الكاتب: أ.د.وائل أبو هندي نشرت على الموقع بتاريخ: 09/03/2006
كثيرا تكلمنا من خلال إجاباتنا على مشاكل وحلول وعلى استشارات مجانين، وربما في مقالاتنا على مجانين عن الكبت الجنسي وعن المعاناة التي يعانيها أغلب شبابنا وبناتنا، فكم اشتكوا لنا وكم سمعناهم وكم عشنا معهم معاناتهم النفسية المعرفية والشعورية عبر الإنترنت و..."بحق وحقيق"، ونحسبُ أننا كنا من أوائل وربما أعلى الأصوات الإسلامية التي تعاملت مع المشكلة الجنسية لدى الشباب مقتديين بتعامل الحبيبُ المصطفى عليه الصلاة والسلام معها كما يفهم من حديث "أترضاه لأمك"، وأصبحنا نجاهدُ مُتَّخذين من الآراء الفقهية أيسرها فيما يتعلق بالممارسات الجنسية في مجتمعاتنا التي رأيناها تقبع في مثلث الهلاك : الوسواس والجنس والجهل.
كل ذلك فعلناه ونحمد الله أن وفقنا إليه، لكننا اليوم اكتشفنا أننا لم نكن نتعامل مع الواقع كما هو فعلا وإنما من خلال ذكريات شخصية عشناها في شبابنا ومعلومات عرفناها عن ديننا وبعضٍ من علوم الدنيا التي نتعلمها، تخيلوا أن هذا كان شعورنا اليوم! أنا وابن عبد الله!؟ كنا نصف طريقة تعاملنا مع المشكلة بأنها واقعية، وقد تكونُ كذلك، لكنها لم تكن واقعية تنطلق من الواقع، بقدر ما تنطلق من تقديرنا نحن للواقع!
وبين الفكرة والفكرة تمضي بنا الحياة حتى يحدثَ في لحظة أن تتجمع الخيوط، وأنا هنا سأضع لكم أطراف الخيوط مرتبة قدر إمكاني ربما نصل معا إلى نفس النتيجة التي وصلت إليها: 1- كلام ودلائل وحقائق وخبرات عن مشكلات جنسية يعيشها الجميع "تقريبا" بأشكال ودرجات وردود فعل مختلفة، في الحياة على الإنترنت وعلى الفضائيات والتليفون و"بحق وحقيق" .... ده حاصل تحصيل، ومفهوم بأسبابه.
3- زنا المحارم حالات حقيقية وعلى الإنترنت والفضائيات وكتب ودراسات، وبعيدا عن كل ما هو مشهور ويمكن تفسيره بأي نموذج إدراكي سهل وفي المتناول، أذكر لكم كلماتٍ قالها لي واحد من مرضاي في الثالثة عشر من عمره حين سألتهُ كيف تحرشت بجدتك جنسيا يا فلان؟ فكان أن قال لي: "مدربي في النادي قال لنا تتعب نفسك وتعرف بنت في الشارع، وقد لا تجد مكانا تمارس فيه أليس في البيت بنات أو نساء أي نساء" ساعتها شعرت بالرعب لأني فهمتها دعوة من رجل عاقل يدرب النشء إلى زنا المحارم ! وكان هذا على قسوته نموذجي الإدراكي السهل، ولنقرأ: مجانين على الشيزلونج: ماما.. أنا حامل من بابا!
4- أخصائية نفسية تعمل بمدرسة بناتٍ إعدادية "متوسطة" تطلبُ مني المعونة كيف تتصرف إزاء بنت في الصف الأول الإعدادي تحث زميلاتها على ممارسة السحاق لأنه لا عيب ولا حرام!، والمصيبة أن كثيرات استجبن لها في حمام المدرسة، ومنهن من أصبحت تحث أخريات على التجريب!
