مشاكل في مشاكل
عزيزي .... الغريب أنت محق حين تقول أنك كتلة من المشاكل, فأنت الولد الوحيد وسط فتيات, وقد تم عزلك اجتماعيا وعزلك بعيدا عن أي نوع من الثقافة الجنسية, ولم تعط فرصة لمعرفة الناس أو حتى معرفة نفسك, ولم تعط فرصة لاختيار الدراسة التي تحبها, ولذلك كانت حياتك أشبه بحالة شخبطة ليس لها إطار محدد في أي شئ . ... أعذرني على صراحتي وقسوتي أحيانا, وتعال معي ندخل في التفاصيل : كونك الولد الوحيد جعل فيك نزعة نحو التدليل وطلب الاهتمام الكثير ممن حولك وهذا يبدو في طول رسالتك وإلحاحك على طلب الاهتمام, بل قد جعلك تميل إلى حب ذاتك والتأمل الداخلي في نفسك أكثر من اللازم وكأنك محور الكون, وقد عطل هذا تأملك الخارجي ا لسليم للحياة وللناس وللأشياء, فأنت تعيش للاستجابة لما تحب ولا تعرف ما تريد, ولم تنتقل بعد من مبدأ اللذة إلى مبدأ الواقع فضلا عن مبدأ الواجب, بمعنى آخر تأخر نموك ونضجك الوجداني لذلك اختلفت مشاعرك واضطربت وأصبحت غريبا على نفسك وغريبا على الناس في استجاباتك وتصرفاتك ونظرا لشدة والدك عليك –كما ذكرت– اتجهت بحبك نحو والد تك والتي تصارحها بأدق أسرارك وأكثرها حساسية كما ورد في رسالتك, وبلغة علم النفس فأنت قد تعينت بأمك ( تقمصت دورها الأنثوي) ولم تتعين بأبيك الذي تشعر بشد ته وقسوته, وهذا ما د فعك إلى تعشق الرجال دون النساء. ولما كانت ثقافتك ا لجنسية محدودة ومشوهة فقد عشقت جزءا من جسد الرجال وهو الصدر وقد يكون ذلك مرتبطا بحدث أو أحداث لم تتذكرها ربطت بين رؤية صدر رجل وإحساس بالرغبة أو السعادة فارتبطت في المخ رؤية الصدر الرجالي بمشاعر سارة, وربما يكون في الصدر رمزية لحنان تتوق إليه ولم تجده من أبيك. ونظرا لعزلتك الاجتماعية وانعدام وتشوه ثقافتك الجنسية فقد اتجهت طاقتك الجنسية – حين نموها – إلى هذا الجزء من أجساد الرجال ولم تتجه إلى موضوعها الأساسي والطبيعي وهو المرأة, وهذا يشير إلى الغرابة في الموضوع الجنسي كما يشير أيضا إلى الاختزال فيه, فأنت لديك ميل لاختزال الجنس إلى عضو ولاختزال الحياة إلى ذاتك وما تحب. وقد تعزز ذلك الارتباط من خلال علاقتك بصديقك السمين ذو الصدر المثير لك وتعزز أيضا بتكرار الاستمتاع برؤية الصدور في حمامات السباحة في الوقت الذي لم تكن هناك فرصة لنمو مشاعر طبيعية تجاه المرأة نتيجة للكبت التربوي الشديد والتخويف من كل شيء يتصل بالمشاعر الجنسية الطبيعية. أي أننا أمام انحراف في توجه الرغبة الجنسية ونموها . وحين نجحت في الثانوية العامة بمجموع يحقق لك الالتحاق بالكلية التي ترغبها أصرت أسرتك (وخاصة والدك) على أن تحسن مجموعك لتدخل كلية لا تحبها, ومن هنا تكرر فشلك في الكلية ولم تتم دراستك الجامعية بها حتى الآن وذلك يرجع لحالة رفض داخلي لقهر الأسرة, وكأنك تقول لهم بلسان حالك: ألم ترغموني على دراسة لا أحبها, فسأرسب فيها حتى تعلموا بمدى خطئكم وتكفوا عن قهري والتحكم في. فرسوبك المتكرر هو بمثابة عقاب للأسرة على تدخلها في شئونك ا لدراسية, كما أن انحراف رغبتك الجنسية احتجاج على كبتهم لك في كل ما يخص النواحي الجنسية, أي أن الأخطاء التربوية من الأسرة كانت تواجه بتشوهات نفسية وجنسية