الكاتب: بثينة كامل نشرت على الموقع بتاريخ: 26/05/2008
اعترافاتي الشخصية: أسوأ من الإحتلال
منذ أكثر من عشر سنوات كانت تصل خطابات لبرنامج اعترافات ليلية على ورق أصفر من سجن عسقلان المركزي بإسرائيل..الرسائل كانت من شباب فلسطيني ولبناني منهم من شارك في انتفاضة الحجارة وغالبيتهم من سجناء الرأي، بل لا أتذكر أن أحدهم كان سجينا جنائيا. كانوا يحكون قصص كفاحهم وظلم المحتل وكذلك عن إصاباتهم المختلفة على أيدي جنود الاحتلال كما لا تخلو رسائلهم من وجع فراق الأهل والأحبة وكنت أبثها عبر أثير الإذاعة المصرية..ومع ذلك كانت بعض الفئران أحيانا تلعب في عبي فلم أكن مستوعبة وقتها لفكرة حق السجين السياسي في ظل إدارة احتلال لأن يتواصل مع العالم الخارجي ببساطة كنت مستصعبة الفكرة رغم أنه كانت تصلني كل أسبوع عشرات الرسائل من أنحاء سجون جمهورية مصر العربية. وعندما التقيت مصادفة بأحد رجال المخابرات الحربية سألته بشغف عن إمكانية أن تصلني خطابات من سجون الاحتلال الإسرائيلي وبعد فترة أكد لي أن السجناء يحق لهم إرسال خطابات وكان اللون الموحد الأصفر للورق هو أحد العلامات على حقيقة أن تلك الخطابات واردة فعلا من سجن عسقلان المركزي بإسرائيل...
لماذا كل هذه المقدمة الطويلة عن حكاية مضى عليها أكثر من عشر سنوات؟ إنه خبر قرأته عن حكم أصدرته المحكمة الإدارية العليا مؤخرا بمنع "أيمن نور" من تبادل الرسائل مع زوجته والكتابة والنشر في الصحافة. ويكفيني بدون أية خلفية قانونية أن أضع الحادثتين في مقابلة وأتعجب بل أتساءل أيهما هو الاحتلال؟!
أستطيع أن أفهم أن المحن والشدائد قد تفرض مؤقتا على الحريات مزيدا من القيود ولكنني لا أستطيع أن أفهم أن تتخذ باستمرار مبررا لضياع الحريات إلى الأبد ليصبح سواد هذا الشعب وحده في محنة مستمرة ولا أستطيع أن أتصور كيف يمكن تقييد وتكميم شخص مسجون فعلا لدرجة حرمانه من الكلام والكتابة حتى لزوجته وهو بالفعل خلف القضبان وكيف ترضى هذه الدولة العريقة وهذه المحكمة الموقرة مصدرة الحكم على نفسها وأمام العالم أن يخضع سجين أيا كان جرمه لفعل كهذا إلا أنه وعلى ما يبدو فلا تزال جهات كثيرة في هذه الدولة تظن أن أيمن نور حتى وهو خلف القضبان يشكل الخطر الأكبر على مصر...
المواد والآراء المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
Copyright @2010 Maganin.com, Established by: Prof.Dr. Wa-il Abou Hendy - , Powered by
GoOnWeb.Com