيتحوّلون إلى آباء مسيئين. وإن هؤلاء الأطفال المساء إليهم سينقلون تربية أهلهم إلى تربيتهم لأولادهم عن طريق الذكريات المكتسبة والخيالات التي أخذوها عن تربية أهلهم لهم.
وفعلاً أجرى العلماء تجارب عديدة على الحيوانات حول هذا الموضوع منها تجربة على الحمير بأن حذفوا الحمار والحمارة الوالدين، وأساءوا للأولاد الحمير فكانت النتيجة أن أساء هؤلاء الحمير الأولاد لأولادهم. كما أجريت تجارب على عدة أنواع من الحيوانات الثدية بما فيها القردة وكانت النتيجة نفسها، وهكذا توصل العلماء إلى إن الإساءة للطفل هي عبارة عن تناذر عائلي مرضي.
إن الإساءة للطفل تعود إلى ثلاثة عوامل هي:
1. شخصية الأهل الميالة للإساءة.
2. صفات الطفل والتي تجعله عرضة لأن يكون كبش الفداء في الإساءة.
3. شداة محيطية تزيد من عبء رعاية الطفل.
وسأشرح هذه العوامل بلمحة سريعة:
إن صفات شخصية الأهل الميالين للإساءة تتضمن صعوبة السيطرة على النفس Poor Impule Control ونقص في مفهوم الذات، وزيادة استعمال وسائل الدفاع من إنكار وإسقاط وتطرف.
وهؤلاء الأشخاص يحاولون، بصورة يائسة، المحافظة على أنفسهم عن طريق وسائل الدفاع النفسية بأنهم ليسوا غير مؤهلين وأنهم كفوئين وليسوا غير نافعين لشيء. وعلى عكس الاعتقاد السائد فإن 10 % فقط من هؤلاء المرضى يظهرون سلوكاً نفاسياً ذو طبيعة مزمنة.
إن مساهمة الأطفال في تسبب الإساءة تنتج عن أي انحراف جسدي أو سلوكي يزيد من صعوبة التربية. فمثلاً: طفل مصاب بعطب دماغي أو ذهان أو علة جسدية. وكذلك قد يكون الطفل كبش فداء إذا ذكّر والدته بشخص أو موقف كريه كأن يكون الطفل نتيجة زواجها غير السعيد، أو أن يشبه زوجها الذي تحتقره.
والعامل الثالث هو الشداة المحيطية والتي قد تؤدي الإساءة عن طريق الإخلال بالتوازن القائم بين السعادة الناشئة عن تربية الطفل وصعوبة هذه التربية، فالمرض الجسدي لأحد الوالدين أو هجر أحد الوالدين أو فقدان الدعم من الأقرباء كلها قد تنقص من القدرة على رعاية الطفل. وهكذا، عندما تزيد الضغوط البيئية فإن التباعد بين قدرة الأهل على الرعاية وحاجات الطفل تدفع الأهل المنسجمين إلى طلب المعونة من أهلهم أو أزواجهم أو أصدقائهم، بينما الأهل المسيئين سيتوجهون للطفل لأجل المساندة، كذلك تعمل الكحولية وإدمان المخدرات من إنقاص قدرة الأهل على سيطرتهم على الدوافع الهجومية والعنيفة عندهم.
وهكذا، فإن إحساس الوالدة بالرفض وعدم الكفاءة، يمثل الآن الجزء السيئ منها. وبضربها للطفل فإنها تعاقب الجزء السيئ فيها وإذا أزيل الطفل المساء إليه من المنزل، فإن غضب الآم يمكن أن ينصب نحو داخلها منتجاً اكتبائاً شـديداً، أو يمكن أن تختار الوالدة كبش فداء آخر لتسيء إليه. ونفس الحديث أيضا يوجه نحو الأب.
