في مجتمعنا الإسلامي.حالة طلاق كل 6 دقائق ::
الكاتب: أماني ماجد
نشرت على الموقع بتاريخ: 07/01/2005
في مجتمعنا الإسلامي.. حالـة طـلاق كــل 6 دقــائق!
من على صفحة فكر ديني في جريدة الأهرام ننقل لكم جزءًا من التحقيق الصحفي الذي أجرته الأستاذة أماني ماجد وشمل اثنين من مستشاري مجانين هما د.وائل أبو هندي، ود.محمد المهدي، وننقل لكم هنا ما قاله المستشاران:
لم تكن هذه الإحصائية مفاجأة لكثير من علماء الاجتماع أو علماء الدين, ولكنها لابد أن يكون لها وقع الصاعقة علي المجتمع نفسه. فقد كشفت هذه الإحصائية التي نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن انضمام240 زوجة يوميا إلى قائمة المطلقات في مصر أي أن كل6 دقائق تحدث فيها حالة طلاق.. فهل هذا الواقع يتوافق مع رؤية الإسلام لقدسية الرابطة الزوجية واعتباره الطلاق أبغض الحلال عند الله؟! لابد أن هناك خللا اجتماعيا خطيرا ولابد أن السكوت عنه وعدم المكاشفة والاعتراف الصريح بحجم المشكلة الحقيقي سيؤدي إلى كارثة لا محالة..
لقد تنوعت الأساليب والأشكال لوقوع يمين الطلاق الذي أصبح سهلا ومتداولا على ألسنة كثير من الأزواج الذين لا يدركون حقيقة هذا الرابط المقدس ولا يقدرون للحياة الزوجية حقوقها التي أقرتها الشريعة الإسلامية السمحاء, بل لا يدركون شروط وقوع الطلاق وعواقبه الوخيمة.. ونحن هنا نفتح هذا الملف الشائك حتى نواجه الواقع بكل شفافية.. وفي الوقت نفسه نحذر من شبح أبغض الحلال الذي يخيم على زوجات كثيرات..
الإعلام يرسم صورة مثالية: الإعلام.. وخاصة المرئي له دور كبير ومهم في توجيه وتشكيل الرأي العام.. فهل يلعب بشكل أو بآخر, دورا في ازدياد حالات الطلاق؟ وكيف ينمي لدى الجمهور الحرص على الاسرة ولم شملها؟
*الدكتور وائل أبو هندي الأستاذ بجامعة الأزهر** يشير إلى أن الإعلام المرئي في كثير من الأحوال ينقل صورة غير حقيقية عن الحياة الزوجية فهو يصورها على أنها حياة حالمة بلا منغصات وقد يصور الزوج على أنه شاب وسيم أنيق يغدق الهدايا على زوجته, أما هي.. فغاية في الجمال والجاذبية, ونرى الزوجين التليفزيونيين يمارسان أنشطة اجتماعية وترفيهية بعيدة عن واقع الحياة مثل حضور الحفلات وجلسات النوادي، ويفاجأ الزوجان في الواقع بحياة مختلفة غير التي ترسبت في ذهنيهما أو يطمحان إليها على الرغم من أنهما ينتميان قبل الزواج إلى أسرة تعيش الواقع لكن كلا منهما يحلم بحياة مثالية بعد الزواج متأثرا بما كان يشاهده عبر وسائل الاعلام, لذلك لا نتعجب من أن نسبة المطلقات تحت سن30 تبلغ 40% من حالات الطلاق بأكملها!
