|
|
|
كيف السبيل إلى الأبناء المصلين ؟ ::
الكاتب: أ.هداية الله أحمد الشاش
نشرت على الموقع بتاريخ: 12/02/2006
أود أن أشكركم في البداية على هذا الموقع الرائع والرائد في مجال تربية الأبناء؛ وأسأل الله أن يجزيكم عنا كل خير، استشارتي تركز على موضوع تدريب الأبناء على الصلاة سواء للأطفال أو المراهقين؛ فنحن نحتاج فعلًا إلى إرشاد كامل ومفصّل حول هذا الموضوع؛ لأننا في عصر زادت فيه مسئولية تربية الأبناء؛ حيث ضعفت في المدارس المناهج الإسلامية؛ وكثرت الملهيات من التلفاز والفضائيات والإنترنت ..
إنني كأب لثلاثة أولاد: مصعب (12 سنة) وعبد الرحمن (5 سنوات) ونوران (10 أشهر)؛ أتمنى أنا وأمهم أن ننشئهم تنشئة صالحة إن شاء الله؛ ولكن أكبرهم يواظب على الصلاة تارة، ويتهاون فيها تارة أخرى مع محاولاتي الكثيرة في توجيهه بالتشجيع والعقاب أحيانًا ؛ أخشى أن أكون قد قصرت بعض الشيء في تعويده على الصلاة منذ طفولته المبكرة، لذا فإنني أرجو مساعدتكم في تشجيعه هو وإخوته على تأدية الصلاة وحبها من داخلهم ؛ أفيدوني جزاكم الله خيرًا .
التعليق على المشكلة: مرحباً بك أخي الكريم وبارك الله لك في أولادك وجعلهم قرة عين لك وللمسلمين، ونشكر لك ولزوجك الحرص على تنشئة أولادكما تنشئة صالحة؛ والاهتمام بربطهم بالصلاة برباط وثيق إذ هي عماد دينهم.
وأبدأ بالقول أيها الأب الكريم إن ما يجب أن يعرفه ويعتقد به أولادنا صغارًا وكبارًا أن الصلاة عبادة مفروضة على كل المسلمين، وهي أكثر عبادة تميزنا عن غير المسلمين؛ تلك العبادة التي يقف بهن المسلم بين يدي ربه؛ يثني عليه بأنه رحمن رحيم وأنه مالك يوم الدين، ويطلب منه الصفح، ويقر له بالعبودية، ويسأله أن يهديه طريق المؤمنين، وألا يتركه ضالًا أو أن يغضب عليه، ثم يتدرج إلى نوع أرقى من الخضوع له سبحانه حين يركع المؤمن ويلهج بتنزيه ربه، ثم يصل إلى قمة التذلل بسجوده لله تعالى؛ فينظر الله إليه بعين الرحمة ويمسح عنه ذنوبه، ويفيض عليه من نعمه، ويصبح طاهر النفس قوي الروح، محبًا للخير متعاليًا عن الآثام والمنكرات فيُغضب من يسجد له عشرات المرات كل يوم .
وفي الصلاة يقف المؤمنون في صفوف منتظمة على اختلاف طبقاتهم؛ فيتعارفون ويتآلفون ويتحابون، ويتعودون على العمل الجماعي المنظم الهادف.
والصلاة تجعل المؤمن نظيفًا طوال اليوم لأنه يغسل أطرافه كشرط لصحة صلاته ، إضافة إلى فوائد الوضوء في إعادة التوازن النفسي والجسدي للجسم ، وإصلاح أي خلل في مسارات الطاقة ؛ فالعلم الحديث وجد أن الوضوء علاج خفي لسائر الأعضاء ، وتطهير للجسم من ملوثات البيئة ، أما الصلاة ففوائدها العلاجية والطبية على العظام والعضلات والدم أكثر من أن تحصى ( ) ، أهمها هنا ما أفادته دراسة حديثة بأن الصلاة في سن مبكرة - قبل سن العاشرة بحسب الدراسة - تقي الأبناء من الآلام الظهر ، فالوضوء والصلاة عبادة روحية وبدنية أصلًا إضافة إلى كونهما وقاية وعلاجًا وصحة . دع أيها المربي أطفالك الصغار يراقبونك وأنت تتوضأ ؛ بل وأنت تشرح أفعال الوضوء لهم بسرور ومتعة ؛ دعهم يشعرون أن العبادة ممتعة ، وإياك أن يشعروا - ولو من طرف خفي - أن للوضوء والصلاة عبء وثقل .