5-التزنيق في المواصلات العامة ، وكنا قد فسرناه أيضًا بأنه تنفيس بشكلٍ أو بآخر، ويبدو أن الأمر أكثر تركيبا من ذلك، والمتأمل لمجرى الأحداث والمعلومات التي تتابعت على مجانين في موضوع التزنيق في المواصلات يجد أننا بدأنا من نقطة الهجوم والاستنكار الشاجب للرجال المتشردين الذين يفعلونها إلى أن فاجأنا أحدهم بأن البنات أحيانا يرغبن ذلك، وتواترت عندي رواياتٌ أن ذلك حقٌ، وأحدهم حكى لي عن القطار الذي يعمل به وما رأى بعض البنات تفعلنه من التزنيق! خاتما كلامه بــ: "صَدِّقْ يا دكتور"، بل وأتتنا روايةٌ لم تثبت صحتها عن تلك التي تتحرش هي بالرجال وتهرب، ثم جاءت تطلب التوبة على مجانين. 6- أتذكرُ حكايةً تأكدتُ أنها حصلت بمئذنة أحد المساجد منذ شهور هي: "ضبطا بعد صلاة الفجر في مئذنة المسجد عارٍ وعارية، هو أخرج مطواة وهدد بها هي قالت سأصرخُ وأقول أنك أنت اغتصبتني" بعيدا عن الفداحة والبشاعة وقلة الدين في المشهد أرجوكم أن تلمحوا شيئا من حالهما غفر الله لهما!، تسألون أنفسكم لماذا اختارا مئذنة المسجد؟ فكروا معي!
7- أحد المرضى من الشباب الطيبين يحكي كيف أن الخبرات الجنسية الحية مع التي "خطبها" ويحبها خبراتٌ متكررة في نوعٍ ما من أنواع الأتوبيس.
8- وغير بعيدةٍ عن ذاكرتي واقعاتٍ عايشت بعضها، وبعضها سمعت تفاصيله خلال كلام الزملاء والمرضى وحكايات سائقي، وكلها تشير إلى اثنين أنثى وذكر ضبطا في مكانٍ غير مناسب لما يفعلانه!، ولسان حالهم يقول لا نملك مكانا، ولو ملكناه لتزوجنا!
ويبدو أننا رغم قراءتنا في وقتٍ لا أذكر إلا أنه كان وأنا في أواخر العشرينات، أو مشاهدتنا لقصة نجيب محفوظ الحب فوق هضبة الهرم والتي مثلها الفنان أحمد زكي رحمه الله، رغم ذلك لم نكن نتخيل أن اختيار المئذنة لم يكن اختيارا لأن اثنين على لظى الشهوة والحب والشباب لا يملكان اختيارا غيره! تخيلوا أن اثنين لا يملكان مكانا؟؟
من الواضح إذن كما قلت أن المشكلة أكثر تركيبا مما ظننا، وكذلك يبدو الحل المطلوب مركبا ومعقدا بشكل كبير، فمن ناحية يمكن أن يسألني أحدهم لأي شيء تهدف من هذا الطرح لمشكلة المكان؟ وهل يعني ذلك أنك تطالب بتوفير مكان لمن يريد؟ مكان للزنا يا دكتور؟ وأقول معاذ الله، إنما أنادي بفكها قليلا والسماح بأشكال الزواج الشرعي التي أجازها أكثر من فقيه في الآونة الأخيرة فلست أرى الشاب أو الفتاة الموجودين بيننا في البلاد العربية وهم لا يستطيعون الباءة (فالمجتمع أصلحه الله لا يمكن أبناءه من ذلك) ولا يمتلكون المكان لكن كلاهما يتمنى الآخر، لست أراهما خير حالا من أبنائنا في الغرب فماذا يكونُ الحل؟ وهل يمكن أن يؤدي هذا التخفيف إلى تقليل فرص الزواج التقليدي وإقامة الأسرة؟ لا أظن والنقاش مفتوح على maganin@maganin.com
المواد والآراء المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
Copyright @2010 Maganin.com, Established by: Prof.Dr. Wa-il Abou Hendy - , Powered by
GoOnWeb.Com