الكاتب: د.أحمد عبد الله نشرت على الموقع بتاريخ: 06/09/2006
عدت من"لبنان" بعد أسبوع حافل بالمشاهدات والخبرات المهنية والشعورية. لحظة فريدة للغاية، وفيض من الفرص والنتائج والتداعيات يتجاوز طاقة "حزب الله" على استيعابه واستثماره، وهو مشغول بأولويات إعادة الإعمار، والتعامل مع التضييق السياسي، والضغوط المحلية والدولية التي تريد أن تحقق بالتلاعب والكيد والمفاوضات والتصريحات، وحروب الإعلام والكلام ما لم تستطع تحقيقه بالسلاح على الأرض!! والأمة تائهة غائبة-غالبا- كالمعتاد!!
النصر الذي تحقق، ونحن لم نتعود النصر!! هذا الزخم المعنوي الهائل في نفوس الملايين من المسلمين، وهذه الخيبة التي شعر بها الإسرائيليون وعملائهم، وهذا الإحساس بالكرامة والعزة والتحدي وإمكانية التغيير.
كل هذا مهدد بسبب غباء البعض منا وغفلة آخرين، والغباء عندنا له تراث وتاريخ، وحزب الغباء له أنصاره في كل مجال وموقع من القاعدة إلى القمم، وأتذكر أن كاتبا إسلاميا هو حضرة المستشار"علي جريشة"، وله كتب هامة في القانون وغيره، كان له كتاب بعنوان:"عندما يحكم الغباء"!!
إذن "العداء" مفهوم، وأطرافه ممكن كشفهم بسهولة أو حتى بمجهود بسيط، أما الغباء فهو داء وبيل مصابون به نحن حتى أنه قد يتفشى أحيانا ليصل إلى درجة الوباء!! ولو كنت أصغر سنا، وربما حين أصير أكبر وأوسع صدرا يمكن أن أكتب شيئا مطولا عن فلسفة ومنطق الغباء والأغبياء، وكيف يفسدون علينا تفكيرنا وحتى عيشنا إلى الماء الذي نشرب!! كلام كثير يخلط الحقائق بالخيالات، ويغرق في تعميمات وتهويمات، ويقع في الفخ تلو الفخ، ويستعذب السير فوق الألغام لتنفجر فيه، بدلا من السلامة بالتحاشي والاجتناب!! والغباء عند البعض قد يكون مزمنا وجزءا من طبيعة الشخصية، وقد يكون عارضا في شكل نوبات تحتاج إلى إفاقة وإنعاش للعقل الواقع تحت تأثير الوباء العام!!
أقول منذ بداية الحرب أن ما يحدث فيها وبعدها هو حصاد تفاعل قوى كثيرة، ومنها هذا النبض الجماهيري الهائل الذي احتضن المقاومة، وأعطى لها الدعم المعنوي، والمصداقية الشعبية فتجاوزت به كونها مجرد حركة حزب لطائفة إلى كونها ومضة نادرة، ودفقة هائلة لأشياء جميلة وهامة وجديدة ونافعة لمن يفهم ويريد أن يستثمر، لكن البعض يستكثر علينا هذا فيعود إلى ما يظنه وعيا بينما هو الخبال بعينه!!
بأي منطق شرعي أو عقلي أو إنساني نحاسب حسب الله وأمينه العام على مذابح تقوم بها عصابات إجرامية مسلحة عراقية تعمل تحت غطاء مذهبي شيعي برعاية أمريكية سافرة؟! بأي منطق شرعي أو عقلي أو إنساني نخلط بين تاريخ الفرق والمذاهب، وبين الواقع الحالي بمكوناته، ثم نخلط ونعمم في رؤيتنا وحكمنا على هذا الواقع فلا يكون عندنا فارق بين شيعي عاقل، معتدل ولا طائفي، وشيعي متخلف ومذهبي ومحدود التفكير والرؤية؟! وهل التعصب هو حكر على فريق دون فريق؟! وهل حركة أمل الشيعية هي مثل حزب الله المنتمي لنفس الطائفة، وبينهما ما صنع الحداد!!!
في الحقيقة فإن حجم الالتباسات في عقولنا وإدراكنا وكلامنا وتفكيرنا يزيد أحيانا على قدرتي، والعيب عندي من غير شك!! عدت إلى التوتر والقلق ونوبات الفزع الليلي، وانقباض الصدر حسرة على هذه الأمة المسكينة التي كانت تنتظر أي نصر، فلما جاءها راحت تدفنه في طين الغباء، وتبدده بالإهمال والخبال!!
المواد والآراء المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
Copyright @2010 Maganin.com, Established by: Prof.Dr. Wa-il Abou Hendy - , Powered by
GoOnWeb.Com