الإساءة الجنسية
إن عدد حوادث الإساءة الجنسية قد ازداد في العقود الثلاث الأخيرة رغم عدم وجود دلائل ثابتة على ذلك. وهذه الإساءة تحدث في مختلف الأعمار من مرحلة الرضع إلى المراهقة ويمكن أن تتضمن جميع أنواع الفعالية الجنسية من تدليك أعضاء التناسلية إلى ممارسة العادة السرية إلى العلاقات التناسلية الفموية والاتصال الشرجي، إلى الممارسة الكاملة والاغتصاب وربما تكون متغايرة الجنس أو متماثلة الجنس.
إن الأشخاص الذين يسببون الإساءة الجنسية يمكن أن يكونوا من أعضاء العائلة من أي سن كان. وأن هناك نسبة ضئيلة من الإساءة التي يقوم بها الغرباء رغم أن هذه غالباً هي التي تكشف للرأي العام والقضاء.
إن انتهاك المحارم Incest هو شكل للأساة الجنسية ويحدث بين الأب أو زوج الوالدة وبين البنت، أو حتى بين عشيق الأم والبنت. وأن الأعمال المتعلقة بالشغف الجنسي والاستكشاف الجنسي شائعة بين الأخوة والأخوات أيضاً، والأخصائيين الأميركيين -مع الكثير من تحفظي على آرائهم- لا تعتبرون ذلك نوع من الإساءة الجنسية إذا لم يتطور إلى ممارسة كاملة أو فعالية جنسية أخرى بالإكراه.
على كل إنّ الفعالية الجنسية بين الفتيات وبين أقارب ذكور للعائلة تحدث بنسـبة أقل. وأن الجنسانية المثلية (الجنوسة) بين أفراد العائلة شائعة أكثر مما كان يعتقد في السابق خاصة بين الأبناء الذكور وآبائهم أو أزواج أمهاتهم خاصة في العالم الغربي وأميركا ووفق أحدث التقارير الأميركية المنشورة. وإن الإساءة للفتاة أو الفتى من قبل نساء أقارب أقل شيوعاً، ولعل أقل الأشكال شيوعاً وهو الإساءة من قبل الأم لطفلها الذكر.
إنّ الإساءة الجنسية لها عدّة صفات مشتركة مع الإساءة الجسدية والإهمال، والأطفال يمكن أن يساء لهم جسدياً في البدء ثم جنسياً لاحقاً، وهناك حالات تحدث فيها إساءة جنسية دون إساءة جسدية، وكما أن هناك قصة عائلية للإساءة الجسدية، فهناك قصة عائلية لانتهاك المحارم.
وكما هو الحال في الأشكال الأخرى؟؟؟ فليس هناك علاقة بين الإساءة وبين المستوى الاقتصادي الاجتماعي أو المستوى التعليمي أو البيئة أو العرق. وفي بعض الحالات، فإن العيش في جو مزدحم أو الكحولية تزيد من نسب الإساءة الجنسية، وهناك غالباً تغاضي لا شعوري من جانب الشريك غير المسيء وقد يكون هناك دفع للشريك المسيء من قبله.
إن الإساءة الجنسية ليست ظاهرة جديدة فجائية على العائلة، بل هي تراكم، وبمثابة نوع من هروب لضغوط وصراعات عائلية، وإن وجود صعوبات بين الوالدين في تقدير كل منهما للآخر وفهمه، وخاصة في المجال الجنسي تكون هي العامل المسبب للإساءة الجنسية وانتهاك المحارم. ولا تكون الإساءة الجنسية سبباً لها، بل على العكس فهي من نتائجها. وإن تأثيرات الإساءة الجنسية هي نتائج تظهر على المدى البعيد، وهي نتائج ناجمة عن الأذية النفسية والتشوه التالي للتطور الجنسي النفسي، وليس بسبب الأذية الجسدية الناجمة عن الإساءة الجنسية. وكلما كان زمن الإساءة مبكراً في حياة الطفل كلما كانت التأثيرات على التطور النفسي الجنسي أكثر شدة، وكلما تأخرت ورافقها نوع من الخداع، كلما كان تأثيرها أقل، رغم حدوث الاضطراب النفسي الذي لابد منه.