وهناك أيها الأخ الكريم خمس وصايا قبل أن تدرب أولادك على الصلاة : * تذكر أن رسول الله صلى الله علية وسلم أمرنا بتدريب الأبناء على الصلاة من سن السابعة يقول صلى الله علية وسلم في يالحديث الذي رواه أبو داود : " مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع ، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر " ؛ وإذا تأملنا التوجيه النبوي الشريف نجد أنه صلى الله علية وسلم خصص r ثلاث سنوات متواصلة لتأصيل الصلاة في نفس الأطفال ، وذلك بأن يأمر الوالدان ابنهما بالصلاة في كل وقت صلاة لمدة ثلاث سنوات ، وبنظرة حسابية لهذه المدة ينتج عن ذلك رقم ضخم من أوامر التكرار وهو : ( 5× 365 )× 3 = 5475 مرة !!
لماذا أعطى الأبناء المهلة ثلاث سنوات ؛ لا شك أن هذه المهلة للتدريب ، وإعطاء فرصة مناسبة للتطوير والإحسان والانضباط في هذا العمل قبل أن يكون محل محاسبة .. بحيث يكون الأداء في كل عام أفضل درجة وأكثر دقة من العام السابق حتى نصل إلى أفضل ما يمكن في نهاية مدة التدريب ، ويصبح موضوع الصلاة جزءاً من حياة الطفل ، ثم يتلو ذلك بعام أو عامين سن التكليف والبلوغ الذي يكون فيه الأمر أكثر دقة وأهمية .
إن تدريب الطفل وأمره بالصلاة منذ وقت مبكر ( في السابعة ) يجعله يحس أن العبادات فالطفل أمور مسلَّم بها ، فكما أنه يجب أن يأكل لينمو ، ولا بد أن يذهب للمدرسة من غير نقاش ؛ فعليه أن يصلي كذلك وبلا نقاش لا لشيء سوى لأنه يجب أن يصلي كما أمرنا الله تعالى ، فالأمر يحتاج إلى تخطيط ومراحل وزمن كاف .
وفي سن ( العاشرة ) يكون التدريب على الصلاة أصعب من سن السابعة ؛ لأن طبيعة التكوين النفسي والعقلي لطفل العاشرة يحتاج إلى مجهود أكبر ، فالأمر في هذه الحالة يحتاج إلى صبر وهدوء وحكمة وليس عصبية وتوتر ، فهو يفكر كثيرًا بالعالم حوله ، وبالتغيرات التي بدأ يسمع أنها ستحدث له بعد عام أو عامين ، ويكون للعب أهميته الكبيرة لديه ، لذلك فهو يسهو عن الصلاة ويعاند لأنها أمر مفروض عليه و يسبب له ضغطاً نفسياً ... فلا يجب أن نصل بإلحاحنا عليه إلى أن يتوقع منا أن نسأله عن الصلاة كلما وقعت عليه أعيننا! ولنتذكر أنه لا يزال تحت سن التكليف ، وأن الأمر بالصلاة في هذه السن للتدريب فقط ، ولكن للاعتياد لا غير .
وما يُخشى منه على الأبناء عند التعامل الخاطئ فيما يخص أمور الدين أن يحدث تمرد عند سن (11 - 13 ) سنة على الأمر برمته فيرفض الابن الصلاة ، ويقول على سبيل المثال : " لن أصلي " ، فهو قد استقل بشخصيته ، وبدأ في التمرد على كل ما سبب له ضغطًا أو كبتًا طيلة الفترة السابقة ، أو أن يكذب فيقول صليت وهو لم يصلِّ، إلى غير ذلك من مظاهر التمرد والرفض لشيء ضغط كثيرًا على أعصابه ، وعرَّضه للنقد واللوم قبل ذلك ؛ فبناء الشخصية لا يأتي من كثرة المواعظ والنصح والإرشادات والتخويف أو التحقير والضرب، وإنما يوجد من خلال تصرفاتنا نحن وتمسكنا بالمنهج والطريقة التي نرتضيها لأطفالنا ، فيقبلون عليها بأرواح صافية ونفوس راضية ، فغالبية الأبناء لا يحبون أن يؤمروا مهما صغر سنهم ، فيجب علينا عدم الإصرار على التنغيص عليهم بالصلاة – دون العاشرة - بمعنى إعانتهم على أن تأدية الصلاة بجد وفي مواعيدها وعلى أكمل وجه ، ولكن إذا وجدنا البنت متعبة أو عادت الأسرة من الخارج متأخرة ليلاً وكانت البنت لم تصلّ العشاء بعد ، فلا داعي لإجبارها على الصلاة رغم تعبها وإرهاقها ، بل يجب التغاضي عن الأمر ، وعدم التعليق دون إشعارها ، والأفضل أن تؤدوا الصلاة وأنتم بالخارج إذا كان هذا ممكنًا ؛ مع ضرورة السلاسة في التعامل مع موضوع الصلاة في هذه السن ، وتوجيه الأمر دائمًا بلطف وهدوء ، ومدح استجابة الابن أمام والده أو جدتها ومن يحب ، على أن يكون المدح موضوعيًّا وغير مبالغ فيه .
