الكاتب: أ.د يحيى الرخاوي نشرت على الموقع بتاريخ: 31/12/2007
الإدارة الأمريكية للدين العالمي الجديد (1 من 2)
طلب مني صديقي عمر (حفيدي جداً، أعني صديقي جدا) أن يتحاور معي حول موضوع يعده لتقديمه ضمن واجبات دراسته في قسم ما في الجامعة الأمريكية (يقول إنه قسم الاجتماع، لكنه يعد نفسه في قسم الفلسفة!!) سألته: يحاًورني بصفتي من؟ لم يُجِبْ، فهو يحاورني منذ ولد، بكلام وبغير كلام. وافقت طبعا، فنادرا ما لا أوافق، بالذات بالنسبة للشباب والشابات.
الموضوع حول "تدريس الدين في المدارس المصرية"،لماذا يا عمر اخترت هذا الموضوع بالذات؟ الله يسامحك!! قال: لست أنا الذي اخترته، أنا كُلِّفتُ به،أنا أعلم أن موضوع "ربنا" و"الدين" يشغله من قديم، (مثلنا كلنا ونحن في سنه، قبل أن نُمْنَعُ فنكف عن التفكير نهائيا) وكان يكثر من فتحه معي، ويتعجب من تحملي له، وسماحي بأسئلته، وحيرتي .. مع حيرته، حتى وصل الأمر به أنه كان حين يحتد به النقاش مع زملائه ، يدعوهم لمقابلتي، أو ربما يهددهم بمقابلتي، بدليل أنهم لم يحضروا إلي أبداً برغم تكرار الوعد وتكرار القبول من ناحيتي.
نرجع إلى حواره المكلف به من مدرسه أو أستاذه في الجامعة، سألني عن "تعريف للدين"!! يا خبر يا عمر!! هكذا خبط لزق، أجبته إنه "وعي"، و"سلوك"، و"معتقد"، معاً، بحيث لا يمكن أن ينفصل أي من هذا الثالوث عن بعضه البعض، الوعي فقط قد يكون إيمانا وليس دينا، والسلوك فقط، ربما في ذلك العبادات، قد يكون تقليدا أو عادة، والمعتقد فقط قد يكون أيديولوجيا، العجيب أنه فهم ما لم أكن أنا شخصيا واثق أنني فاهمه.
سألني: ما رأيك فيما يدرس بمدارسنا في حصص الدين، قلت له: إيش عرفني ماذا يدرسون حتى أحكم؟ ثم من هو الذي يدرِّس حتى أبدي رأيي فيه، ولم أقل له ما وقعت فيه من خطأ ذات يوم منذ أكثر من ربع قرن. كان ذلك حين استدرجني قلمي لكتابة مقال صغير، أو ربما ردا على أحمد بهجت في صندوق الدنيا اقترحت فيه التوصية بتدريس آيات التراحم والمودة والسماح للأطفال، بدلا من البدء بآيات الترهيب والترغيب والتعذيب، مقترحاً أن تؤجل إلى سن لاحقة، وأذكر أنني أشرت إلى أن للقرآن ظاهرا وباطنا ومنقلبا وحدَّا ...الخ، وعينك لا ترى إلا النور: في زيارتي اللاحقة لأستاذي الأول المرحوم المحقق الجليل محمود محمد شاكر، صافحني بيده القوية الواثقة، حتى كاد يخلع كتفي، كان مكفهرا، وما إن جلست حتى صاح بي، وكان صوته جهورياً يخرج واضحا جليا حتى وهو يهمس، فما بالك حين يصيح.
كنت وحدي والحمد لله، حتى لا يشهد تقريعي أي من زواره الأفاضل، صاح بي: ما هذا الذي كتبته يا دكتور؟ (وكان نادرا ما يلقبني) قلت لنفسي: ربنا يستر، ولم أجب، ولم أستوضح، مد أستاذي يده وتناول المصحف الشريف، ولوح به في وجهي سائلا بوضوح: "أليس هذا هو كتابك؟" تلفت أبحث عن كتاب آخر غير كتاب الله فلم أجد، فعلمت أنه يعني القرآن الكريم، قلت على الفور: بلى، وهل في ذلك شك؟ قال: فكيف وهذا كتابك تكتب ما كتبت؟ ثم عادت أبوته الحانية تطل من عينيه فتحيط بي وتطمئنني، وتجعلني أكتفي بالصمت، ولا أسأل عن خطأ ما كتبت أصلاً، كان يعلـّمنا بالأسئلة والرفض المحب أكثر مما يعلمنا بالنصيحة المباشرة والتصحيح المُلاحِق.
حين رجعت إلى منزلي رحت أعيد قراءة ما كتبت، وأسأل نفسي: أي خطأ أثار أستاذي إلى هذه الدرجة؟ ولم أجد إجابة واضحة. لم أعرف خطئي المبدئي بوضوح إلا بعد حوالي عشرين عاما، لأتأكد منه منذ أيام وأنا أحاور صديقي "عمر" وأجيبه عن تساؤلات "الإدارة الأمريكية" للأديان، أقصد "الجامعة الأمريكية" أقصد، مدّرسته في الجامعة الأمريكية. يا خبر!
انتهت التعتعة ولم أذكر شيئا عن حواري مع صديقي عمرنكمل الأسبوع القادم!
المواد والآراء المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
Copyright @2010 Maganin.com, Established by: Prof.Dr. Wa-il Abou Hendy - , Powered by
GoOnWeb.Com