إغلاق
 

Bookmark and Share

حينما التقيته أول مرة ::

الكاتب: مناضلة في زمن الجبروت الأمريكي
نشرت على الموقع بتاريخ: 29/12/2007


كانت هذه أول مرة أتعرف عليه عن قرب كنت أسمع عنه كثيرا يقولون عنه أنه هادم اللذات ومفرق الجماعات..... ولكن كانت تلك المرة التي أراه يختطف أحدا أحبه وأعرفه، كنت أظنه بعيدا... بعيدا بعد السماء عن الأرض، ففوجئت أنه قريب يسكن أنفاسنا, كنت في الخامسة عشر وقتها..... غدا أول أيام رمضان أمي تستعد للخروج لزيارة إحدى صديقاتها...... أتعجل خروجها.... سأدير التلفاز لأشاهد البرامج والمسلسلات بلا رقابة.
 
كانت أمي تمنع مشاهدة التلفاز أيام الدراسة إلا مسلسل السابعة كان الشيء الوحيد المسموح به أيام الدراسة...... وها هي ستخرج...... سأقرأ أحد كتبي العزيزة التي أخفيها حتى لا تلومني أمي على تضييع وقت المذاكرة، أو ربما سأضيع الوقت في الثرثرة مع إحدى الصديقات في التليفون..... غدا أول أيام رمضان كم أعشق أيامه،.... غدا ستأتي العائلة بالكامل للإفطار في بيتنا الكبير حيث يسكن جدي وجدتي لأمي في الطابق السفلي ويسكن خالي في الطابق الذي يعلونا مباشرة.
 
أحب اللحظات التي تسبق الإفطار..... ينتظر الأطفال في الحي الذي نشأت فيه بجوار الجامع الكبير حتى موعد الأذان فينطلقون كالإعصار يصيحون المدفع ضرب..... المدفع ضرب.... نصر أنا وأختي أن نعلق الزينات هذه السنة على سلم العمارة التي نقطنها.....

وفي غمار كل هذا يؤذن المؤذن لصلاة المغرب..... يخرج جدي كالعادة للصلاة في الجامع القريب... وما أن يضع قدمه على باب المنزل حتى يشعر بدوخة... كل سكان الشارع يعرفونه.... يحملونه إلى الداخل نظن أنه متعب فقد كان منذ لحظات ملء السمع والبصر هكذا بسهولة لحظات وأسلم الروح!

دخلنا جميعا لتوديعه لا لم أكن أريد أن أقبله ربما لأني لم أكن أريد أن أراه وهو مسجى أمامي بلا حراك، ربما كنت أفضل ألا أراه هكذا حتى أظل أحيا على وهم أنه ما زال يحيا, ساعتها عرفتك وعرفت قوتك وقدرتك على اختطاف الأحباب الواحد تلو الآخر........ ساعتها رأيتك والتقيتك وجها لوجه وعرفت عجزي وعرفت قدرتك.
 
في اليوم التالي امتلأ البيت عن آخره بالعائلة والجيران لا من أجل الإفطار ولكن لتقديم واجب العزاء...... حاولنا بعد موتك أن نظل متماسكين نحتفظ باجتماعنا في البيت الكبير في رمضان والأعياد....... ولكن ما لبثت جدتي أن توفاها الله بعدك بأربع سنوات وتباعد اللقاء.......... وانتقلنا نحن وخالي من البيت الكبير لنسكن أحد الأحياء الراقية....... ولكن أشهد بالله أن هذا البيت كان أحب وأقرب إلى قلبي......... بقيَ بيتنا الكبير خاويا سنوات حتى عاد أحد أخوالي المسافرين إلى مصر ليقيم فيه.
 
بالأمس ذهبت لزيارته حين وقفت في شرفة البيت الكبيرة تذكرت طفولتي وصباي، تغير شارعنا القديم ولكن ما زالت رائحة الذكريات كما هي...... أشعر بالحنين الجارف إلى كل يوم معكم.
أفتقدكم.... أحبكم.

واقرأ أيضاً:
مدونات مجانين: كيف نقاوم الشعور بالظلم؟ / مدونات مجانين: وقت التوقف عن الأحلام / مدونات مجانين: الكيت كات / مدونات مجانين: اللقاء الثاني / مدونات مجانين: متى نتعلم كيف نتقبل الآخر؟ / مدونات مجانين: في طريقي للعيادة النفسية  / مدونات مجانين: أيها الآباء رفقا بأبنائكم / مدونات مجانين: أم سيد / مدونات مجانين: أمي أنا حقا طفلة مذعورة  / الحب أم الذكاء هو ما يحتاجه أبناؤنا؟؟ / ظلي الذي أكرهه / قصر أحلامي / عالم الكبار السحري 2 / قيمة الألم في حياتنا / ألقي بنفسك وسط الزحام / هل تعرف ماذا تريد؟ مذكرات تلميذة / ذكريات عاجزة في زمن الجبروت الأمريكي / عاجزة وروايات الدكتور مصطفى محمود / الوجه الحقيقي للحرية الأمريكية / صديقتي العزيزة تحية لك أينما كنت / في ذكرى رحيلك / على باب الله أصداء وردود الله يا مولانا مشاركة / هيا حقق حلمك / كلنا ليلى / كان واحد من الناس / مناضلة وعزت القمحاوي......والبرئ / خيط الحكاية / سارقو الأحلام / الخروج / الطبيب معايشا والمناخ معالجا (1) مشاركة / شهداء الأمل والأحلام / كان واحد من الناس مشاركة 2 / قانون ظاهره الرحمة باطنه العذاب / كان واحد من الناس متابعة مشاركة 2 / شروق وغروب / لا للتطبيع. 



الكاتب: مناضلة في زمن الجبروت الأمريكي
نشرت على الموقع بتاريخ: 29/12/2007