مراحل التطور الاستعرافي
المرحلة الإجرائية العيانية(من 7 - 11 سنة)
إن دراسة مرحلة الإجرائية العيانية هي دراسة ممتعة ففي هذه السن يبدأ الأطفال بامتلاك القدرة على الإدراك العقلي لأشياء مدهشة، ولذلك فليس غريباً أن يكون التعلم في هذه المرحلة مكثفاً. إن الطفل في هذه المرحلة يكون قادراً على الحكم على الأمور المقدمة إليه بطريقة كلامية مجردة. وهو يستطيع أن يحل مشاكل المقارنة بين أطول الأشياء ويستطيع أن يحفظ الحجوم والأطوال والمساحات ويملك القدرة على فهم فكرة البعد الثنائي -الطول والسماكة- وأنهما يعيضان عن بعضهما بعضاً بطريقة متبادلة عن المهارات السابقة هي نتيجة لاكتساب الطفل القدرة على عكس الأمور عقلياً The Ablity To Reverse Processes Menttally ، إن الأطفال في المرحلة ما قبل الإجرائية لا يستطيعون عكس الأمور عقلياً بينما في مرحلة الإجرائية العيانية فإن الطفل يعرف أن الشيء يمكن أن يحدث، وعلى العكس يمكن ألا يحدث، فالمعجون يمكن أن يصنع منه شكل طولي وهذا الشكل الطولي يمكن أن يحوله بشكل دائري أو كروي ويمكن أن تصنع منه أشياء طويلة وأشياء قصيرة.
إن لهذه القدرة على العكس Reversibility تطبيقات طبية. إن الأطفال قبل هذه المرحلة يجدون صعوبة في فهم أن أحد العظام إذا انكسر فإنه من الممكن أن يلتحم بعد ذلك فهم يعتقدون أنه إذا كسر أحد عظامهم فإن هذا العظم سيبقى ضعيفاً إلى الأبد، وأعتقد أن الأطباء يواجهون من فترة لأخرى مثل هذا المعتقد عند الأطفال وحتى عند الراشدين المرضى الذين يعتقدون أن الجزء المريض من جسمهم سيبقى ضعيفاً إلى الأبد، فإذا أصيبوا بذات الرئة فرئتاه ستبقيان ضعيفتان مدى الحياة. إن هذه القدرة على العكس هي التي تؤدي لاكتساب القدرة على المحافظة.
إن الطفل في هذا العمر قادر أيضاً على وضع نفسه في أماكن أخرى غير موجود فيها، مثلاً: يستطيع أن يصنع منظر السهل فيما لو كان واقفاً على الجبل، وهو أيضاً يستطيع أن يصنف الأمر الواحد لعدة تصنيفات. إن التطبيق الطبي لهذا الأمر هو أن أطفال هذه المرحلة يفهموا أن للمرض Illness عدة درجات، الخفيف والمتوسط والشديد.
وعلى العاملين في الحقل الطبي- بدءاً من الطبيب- أن يتذكروا دائماً أن هناك اختلافات كبيرة في العمر الذي يستطيع فيه الطفل أن يفهم أن للمرض درجات كثيرة.
الإجرائية المنهجية (11 عاماً وما فوق)
إن هذه المرحلة يفترض أن تبدأ في حوالي عمر الـ 11 سنة، ولكن حوالي 70% من الراشدين لا يحققون مرحلة الإجرائية المنهجية كما تحددها اختبارات Piagei ولكنهم يحققون التفكير الإجرائي المنهجي في نواحٍ أخرى. إن لهذه المرحلة عدة صفات؛ فهذه المرحلة تتميز بأن المراهق يفكر بأمر ما ثم يفكر بسبب تفكيره بهذا الأمر وهكذا دواليك... ولقد سمع John Conger أحد المراهقين وهو يقول "لقد بدأت بالتفكير في مستقبلي ثم بدأت أفكر لماذا كنت أفكر في مستقبلي ثم بدأت أفكر عن سبب تفكيري في التفكير بمستقبلي". إن الأطفال في مرحلة الإجرائية العيانية غير قادرين على القيام بهذا الأمر.