* تأكد من أنك ستواجه أيام فتور بعد همة ، وأن الأمر سيظل في جذب وشد وتراخٍ وهمة باستمرار ، وما ستخططه من تفعيل هذه الهمة وتحريك الخمول والتراخي يحتاج منك لأفكار عديدة ولطيفة ومتنوعة للحفاظ على الانتظام ، والأهم غرس محبة الله ؛ بحيث يكون الدافع من الداخل ، والتذكير بالنعم من أفضل الوسائل لذلك.
* تضرع إلى الله جل وعلا بالدعاء :{ ربِّ اجعلني مقيمَ الصلاة ومِن ذُرِّيتي ربنا وتقبَّل دُعاء}واستعن به لأننا لن نبلغ الآمال بمجهودنا وسعينا بل بتوفيقه تعالى .
* رغب ولا ترهب ؛ لأن الرسول r قال في الحديث الذي رواه مسلم : "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ، ولا خلا منه شيء إلا شانه" ، ولأن الهدف الرئيس لنا هو أن نجعلهم يحبون الصلاة ؛ والترهيب لا تكون نتيجته إلا البغض ، فإذا أحبوا الصلاة تسرب حبها إلى عقولهم وقلوبهم ، فلا يستطيعون الاستغناء عنها طوال حياتهم ؛ ولأن الترغيب يحمل في طياته الرحمة ، أما الترهيب فإنه يخلق في نفوسهم الصغيرة خوفاً منا ، وإذا خافوا منَّا فلن يُصلُّوا إلا أمامنا وفي وجودنا ، وهذا يتنافى مع تعليمهم تقوى الله تعالى وخشيته في السر والعلَن .
وإليك أيها الأب الكريم سبع وعشرون قاعدة ذهبية لتدريب الأبناء على الصلاة : 1) شجع الطفل على أداء الصلاة منذ سنواته الأولى ؛ حتى وإن كان يقف للصلاة لبضع ثوان ويلهو خلال الصلاة ، ووفر سجادة صلاة صغيرة للطفل خاصة به ؛ وحجابًا صغيرًا خاصًا بالفتاة فتسر بوضعه تقليدًا لأمها .
2) درب على الصلاة صلاة صلاة ؛ بمعنى أن ندرب الابن لمدة أيام على الانتظام في صلاة العصر ؛ فإذا واظب عليها –ولو نسبيًا– دربناه على المواظبة على صلاة العصر والمغرب ؛ كل في وقتها حتى يتدرب على الصلوات الخمس ، وينبغي بعدها أن تتفاوت المكافآت فنكافئ على الصلاة في أول وقتها المكافأة الأكبر، ثم نكافئ على مجرد الصلاة، والمكافأة الأقل المكافأة على الصلاة قضاء .
3) في مرحلة التدريب ( بين السابعة والعاشرة ) يكفي للبنات أن تقول الأم : " هيا سوف أصلي تعالى صلي معي " ، فالبنات يملن إلى صلاة الجماعة ؛ لأنها أيسر مجهوداً وفيها تشجيع ، أما الذكور فيمكن تشجيعهم على الصلاة بالمسجد وهي بالنسبة لهم فرصة للترويح بعد طول المذاكرة ، ولضمان نزول الطفل يمكن ربط النزول بمهمة ثانية ، مثل شراء الخبز ، أو السؤال عن الجار ..، وفي هذه المرحلة يلحظ بصورة عامة تغير سلوك الأبناء تجاه الصلاة ، وعدم التزامهم بها ، حتى وإن كانوا قد تعودوا عليها ، فيلحظ التكاسل والتهرب وإبداء التبرم ، إنها ببساطة طبيعة المرحلة الجديدة ( مرحلة التمرد وصعوبة الانقياد والانصياع ) ، وهنا لابد من التعامل بحنكة وحكمة معهم ، فنبتعد عن السؤال المباشر : هل صليت العصر ؟ لأنهم سوف يميلون إلى الكذب وادعاء الصلاة للهروب منها ، فيكون رد الفعل إما الصياح في وجهه لكذبه ، أو إغفال الأمر ، بالرغم من إدراك كذبه ، والأولََى من هذا وذاك هو التذكير بالصلاة في صيغة تنبيهذ ، مثل العصر يا شباب : مرة ، مرتين ثلاثة ، ولنقل ذلك بهدوء .
