لبنان حالة خاصة فهو متنوع ومتعدد الخلفيات والمذاهب والاتجاهات، وكلها تنشط متوازية أحياناً، وأحياناً متعارضة أو متعاونة، في غياب الدولة. لبنان قوته في تنوعه، في انفتاحه، في قدرته على التوائم والنمو، كما في قدرته على الصمود والمقاومة.
وهو حين يصمد أو يقاوم يفعل ذلك بهذا التنوع، بهذا الثراء. والمشهد اللبناني الحالي خير دليل على ما أقول: الدمار في بلدات الجنوب، وجهود رفع الاحتياجات ومحاولات إعادة التيار الكهربائي وإصلاح ما تهدم من الجسور والبنية التحتية يتجاور مع سهرات النوادي الليلية وبقية الأنشطة التي تعود عليها لبنان.
تقف في الشارع أمام جدار أو مكان لصق الإعلانات فتجدها من كل الأطياف والأشكال والأهداف. لا يمكن فهم تميز المقاومة اللبنانية إلا على خلفية هذا التنوع، وخير للمقاومة أن تظل ضمن بيئة التنوع، وأن لا تسمح بتهميشها أو تمييزها أو فصلها ودمغها بالطائفية أو المذهبية.
خير للمقاومة أن تكون من مكونات الصورة الأوسع في لبنان، وخير لها أن تراعي اعتبارات الحد الأدنى من الانسجام مع هذا التنوع، وأنا أراها تفعل، وأطمح إلى المزيد!!!!!.
لبنان/الجنوب 29 / 8 / 2006
عاجل من لبنان 30/8/2006 تقرير اليوم الرابع من زيارة د.أحمد عبد الله للبنان
يبدو لي أن النصر الذي تحقق في لبنان هو أعمق وأوسع وأهم مما يدرك أغلب الناس!!! أتفق مع ما سمعته هنا من الناس من أن الآثار الحقيقية هي بعيدة المدى وستبقى هنا وهناك، حتى بعد حين. وأعتقد أنه بيننا وبين إدراك حجم وطبيعة هذا الانتصار عقدات وألغام ومساحات من غياب معلومات أساسية في التاريخ والسياسة، وبخاصة ما يتعلق بهذا الجزء أو البقعة من أوطاننا!!!
مثلاً سمعت بالأمس قصصاً عن لجوء بعض النازحين من الجنوب إلى المخيمات الفلسطينية حيث قوبلوا بترحاب لم يتوقعوه هم أنفسهم، وبخاصة على خلفية ما عرف تاريخياً باسم حرب الخيام (منصف الثمانيات) وفيها دار قتال شرس بين ميليشيا حركة أمل الشيعية في ذاك الوقت وبين المنظمات الفلسطينية المختلفة، ووقع ضحايا بالعشرات، ويومها حاول حزب الله التدخل لكف أيدي حركة أمل عن إراقة الدماء الفلسطينية ولكن لم تكن لديه القوة الكافية لإنجاز هذا حين ذاك.
وسمعت كلاماً عن جهود بذلها عالم سني يدعى محرم العارفي وبعض صحبته وعالم شيعي إيراني يدعى عيسى الطبطائي حيث أعلنا على الملأ في مخيم الرشيدية أنهما مقيمان في المخيم معا وسط الناس حتى تتوقف إراقة الدماء الفلسطينية وهو ما حصل.
وفي القصة تفاصيل دفعتني للتأمل، وفي الحلقة من الخلافات المعروفة تاريخياً بين حزب الله وأمل وكل واحدة منها هي حركة شيعية، ثم تدخل من قيادة شيعية إيرانية لوقف إراقة الدم الفلسطيني. ثم تاريخ يمتد إلى عقدين من الزمن ساده قلق مشوب بالحذر من الطرفين، أقصد الشيعة والفلسطينيين، ووسط هذا كله حين فتحت المخيمات ذراعيها لمن نزح من الجنوب فاستضافهم أهل المخيمات في بيوتهم ومدارسهم واقتسموا معهم اللقمة، والحالة المادية في المخيمات متواضعة أصلاً . ومن فترة المكوث في المخيمات حصلت ألفة عامة بين هؤلاء وأولئك، وتجسدت في قصص زواج تم بعضها وجاري تنفيذ أخرى!!!!!
كم منا يعلم هذا الفصل من التاريخ؟؟؟؟ كم منا لديه خريطة يعرف فيها أين تبدأ فلسطين؟؟ أو أين من المفروض حدود لبنان تنتهي؟؟ بيننا وبين استثمار النصر أميال لا بد أن نقطعها، مسافات من المعرفة والوعي وحسن إدارة الرصيد الذي تحقق في النفوس من تقارب هنا وهناك، وكل رصيد معنوي أو مادي أو إعلامي آخر.
حجم هذا الرصيد والمهام المطلوبة، أقصد الخطط والبرامج المستمرة لاستثمار ما تحقق وتصعيد نتائجه.... هذه كلها أشياء تفوق قدرة حزب الله.. بل تفوق قدرة لبنان كله.... خاصة وأن الحزب والبلد يبدو مشغولا بأولويات الإعمار والحوار لترتيب البيت الداخلي السياسي للمرحلة القادمة.
يؤسف أن أغلبنا مازال يتساءل: ما الذي يمكن أن نفعله للبنان؟؟ وأنا قلت وأقول: ها هو انتصاره الذي تحقق، وها هي الألغام التي ينبغي أن نفككها، وها هي المسافات التي لا بد أن نقطعها، وما زالت هناك فرصة لمن يريد أن يرى بشاعة التدمير الإسرائيلي ولمعة زهو الانتصار في عيون من يدركه ويشعر بالانتماء إليه.
هلموا إلى لبنان من أجلكم، قبل أن يكون من أجلهم...!!
المواد والآراء المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
Copyright @2010 Maganin.com, Established by: Prof.Dr. Wa-il Abou Hendy - , Powered by
GoOnWeb.Com