إغلاق
 

Bookmark and Share

عفواً غزة أنا لست متضامنة معك!! ::

الكاتب: أ. أمل عيتاني
نشرت على الموقع بتاريخ: 30/12/2008


يا غزة ويا أهل غزة، سامحوني، أو حاكموني، لا أريد أن أتضامن معكم! لا أريد أن أنزل إلى الشارع، أن أهتف بعبارات الإدانة للأنظمة، لا أريد أن أهتف بالموت لإسرائيل والموت لأمريكا، لا أريد أن أقول بالروح بالدم أفديك يا غزة، لا أريد أن أدعو إلى التحرك، وإلى فتح المعبر، لا أريد أن أذرف الدموع السخية!!

لا أريد أن أمثل عليكم!! لا أريد أن استخف بذكائكم! وأنا أعرف أنكم تعلمون حقيقتنا
أنا أنتمي إلى أمة دخل ضميرها في غيبوبة منذ فترة طويلة، والمختصون يقولون إن حالته ميؤوس منها! كل ما ترونه الآن من مظاهرات وتنديد وهتافات، هي محاولة لإنعاش صناعي لهذا الضمير.. وهو إنعاش مكلف جداً جداً.. أكثر من سنة وأنتم تسرقون الحياة من براثن الموت؟ وضميرنا؟ لا حياة لمن تنادي!! لقد احتاج ضميرنا العليل إلى جرعة طاقة هائلة حتى ينبض يومين قبل أن يعود إلى سباته، لقد احتاج إلى ثلاثمائة شهيد وما يفوق الألف جريح.. ولأنكم أذكياء، فأنتم تعلمون أن النبض لن يبقى في عروق ضميرنا طويلا!!

يا أهل غزة.. كم تعجبني نباهتكم!! كم يعجبني أنكم تفهمون كل شيء، يعجبني أنكم واقعيون إلى أقصى الحدود.. يعجبني أنكم كفرتم بنا، يعجبني أنكم تتفهموننا، وتعلمون أننا أمة غثاء السيل.. وأنا نغزل الكلام ثم ننقضه أنكاثاً قبل أن يتحول إلى أفعال، خوفاً على روتيننا اليومي من أن ينكسر! يعجبني أنكم تعلمون أن العدالة الدولية، والضمير العالمي مثل الغول والعنقاء والخل الوفي.. مجرد مستحيلات، أو مثل بابا نويل.. مجرد كذبة.. يعجبني أنكم تفهمون جيداً أن أمة ما زالت تتساءل إن كان ما حصل صيف 2006 نصراً أم وهم، هي أمة تنتظر من يحيي العظام وهي رميم!!

يا أهل غزة.. يعجبني استغناؤكم بالله عما عند البشر. يعجبني فخركم، يعجبني مشهدكم وأنتم تنظرون إلينا بشفقة ممزوجة بنكهة الشماتة، تعجبني تقاسيم وجوهكم حين تزمون شفاهكم وتعرضون بوجوهكم قرفاً وأنتم تروننا محاصرين، ومنهزمين، وأذلاء، وغارقين في بحر الخنوع والوهن، يعجبني فخركم واعتزازكم بامتياز العيش واحة الأحرار الوحيدة في صحراء انكسارنا.. يا أهل غزة، هلا تظاهرتم وطالبتم بإنقاذنا، هلا نظرتم إلينا بعين العطف، وأرسلتم مساعدات.. من نوع فيتامين كرامة، وأمصال بطولة، وأكسجين عزة وشموخ، هلا أرسلتم لنا بطانيات نستر بـها عورة جبننا وتخاذلنا، هلا فتحتم المعابر لنستورد من عندكم بعضاً من حرية؟؟

يا غزة ويا أهل غزة... أنا أعرف أنكم أذكى من أن تصدقوا نفاقنا ولذلك، أسألكم بالله أن لا تتخلوا عن ذكائكم، أسألكم بالله، أن تبقوا معرضين بوجوهكم عنا.. أسألكم أن لا تستجيبوا لنداءاتنا، لا تفتحوا المعابر لاستقبالنا، لا تشفقوا علينا، لا تعطونا تأشيرة زيارة ولا تأشيرة إقامة، ولا ترحبوا بنا، لا تسمحوا لنا أن نشم رائحة زعتر فلسطين، لا تشفقوا علينا بمسحة زيت من أرض الإسراء، لا تسمحوا لنا أن ندنس بحر غزة.. نحن وباء، وما فينا ينتقل بالعدوى، وأنا قلقة على مناعتكم، رغم معرفتي بأنها قوية.. ولكن درهم وقاية خير من قنطار علاج..
يا أهل غزة أنا لست متضامنة معكم.. لأني أخاف عليكم مني!!

اقرأ أيضاً:
الفلسطينيون يبحثون عن مخرج عربي!  

رسالة من الطفل الفلسطيني إلى كل شعوب الأرض  
هذه كلمات وزفرات طفلة من الاراضى الفلسطينية  
فلسطين..... الجهاد في متناول الجميع



الكاتب: أ. أمل عيتاني
نشرت على الموقع بتاريخ: 30/12/2008