4) إن لم يصلِّ الطفل يقف الأب أو الأم بجواره ويقول : " أنا في انتظار شيء ضروري لابد أن يحدث قبل فوات الأوان " بطريقة حازمة ولكن غير قاسية بعيدة عن التهديد ، ويجب أن لا ننسى التشجيع والتعزيز والإشارة إلى أن التزامه بالصلاة من أفضل ما يعجبنا في شخصيته ، وفي هذه السن يمكن أن يتعلم الطفل أحكام الطهارة وبعض الأدعية الخاصة بالصلاة .
5) اعتبر يوم بلوغ الطفل السابعة حدث مهم في حياة الطفل ، بل ويفضَّل إقامة احتفال خاص بهذه المناسبة ، يُدعى إليه المقربون ويزين المنزل بزينة خاصة ، إنها ( مرحلة بدء المواظبة على الصلاة ) ؛ فهذا يؤثر إيجابًا في نفس الطفل ؛ بل يمكن أيضاً الإعلان عن هذه المناسبة داخل البيت قبلها بفترة حتى يظل الطفل مترقباً لمجيء هذا الحدث الأكبر! وفي هذه المرحلة نبدأ بتعويده أداء الصلوات الخمس كل يوم ، وإن فاتته إحداهن يقوم بقضائها ، وحين يلتزم بتأديتهن جميعًا على ميقاتها .
6) يجب أن يرى الابن دائماً في الأب والأم يقظة الحس نحو الصلاة ، فمثلا إذا أراد الابن أن يستأذن للنوم قبل العشاء ، فليسمع من الوالد وبدون تفكير أو تردد : "لم يبق على صلاة العشاء إلا قليلاً نصلي معًا ثم تنام بإذن الله " ؛ وإذا طلب الأولاد الخروج للنادي مثلاً ، أو زيارة أحد الأقارب ، وقد اقترب وقت المغرب ، فليسمعوا من الوالدين : " نصلي المغرب أولاً ثم نخرج " ؛ واجعل مواعيد الطعام والدراسة والنوم مرتبطة بأوقات الصلاة قدر الإمكان ، فلا تجعل وقت أذان العصر هو موعد غداءهم ..
7) إذا حدث ومرض الصغير فيجب أن نعوِّده على أداء الصلاة قدر استطاعته ، حتى ينشأ ويعلم ويتعود أنه لا عذر له في ترك الصلاة حتى ولو كان مريضاً ، وإذا كنت في سفر فيجب تعليمه رخصة القصر والجمع ، وتوجيه نظره إلى نعمة الله تعالى في الرخصة ، وأن الإسلام تشريع مملوء بالرحمة .
8) اغرس في طفلك الشجاعة في دعوة زملائه للصلاة ، وعدم الشعور بالحرج من إنهاء مكالمة هاتفية أو حديث مع شخص أو غير ذلك من أجل أن يلحق بالصلاة جماعة بالمسجد أو قبل أن يفوت وقتها ، وأيضاً اغرس فيه ألا يسخر من زملائه الذين يهملون أداء الصلاة ، بل يدعوهم إلى هذا الخير ، ويحمد الله الذي هداه لهذا .
9) ربِّ طفلك على أولوية أداء الصلاة في وقتها ؛ فهي أهم من أداء الواجبات المدرسية ، كما أ، إدراك ركعة أهم من إدراك لعبة كرة القدم ، ومراعاة أوقات الصلاة أهم من مراعاة صديق أو مكالمة هاتفية أو برنامج في التلفاز .. وأخبره أن الصلاة لا تسقط حتى في حالة الحرب والخوف والمرض فكيف بمن في صحة وأمن ..؟
10) استخدم أسلوب الجداول والمكافآت والحوافز في التدريب على الصلاة ؛ بحيث يكافئ الطفل مكافأة سريعة على كل صلاة ؛ بعدها تكون المكافأة بعد صلاة العشاء مباشرة إذا أدى الصلوات الخمس في اليوم الواحد ؛ بعدها يكون الحساب بالدرجات ، فكل صلاة بدرجة ، ولو حصلت على أكثر من 33 درجة في الأسبوع مثلاً فلها جائزة كذا لو حصلت على 35 كاملة فلها جائزة أجمل، وهكذا ننتقل إلى المكافآت الشهرية ...
