|
|
|
جوهر العلم 2 ::
الكاتب: هبة أحمد أبو زيد
نشرت على الموقع بتاريخ: 21/01/2008
جوهر العلم
أحببت أن أتوقف في هذه الحلقة عند دعاء بديع لرسول الله صلى الله عليه وسلم دعاء جامع لثلاث من قضايا العلم كل واحدة منها مكملة لأختها جمعها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلمات سهلة اللفظ عميقة المعنى "اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما" .
اللهم علمنا ما ينفعنا ذلك هو أول الطريق عن أي علم نبحث عن أي علم نتعب فيه العقول والأجساد محاولين الوصول إليه؟ عن أي علم نسهر من أجله الليالي محاولين فك رموزه وفهم معانيه كما هو واضح في دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم فهو يسأل ربه سبحانه العلم النافع...... تقولون إذن فهناك علم غير نافع أقول نعم، جرائد صفراء أو جرائد الفضائح والحوادث كما يسمونها هي علم ولكنه غير نافع..... كتب الدجل والشعوذة هي علم لكنه غير نافع؛ بل فلنتعمق أكثر الفيزياء النووية علم من علوم العصر منه يسهر علماء على صنع ما يبيد البشر الذين لا حول لهم ولا قوة في لحظات..... ذاك علم ولكن غير نافع ومن علم الفيزياء النووية أيضا علماء يسهرون وينتجون طاقة تيسر الكثير وتوفر التقدم اللازم للبشرية ذاك علم نافع بحق، قد يرى البعض أن الأمور نسبية فكتاب الدجل أو القنابل مفيدة لأناس حتى وإن كانت ضارة لغيرهم فكيف سنحكم في هذا الأمر أو ما المرجعية التي على أساسها نقول هذا علم نافع وذاك ضار. إن العلة من الخلق هي العبادة لله سبحانه "وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون" والعبادة تكون من خلال إعمار الأرض هكذا تعلمنا منذ أن كنا صغارا إصلاح الأرض وتعميرها من خلال المنهج الرباني المنزل على نبيه.... إذن من خلال هذه الحقيقة نحدد إطارا عاما نقول فيه إن كل علم يساعد على الإصلاح والتعمير ولا يخالف المنهج الرباني المنزل على النبي المرسل لقومه فهو علم نافع، من هذا نقول كتب العبث مخربة للعقول أسلحة الدمار الشامل مدمرة للنفوس فما كان أبدا العلم النافع مبنيا على أرواح الأبرياء. إذن خطوتنا الأولى لكي نضع أقدامنا في مكانها الصحيح عند ارتقاء سلم العلم هو أن نسأل الله كما سأله حبيبنا محمدا صلى الله عليه وسلم العلم النافع. وانفعنا بما علمتنا: ما قيمة أن يتعلم المرء مكارم الأخلاق وفعله الرذيلة ما قيمة معرفة الجمال وفعل القبيح؟ ما قيمة دراسة الإصلاح ونشر التخريب؟ ما قيمة أن أعرف الحق وأفعل الباطل وأعرف العدل وأفعل الظلم وأعرف النور وأعيش في الظلام، يقول سهل بن عبد الله التستري "شكر العلم العمل وشكر العمل زيادة العلم" كل علم يتعلمه المرء ولا يعمل به فهو وبال على صاحبه يوم القيامة فقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن العبد يسأل يوم القيامة عن أربع ومنها عن علمه فيما عمل به عليك......
إذن أن تختار ما بين أن يكون العلم حجة لك أو عليك والاختيار يعود إليك لكن أعتقد أنه قد يأتي في ذهن أحدكم أن يقول لا داعي إذن لأن أتعلم ما دام العلم هكذا صعب وحسابه ليس باليسير....... أرد عليك بقول لأحد علمائنا حين جاءه رجل فقال له أخاف إن تعلمت العلم أن أضيعه فقال له كفاك بترك العلم ضياعا له. من هذا نفهم أنه لو توفر للمرء سبيلٌ للعلم وتركه فهو بذلك يكون في حكم تارك النعمة أي جاحدها لأن العلم نعمة مثل المال والصحة والأولاد فأنت مطالب مثله مثل أي نعمة بالشكر وأداء حقه....... دعني أهون عليك الأمر: ألا تحب أن يرفع الله درجتك ومقامك يقول تعالى ".... َرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ" (المجادلة:11). ألا تحب أن تكون مع الملائكة في شهادتهم بوحدانية الله يقول تعالى "شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" (آل عمران:18). ألا تحب أن تكون في كفة وأهل حيك في كفة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "لموت قبيلة أيسر من موت عالم"، علم وعمل هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعائه سائلا ربه سبحانه: وانفعنا بما علمتنا
لننتقل إلى الجزء الثالث والأخير وزدنا علما: لا أستطيع أن أتخيل أن إنسانا يظن أنه جمع العلم وكيف يكون هذا لإنسان فكيف له أن يجمع أسرار الكون بنجومه وأجرامه وكواكبه وأسرار البحار بأحيائها وأسرار الجبال بمعادنها وأسرار الحيوان بأنواعه وأسرار النبات بفصائله وأدوائه وسمومه وأسرار الإنسان بعقله وروحه ونفسه وقلبه وجسده أسرار الوجود كله بما فيه من موت وحياة .
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "لا يزال طالب العلم عالما حتى إذا ظن أنه علم فقد جهل" تلك حقيقة إذا ظننت أنك علمت ولا حاجة لك في المزيد فتلك لحظة اعترافك بجهلك يقول أحد علمائنا العرب "العاقل من ظن أن فوق علمه علما، فهو أبدا يتواضع لتلك الزيادة، والجاهل يظن أنه قد تناهى فتمقته النفوس"، بل فليقف الجميع علماء ومتعلمين كبارا وصغارا أذلاء خاشعين على عتبات العليم لا يسعفنا العقل بكلمة نقولها إلا سبحانك ربى عندما نقرأ قول الله تعالى "وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" (لقمان:27).
اقرأ أيضاً: لنتعلم كيف نتعلم الفرق بين العلم والمعرفة والفهم خيانة العلم والشعر التفكير العلمي في مقابل التفكير الخرافي والأسطوري
الكاتب: هبة أحمد أبو زيد
نشرت على الموقع بتاريخ: 21/01/2008
|
|
|
|
|
|
المواد والآراء المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
Copyright @2010 Maganin.com, Established by: Prof.Dr. Wa-il Abou Hendy - , Powered by
GoOnWeb.Com
|
حقوق الطبع محفوظة لموقع مجانين.كوم ©
|
|