salam

سلام;
في الأول أنا بهنيكم على الموقع الهايل ده واللي بيفتح عيوننا على تفاصيل مهمة جدًا كنا جاهلين عنها..

أنا فتاة مغربية عمري 22 سنة، حاصلة على ليسانس آداب إسباني، عايشة حياة مرتاحة والحمد لله، بس مشكلتي هي انتقاد كل الناس لأفكاري وتصرفاتي.

أنا إنسانة عاقلة ومتفتحة بالمعنى الإيجابي، بس أفكاري ومبادئي خلت معظم صديقاتي يطفشوا مني وده لعدة أسباب:
1- مع إني بنت عصرية وعندي الحرية الكافية علشان أخرج في أي وقت ودا لأنو أهلي بيثقوا فيا جدًا. مع كل ده أنا أرفض أخرج لسهرة أو (السرمحه esarmaha) في شوارع وكافيهات.

2- من نهايات العلاقات بشباب، فأنا أرفض أي علاقة مع شاب خارج نطاق الدراسة أو العمل، وده بيزعل صاحباتي مني وبدأوا يوهموني إني مريضة نفسيًا ومحتاجة للعلاج لأنه يجوز عندي عقد من الرجالة. بس أنا كل مشكلتي مع الشباب إني بارفض العلاقات الي ملهاش أساس وبدون معنى والي بيكون الخسران الأول فيها هي البنت.

3- كل لما أصلي بدعي ربنا إنو يديني القوة عشان أقاوم كل المغريات الي بقت طاغية في مجتمعاتنا العربية، ولحد دلوقتي أنا لسا متنازلتش عن مبادئي، برغم من إني بحس بوحدة فظيعة لأني زي أي بنت محتاجة للحب والحنان بس للأسف ملقتش الشخص الي يديني كل ده من غير ما تكون نيته مش سليمة.

4- أنا كنت مخطوبة لإنسان حبيته من كل قلبي وكنا هنتجوز بس اكتشفت في الآخر إنه مطلق وعنده ثلاث أطفال. لما عرفت مقدرتش أكمل معاه مع إني حبيته بجنون، بس قلت لنفسي مش لازم أكون أنانية وأبني سعادتي على تعاسة أطفاله، لأن طليقته كانت هتحرمه من أولاده (طليقته أجنبيه) لو اتجوز، فأنا دست على قلبي واتعذبت كتير ولحد دلوقتي أنا مش قادرة أنساه وفي نفس الوقت مش هارجعله أبدًا.

* يمكن صدمتي في الشخص ده هيا الي مخلياني أرفض إن أي شاب يتقرب مني لأني فقدت الثقة في الرجالة. أمي حزينة عليّ لأني برفض الي بيتقدمولي، بقيت لما أشوف راجل أتخيله ممثل كبير.

أنا مش عارفة متلخبطة خالص ومش عارفة مين الي صح ومين الي غلط.

هل الإنسان المعقد هو الي بيحاول مايغضبش ربنا ويحافظ على نفسه؟

ولا الواحد لازم يكون كوول ومستهتر علشان الناس يتقربوا منو؟

أرجوكم أنقذوني بالحل

ملاحظة: أتأسف للكتابة بالأحرف اللاتينية وده لأني في الشغل مافيش كمبيوتر بالعربي.

شكرًا جزيلاً.

3/7/2005

أخذتني سطورك من الخاص إلى العام إلى الخاص إلى العام مرةً أخرى، أهلا بك يا ابنتي، وأحييك على هذا العصف الذهني الذي أحدثته أفكارك أو قولي تلك المبادئ التي صارت في زماننا هذا غالبا غائبة، وأبدأ بمحاولة التفكير في إجابة على سؤالك عن الإنسان المعقد؟ والحقيقة أن الإجابة نسبية لأنها تعتمد على الموقف الذي يوصف فيه الشخص من آخر أو آخرين بذلك فعندما يصف إنسان متسيب أحدا بأنه معقد يختلف الوضع عن نفس الوصف من إنسان معتدل، معنى ذلك هو أننا نسأل معقدٌ بالنسبة لمن أو لأي منهج وكذلك متسيب بالنسبة لمن أو لأي منهج؟ وصحيح أن زماننا الذي نعيش فيه خاصة في السنوات الأخيرة هو زمان السيولة سيولة المبادئ والقيم والانتماءات والأخلاق

