الكاتب: بثينة كامل نشرت على الموقع بتاريخ: 10/06/2008
أعجب من هذه الدولة المصرية المتخصصة في التعقيد والإذلال حتى في أبسط التفاصيل. ولقد سمعت أن المصري عندما يتولى أية مسئولية فسوف نرى دائما وأبدا ومنذ سنين طويلة ماضية، لجانا ولجانا منبثقة ولوائح ولوائح تنفيذية والتماسات وعرائض ودمغات وأختام وتوقيعات وما إلى ذلك مما ورثناه على ما يبدو من أيام الكاتب المصري القديم. فما أعظم الإذلال الذي تقوم به وزارة التعليم واعتاد عليه أولياء الأمور لدرجة الإدمان.
أما الإذلال الذي يلقاه الشعب على يد وزارة الداخلية فيتم بعبقرية شديدة وأبسط مثال عليها هو قانون الطوارئ. وحدث ولا حرج عن إذلال وزارة المالية (بتاعة الضرايب). ويصل الإذلال لدرجة أن حتى الفريق القومي غير قادر علي الوصول إلي كأس العالم منذ أكثر من خمسين عاما.
نار الأسعار إذلال، طوابير الخبز إذلال، مستشفيات التأمين الصحي إذلال، انقطاع المياه إذلال والقائمة طويلة. إذن فهذا الشعب هو شعب ذليل. أما أن يصل الأمر لدرجة إجبار المواطن المصري على أكل الخبز المخبوز ومنعه من الحصول عليه في صورة دقيق حسبما يريد ويتمنى، واستفزازه وحبس دمه جمعاء جمعاء..لدرجة دفعه إلى قطع الطريق الدولي ثم تعرضه بعد ذلك للضرب بالعصي وإلقاء القنابل المسيلة للدموع عليه حتى داخل المنازل ودورات المياه. فهذا إذلال عبقري غير مسبوق يستحق التحية والإشادة. فلقد حلل الله الدقيق وحرمه محافظ كفر الشيخ. فإذا كان الله هو إله العالمين فهل سيادة المحافظ هو إله كفر الشيخ؟!
معلوماتي التي تلقيتها في السنة الأولى الابتدائية أن البوليس مهمته هي القبض على الحرامية. فإذا كان تجار الدقيق في السوق السوداء يدخلون في عداد "الحرامية" فإن الحل الطبيعي أن يطاردهم البوليس ويقبض عليهم (المرجع سنة أولى ابتدائي مقرر التربية القومية) أما أن يكون الحل بمعرفة سيادة المحافظ هو أن يترك السارق ويستولي على البضاعة المسروقة لمنعها بالمرة عن الناس جميعا ليجبرهم على أكل ما يشاء.. شاء من شاء وأبى من أبى على طريقة حكم قراقوش. لذا لن أستغرب أبدا ونحن على أبواب موسم الملوخية أن يأمر سيادته بالاستيلاء على عيدان الملوخية تمهيدا لطبخها في ديوان عام المحافظة في أوعية كبيرة ليأكل منها الشعب ولو لزم الأمر بالقوة حتى وإن كانت التقلية صايصة، وقطعا ستكون التقلية صايصة لأنها من الحكومة. دعوا الصيادين يأكلون خبزهم كما يشاءون يا بتوع الديمقراطية. حرام عليكم كفاية ذل، أعطوهم الدقيق ولا تلقوهم بقنابلكم المسيلة للدموع. فإن دموعنا في هذا الوطن تسيل بالفعل دون حاجة إلى قنابل.
المواد والآراء المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
Copyright @2010 Maganin.com, Established by: Prof.Dr. Wa-il Abou Hendy - , Powered by
GoOnWeb.Com