ويضيف أن صورة أم الزوج وأم الزوجة في وسائل الإعلام سيئة, وهي تثير المشكلات لذلك يتحفز كلا الطرفين لصد الهجوم أو للهجوم المضاد فتنشأ الخلافات العائلية ويوضح أنه يمكن تصحيح هذه المفاهيم الخاطئة عن طريق استعادة المفاهيم الحقيقية التي بينها لنا الشرع الحنيف فالإسلام نظر للزواج بشكل مختلف عن تلك النظرة الشائعة في وسائل الإعلام والتي تؤكد, أن العاطفة وحدها أساس اختيار الزوجين.. لكن الإسلام أوضح أنها أحد الأسس, وليست الأساس الأوحد.. وروي في سنن البيهقي أن رجلا كان يعيش في زمن عمر بن الخطاب, وكان متهما بأنه يكثر من تطليق نسائه, بسبب وبدون سبب, وفي يوم أخذ بيد صديق له, وجعله يستمع إلى الحوار الذي دار بينه وبين زوجته, فدخل على امرأته, فقال لها: أنشدك بالله هل تبغضينني؟ قالت: لا تنشدني ـ قال فإني أنشدك بالله, هل تبغضني؟ قالت: نعم, فقال لصديقه: هل تسمع؟ ثم انطلق إلى عمر بن الخطاب, فقال له: إنكم لتحدثون أني أظلم النساء وأخلعهن, فاسأل صديقي, فسأله فأرسل عمر إلى المرأة, فجاءت هي وعمتها, فقال: أنت التي تحدثين لزوجك أنك تبغضيه فقالت: إني أول من تاب وراجع أمر الله تعالى, إنه ناشدني, فتحرجت أن أكذب, أفأكذب يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم: فاكذبي فإن كانت إحداكن لا تحب أحدنا, فلا تحدثه بذلك, فإن أقل البيوت الذي يبنى على الحب, ولكن الناس يتعاشرون بالإسلام, والأحساب. لا مفر منه.. أحيانا على الرغم من مرارة دواء الطلاق للعلاج من داء الخلافات الزوجية وتأثيراتها السلبية على الأسرة, إلا أنه أحيانا, يكون حلا ضروريا لمشاعر تحجرت ومودة ورحمة تجمدت تماما.. وهنا يلزم على الأبوين وضع عدة اعتبارات بعد الطلاق للحفاظ على الأبناء. الدكتور محمد المهدي رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر فرع دمياط يقول: عندما يحدث الشقاق بين الزوجين, فإن هناك انشقاقا موازيا يحدث في نفوس الأطفال الذين يعيشون في صراع, أينضمون إلى الأم أم إلي الأب, ومع من يتعاطفون وقد ينقسمون إلى فريقين, وتنقضي لحظات السلام العائلي, والاستقرار النفسي ويخيم على الأسرة التي تفتت جو من الخوف والترقب وعدم الأمان فالأطفال يشاهدون مشادات الأبوين, ويتألمون, ويتوقعون تفكك البنيان الأسري.. ولا يتوقف الأمر عند النزاعات الخارجية وما يصاحبها من مشاعر سلبية أو سب أو ضرب, وإنما يصاحبه نمو الكثير من مشاعر العدوان السلبي بين أفراد الأسرة, مما يخلق جوا من الكراهية المستترة وانعدام الثقة والرغبة في الايذاء, والمكايدة الصامتة. وهنا يبرز السؤال الأهم: هل من الأفضل للزوجين أن يحتفظا بعلاقتهما المضطربة تجنبا للمشاكل الناجمة عن الطلاق والتي تؤثر عليهما وعلى أطفالهما؟ أم من الأفضل إنهاء هذه العلاقة للخلاص من الجو المليء بالكراهية والعدوان؟
0وربما تستغرق الإجابة سنوات تعيش فيها الأسرة جوا مشبعا بالكراهية والعدوان الصريح والسلبي, وخاصة بعد فشل كل محاولات الأهل للإصلاح بينهما كما أمرنا الدين. هنا كما يقول د. المهدي يجب إعلان وفاة الحياة الزوجية رسميا بالطلاق ويشير إلى أن الأطفال بعد مرحلة الطلاق يشعرون بهزة نفسية عنيفة.. لكن على الأبوين أن يكونا أكثر نضجا حتى تمر هذه التجربة الأليمة على أطفالهما بسلام ويجب أن يحاولا الإبقاء على مساحة من التفاهم والتواصل تسمح بإبقاء حالة الاستقرار والأمان المادي والمعنوي لأطفالهما, وهما يوصلان رسالة لهم, بأن الطرف الآخر ـ الأب أو الأم- ليس بالضرورة سيئا وأن الطلاق حدث لوجود اختلافات في الطباع, جعلت من الصعب استمرار العلاقة الزوجية الصحية بينهما, لذلك قررا الانفصال, فانتفت منهما صفة الزوجية ولم تنتف عنهما صفة الأبوة. ومن هنا فمن حق الطرفين بدء حياة جديدة مع شريك آخر.. بعد أن اكتسب تجربة من الزواج السابق.
**(هذا خطأ حيث أن الدكتور وائل أبو هندي أستاذ مساعد الطب النفسي بجامعة الزقازيق )
المصدر : جريدة الأهرام العدد 43131 - 7 يناير 2005
الكاتب: أماني ماجد
نشرت على الموقع بتاريخ: 07/01/2005
|
|