11) لنستخدم كل الوسائل المتاحة لنغرس الصلاة في نفوسهم ، ومن ذلك : المسطرة أو اللوائح المرسوم عليها كيفية الوضوء والصلاة ، وكذلك أشرطة الفيديو أو الصوتيات وأقراص الحاسوب أو كتب الأطفال التعليمية أو كتب التلوين المسطرة أو اللوائح المرسوم عليها التي تعلِّم الوضوء والصلاة .
* تعليمهم الحساب وجدول الضرب بربطهما بالصلاة ، مثل : " رجل صلى ركعتين ، ثم صلى الظهر أربع ركعات ، فكم ركعة صلى ؟ " ... وهكذا ، وإذا كان كبيراً ، فمن الأمثلة :" رجل بين بيته والمسجد 500 متر وهو يقطع في الخطوة الواحدة 40 سنتيمتر ، فكم خطوة يخطوها حتى يصل إلى المسجد في الذهاب والعودة ؟ وإذا علمت أن الله تعالى يعطي عشر حسنات على كل خطوة ، فكم حسنة يحصل عليها ؟
* تعليمهم الحساب وجدول الضرب بربطهما بالصلاة ، مثل : " رجل صلى ركعتين ، ثم صلى الظهر أربع ركعات ، فكم ركعة صلى ؟ " ...وهكذا ، وإذا كان كبيراً ، فمن الأمثلة :" رجل بين بيته والمسجد 500 متر وهو يقطع في الخطوة الواحدة 40 سنتيمتر ، فكم خطوة يخطوها حتى يصل إلى المسجد في الذهاب والعودة ؟ وإذا علمت أن الله تعالى يعطي عشر حسنات على كل خطوة ، فكم حسنة يحصل عليها ؟ . 12) اطلب من المعلمين الأفاضل أن يبينوا باستمرار أهمية الصلاة ، مع سؤالهم للطلاب عن محافظتهم عليها ؛ وحبذا لو سأل المعلم أو المعلمة كل يوم ثلاثة من الطلاب على انفراد : " هل صليت الفجر اليوم ؟ " . 13) حاول أن تحمِّل أولادك المميِزين مسؤولية أنفسهم في العبادات ؛ كأن تردد على مسامعهم : " أنا أمرتك بالصلاة ، وأنت سوف تحاسب عليها أمام الله ، أنا خائف عليك من النار ، وأتمنى أن تدخل الجنة فاختر لنفسك أي الطريقين تريد ..؟ " . 14) كونا أيها الأبوين قدوة حسنة لأولادكما ، بأن تكونا أكثر من يحافظ على الصلاة وأول من يصليها في وقتها ، ولا ينتظر أحدكما الآخر في تدريب الأبناء على الصلاة بل تعاونا وإن قصر أحد الأبوين ، فلا يعني ترك الآخر الحبل على الغارب . 15) استغل الاجتماعات العائلية وزيارات الأصدقاء لأداء الصلاة جماعة الصغار مع الكبار . 16) لا تظهر اليأس من إصلاح ولدك أمامه فذلك يقويه على التمرد ، كما أن اليأس من رحمة الله سوء ظن به يخالف الأدب معه سبحانه . 17) حين تشجع ابنك على الصلاة أخبره بأن في الجنة مكافآت كالشيء الذي يحبه هو ( مثل كذا الذي تحب .. ) ؛ بل أن في الجنة مثله أضعافاً ؛ بل الذي في الجنة أفضل منه . 18) نفذ بعض طلبات أولادك المعقولة بشرط أن يؤدوا الصلاة في أول وقتها . 19) اطلب من أولادك أن يستعدوا للصلاة قبل دخول وقت الصلاة ؛ وذلك لكي يصلوها في أول وقتها ولا يؤخروها . 20) اشكر ولدك عندما يؤدي الصلاة دون أن يُذكِّره أحد بذلك ، واشكره إن ذكَّر إخوته أو ذكَّرك بدخول وقت الصلاة ، واطلب من أكبر أولادك أن يذكِّر إخوته بالصلاة برفق وحنو ، وأكِّد له أنه قدوة لإخوته في ذلك . 21) دع ولدك يستفيد ويتمتع بالرحلات الجماعية التي تنظمها حلقة تحفيظ القرآن في المسجد ، أو مع أصدقاء صالحين ، ليمارس المحافظة على الصلاة في أوقاتها عملياً . 22) قم بعمل مسابقة في تطبيق الصلاة الصحيحة عملياً ؛ واعمل مسابقة شفهية في مسائل فقهية بسيطة تتعلق بالوضوء والصلاة . 23) أوجد بين أولادك روح التنافس في العبادات ؛ وعمل الخيرات عموماً ، وإقامة الصلاة خصوصاً ( ). 