إغلاق
 

Bookmark and Share

استيراد المشكلات ::

الكاتب: أ. عوني الحوفي
نشرت على الموقع بتاريخ: 10/07/2007


تصدير المشكلات

من الحيل الدفاعية السلبية

2- مدام صابرين
تعتز مدام صابرين بنفسها _وهو شيء جميل ومطلوب_ إلا أنها دائمة التمسك برأيها مهما ثبت لها فساده. فلا تعترف بأنها مخطئة أبدا ودفاعها البيزنطي جاهز دائماً يدعمه الصوت العالي المتحمس. وصاحب المنطق والحجة لا يحتاج أبداً لنبرة صوت عالية فا الحق أبلج والباطل لجلج. زوج مدام صابرين هو الابن الوحيد لأبويه وله شقيقتان. وحظ مدام صابرين أن تكون شقتها في نفس المبنى الذي تقطنه حماتها.

- أقول يا صابرين.. لماذا لم تسجلي صابر وصبري في مدرسة الآفاق للغات المجاورة لمنزلنا؟
- لا يا طنط حو ديهم المدرسة الأمريكية.
- بس دى يا بنت في أطراف المدينة.
- الباص حيوديهم ويجيبهم يا طنط.
- بس يا بنتى حيرجعوا متأخر قوى ويكونوا تعبانين وجعانين.
- إنت عارفة يا طنط إن المستقبل الآن للمدرسة الأمريكية.
- مصاريفها يا بنتي غالية قوى وبالدولار.
- مش مهم يا طنط بابا يساعدني في مصاريفهم.
- حانقلق على العيال كل يوم لحد ما يرجعوا على ما يلف الباص البلد كلها.
- مقلقيش يا طنط لكل شيء تمنه.
- صابرين يا بنتي تحبي تروحي رحلة النادي لشرم الشيخ؟
- لا يا طنط حاروح رحلة نادي المهندسين مع أخويا وبابا وماما على مرسى مطروح.
- وأبو صابر يا بنتي؟
- المفروض يكون مع مراته وعياله يا طنط.
- وأنا وعمك يا بنتى مين حا يكون معانا؟
- مفيش مشكلة يروح معاكم يا طنط.
- وليه يا بنتي الشحططة دي ما نكون كلنا مع بعض.
- أنا اتفقت مع أخويا خلاص.
- صابرين: ابعثي الولدين لجدهم ونينتهم تحت وبالمرة يلعبوا مع أولاد عماتهم.
- بعدين أصل كل مرة يطلعوا متخانقين وزعلانين.
- مش معقول يا صابرين بابا وماما نفسهم يشوفوا العيال ومنزلهمش.
- أحسن من المشاكل وشيل دا من دا يرتاح دا من دا.
- بس دا قطع لصلة الرحم.
- لما يكبروا يبقوا يروحوا لهم.
تصحو صابرين مع آذان الفجر لتعد الإفطار وملابس والولدين وتستعد للذهاب لعملها بعد أن تمر على الحضانة لإيدع الولدين بها .
- لماذا لا تتركيهم عند ماما؟
- كده أحسن.

وعند عودتها من العمل تمر على الحضانة التي غادرها معظم الأطفال وما بقى بها إلا صابر وصبري (مساكين). وبملابس الخروج تقف في المطبخ لتعد طعام الغذاء فالأولاد جائعون وأبو صبري على وشك الوصول. ياه!! نسيت العيش!

تقفل على الولدين باب الشقة بعد التنبيه عليهما بعدم الشقاوة أو اللعب في البوتاجاز وتنزل سريعاً للبواب لإحضار كيسين من العيش وتعود سريعاً لتجد صبري باكياً لاعتداء أخيه عليه تصالحهما وتبدأ في خلع مرايل الحضانة وتقدم لهما الطعام ثم تبدأ في تغيير ملابسها ليأتي أبو صابر ليجدها بمريلة المطبخ والشعر الغجري المنكوش والطعام الذي ستنتهي منه بعد قليل.

مشاكل عديدة تصر صابرين على تحملها بل واستيرادها ما أغناها عنها لو أنها استطاعت تصدير بعضها عن كاهلها حيث يرغب غيرها بتحملها عنها بكل الرحب والسعة.. ولكنه التمسك بالرأي والانغلاق على الذات وتحميل النفس فوق طاقتها مما ينعكس على حياتها العائلية ويمثل عليها ضغوطاً نفسية.

في مكابرة وكتم للضغوط وتحمل للمشكلات تصر صابرين على نهج حياتها وليست مستعدة أبداً للتراجع عن مواقف ثبت لها فسادها ولا تقتنع أبداً بنصائح حماتها أو حتى والديها وزوجها ولا تركب إلا رأسها ولا ترى غير رأيها وترد على من ينصحها منهم بأنها هي وحدها الأدرى بشئون حياتها وتسيير أمورها. والعجيب في شخصية صابرين أنها شديدة الرقة والإحساس بالضعفاء والمساكين والحيوانات والطيور شديدة التمسك بفروض دينها من صلاة وصيام وزكاة وسبق لعمل الخيرات في الخفاء.

يقول علم النفس والطب النفسي هنا إنها ذات شخصية مزدوجة (فصام) ولكنها لا تعتقد ذلك وترفضه لما سبق ذكره من إصرار على الرأي والتمسك به وعدم الاستماع لنصائح الآخرين أو تقبل مساعداتهم الخالصة لوجه الله دون من أو أذى.

في علم النفس فئة من الناس يطلق عليهم: (المستهدفون) وهم الذين لا يتعلمون من أخطائهم أو تجاربهم المؤلمة السابقة ولا يحاولون تفاديها ويلدغون من نفس الجحر ألف مرة ويتكرر لهم الإيذاء من نفس المصدر.

أجريت دراسة في أمريكا على سائقي الشاحنات في إحدى شركات النقل الكبرى فوجد أن 17% من السائقين هم المتسببون في 90% من الحوادث والأعجب أن تتكرر حوادثهم بنفس الأسلوب وفي نفس المكان من جسم الشاحنة.

إذا نظرت إلى سيارة بها عدة اصطدامات في جهة واحدة دون غيرها فاعلم أن صاحبها من المستهدفين الذين يقعون في نفس أخطاء الحوادث السابقة ولا يتفادون أو يتعظون أو يتعلمون لتمسكهم بطريقتهم في القيادة وعدم احترازهم من مواطن الخطر السابق وقوعهم فيها.

الاستحواز على المشكلات وتحملها بل واستيرادها وهى في طريقها للغير من سمات الشخصية المستهدفة للمشاكل والحوادث، وللأسف فإن العلاج السلوكي لهذه الفئة من الناس من أصعب ما يواجه المحلل والطبيب النفسي هذا إذا اقتنع المستهدف أصلاً برغبته في العلاج أو حاجته إليه.

لست أدرى هل ابتكرت مراكز الأبحاث وشركات الأدوية الكبرى عقاراً لحل مشكلات مدام صابرين أم ما زالت الحالة صعبة العلاج عسيرة الحل؟
سؤال موجه لصاحب الموقع الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي ليتفضل بإلقاء مزيد من الضوء على تشخيص وعلاج مدام صابرين وغيرها من المستهدفين.

واقرأ أيضاً:
شوارد وخواطر  
موقع المجانين
الذئب  
الذئب مشاركة
شوارد وخواطر: لا تغضب
شوارد الخواطر3 
زلات القلم وفلتات اللسان
تصدير المشكلات 
المجاملة  
الفراسة 



الكاتب: أ. عوني الحوفي
نشرت على الموقع بتاريخ: 10/07/2007