السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. د. ( ).. أنا شاب في العشرينات من عمري مريض بالوسواس القهري منذ فترة والحمد لله على كل حال.. عشت فترة من حياتي بعيدا عن الالتزام مارست خلالها الاستمناء(العادة السرية) لمدة ست سنوات وكنت كثيرا ما أشاهد الصور الإباحية.. ثم تاب الله علي من هذه وتلك وغيرهما وبفضل الله أصبحت على درجة من الالتزام وأنعم الله علي بغض البصر وتوقفت عن الاستمناء لفترة تزيد على السنتين ولله الحمد.. ولكني منذ فترة تصل إلى عدة أسابيع بدأت أشعر برغبة عارمة في الاستمناء تقريبا في كل مرة أستيقظ من النوم سواء بالليل أو النهار حتى ولو نمت لأقل من الساعة وحتى في المرات التي أصحو فيها خلال نومي فأنا أشعر بهذا الشعور ثم أعود للنوم مرة أخرى فهي فكرة تلح بأني أريد أن أفعل ذلك وفي بعض الأحيان في أوقات أخرى وأنا أمارس أي نشاط.. والملاحظ أن هذا الشعور ليس له أي علاقة بالإثارة الجنسية نتيجة رؤية شيء أو التفكير فيه.. كما أشعر أيضا تقريبا في كل مرة وأنا أتهيأ للنوم أشعر برغبة شديدة في التعري– أن أنام عاريا – وهذا الشعور أيضا أجده منذ مدة تزيد على شعوري بالرغبة في الاستمناء وللعلم فقد كنت وأنا صغير أجد في نفسي الرغبة لأن أتعرى أمام الآخرين فأذكر أنني في المرحلة الإعدادية تقريبا كنت أمارس السباحة في أحد النوادي وقمت بالتعري أمام زملائي أكثر من مرة في غرفة خلع الملابس دون أن يكون لهذا علاقة بأي رغبات جنسية حيث كنت أجد متعة فقط في أن أفعل هكذا.. والحمد لله فأنا لا أستسلم لفكرة التعري هذه ولكني مارست الاستمناء أكثر من مرة حتى الآن ومنذ بداية هذا الأمر وكم يؤثر في هذا الأمر ويجعلني أنظر إلى نفسي باحتقار خاصة وأنا أظن بنفسي أني ضعيف الإرادة جدا ولا حول ولا قوة إلا بالله.. أطلب منك أن تساعدني بما آتاك الله من علم وخبرة في مجال الطب النفسي والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الأخ السائل العزيز أهلا وسهلا بك وشكرًا على ثقتك في موقعنا، الحقيقة أن إفادتك أثرت فينا تأثيرًا كبيرًا، لأن معاناتك شديدة ومتفردة، وتحتاج إلى كثيرٍ من التأمل والتحليل، فرغم أنك بدأت إفادتك بالحديث عن الاستمناء، وكيف أنك استطعت بعد التزامك أن تتخلص منه، ولكنك الآن تعاودك الرغبة فيه بشكلٍ قهري يبدو غير مرتبطٍ بالإثارة الجنسية، إلا أن ما ظهر بعد ذلك من إفادتك يأخذنا في اتجاهٍ آخر هو اتجاه الاستعراء Exhibitionism، رغم أنك لم توضح لنا ماذا تقصد بالرغبة في التعري، هل تقصد الرغبة في تعرية جسدك كله؟ أم جزءًا معينا منه هو الذكر(القضيب)؟ ونحن سنتعامل مع الأمر على أساس أنك خانك التعبير أو اعتبرتنا سنفهم من تلقاء أنفسنا فجئنا على قدر توقعك، وذلك رغم أن قولك (كما أشعر أيضا تقريبا في كل مرة وأنا أتهيأ للنوم أشعر برغبة شديدة في التعري– أن أنام عاريا –)يجعلنا في حيرةٍ كبيرة من أمرك. كما تشيرُ إفادتك أيضًا إلى كون الرغبة القهرية في الاستعراء أقدم داخلك من الرغبة الحادثة في الاستمناء، فأما ما يتعلق بالاستمناء فقد فصلنا الرد عليه في إجابتنا السابقة على صفحة استشارات مجانين بعنوان: الاستمناء وشماعة الجهل التي ذابت، ولكننا