24) اجعل ابنك المميِز إمامًا في الصلاة واقتد به في صلاة النافلة ، فإن كان مميِزًا ويتقن التلاوة وأحكام الصلاة فلا بأس أن تقتدي الأسرة به في الفريضة ( ) . 25) اصحب أيها الأب وأيتها الأم أطفالكما إلى المسجد لتغرسوا فيهم حب بيوت الله وإعمارها بالذكر والصلاة ، ولم يرد نصوص شرعية تمنع اصطحاب الطفل إلى المسجد ، بل ورد الكثير من الأحاديث التي يُستدل منها على جواز إدخال الأطفال المساجد ، من ذلك حديث الذي رواه البخاري أن أبي قتادة قال: خرج علينا النبي وأمامة بنت العاص على عاتقه، فصلى فإذا ركع وضعها،وإذا رفع رفعها . كما روى البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إني لأقوم في الصلاة فأريد أن أطيل فيها ، فأسمع بكاء الصبي ، فأتجوَّز في صلاتي كراهية أن أشُق على أمه ". 26) شجع وكافئ الطفل على صلاة السنن قبل أو بعد الفرائض ، وكذلك صلاة التهجد أو الضحى أو الاستخارة . 27) وفر الماء الدافئ شتاءًا للوضوء . 28) قدّم لابنك هدية عند بلوغه ، وقل له : " قد أصبحت رجلًا ، وأول خطوة في هذه المرحلة المحافظة على الصلاة " . 29) لنكن على ثقة بأننا إذا قمنا بأداء دورنا كما ينبغي منذ مرحلة الطفولة المبكرة وبتعاون متكامل بين الوالدين ، أو القائمين برعاية الطفل ، فإنهم لن يحتاجوا إلى الضرب في العاشرة ، وإذ اضطروا إلى ذلك فليكن ضرباً غير مبرِّح وبشكل عام فإن الضرب غرضه الإصلاح والعلاج ؛ وليس العقاب والإهانة وخلق المشاكل ؛ وإذا رأى المربِّي أن الضرب سوف يخلق مشكلة ، أو سوف يؤدي إلى كره الصغير للصلاة ، فليتوقف عنه تماماً ، وليحاول معه بالبرنامج المتدرج الذي يفيد في هذه الحالة وفي حالة تدريب المراهق على الصلاة ، وهو برنامج قد يستغرق ثلاثة أشهر تقريبًا ، حسب توفيق الله تعالى .
المرحلة الأولى( الصمت المطلق) : وتستغرق ثلاثة أسابيع أو أكثر ، ويجب فيها التوقف عن الحديث في موضوع "الصلاة " تماماً ، فلا نتحدث عنه من قريب أو بعيد ، ولو حتى بتلميح ، وتذكر أيها المربي أنك تربي ضميراً ، فلا مناص من الصبر ، وحسن التوكل على الله تعالى وجميل الثقة به سبحانه .
والهدف من التوقف هو أن ينسى الابن أو الابنة رغبتنا في حثه على الصلاة ، حتى يفصل بين الحديث في هذا الأمر وعلاقتنا به ، لنصل بهذه العلاقة إلى مرحلة يشعر فيها بالراحة ، وكأنه ليس هناك أي موضوع خلافي بيننا وبينه .
المرحلة الثانية(مرحلة الفعل الصامت): وتستغرق من ثلاثة أسابيع إلى شهر ، في هذه المرحلة لن نوجه إليه أي نوع من أنواع الكلام ، وإنما سنقوم بمجموعة من الأفعال المقصودة ، كتعمد وضع سجادة الصلاة على كرسيه المفضل في غرفة المعيشة مثلاً ، أو تعمَّد وضع سجادة الصلاة على سريره أو في أي مكان يفضله بالبيت ، ثم يعود الأب لأخذها و هو يفكر بصوت مرتفع : " أين سجادة الصلاة ؟ " أريد أن أصلي ... لقد دخل الوقت ، يا إلهي كدت أنسى الصلاة ..."
ويمكنك بين الفرض والآخر أن تسأله : "حبيبي ، كم الساعة ؟ هل أذَّن المؤدِّن ؟ كم بقى على الأذان ؟ حبيبي هل تذكر أنني صليت ؟ آه لقد أصبحت أنسى هذه الأيام ، لكن يا إلهي ، إلا هذا الأمر .... " واستمر على هذا المنوال لمدة ثلاثة أسابيع أخرى أو أسبوعين حتى تشعر أن الولد قد ارتاح ، ونسى الضغط الذي كنت تمارسه عليه ؛ وساعتها يمكنك الدخول في المرحلة الثالثة ...
