تصدير المشكلات ::

الكاتب: أ. عوني الحوفى
نشرت على الموقع بتاريخ: 20/06/2007

من الحيل الدفاعية: تصدير المشكلات

1 - مدام هنية
عندما يلقي شخص ما المسئولية على شخص آخر يقال إنه (ألقى الكرة في ملعبه) أنا لا أعتقد أن هذا التعبير صحيح على اعتبار أن لعب الكرة سجال بين جميع اللاعبين فلا يوجد لاعب يلقي الكرة في ملعب الآخر ويخلي مسئوليته ويخلد للراحة.

الرأي عندي أن يقال إنه صّدر المشكلة لفلان.. فهو التعبير الأدق ، ويمكن اعتباره أحد الحيل الدفاعية في التحليل النفسي للتخلص من القلق والتوتر الناتجين عن مواجهة مشكلةٍ ما.
صاحبتنا –مدام هنية– نجحت نجاحاً باهراً في تصدير مشاكلها إلى حماتها.. تصوروا؟ ذلك بأن بدأت بكل نعومة ولباقة وذوق الإيحاء إلى طنط أم سي السيد بأنها بابا وماما وأنور وجدي، وأن لا حياة لها إلا بإرشاداتها المستنيرة وآرائها السديدة وتوجيهاتها المبهرة.

طنط: أنا في مشكلة عويصة لا أدرى كيف أخرج منها.. سي السيد عزم صديقه وزوجته على الغذاء وطلب مني إعداد محشي ورق العنب وصينية الباشميل.. أرجو أن تصفي لي طريقة إعدادهما..

- شوفي يا هنية حضري خلطة المحشي من الأرز واللحم المفروم والبقدونس والكرفس والنعناع والبصل والطماطم و.. و.. و.. وإلا أقولك أنا عندي في الفريزر ورق عنب وسأعدلك حلة محشي وكمان صينية الباشميل وأخلي عمك أبو السيد يوصلها لك.

- معقولة يا طنط ؟ يا رب يخليكي ويبارك فيكي مش عارفة من غيرك كنت أعمل إيه دا حضرتك هدية ربنا لي من السماء. مش عارفة أشكر حضرتك إزاى يا أجمل وأحلى أم وطنط وكل حاجة لي.
 
- تبدأ الحماة الطيبة معركة إعداد المحشي، وتنظر لأبي السيد في استعطاف عايزين خضرة محشي وفلفل أسمر و.. و.. وربنا يخليك اخطف رجلك تجيب الحاجات دي بسرعة، وبكل همة ونشاط وحرفنة تنهي العمل الذي يستغرق وقتاً طويلاً، وتجلس هنية في شقتها تنسق الزهور وترش معطر الجو وتستمع لصوت المسجل الهادئ: (هلت ليالي حلوة وهنية).

- طنط: سمير رجع من المدرسة يعيط عشان المس نقّصته في امتحان الشهر درجتين أروح أزعق لها وأشكيها للإدارة وإلا أعمل إيه؟

- بصي يا هنية كده تعقّدي الموضوع أنا بكره الصبح بإذن الله أروح أقابل المس ونشوف المشكلة، ومن الصباح الباكر تذهب طنط إلى المدرسة وتقابل المس وتحل المشكلة، وترجع الدرجتان لامتحان سمير.. ومدام هنية في بيتها تستمع لصوت المسجل الهادئ: ما خلاص اتعدلت.

- طنط الحقيني يا طنط سميرة صباعها انجرح والدم مالي الشقة.

- بسرعة يا هنية طهري الجرح بشوية كولونيا واربطيه لحد ما أجيلك أوديها للدكتور.. وفي سرعة البرق تكون طنط قد لبست ثياب الخروج وطيران على شقة هنية...

- وهكذا تعيش هنية عيشة هنية وتصّدر كل مشكلاتها إلى طنط الطيبة التي تتحملها بكل سعادة وطيبة نفس لأنها تخدم أحفادها. استخدمت مدام هنية الحيل الدفاعية التي أسميتها (تصدير المشكلات) وهي تسمية من عندي لم ترد من قبل ضمن قوائم الحيل الدفاعية التي يلجأ إليها الإنسان للتخفف من الضغوط أو مقابلة الأزمات.

- في المقابل سأتحدث عن حيلة دفاعية أخرى تستخدمها مدام صابرين ولكن أرجو أن تنتظروني للمقال القادم بإذن الله.

واقرأ أيضاً:
شوارد وخواطر  
موقع المجانين
الذئب  
الذئب مشاركة
شوارد وخواطر: لا تغضب
شوارد الخواطر3 
زلات القلم وفلتات اللسان