نجدُ ما تعبر عنه أنت الآن مختلفًا عن الاستمناء الذي يشكو الشاب من الرغبة فيه نتيجةً للإثارة الجنسية الدائمة في ظروف الحرمان التي يعيشها معظم الشباب في بلادنا، فحين تقول في إفادتك(فكرة تلح بأني أريد أن أفعل ذلك وفي بعض الأحيان في أوقات أخرى وأنا أمارس أي نشاط.. والملاحظ أن هذا الشعور ليس له أي علاقة بالإثارة الجنسية نتيجة رؤية شيء أو التفكير فيه..) فأنت تشيرُ إلى فكرةٍ تسلطيةٍ وإلى فعلٍ قهري محتواهما هو الرغبة في الاستمناء كفكرةٍ والاستمناء كفعل، حتى أن الرغبة في فعل الاستمناء القهري تبدو وكأنها تأتيك أحيانًا بينما أنت منشغلٌ في ممارسة أي نشاط آخر كما تقول في إفادتك. والاستعراء هو أحد اضطرابات التفضيل الجنسي Disorders of Sexual Preference أو الشذوذات الجنسية Paraphilias ويتمثلُ في ميلٍ متكررٍ أو دائمٍ لكشف الأعضاء الجنسية للغرباء–من الجنس الآخر غالبًا-، أو للناس في الأماكن العامة، دون دعوتهم إلى اتصال أوثق أو محاولة إقامة علاقةٍ معهم ودون وجود نيةٍ حتى لذلك. وفي العادة ولكن ليس دائمًا تكونُ هناك حالةٌ من الإثارة الجنسية(أي الانتصاب)وقت فعل الاستعراء (أو الشعور بالرغبة فيه)، ثم يلي ذلك القيام بفعل الاستمناء، وأغلب الاستعرائيين يجدون صعوبةً في السيطرة على رغباتهم تلك، والتي يستشعرونها غريبةً عن ذواتهم، وإذا بدا مشاهد فعل الاستعراء أو مشاهدوه مصدومين أو خائفين أو متأثرين بشكل أو بآخر فإن ذلك كثيرًا ما يزيدُ من إثارة القائم بالاستعراء Exhibitionist، وهو دائمًا رجل وغالبا ما يكونُ ذكرًا طبيعيا من ناحية التوجه الجنسي.معنى ذلك أن الاستعراء كأحد اضطرابات التفضيل الجنسي يقتصرُ على الذكور، وربما جاز لنا القول بأنه يفترضُ أن الاستعراء في الأنثى فعلٌ طبيعي وجزءٌ من العملية الجنسية، وكثيرًا ما نجدُ سلوك الاستعراء غير دائمٍ في الشخص المريض، فهو قد يشعر بهذا الميل داخله ، لكنه لا يترجمه إلى سلوك فعلي علني إلا في أوقات الكروب العاطفية أو الأزمات الحياتية. حوادث الاستعراء التي حدثت في حياتك تبدو مختلفة عن ما عهدنا رؤيته في ممارستنا العملية كما تبين لنا بقولك(وللعلم فقد كنت وأنا صغير أجد في نفسي الرغبة لأن أتعرى أمام الآخرين فأذكر أنني في المرحلة الإعدادية تقريبا كنت أمارس السباحة في أحد النوادي وقمت بالتعري أمام زملائي أكثر من مرة في غرفة خلع الملابس دون أن يكون لهذا علاقة بأي رغبات جنسية حيث كنت أجد متعة فقط في أن أفعل هكذا..)، فهذا استعراءٌ(لم توضح لنا أنه مقتصر على عرض القضيب) ولكنه أمام الذكور من أقرانك، وصحيحٌ أنني قابلتُ في حياتي ذكورًا يربطون الاستعراء بميولٍ جنسية مثلية لكن الغالب الذكر في الدراسات والمراجع التي تناولت الموضوع هو حدوثه من ذكر أمام امرأة وحيدةٍ أو مجموعةٍ من الناس،وأنت لم تشر من قريبٍ أو بعيدٍ إلى وجود ميولٍ جنسيةٍ مثليةٍ لديك. ونحن إذا عدنا إلى إفادتك نجد أننا قد نكونُ ابتعدنا كثيرًا عن ما تقصدهُ، ولكن هذا الابتعاد مقصود في الحقيقة، لأننا نريدُ أولاً أن نبينَ ما لم تبينه لنا إن كنت لم تحسن التعبير،وثانيا لأننا نشعرُ أن معاناتك قد تمثل في الأصل اضطراب تفضيل جنسي غير مكتمل الصورة