وصفة أخرى لهذه المرحلة أن المراهق يستطيع الحكم على اقتراحات مخالفة للواقع، على سبيل المثال فإن المراهق في مرحلة الإجرائية المنهجية يستطيع أن يحل المشكلة التالية: "إذا كنت في أرض لون الثلج فيها أسود فماذا يكون لون الفحم؟" إن الأطفال تحت عمر 11 عام فشلوا في حل مثل هذه المشاكل المخالفة للحقيقة ونلاحظ أن التفكير بالمستقبل بطريقة أو بأخرى هو نوع من الأمر المخالف للواقع والحقيقة لأننا نعيش في الحاضر وليس في المستقبل.
وصفة أخرى لهذه المرحلة هي ظهور ما يسمى بالتفكير العلمي أو التفكير الاقتراحي أو الاستنتاج الفرضي، فالمراهق في هذه المرحلة يستطيع أن يفهم أمراً له عدة متغيرات وهو يفهم العلاقة السببية المتعددة بدلاً من العلاقة السببية الخطية (فقط سبب واحد يؤدي لأمر واحد). وهم يستطيعون أن يفهموا تغير بعض الأمور بتحول متغيراتها، ويستطيعون أن يفكروا بطريقة احتمالية بدلاً من طريقة حتمية، فهم يفهمون أنه يوجد للأمر أو المشكلة الواحدة عدة حلول ونماذج بدلاً من مخرج واحد، وأن عملاً معيناً له عدة نتائج محتملة وليس فقط نتيجة واحدة حتمية، ولهذا السبب نجد أن المراهقين مهتمين بالتفكير المجرد والاستعارات الكلامية والحلول المثالية.
وصفة أخيرة لهذه المرحلة هي تمركز الأنا ولكن بطريقة مختلفة عما تحدثت عنه سابقاً في أعمال مبكرة. إن الأطفال في جميع الأعمار يظهرون صفة تمركز الأنا ولكن الشكل الذي تأخذه الأنا تختلف بين مرحلة وأخرى؛ ففي مرحلة الرضيع يفكر الرضيع بشكل التالي "أنا فقط الموجود، أنا والعالم واحد، شيء لا ينفصل"، وفي الطفولة المبكرة "ما اعتقد أنه صحيح هو حتماً صحيح. إن نظرتي للأمور هي النظرة الوحيدة الموجودة"، وفي المراهقة فإن تمركز الأنا تأخذ شكلاً جديداً فالمراهق يعتقد أنه مركز اهتمام الآخرين وملاحظاتهم ويكون التفكير هنا "إن الآخرين يهتمون بي، يراقبونني، ويلاحظون كيف أبدو. وإن إعطاء صورة حسنة هي مهمة أساسية يجب عليّ إنجازها".
ومثال على ذلك إذا سألت مراهقاً أمام مجموعة من الراشدين فيما إذا كان هذا الجيل من المراهقين يحب موسيقى الديسكو فقد يجيب بالنفي القاطع ليظهر صورة يعجب بها الراشدون. وأود أن أختم هذا البحث بالحديث عن سؤال يطرح بكثرة خاصة في المجتمع الأميركي، سؤال سماه Piagei بالسؤال الأمريكي وهو هل يمكن أن نندفع بتطور الاستعراف نحو الأمام بسرعة أكثر من المعتاد؟ وكانت إجابة Piagei على هذا السؤال بالجواب السويسري الشهير"The Swiss Answer" وطبعاً فإن الإجابة بالنفي كما هي الحال عند الحديث عن تسريع مجرى التطور في المجالات الأخرى.
المصدر: المجلة الإلكترونية للشبكة العربية للعلوم النفسية
ويتبع >>>>>>: النمو النفسجنسي: المرحلة القضيبية
اقرأ أيضاً:
المثابرة مقابل الدونية / التدريب على المرحاض