|
|
|
قصة طفل فلسطيني ::
الكاتب: مصرية حالمة
نشرت على الموقع بتاريخ: 01/07/2004
لا أدري إذا كانت هذه القصة لطفل واحد أم لأطفال فلسطين جميعا فهذا طفل فلسطيني ولد من بطن أمه لكي يسمع صوت الآذان أو جرس الكنيسة فهو لم تُعرف ديانته، المهم أنه لم يسمع هذا ولا ذاك.
ففي مصر مثلا نعرف أنه لابد من أن يسمع الطفل الآذان في أذنيه لحظة الولادة وصوت الهون في المناطق الشعبية ليلة" السبوع" وسط انطلاق الزغاريد والأفراح والليالي الملاح.
أما في فلسطين ولد هذا الطفل ضائعا منذ ولادته مفزوعا من صوت القنابل مجرد، جنين خرج من بطن أمه في قمة الرعب، بين صافرة الإنذار بكارثة وبين صرخة أمه باستشهاد والده يوم ميلاده.
ورضع الطفل لبن الحزن على الوالد الشهيد وشهد دموع الحزن في عيون الأم منذ ولادته وأثناء رضاعته كان يتحسس ثدي أمه وكأنه يواسيها وينعم بحنانها بإيماءات الطفولة الجميلة التي تؤثر وتسعد قلب الأم، وتارة أخرى يتحسس وجهها وكأنه يعطيها هو الحنان، فارتبطت به الأم ووجدت فيه الابن والصديق والحبيب وكانت تحنو عليه وتعطيه عمرها وحنانها ونسيت به آلام فقد الأب وأنسته الفزع والحزن، وعاشت وهو بسمة حياتها وعلى ذكرى زوجها الشهيد حتى كبر الطفل وبدأ مرحلة الصبا فهو صبي جميل وقلب متحرك باسم أمه.
وفي يوم استيقظ الطفل وقال لأمه لقد رأيت أبي في المنام يا أمي فانهارت الأم بكاءً واحتضنت صبيها وقالت له: إنه مع الصديقين يا ولدي.
ويسأل وكيف يمكنني رؤيته لكي يراه أصدقائي فبعضهم له أب وأراه وبعضهم مثلي ولكنني أريد أن أراه. فقالت له أمه أنت تحبني أليس كذلك؟
بالطبع يا أمي ونجحت الأم في إنهاء الحديث عن الأب الضائع ولكن سرعان ما فوجئت بالسؤال التالي لسؤال الأب وهو:
الطفل: أمي أنا أشعر بفزع شديد والجنود يمرون بالشوارع وأموت ثم أحيا مرارا كل يوم فسألته الأم لا تخف نحن في وطننا وهم متطفلون ولكن منذ متى يا ولدي هذا الإحساس؟!!
فقال لها يا أمي كنت أسير بأحد شوارع القرية ووجدت جنديا ينادي صديقي الطفل الذي يسير معي أو نحن معا استسلموا تسلموا ولكننا لا نعرفهم ماذا يريد؟!!
وسمعنا صوت دبابات بعيدة فهرولت أنا من الفزع ولحقني صديقي الطفل ولكنه أسرع بحمل الحجارة فضربها في رأس الجندي فسارع زميل الجندي وأسقط صديقي علي الأرض ولم أجد له منظرا واضحا يا أمي إنه ميت مشوَّه فأسرعت بفزعي وكتمته داخلي لأنني وجدت أنه قد كفاكِ حزنا ولكن فزعي قتلني فلم أجد غير صدرك لأنام عليه وأشكو بأسي فانهارت الأم حزنا على طفلها وصديقه الشهيد، وبكى الطفل بكاء حارا وسألها أليس لنا من مغيث يا أمي فقالت له لنا الله ثم العرب إذا توحدوا.
فسألها الطفل ما معنى هذه الكلمة عنده حق طبعا فهي في الأصل نكرة!!!
ولكن سرعان ما ردت الأم وقالت له هؤلاء إخوان لنا في الدين والإنسانية سيأتون يوما ويتوحدون ويقضون على الطغيان ويخلصوننا من جنود الاحتلال ادعُ الله يا ولدي أن ينصرنا وعاش الطفل متفائلا بكلام الأم كل يوم ينتظر العرب والنصر والوطن الفلسطيني ولكن اليوم رفض أن يأتي ويلبي النداء..
