|
|
|
كيف نُعد دستورًا أسريًا؟(1) ::
الكاتب: هداية الله أحمد
نشرت على الموقع بتاريخ: 23/07/2005
نعني بالدستور العائلي: وضع نظم ثابتة يسير عليها أفراد البيت جميعهم دون استثناء، ويفهمها ويشارك في وضعها كل أفراد البيت.
وتتميز قوانين الدستور: 1- أنها لا تحتاج للمناقشة مع كل موقف؛ لأنها ثابتة ومتفق عليها، ولا يحتاج معها للإلحاح أو الرفض، ولكنه نظام لا يتم تغييره أو إيقافه أو تأجيله. 2- هذه القواعد تساعد الأولاد والآباء على التفاهم، وتأدية المهام المطلوبة بأقل قدر من الصراع والمشاكل؛ وذلك لأن هذه القواعد قد تم الاتفاق عليها معهم؛ فنحن ننفذ ما اتفقنا عليه؛ فلا نتفاوض من جديد في كل مرة. 3- إن تعامل الطفل مع قاعدة ثابتة حتى ولو كانت لا ترضيه كل الرضا أفضل كثيرًا من تعامله مع أم أو أب متقلب المزاج والآراء، لا يمكن التنبؤ بردود أفعاله؛ فاليوم يمكن أن يرفض ما قبله الأمس، وغدًا يوافق على ما رفضه اليوم؛ فإن ذلك يصيب الأطفال بالتشتت، ويضعف ثقتهم في أنفسهم وفي والديهم؛ مما يشعرهم بحالة من الخوف والارتباك الداخلي، ويجعل نفوسهم هشَّة هزيلة قابلة للانقياد لسواها بعد ذلك. 4- كما أن هذه القواعد تطبق على الجميع دون استثناء، وعلى هذا يشعر الأبناء بالعدل والمساواة بين جميع أفراد الأسرة. 5- كتابة النقاط الهامة في الدستور بلغة واضحة، بحيث يكون الهدف في كل منها مرضاة الله تعالى، ومن ثم تنمية روح الاعتماد على النفس وتحمّل المسئولية. 6- المرونة في التنفيذ والمتابعة للأعمال التي سيقوم بها الأبناء، وإمكانية التغيير بما يطرأ من مستجدات الواقع. 7- توزيع نسخة من الدستور لكل فرد من أفراد العائلة وتعليقه في مكان بارز في المنزل. 8- إقامة اجتماعات أسرية أسبوعية وشهرية؛ تناقش ما وصلت إليه من تحقيق رسالتها، وتعديل الدستور إذا ما دعت الحاجة، فهذا يجدد الرؤية والمهمة، ويجسّد ما تؤمن به الأسرة، وما تجاهد من أجله. 9- إن في وضع الدستور الأسري تحكيم للأولاد بشكل غير مباشر في قضاياهم، والموافقة على واجباتهم المخصصة لهم في الدستور، وفيها إقرار ضمني منهم بالعقاب الذي سيلحق بالمسيئ منهم.
وينبغي عند وضع الدستور الخاص بالعائلة مراعاة الآتي:
1- نوضح أن هذا البيت هو بيتنا جميعًا، وكلنا نعيش فيه؛ ولذلك لا بد أن يكون مريحًا ونظيفًا، وأن نتعاون معًا كلنا في ذلك، ونطلب منهم أن يضعوا الحلول المناسبة لكل المشكلات، ونساعدهم في وضع وصياغة القواعد الجديدة التي سيسير عليها البيت، وسيلتزم بها الجميع.
2- حتى تكون هذه القواعد ناجحة وفعَّالة لا بد أن تكون واضحة ومحددة، ويفهمها الجميع بوضوح.. فمثلا لا نقول: "لا لعب خلال أيام الدراسة"، فمن غير المنطقي ألا يلعب الأطفال خلال 6 أو 7 أشهر (مدة الدراسة)؛ لأن اللعب هو وظيفة الطفل، ولكن نقول: "اللعب بعد الانتهاء من المذاكرة والواجبات اليومية"، وهكذا...
3- لا بد أن تكون هذه القواعد منطقية وفي حدود إمكانياتهم وطاقاتهم، وتراعي أنهم أطفال؛ فلا يمكن أن نقول: "لا للعب ولا إفساد ترتيب نظافة الغرفة"، ولكن نقول: "بعد اللعب لا بد من إعادة كل شيء كما كان وترتيب الغرفة"، فهذا طلب منطقي، ماعلينا هو أن نجعل الأمر محددًا ومباشرًا وممكن التنفيذ، ومنطقيًّا وعادلاً؛ بأن يحتوي على سبب منطقي وعادل.
4- لا بد أن يحتوي الاتفاق على بنود الثواب والعقاب عند الالتزام بالتنفيذ، ولا بد أن نكون صادقين معهم جدًا جدًا؛ حتى لا نفقد المصداقية أمامهم.
5- عند التنفيذ لا بد أن نكون أكثر الملتزمين بتنفيذ الاتفاق مهما كلف احترام القواعد، وعلينا ألا نبادر أبدًا بكسر القاعدة، أو طلب استثناء لأنفسنا أو لأحد من الأولاد.
