الكاتب: أ.د.وائل أبو هندي نشرت على الموقع بتاريخ: 25/10/2006
لعل من أهم منجزات الإنسان في العصر الحديث ذلك التطور الهائل في قدرته على التوثيق، التوثيق بالصورة مرئية خاصة أو مقروءةً أو التوثيق بالصوت أيضًا ربما والصورة معا.... يعني فيديو!.
سمعنا وقرأنا عن محاكم التفتيش وما تعرض له المسلمون في بلاد الأندلس وهم يطردون منها، وسمعنا عن ما حدث للفلسطينيين أعوام 1948 وما قبله وما بعده...... لكن كم نملك من التخيلات عما حدث؟
أحسبنا مهما تخيلنا في الحالتين وغيرهما نبقى عاجزين عن تخيلها ذلك التخيل المؤلم الذي تستحقان! وهي ما تزال فينا وبيننا صورا متناثرة ومفاهيم تفسيرية متباينة نتفق على بعضها ونختلف على بعضٍ آخر، كلٌّ حسب مخيلته المعرفية الثقافية، ومن أين استقاها وكيف تفاعل معها؟... ونحن....-أقصد بلادنا- ما شاء الله مفتوحة على البحري كما نقول في مصر، من ناحية المفاهيم المتناقضة والمتضاربة عن معظم تاريخنا تقريبا.
لكن ماذا يقال عن ما رأيناه على الشاشات وفي الصحف والمجلات عن ما حدث في أبو غريب وهو لا يوصف بالبشاعة لأنه أبشع وأفظع منها بكثير!!!؟ وماذا يعنيه ذلك في نفسية كلِّ واحد منا، أو ما حدث في عديد من المساجد في العراق وغيرها... أو في معسكرات جوانتانامو الأمريكية –الفاشية- لو عاوزين الحق-والسادية- لو عاوزين ابن عمه- رأينا استهانة بمقدساتنا وأجسادنا وحرماتنا كمسلمين، رأينا انتهاكا لآدمية الإنسان مسلما كان -أو أي إنسان- على يد محتل غاشم.... ورأينا استهانة بنبينا صلى الله عليه وسلم على صفحات جرائدهم وشاشاتهم رأينا كل ذلك موثقا بالصورة والصوت... فهل نحن نطيق هذا النوع من التوثيق؟ هذا سؤال مفتوح للمجانين...؟؟؟ سؤال أول في المدونة الأولى عن التوثيق لما لا نطيق!
مما لا شك فيه أن تأثير رؤية الموثق الذي أقصده –مثلا مقطع فيديو كليب صغير لكن عن التعذيب أو الإهانة- أصعب على صاحبه أكثر مما هو صعب على الجميع لكن الذي لمسناه في عملنا ومن خلال قراءاتنا لأنفسنا وأنفس أهلنا أنه صعب مرٌ كئيب مذلٌ على الجميع، هي إذن خبرة صعبة على صاحبها وصعبة على من يتوحد معه دينا أو عشيرة أو حتى إنسانية حتى... لكنها تبقى على نفس صاحبها أصعب.
بأي شيء يا ترى يشعر الناجون من التعذيب في سجن أبو غريب أو جوانتانامو وهم يرون مشاهد تعذيب أو إذلال هم جزءٌ منها؟؟ وماذا عن تأثير مشاهد الإذلال والتنكيل والقتل والتدمير التي نراها في فلسطين وفي العراق وفي أفغانستان وعسانا أبدا لا نرى في غيرهم! وعسى لا نرى أكثر مما رأينا!
ماذا عن أثر فيديو (صورة + صوت) امرأة تستجدي ضابطا من قوات الاحتلال أو التحالف ليسمح لها بالمرور دون أن يفتش جسدها؟... فضلا عن صورته التي تلي وهو يتحسسها مفتشا عند الحاجز الأمني! مرةً أخرى أتساءل هل نحن نطيق التوثيق؟
وقفزة قد يراها البعض بعيدة وأراها قريبة..... أسأل ماذا عن توثيق العلاقات الجنسية بالمحمول أو بالفيديو –وهو ما شاء الله تطور جدا داخل أجهزة المحمول- ما تأثير ذلك على أصحابه وسنكون في منتهى الطيبة –حتى الهبل- ونقول أنها توثيق العلاقة الجنسية بين زوجين اثنين في الحلال!
أولا ما تأثير رؤية ذلك على صاحبيها؟ ثانيا ما حكمها شرعا؟ بمعنى هل يجوز هذا النوع من التصوير؟ هما سؤالان أطرحهما هنا غير ناسٍ للسؤال الأول هل نحن نطيق التوثيق لما لا نطيق؟
المواد والآراء المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
Copyright @2010 Maganin.com, Established by: Prof.Dr. Wa-il Abou Hendy - , Powered by
GoOnWeb.Com