المرحلة الثالثة(الدعوة التلقائية): قم بدعوته بشكل متقطِّع حتى يبدو الأمر طبيعياً وتلقائياً ، ومشاركتك بعض الدروس بدعوى أنك تريد مصاحبته ، وليس دعوته لحضور الدرس ، بقولك : "حبيبي أنا متعب وأشعر بشيء من الكسل ، ولكِنِّي أريد الذهاب لحضور هذا الدرس ، تعال معي ، أريد أن أتشجع معك " ، فإذا رفض لا تعلق ولا تُعِد عليه الطلب ، وأعِد المحاولة في مرة ثانية . ويتوازى مع هذا الأمر أن تشاركه في كل ما تصنعه في أمور التزامك من أول الأمر ، وأن تسعى لتقريب العلاقة وتحقيق الاندماج بينكما من خلال طلب رأيه ومشورته بمنتهى الحب والتفاهم .
ويجب أن نوجه النظر إلى أمور هامة حول هذه الخطوات : * يجب ألا نتعجل الدخول في مرحلة دون نجاح المرحلة السابقة عليها تماما ، فالهدف الأساسي من كل هذا هو نزع فتيل التوتر الحاصل في علاقتكما ، وإعادة وصل الصلة التي انقطعت بين أولادنا وبين أمور الدين ، فإذا تعجلت الأمر وأصدرت للولد أو البنت ولو أمراً واحداً خلال الثلاثة أسابيع فيجب أن تتوقف وتبدأ العلاج من البداية .
* لا يجب أن نتحدث في موضوع الصلاة أبداً في هذا الوقت فهو أمر يجب أن يصل إليه الابن عن قناعة تامة ، وإذا نجحنا في كل ما سبق - وسننجح بإذن الله - فنحن قد ربينا نبتة طيبة بفضل الله .
* لا يجب أن نعلِّق على تقصيره في الصلاة إلا في أضيق الحدود ، ولنتجاوز عن بعض الخطأ في أداء الحركات أو عدم الخشوع مثلًا ؛ ولنَـقصُـر الاعتراض واستخدام سلطتنا على الأخطاء التي لا يمكن التجاوز عنها ، كالصلاة بدون وضوء مثلًا .
* استعن بالله تعالى دائمًا ، ولا تحزن وادع دائما لابنك وابنتك ولا تدع عليهم أبدًا ، وتذكر أن التغيير قد يحتاج إلى وقت، فالأبناء في هذه السن ينسون ويتغيرون بسرعة.
أفكار وتجارب الأمهات اختر منها ما تشاء : 1- قالت لي أم لولدين: لاحظت أن الابن الأصغر مستاءًا كثيراً لأنه الأصغر ، وكان يتمنى دائماً أن يكون هو الأكبر ، فكنت كلما أردته أن يصلي قلت له : "هل صليت؟" ، فيقول "لا"، فأقول" هل أنت صغير "، فيقول : " لا "، فأقول : " إن الكبار هم الذين يصلون " ، فتكون النتيجة أن يجري إلى الصلاة!
2- أمٌ أخرى كانت تعطي لولدها ذو الست سنوات جنيهًا كلما صلى الخمس صلوات كاملة في اليوم ، وكانوا يدخرون المبلغ حتى اشترى بها هدية كبيرة ، وظلت هكذا حتى اعتاد الصلاة ونسي المكافأة ! مع تذكيره بأن أجر الله وثوابه على كل صلاة خير له وأبقى من أي شيء آخر .
3- وأمٌ ثالثة قالت أن والد الطفل مشغول دومًا ، ولا يبذل أي جهد لترغيب ابنه في الصلاة ، ولكن الله تعالى رزقهم بجار كان يكبر الولد قليلا وكان يأخذ الصبية من الجيران معه إلى أقرب مسجد للبيت ، فكانوا يخرجون معًا عند كل صلاة ويلتقون فيمرحون ويضحكون في طريقهم من وإلى المسجد حتى اعتاد ابنها الصلاة .
4- وأمٌ رابعة تقول أن زوجها كان عند صلاة المغرب والعشاء يدعو أولاده الثلاثة فيصلُّون معه جماعة ؛ وبعد الصلاة يجلسون جميعًا على سجادة الصلاة يتسامرون ويضحكون بعض الوقت ، وكان لا يقول لمن تخلف عن الصلاة لِمَ تخلفت ؟ وكان يتركهم يجيئون ليصلوا معه بمحض إرادتهم ، وكان يسأل أكبرهم ذي الثانية عشر سنة : "هل أعطيت ربك حقه عليك ؟ " ، فكان يذكره بالصلاة دون أن يذكر كلمة الصلاة ، إلى أن عقد المسجد الذي يقترب من البيت مسابقة للطلاب جميعا ًلمن يصلي أكثر في المسجد ، وأعطوهم صحيفة يقوم إمام المسجد بالتوقيع فيها أمام كل صلاة يصليها الطالب بالمسجد ، فحرص الابن الأكبر وزملاؤه من الجيران على تأدية كل الصلوات في المسجد - حتى صلاة الفجر- حتى اعتاد ذلك فأصبح بعد انتهاء المسابقة يصلي كل الأوقات بالمسجد .