6- نعتمد دائمًا أسلوب التشجيع والثناء على التصرفات الجيدة، ومنح الاحترام والثقة، ونقلِّل من التوبيخ والمعاتبة والتأنيب الدائمين، ونتغاضى عن الأخطاء الصغيرة غير المقصودة.
7- لا نجعل هذه القواعد مثل الأوامر العسكرية التي تطبق بطريقة عمياء لا تراعي الظروف؛ حتى لا يشعر الأولاد أن هذه القواعد تخنقهم؛ فيتركوا الاتفاق كله ويختاروا الفوضى التي كانوا فيها، ولكن نحاول دائمًا إشعارهم بفضل هذه القواعد في تهدئة البيت، وفي التفاهم والاحترام الذي صار بينك وبينهم.
8- نشعرهم دائمًا أن لهم الفضل في نجاح الفكرة بالتزامهم وحسن سلوكهم، ونجعلهم يشعرون بفضلها في شكل مميزات يحصلون عليها، مثل التفرغ الأكبر للحديث واللعب معهم وزيادة اقترابنا من بعض، وتوفير وقت للخروج للنزهة، أو ممارسة شيء يحبونه.
9- لنعلم أن وضع القواعد ليس معناه أن البيت سيتحول إلى جنة هادئة، أو سيخلق المدينة الفاضلة، ولكنه فقط أسلوب أفضل لإدارة البيت والتعامل مع المشاكل بأقل قدر من الصراع.
10- عندما يخالف الأولاد القاعدة أو يرفضون تنفيذها؛ علينا ألا نعود للفوضى ثانية، ولكن بهدوء شديد جدًا نتحدث مع المخطئ وحده، ونركّز الكلام حول المشكلة الحالية أو القاعدة محل المشكلة، ومن الخطأ أن نخلط الأمور؛ فنبدأ معاتبته على أخطاء أخرى سابقة، أو نبدأ الشكوى منهم جميعًا؛ لأنهم أولاد متعِبون ولا يسمعون الكلام، ولكن لنحدد النقطة التي تتناقش فيها.
11- نكرر لهم القاعدة التي اتفقنا عليها من قبل بهدوء، ودون انفعال أو إهانة أو صراخ، ونذكِّر بالنتائج والثواب والعقاب الذي اتفقنا عليه، وندع المخطئ يأخذ قراره في الالتزام بالقاعدة أولاً، ولا نتحدث عنه بطريقة سيئة أمام إخوته، ولا نشهدهم عليه، أو نجعل من بعضهم حزبًا عليه، وعند رضائه بالأمر وتنفيذ القاعدة نحترمه، ونشكر له الالتزام بنظام البيت.
12- لا مانع من مراجعة بعض القواعد، أو معاونتهم في تنفيذها إذا شعرت أنها أكبر من طاقتهم.
13- علينا ألا نزعزع مفهوم النظام في أذهان أطفالك كما يفعل بعض الأهل؛ فمرة يطلبون تطبيق نظام معين، ويهملون ذلك مرات أخرى، أو أن تطلب الأم اتباع نظام معين، بينما يخالفها الأب، وهذا الاختلاف بين أوامر الأم وأوامر الأب يخلق أضرارًا تربوية في نفسية الطفل.
14- نوزِّع المهام عليهم، ونكلِّف كل واحد بما يستطيع من أعمال المنزل؛ ليتعودوا أن هذا منزلهم وهم مسئولون عن ترتيبه ونظامه، وبالطبع يجب أن يرتبوا غرفهم قبل كل شيء، وهنا يمكنك مساعدتهم أول مرة بحيث يتعلمون أين يضعون الأشياء، وبعد ذلك يصبح بإمكانهم أن ينجزوا المهمة بدوننا.
وبذلك يتدرّب الأبناء على تحديد الواجبات المنوطة بهم، ونساعدهم على بناء شخصيتهم وإعدادهم للحياة، كما أن مشاركة أفراد الأسرة في وضع الدستور ومناقشته وتعديله؛ تفتح للجميع باب الحوار الهادف، الذي يسوده الاحترام وحرية الرأي والمحبة والتعاون والاستقلالية، مما يجعل الأسرة متماسكة وأفرادها يؤدون رسالة عظيمة تؤهلهم للوصول إلى الأهداف الجماعية التي يسعون إليها.
كما أن هذا الدستور يحل المشاكل العائلية بناء على مبادئه وقيمه المتفق عليها من قِبل الجميع، مع المحافظة على كرامة الفرد وتفوقه، ومن الصعب أن نأمر الأفراد به وينفّذوه دون أن نشركهم في بنائه، ولنجل شعارنا في كل دستور (أقيموا دولة الإسلام في نفوسكم، أقيموا دولة الإسلام في بيوتكم) ومن ذلك الشعار وأمثاله ينطلق الدستور من منطلقات إسلامية.
الكاتب: هداية الله أحمد
نشرت على الموقع بتاريخ: 23/07/2005
|
|
|
|
|
|
المواد والآراء المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
Copyright @2010 Maganin.com, Established by: Prof.Dr. Wa-il Abou Hendy - , Powered by
GoOnWeb.Com
|
حقوق الطبع محفوظة لموقع مجانين.كوم ©
|
|