إن النتائج بعيدة المدى يمكن أن تظهر على شكل امتناع تام عن العمل الجنسي، أو عكس ذلك على شكل دعارة. والنتائج النفسية الأخرى تتضمن اضطراب في تحديد الجنس وتقدير منخفض للذات، مع إحساس بعدم الفائدة والانعزال الاجتماعي، وعلاقات سطحية مع الأشخاص، رهاب، اكتئاب، زواج فاشل والخوف من تربية الأطفال. كما أن الأطفال الذين يساء إليهم وهم في سن المدرسة يظهرون غالباً صعوبات في التعلم وإهمالاً لواجباتهم، أو على العكس يمكن أن يعاوضوا عن طريق دراسة زائدة والحصول على علامات متفوقة.
إن العنصر الأكبر خطورة هو استغلال سلطة الوالدين وإضاعة الأطفال لهذه السلطة، وحاجة الأطفال لحب والديهم، وقيام الوالدين باستغلال هذه السلطة من أجل إشباع رغباتهم كراشدين، وبطريقة لا يستطيع الطفل أن يفهم ماذا يعمل وكيف يتعامل مع هذا الأمر.
علاج الإساءة للأطفال
إن أية خطة للوقاية أو لعلاج إساءة الأطفال يجب أن تغير من العناصر الثلاثة الرئيسة التي ذكرتها سابقاً، فمن الهام إشراك الأهل المسيئين في تجربة عاطفية مصححة لاضطرابهم بواسطة شخص راشد متفهم ومتقبل من العائلة، وقد يكون طبيباً نفسياً أو متخصص اجتماعياً أو تربوي أو أحد الأهل وهذا المعالج يزود الأهل بإشباع لم يكونوا يحصلون عليه من أزواجهم وعائلاتهم.
هناك هدف آخر للعلاج هو أن يدرك الأهل مدى تداخل ماضيهم في تكوين هذه العلاقة المشوهة مع أطفالهم. والأمر الثاني هو تداخل الطفل في العلاج عن طريق المشاورة مع الأهل، فإذا كان الطفل معاقاً أو سلوكياً فيجب شرح طبيعة المشكلة للأهل بحيث تكون توقعاتهم عن هذا الطفل واقعية ومنطقية، وان العلاج خارج المشفى أثبت فائدته في إزالة بعض الأضرار النفسية الناجمة عن الإساءة.
إن الخلل في الأنا، والأذى الذي أصاب الإدراك (الاستعراف) قد يتطلب وسائلاً علاجية مخصصة لتقوية عمل الأنا، وللسيطرة على الدوافع والحوافز. وكذلك إن الدعم النفسي التعليمي psychoeducational Assistance شيء مطلوب عند الأطفال المساء إليهم في سن المدرسة حيث أنهم يعانون من صعوبات كلام واضطرابات لغة وعدم القدرة على التعلم.
كل هذه المبادئ تطبق في علاج الإساءة الجنسية، ويبنى هذا العلاج على أساس عمر الشخص -مدة استمرار، وشدة الإساءة- ونوع الاضطراب العائلي الذي أدى للإساءة ويجب على العائلة أن تتلقى علاجاً حيث أن الإساءة الجنسية دليل على تهتك عائلي شديد.
ولا بد أن يدخل الطفل في برنامج العلاج لكي يشعر بالمساندة والثقة ولكي يقول: "لا" إلى أية محاولة إساءة تالية، وكنتيجة لذلك فإن علاجاً طويل الأمد، بصورة فردية أو بشكل جماعات علاج نفسي، هو شيء أساس لتحقيق الأهداف السابقة الذكر.
المصدر: المجلة الإلكترونية للشبكة العربية للعلوم النفسية
ويتبع >>>>>>: أهمية تطور الاستعراف
اقرأ أيضاً:
المثابرة مقابل الدونية / التدريب على المرحاض