من جانبك وكأنكما تتباريا ن في الأخطاء والأخطاء ا لمضاد ة, وهذا أشبه بالحرب الباردة . وعليك بأن تتقبل بأن نضجك النفسي والوجداني والاجتماعي قد تأخر كثيرا فأنت مازلت تتصرف كطفل يريد أن يستحوذ على اهتمام كل الناس من حوله, ومازال يسأل أسئلة ساذجة مثل: ما الفرق بين الزواج والزنا, ولا أظن أنك لا تعرف الفرق, فأنت تدخل على الكثير من المواقع على الإنترنت, ولا يوجد طفل في العاشرة من عمره أو حتى أصغر من ذلك لا يعرف هذا الفرق. وأنت قد اعتدت أن تأخذ موقع الطفل في تعاملاتك مع الآخرين وتترك لهم موقع الوالد أو الوالدة , وتتجنب دائما موقع الناضج, ذلك الموقع الذي يلقي عليك بالمسئولية وأنت لا تريدها . وبما أننا في موقف علاجي لذلك سأرفض من الآن سلبيتك واعتماديتك الطفولية, وألقى عليك بمسئولية نجاحك الدراسي, وإذا كنت ترفض كلية ا لهندسة لأنها فرضت عليك فأعلن ذلك بشجاعة وأعد اختيار الكلية التي ترغبها وابذل جهدا خالصا كي تنجح فيها ولا تقل أبدا لا أستطيع فهذه خدعة تمارسها مع نفسك ومع غيرك وهي تعطل نموك ونضجك وتطورك. أما من ناحية مشكلتك الجنسية فقد حدث – كما قلنا – تحول لطاقتك الجنسية إلى موضوع جنسي غير مألوف وهو صدر الرجل, وسنتعامل معه كما نتعامل مع مشكلات الجنسية المثلية فنغلق باب التعزيز للرغبة الجنسية حول هذا الموضوع بأن تقرر من الآن أن تكف عن تتبع مناظر صدور الرجال وتعتبر ذلك ابتلاء لك لابد وأن تنجح فيه, وفي ذات الوقت توجه اهتماماتك نحو ا لجنس الآخر على الأقل على مستوى التخيل وربما تحتاج لتنشيط هذا التخيل بمطالعة بعض الصور التي تساعدك على تحويل اهتماماتك, وإذا كانت لديك الفرصة للخطبة فلا مانع من ذلك حيث ستكون لديك فرصة لتحويل مشاعرك ا لعاطفية والجنسية في مسار طبيعي . ومن الملحوظ أنك غارق في تأملاتك الذاتية ورغباتك الجنسية ومهمل تماما لنواحي حياتك الأخرى : العلمية والاجتماعية والرياضية وحتى الدينية, وهذا يجعل الدنيا تضيق في عينيك فلا ترى منها إلا شهواتك واحتياجاتك النرجسية وبذلك تكون طول الوقت فريسة لكل هذا ويتعطل نموك في الجوانب الهامة التي ذكرناها (رغبة طفلية في اختزال الوجود واختزال الجنس) .ربما تحتاج في هذه المرحلة مساعدة من معالج نفسي يدعم مسيرة النضج النفسي ويساعدك في رحلة تحويل اهتماماتك ا لجنسية, ولا مانع من ذلك مرحليا, بشرط أن لا تتحول علاقتك به إلى علاقة طفلية اعتمادية كما يحدث دائما, فتلقى عليه بكل مشكلاتك وتجلس في انتظار حلها على يديه. وهناك برنامج للعلاج الذاتي للجنسية المثلية يمكنك قراءته على هذا الموقع وهو يساعدك في حالة وجود صعوبات تحول بينك وبين الوصول إلى معالج نفسي, المهم أن تبدأ رحلة التغيير من الآن, وإذا كانت حدثت أخطاء تربوية من الأسرة, فبالتأكيد هم لم يقصدوا منها الضرر وإنما كان هذا عن حسن نية, فقد كان في تصورهم أنهم يحمونك من الخطأ . وأنت الآن تبلغ من العمر 25 سنة ولديك بصيرة جيدة بمشكلاتك, ولا يبقى إلا اتخاذ القرار بالتغيير وعقد العزم على بذل الجهد في سبيل ذلك التغيير الذي يشمل كل جوانب الشخصية بما فيها الجانب الجنسي, وسوف يحتاج ذلك إلى صبر ونفس طويل. وأسأل الله لك التوفيق