سقوط عشتار السلام عليكم: أعرف أن رأيي سيثير الكثير من النساء هنا, لكن وليكن, فنحن نحتاج لأن نحرك مياه التجاهل الآسنة لواقعنا ونفهم الكل ما يجري, ويكون هذا بالتفاهم. بمشكلة خياطة فرج الزوجة..... لضمان عفتها؟!!!!! تندهش الأخت السائلة والدكتورة سحر طلعت من هذه العادة الغريبة فعلا, لكني لم أندهش ولا أنكر أنني وجدتها غير عجيبة. بلى, قرأت ذات مرة أنها عادة متبعة بين القبائل الإفريقية الاستوائية, وتكمّلها عادة أخرى تنص على أن ينام شبان القبيلة بعيدا عن القرية, ويتجمعون على تلة للنوم مع إحاطتهم بمساحة كبيرة من الطين الهش ليعرفوا من تسلل من مرقده للقرية ليلا. عموما, هذا ليس موضوعنا, فنحن لسنا بصدد مناقشة أساليب قبائل إفريقية بدائية, بل أنا هنا للإجابة على أسئلة قد تسأل بمصادفة ثانية, خصوصا لشخص يعتبر الثقة الجاهزة بالمرأة لأمر أشبه بالجنون وسترون لماذا. وستتوضح الأسباب أثناء إجابتي عن الأسئلة: 1- هل سمعتم بهذه العادة؟ نعم سمعتُ بها. 2- هل هناك توثيق لها؟ التوثيق الوحيد الذي أذكره هو ما ذكره المرحوم الأديب مصطفى لطفي المنفلوطي عن الأمر (وذكر معه أمر الشبان), وقد قرأت الموضوع بمراهقتي المبكرة, لكني أذكر أنها كانت بإحدى بمجموعتيه "العبرات" أو "النظرات" وفق ذاكرتي بالموضوع. كما لا أدري إن كان للحادثة توثيق ولا أكترث لإثارته أصلا, فيكفينا عداء من النسويات ومدعيات التحرر، من معاديات الذكر وذوات النظرة الأحادية. بقي التعليق على رأيكِ سيدتي بقولك: (لم أتخيل في حياتي أن انعدام الثقة بين الأزواج قد يصل إلى هذا الحد). ولماذا تعتقدين أن الثقة يجب أن تتدفق بالمرأة أصلا؟ لماذا على المرأة أن ترسم لنفسها صورة إنسانية ربوبية عن شرفها الكبير وعفتها, بينما ترعى أمثالا شعبية تخوينية للرجل من طراز "الرجالة مالهومش أمان"؟ ونحن هنا نشاهد أن حوادث البنات بالسحاق والتورط الجنسي تفوق حوادث الشباب بالتورط الجنسي واللواط مثلا. نحن هنا نشاهد أن البنت تبحث عن "الحب" و"الحنان" و"الوناسة" حتى لو كانت بأحضان الأبالسة, بينما الشاب يلاحق سراب بنت بخياله ويتألم ويكافح بنبلٍ عادة أو يجمد دراسته أو يقللها (مثلي) لصالح العمل, لأجل الفوز بالزواج ممن يحب. أتساءل حقا إذا ما كانت داعيات تحرير المرأة (أو أمركتها بمصطلح أكثر صراحة) ينتبهن لما يفعلن بمجتمعاتنا وهن يفتتحن "مراكز دراسات المرأة"؟ بكل هذي البشاعة العنصرية الجندرية يفتتحن عهدا من الصراع الجنسي النوعي, بظل فلسفة "الأنا الجندرية" التي أتتنا بها النسويّات, إذ تتضمن أفكارهن على مباديء صراعية وعدوانية ومتطرفة -ربما بسبب عاطفية المرأة ومبالغتها بتقييم الأمور - التي نتجت عن أفكار صارت متعارفة بالغرب وكذلك بين نسائنا وشبابنا المتغرّب منها: 1 -الزواج عبودية للذكر, ولذا على المرأة التخلص منه. 2 - المساواة المطلقة بين الجنسين ممكنة وهي لا تتعارض مع مفهوم العدالة فلسفيا (كيف لا أعرف بصراحة؟). 3 - إعطاء الحرية المطلقة للمرأة, بما في ذلك التصرف بجسدها بممارستها للدعارة أو عرضه بالأسواق. 4 - فرض عقوبات قانونية قاسية على الرجل لضربه للمرأة أو إزعاجها مهما كانت الدوافع. 5 - إتباع سياسة التمييز الإيجابي التي تتحيز للمرأة ضد الرجل بالعمل والفرص. طبعا الأستاذة منى المصري بعمر 42 سنة, ولا نعلم إن كانت متزوجة أو أنها نذرت عمرها للمهمة المقدسة بتخليص المرأة العربية من براثن الوحش المدعو رجلا, ولا نعرف أيضا لماذا تعتقد أن "المراة" الإنسان الوحيد - إن قبلت المرأة أن تكون إنسانا لا إلها- الذي يستحق أن تدار له الندوات وتقام له الدراسات؟ ثم إلى متى يبقى الرجال غافلين عما يجري؟ غافلين عن السماح لاختصاصات مثل "وأختص في مشاكل المرأة في العالم العربي" بالتواجد أصلا؟ إلى متى سنبقى نبدو كوحوش بنظر نساء يعتبرن كوننا ذكور لهي "شتيمة" بحق كياننا؟ وعادة ما يكن إما سحاقيات أو ملحدات أو متأمركات! هنّ من أتين بالعداوة والحرب, لأن المرأة ترى بالرجل Mean كما ندعوه فلسفيا وليس Mean to an end. أي أنه وسيلة لبلوغ غاياتها, وليس غاية بحد ذاته كما يعتبرها الرجل. مضحك أن تفتتح البرامج المطولة على الفضائيات حول موت النساء العراقيات بالقصف, ولا تعقب واحدة من المتعصبات الجالسات عن موت عشرات الرجال ورجال الشرطة بهذا البلد بالذات ويوميا, وذلك إما بتواجدهم خارج المنزل للعمل (وإطعام نساء سيتمردن عليهم قريبا وفق معايير التحرر) أو أبطال يحموون الأمن لتنام النسوة مليء جفونهن, وليعشن يوما آخر لكي يتمكنّ من الظهر ببرنامج عنصري فاسد كبرنامج "للنساء فقط" ليشتمن به الشبان الذين نزفوا لأجلهن مضحك أن تتحدث النسويات عن البطالة ومحاربة عمل المرأة, ببلد متآمر عليه اقتصاديا كمصر أو بلد مرهق كسوريا أو محاصر كالعراق! "مضحك مبكِي" أيضا أن تزعم نساء العالم (النسويات) أن المرأة تأخذ أقل من الرجل, مع أنهن ينسين أن النساء يعملن بأعمال خفيفة -كالسكرتارية والعمل بالدوائر الرسمية- لا تستحق أجورا مرتفعة كما هو عمل الرجال بتعبيد الطرقات وتغذية الطائرات بالوقود أو حفر المناجم. ويتناسين أن الطبيبات والمهندسات والعاملات عموما يأخذن نفس الأجرة. الأستاذة المصرية لا ترى طامة السحاق التي صارت بين أغلب البنات العربيات, ولا بشخصية العربية المحترفة على الخديعة, بل تهتم بشيء "سمعته" عن تخييط فروج النساء بقبائل أمازونية و"ربما" ينتشر الأمر بجنوب مصر أيضا. لا أقصد أن أهين أحدا إطلاقا, لكني أرجو من الكل ما يرجوه الدكتور عبد الوهاب المسيري ببحثه الموجود على إسلام أون لاين المدعو "النسوية: التمركز حول الأنثى", ويقول: وأرجو ألا يُفهم من حديثي أنني أنكر وجود قضية المرأة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وأنه لا يوجد درجات متفاوتة من التمييز ضدها، بل القمع لها. فأنا أعرف أن ثمة مشكلة، حادة وعميقة، تتطلب حلاً عاجلاً وجذريًّا، كما أرجو ألا يتصور أحد أنني أطالب بمنع المرأة من العمل في رقعة الحياة العامة أو نظير أجر نقدي، أو أنني أطالب بالحجر عليها عقليًّا وعاطفيًّا، كل ما أطالب به أن يتم تناولنا لقضية المرأة من خلال قضية الأسرة وفي إطار إنسانيتنا المشتركة، وأن تكون الأسرة (لا الفرد الباحث عن متعته الفردية ومصلحته الشخصية وحركته الاستهلاكية) هي الوحدة التحليلية ونقطة الانطلاق ومن ثم فأنا أطالب برد الاعتبار للأمومة ولوظيفة المرأة كأم وزوجة، وأرى أن هذه الوظيفة "الإنسانية" و"الخاصة" تسبق أي وظائف "إنتاجية" و"عامة" أخرى، وإن كانت لا تجبها. كما أطالب بالحفاظ على الخلاف بين الجنسين على ألا يتحول هذا إلى أساس للظلم والتفاوت. فبدلا من أن تتخصص السيدة بشؤون المرأة وتحول المجتمع لدائرة متناحرة جندريا (أي بنوعها الجنسي), كان عليها أن تعود للأمر من منطلقات أسرية. هذا وأتمنى أن أسمع رأي الدكتورة سحر طلعت و الدكتور أحمد عبد الله بالموضوع, وليضف أي مختص رأيه إن أحب - فهو شرف لي- لكن رأي الدكتور والدكتورة يهمني كثيرا. 21/10/2004 |