وظل الطفل لا يسمع إلا صوت الاستسلام والنداء به أو القتل للجميع دون تمييز، فهرول إلى أمه وقال لها يا أمي الاستسلام أقرب الفرص للنجاة فكيف يكون فسألته الأم يا حبيبي أتعرف معنى الاستسلام ولا تعرف معنى كلمة العرب؟!!!
قال نعم يا أمي لأن الاستسلام قريب ويحدث كل يوم وسمعتهم يقولون أنه فرصة للحياة الآمنة، وقال لي رجل كبير إن العرب يا ولدي لم ولن يتوحدوا ولذلك سألتك يا أمي، فرفضت الأم وقالت له سينصرنا الله ونعيش بشرف يا ولدي ببركة الأديان والعرب ونصر الله فلا تيأس يا ولدي ولكن الطفل لم يتحمل منظر القتلى وقال لنفسه لابد أن أنجو أنا صغير ولن أحتمل أن يراق دمي إن ما تقوله أمي أشعره مستحيلا وبعيدا.
وبعدها اتفق مع أصدقائه بعد أن عرفوا ببراءتهم أن الاستسلام معناه رفع الراية البيضاء واتفقوا فعلا علي رفع الراية البيضاء لكي ينجوا بعمرهم ووقتها عرفت ديانته عندما صعد إلي سطح منزله وأخذ يخاطب نفسه متخيلا ببراءته أنه من الممكن أن يناجي رسول الله قائلا:
يا رسول الله أنا في حيرة شديدة أنا الآن في سن بدأت أتفتح عقليا وفقط أسأل لماذا العرب ضد العرب بسلبيتهم وحربهم بعضهم لبعض ولماذا لا يحاربون الاحتلال لكي تسلم الأطفال ترى يا رسول الله هل نحن ضحية الاحتلال فعلا أم نحن ضحية العرب والقاتل والضحية عرب ومسلمون ومسيحيون عرب أيضا؟!!! قل لي يا رسول الله بربك وربي ومولاك ومولاي لمن أشكو أمتي وضعفي وقلة حيلتي؟!!! مجرد سؤال بريء.
وبعدها أفاق الطفل وقال لقد وجدتها سأذهب فعلا لأصدقائي ونرفع الراية البيضاء لكي نعيش في سلام وفعلا صعدوا الأماكن العالية في وقت واحد ورفعوا الراية البيضاء ووجدوا أن كل القرية تفعل ما يفعل الأطفال الصغار ولكن لم يسلم أحد وفي غارة واحدة استشهد كل من رفعوا الراية البيضاء وكأنها نداء للقتل وليست رجاء السلام وخرجت الأم بعد انتهاء الغارة تبحث عن صغيرها فلم تجده فسارعت كالمجنونة تبحث عن طفلها الصغير فوجدته غارقا في دمائه أعلى منزله وكل من صادقه من أطفال اتفقوا على رفع الراية البيضاء مقابل السلام ولكنهم ببراءتهم لم يدركوا أبدا أن العدو الصهيوني ليس له عهد ولا وعد وراحوا ضحية رجاء الحياة والعرب قبل الرجاء فهم المذنب الحقيقي في حق الطفولة والحياة وهكذا انتهت القصة بأن لاقى الطفل نفس مصير أبيه المحتوم واستشهد ليقابله في الآخرة ويحرم من وجه أمه الحنون وهي أيضا تحرم منه إلى الأبد.
ولكن التعليق على هذه العينة من القصص متروك لمشاعر العرب المتحجرة المتبلدة الفاقدة للإحساس بمجرد الحياء والحياة ؟!!
ولآراء المخلصين الشاعرين بحقيقة المأساة العربية ولن تتوقف الدائرة عند فلسطين فستدور كثيرا أليس كذلك ؟!!!
اقرأ أيضا الحلم تحت القصف /آه لقلبي والقمر إذا دنا وقت السهر/همسات العين...وقلب الحجر/الكرسي والسجادة الحمراء/العقل والروح
الكاتب: مصرية حالمة
نشرت على الموقع بتاريخ: 01/07/2004
|
|
|
|
|
|
المواد والآراء المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
Copyright @2010 Maganin.com, Established by: Prof.Dr. Wa-il Abou Hendy - , Powered by
GoOnWeb.Com
|
حقوق الطبع محفوظة لموقع مجانين.كوم ©
|
|