الأخت السائلة العزيزة أهلا وسهلا بك وشكرًا على ثقتك الغالية في صفحتنا استشارات مجانين والحقيقة أن رسالتك تعبر ُ بأسلوبٍ رائعٍ عن معاناتك الشعورية والمعرفية (الفكرية) ، في صراعها مع تقاليد المجتمع المغلق الجامد وذلك في عام 2003 كما تقولين ، ولكن تعالي نفكرُ سويا في الأمر فما تسمينه أو يسميه من قمت باستشارتهم بالمثالية الزائدة ليس كذلك في الحقيقة وسوف أقول لك لماذا ، ولكن دعيني أحلل معك بعض ما أستطيع استنباطه عن سلوك ذلك الرجل الذي أحببته عن طريق الإنترنت معك من خلال قصتك معه كما أوردتها في إفادتك. إن من الواضح يا عزيزتي أن ذلك الرجل تدرج معك مبتدءًا بنفش ريشه الرومانسي من خلال الأشعار وما هو في حكمها ، ثم طلب منك أن يقابلك فلما لم يفلح في إثنائك عن التزامك بتقاليد مجتمعك وتعاليم دينك ، طلب أن يحادثك تليفونيا ليسمع صوتك ولكي يقول كلمةً واحدةً كما ادعى ، وعندما رفضت ذلك ، قررَ أن يبحثَ عن أخرى (وهذا هو الغالب ، كما يتضح من قوله لك كما قلت لنا في إفادتك " كان يقول لي بأنه لم يطلب ويلح على أحد مثل ما ألح علي حتى أكلمه بالتليفون ") ، وأما إذا اعتبرناه لم يقطع العلاقة بك لأنه انصرف عنك إلى أخرى أو ربما أخريات ، فإنه يكونُ قد قرر تعليمك الأدب (أدب التعرف على دنجوانٍ مثله) ، وهو في الحالتين إنما يتكشف لنا تمرسه وخبرته بكيف يتعامل مع الفتيات ، واحذري هنا أن يسعدك هذا الوصف لأنه كما سأبين لك فيما يلي يعرف كيف يتعامل مع فتاةٍ يستميلها ليأخذ منها ما يمكنه ، لا أن يكونَ مسئولاً عنها وربما بشرط ألا يكون مسئولاً عنها ! لماذا ؟ لأنه يا عزيزتي ذلك الدنجوان (الذي لم تستعص عليه واحدةٌ من قبل) لكي لا تخدعي نفسك ، هذا الدنجوان مواطنٌ من نفس البلد الذي تعيشين فيه ويعرف التقاليد التي تحكمك وطبيعة المجتمع الجامد الذي أنتما عضوان فيه ، وكان يعرفُ وما يزال مدى المخاطر والإساءات التي قد تتعرضين لها إذا قابلته كما طلب ، لكن الأمر هنا يتعلق بمن يريد أن يأخذ كل ما تصل إليه يداه دون أن يتحمل المسئولية ، فهل هكذا تريدين أبًا لأبنائك ؟ وأما إلحاحه في أن يحادثك في الهاتف ، فلم يكن أيضًا إلا محاولةً للتحايل على رفضك وطمعا في إلانة إصرارك ، ولا أستطيع استبعاد احتمال أن يكونَ فخا ينصبه لك ، فهو مهما تحاورتما عبر مرسال الهوتميل (الميسنجر) لا يستطيع أن يثبت عليك أنك أنت ولا يملك دليلاً على أنك أقمت علاقةً إليكترونية معه ، لكن الحديث في الهاتف أمرٌ مختلف تماما ، ويستطيع تهديدك وابتزازك بمجرد كلمةٍ أو كلمتين تقولينهما له وهو يسجل الصوت ! ثم أنه عندما لم يفلح معك على أغلب الظن بدأ الآن يسعى لاحتمالين أولهما الاستمرار في محاولة إلانة رفضك ربما عندما ترينه فيتمكن منك الشيطان أكثر ، وثانيهما أن يرى إن كانت تلك العصية عليه جديرةً أصلاً بأن يستمرَّ معها أم لا ؟ إن ما أريدك أن تعرفيه وأن تكوني متأكدةً منه هو أنك لا تعرفين ذلك الشخص لا شكلاً ولا خلقًا ولا دينا ، ومهما قلت لي من كلماتٍ مثل (وأنا أيضا لم أره ولم أسمع صوته... ولكن صدقني دكتور لو طلبت مني أن أصفه لك لوصفته فهو في خيالي... ومثل ما قلت لك الرجل الحلم..) فأنت يا صغيرتي بالفعل صدقت في تسميتك لرجل ما هو من تحادثت معه على الإنترنت وهو بالفعل كما وصفته الرجل الحلم لكن هذا الرجل ال"ما" ليس هو من يطلب منك أن تفاعلي ما تخالفين به ربك وأهلك ونفسك ومجتمعك كله ، إن من أطلقت عليه ذلك الاسم يصلح زوجا مسئولاً ويصلح أبًا مسئولاً ويصلح كل ما تتمنين كأنثى من الدنيا ، لكنه ليس هو الذي يطلب منك أن تكسري حياءك دون أدنى التزام. أنا أعرف كم قسوت عليك وكم قسوت عليه لكنني كمستشارٍ نفسي تأتمنينه على أسرار مشاعرك لا أستطيع أن أغشك مثلها ، فمشاعرنا كلنا تخوننا كثيرًا وخاصةً عندما يتعلق الأمر بالوجود الافتراضي والكائنات التي نرسمها بأخيلتنا ونحن نعيش على الإنترنت ، في النهاية أرجو أن تتابعي معي كل قراراتك ونواياك ، وأن تعرفي أنني بقدر رفضي لأن تلوثي مثاليتك الجميلة حتى ولو صرنا في عام 3002 وليس فقط عام 2003 ، بنفس القدر أنا أرفض قولك (فأنا مقتنعة بأن الزواج يجب أن يكون على شاكلة جدتي وجدي أي من الباب ودون معرفة سابقة...) ، فهذا أيضًا خطأ ولكن التعارف يجبُ أن يتم في إطار عامٍ واجتماعي أو أسري ، في إطار تعامل البشر كبشر مع بعضهم البعض ، وليس أبدًا من خلال لا الإنترنت ولا الهاتف ، وأنا في انتظار متابعتك ودمت سالمةً لمستشارك.