5- تقول أم خامسة: ألحقت بناتي بدار لتحفيظ القرآن ، وكانت المعلمة بعد أن تحفِّظهم الجزء المقرر في كل حصة تقوم بحكاية قصة هادفة لهم ، ثم تحدثهم عن فضائل الصلاة وترغِّبهم فيها ، وحين يأتي موعد الصلاة أثناء الحصة تقول لهم : " هيا نصلي الظهر جماعة ، وليذهب للوضوء من يريد " ، حتى أقبلن على الصلاة بنفوس راضية .
6- أما الأم السادسة فتقول: " كنت أترك ابنتي تصلي بجواري ولا أنتقدها في أي شيء مخالف تفعله ، سواء أصلت بدون وضوء ، أم صلت الظهر ركعتين ...حتى كبرت قليلاًً وتعلمت الصلاة الصحيحة في المدرسة ، فصارت تحرص على أدائها بالتزام .
7- تقول أم سابعة أن ولدها قال لها أنه لا يريد أن يصلي لأن الصلاة تضيع عليه وقت اللعب ، فطلبت منه أن يجريا تجربة عملية ، وقالت له أنت تصلي صلاة الظهر ، وأنا أقوم بتشغيل ساعة الإيقاف الجديدة الخاصة بك ( كان الولد فرح جداً بهذه الساعة ، فتحمس لهذا الأمر ) ، فبدأ يصلي وقامت الأم بحساب الوقت الذي استغرقه في هاتين الركعتين ، فوجدا أنه استغرق دقيقتين وعدة ثوان ، فقالت له: " إن الصلوات الخمس بحسب ذلك لا يأخذن من وقتك إلا سبعة عشر دقيقة تقريبًا من الأربع وعشرين ساعة كل يوم ، فما رأيك " فنظر الولد إليها متعجباً .
8- لاحظت أم ثامنة أن ابنها لا يتقبل الحديث عن الدين بالبيت ، وانقطع عن الصلاة ، وبدأ يعرض عن الاستماع إلى أي برنامج أو درس ديني بالتلفاز أو بالنادي أو بأي مكان ، ففكرت الأم في اصطحابه لعمرة في الإجازة الصيفية ؛ فلما رأى الكعبة انبهر بمنظرها ، وظل يتساءل عن كل هذا النور الذي يحيط بها ، خاصة أنه أول ما رآها كان في الليل ، وتركته الأم يفعل ما يشاء : يلعب ، ويتسوق ويذهب إلى الحَرَم باختياره ، ويحضر الندوات الدينية المصاحبة للعمرة باختياره ، مصطحباً معه لعبته .. فلما عاد إلى البيت كانت أول كلمة قالها: "متى سنذهب للعمرة ثانيةً ؟ "وتغيرت نظرته للدين وللصلاة ..
هناك طريقة ناجحة ومجربة لمن يتقاعس عن صلاة الفجر : فعندما توقظ أولادك للصلاة داعبهم ولاعبهم ؛ وأنت تردد الآيات المتعلقة بالصلاة أو الأحاديث أو بعض الأناشيد ، بشرط أن تذكرها مع تفاعل منك واستشعار لمعناها ، وعندما توقظهم لا تقل : "استيقظ هيا إلى المدرسة" ، قل "هيا إلى الصلاة ، شرح الله صدرك ، نور الله قلبك .." ، وضع مكافأة خاصة لمن يستيقظ أولاً ، ويصلي أولًا ، وكافئ بكرم من يتابع إخوته ويوقظهم للصلاة .
وفقك الله أخي الكريم وكل مرب مسئول في أمتنا الإسلامية ، وأعاننا جميعًا على هذه المسئولية إنه أكرم مسئول ، والحمد لله أولا وآخرًا .
الكاتب: أ.هداية الله أحمد الشاش
نشرت على الموقع بتاريخ: 12/02/2006
|
|
|
|
|
|
المواد والآراء المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
Copyright @2010 Maganin.com, Established by: Prof.Dr. Wa-il Abou Hendy - , Powered by
GoOnWeb.Com
|
حقوق الطبع محفوظة لموقع مجانين.كوم ©
|
|