أو ربما أحد مظاهر اضطراب الوسواس القهري الذي قلت أنك تعاني منه ولم تذكر لنا تفاصيل ذلك، ومن الممكن أن يكونا الاضطرابان معا أي اضطراب وسواس قهري واضطرابُ الاستعراء، لكن الاستعراء عندك يبدو غير مكتمل الصورة بالتأكيد أو غير متميز الأعراض، أو أنه منفرطُ الأعراض إلى حد ما، وليس لدينا تفسيرٌ لذلك حتى الآن فمن يرتب ما يحدثُ لك سيجدُ أنك تشعرُ قبل النوم برغبةٍ في الاستعراء(أو التعري حسب كلماتك)، وعندما تصحو من نومك أثناء الليل أو في الصباح تشعر بالرغبة القهرية في الاستمناء، وأنت تبينُ لنا أن الرغبة في الاستعراء ومعاناتك منها أقدم عمرًا في داخلك من الرغبة في الاستمناء القهري، كما أنك لا تربط بينهما، وأيضًا لا تذكرُ لنا شيئًا عن حالة الوسواس القهري لديك ولا عن علاجها من عدمه. فهل نعتبرُ ما تعاني منه أحد الأفعال القهرية الجنسية وهي أفعالٌ مختلفةٌ إلى حدٍّ ما عن التخيلات الجنسية وعن الوساوس الجنسية، كما أنها مختلفةٌ عن الأفعال القهرية المعهودة في اضطراب الوسواس القهري، فالذي يحدثُ في الأفعال القهرية الجنسية هوَ أن الشخصَ يحسُّ بأنهُ مجبورٌ على الإتيان بفعلٍ جنسيٍّ معينٍ والذي قد يكونُ في حد ذاته مُـمْتِـعًـا بالمعنى الجنسي للكلمة أو قد يكونُ مجرَّدٍ مخفِّفٍ للضيق والتوتر الذي يعانيه الشخص، وهوَ في الحالةِ الأولى يعتبرُ نوعًا من أنواع اضطرابات التحكم في الاندفاعات أو اضطرابات العادات والنزوات Habit and Impulse Disordersوالتي تدخلُ في اضطرابات نطاق الوسواس القهري فهيَ حالةٌ يكونُ إتيانُ الفعل القهري فيها مُمْتِعًا في حد ذاته في معظم الأحيان، كما أن الأمرَ أيضًا موجودٌ في بعض المرضى الذين تأخذُ التخيلاتُ الجنسيةُ لديهم شكل الشذوذات الجنسية Paraphilic Fantazies، ويقصدُ بها ضروبٌ من التخيلات الجنسية غير السوية على الأقل حسب مفاهيم ومعتقدات الشخص نفسه، ونستطيعُ اعتبار هذه التخيلات غير السوية ذات علاقةٍ إما بالشذوذات الجنسيةParaphilias إلا أنها تكونُ ضعيفةَ وغير مكتملة التكون والثبات في نفسية الشخص بحيثُ لا تصل إلى الحد الذي يجعلُ منها اضطرابًا نفسيا كما هي في حالتك أو فيما نعرف من حالتك.ونحن في جميع الأحوال عند حديثنا عن معاناتك نقولُ أننا نتحرك داخل نطاق اضطرابات الوسواس القهري، Obsessive Compulsive Spectrum Disorders، وننصحك أن تستعين بعد الله سبحانه وتعالى بطبيبٍ نفسي متخصص يكونُ قريبًا من مكان إقامتك، لأن علاج حالتك يحتاج بعد التشخيص الدقيق إلى علاج عقاري باستخدام عقاقير الماس أو الماسا(خاصةً عقار الفلوفوكسامين)الذي أثبت فاعلية في علاج الاستعراء القهري Compulsive Exhibitionism، وذلك بالإضافة إلى جلسات علاج معرفي سلوكي، وربما تضمنت خطتك العلاجية أحد أساليب العلاج السلوكي مثل: التعرض مع منع الاستجابة Exposure and Response Prevention، وذلك حسبما يرى المعالج الذي أنصحك بالالتزام معه ومع العقار. وإن كنت رغم كل ما أقوله لك لا أدري لماذا يساورني شعورٌ بأن حالتك أخف إن شاء الله بكثيرٍ مما تخيلناه ولذلك أدعوك في ضوء ما قرأت أن تعيد علينا ذكر تفاصيل معاناتك دون اختصارٍ أو حجب ونحن معك والله معنا وتابعنا بأخبارك