الإنسان الذي يحافظ على ألا يغضب ربه ويحافظ على نفسه وعلى الآخرين هو الإنسان صاحب الضمير الحي  وأنت كذلك كما يفهم من تضحيتك بحبك الكبير، ومن حرصك على عدم الوقوع في الخطأ ولو معنويا وكل هذا يشعرنا باتصافك بصفات صاحبة الضمير الحي Conscientious Personality، وهو من يتصف ببعض أو كل الصفات التالية:
-1- الجديةُ في العمل والإخلاصُ فيه بل والتفاني، مع القدرة على الاعتماد على النفس.
-2- الرغبةُ في أن يكونَ صادقًا ونظيفًا في كل ما يفعل وفي كل ما يقولُ وفي كل ما يعتقد.
-3- الرغبةُ في أن يفعلَ ويتصرفَ في كل شيءٍ بالطريقة الصحيحة، من كيفَ يغسلُ وجههُ في الصباح إلى كيفَ يحققُ أهدافَ رئيسه في العمل، بحيثُ يتوافقُ في كل ذلك مع ما يعتنقُ من مبادئ.
-4- الرغبةُ في إتقان أفعاله تطلعًا إلى الكمالية والوصول إلى حالةِ اللا خطأ.
-5- التمسكُ بالمبادئ والآراء، بل وزيادةُ التمسك بها كلما حاول الآخرون إثناءهُ عن ذلك.
-6- حبُّ النظام والدقة والإلمامُ بالتفاصيل في كل شيء مهما كانَ الشيءُ بسيطًا في نظر الآخرين.
-7- الحكمةُ والتعقلُ والاقتصادُ والحذرُ والنظرُ في عواقب الأمور جيدًا في كل تصرف وفي كل قرار هو شخصٌ لا يندفع ولا يخاطر.
-8- الاحتفاظُ بالأشياء التي كانت لها أهميةٌ أو التي قد تكونُ لها أهميةٌ يومًا ما، مما قد يتسببُ بشكل أو بآخرَ في تراكم الأشياء لديه مثل الأوراق والفواتير مثلاً.

إلا أن هناك مشكلة مع الأسف وهي اقتراب نفس هذه الصفات كثيرا من صفات صاحب الشخصيةِ القسرية ؟ Personality Anankastic ، وأصحابُ الشخصية القسرية العادية التي لا تصلُّ إلى مرحلةِ الاضطراب هم أشخاصٌ يتصفونَ بوجودِ بعض السمات السلوكية التي يمكنُ أن تُعَدَّ صفاتٍ مرغوبةً أو خصالاً حميدةً أو خصائصَ يوسمُ بها الأخيارُ من البشرِ كالنظافة والدقة والنظام ويقظة الضمير والوفاء بالعهد وغيرها من الصفات المحمودة في المجتمع، وبعضُ هذه الصفاتُ حتى في درجتها المتطرفةِ يمكنُ أن تُـعَـدَّ لازمةً لبعض المهن، كالنظافةِ المفرطةِ بالنسبةِ للجراح، والدقة والنظام والمراجعة بالنسبةِ للباحث في المجالات العلمية، وتكرار التأكد من صلاحية أجهزة قيادة الطائرة قبل الإقلاع لدى الطيار مثلاً، ويقظةُ الضمير والوفاء بالعهد بالنسبة لأي إنسانٍ صالح، لكن هذه الصفات والسماتُ إذا وصلت شدتها وزادت حدتها عن الحد الذي يسمحُ لحياة الشخص وتفاعلاته مع الآخرين بالسلاسة فإنها قد تصل إلى مرحلة اضطراب الشخصية القسرية والتي تتسببُ في بعض الأحيان في إعاقة حياة الفرد بدلاً من تيسيرها، وتؤثرُ سلبًا في حسن أدائه لدوره في الحياة.

وأحسب أن سبب المشكلة التي تشعرين بها هو التزامك ويقظة ضميرك في مجتمع يتسم بما تتسم به هذه المرحلة من التفسخ القيمي البشري من سيولة وانحسار المرجعية إلى المادة والمتعة واللذة بغض النظر عن كل شيء، فلماذا مثلا لا تخرج البنت مع الشاب وتستمتع ولماذا تقول لا للسرمحة؟ كثيرون وكثيرات لا يرون غير المتعة هدفا في الحياة، وهذا مع الأسف الشديد يورث الخسارة في النهاية لكل من الفتاة والشاب وإن كنا نحاسب الفتاة أكثر من الشاب، لكنهما سواء عند الله.

وقد تكونُ واحدة بنفس أخلاقك هذه قد عاشت سعيدة متوافقة مع ما حولها منذ عقد من الزمان مثلا، فصحيحة أنت والخطأ في المجتمع المتفسخ!، إلا أنني برغم ذلك الرأي يا ابنتي أشفق عليك وأدعوك إلى بعض التخفف من القيود التي اخترتها وارتضيتها لنفسك، لأن التسيب الحادث من حولك تظهرين أنت فيه غريبة بشكل يمكن فعلا أن يبعد عنك الآخرين، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال:''بدأ هذا الدين غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء''، لكنني في نفس الوقت أشفق عليك من فقدان الصحبة، فتخيري أقربهن لأخلاقك ولا تتشددي في انتقاد الناس، كما أنصحك بقراءة إجابة فقدان الثقة في صنف الرجال، وأيضًا ملتزمة ومخطوبة: أحاديث الرجال والنساء (مشاركات) وكذلك اقرئي أنا ليه فاقدة الثقة في الرجال؟ وما تقودك إليه هذه الروابط من مشكلات سابقة على استشارات مجانين، وإن لم تتغير مشكلتك مع المتقدمين لخطبتك عليك بمراجعة أقرب معالج نفسي، وموافاتنا بالنتيجة، وتابعينا بأخبارك دائما.