الحب الأول معلمي وأحلامي ومشاعري صديقتي العاشقة الحزينة؛أحببت أن أشارك في مشكلتك لسببين: الأول أني مررت بتجربة مماثلة أيام الشباب ورحم الله تلك الأيام فقد أصبحت كهلة الآن، والثاني لأني مدرسة وعندي فكرة عن طبيعة المشاعر التي قد تنشأ بين الطلاب و المدرسين سواء من جنس واحد أو جنسين مختلفين.عندما كنت في الثانوية العامة أحببت أو -هكذا شعرت- مدرس مادة الرياضيات فكنت لا أصدق متى تأتي حصته!! وكنت أبكي-صدقيني- إذا تغيب لسبب ما ومما دعم هذه المشاعر هو حبي للمادة أصلاً، كان هذا الأستاذ قدوة لي في تواضعه وعطفه وإخلاصه، وتصوري أنه من شدة حبي حاولت أن أجعله يقلع عن عادة التدخين، حيث تسللت إلى غرفة المدرسين ودسست في مريلته كتيباً عن أضرار التدخين، وأيضاً اتفقت مع شلة حسب الله التي كنت أتزعمها أن نطلب منه بشكل جماعي الإقلاع عن التدخين!! وهكذا فعلنا، ويا لروعته حين تقبل هذا الأمر بكل طيبة واعتذر إلينا أنه لا يستطيع الإقلاع عن هذا العادة حتى لا يصبح عصبياً ويتنفرز علينا!! وكذلك كان هذا الإنسان من مذهب مختلف فهو مسلم شيعي وأنا مسلمة سنية فتصوري أنني أخذت أقرأ كتب الشيعة حتى أكون فكرة أوضح عنه!! وأيضاً أصبح الرياضيات شغلي الشاغل حتى أصبحت أفضل طالبة في المدرسة في هذه المادة، ثم إني تخصصت في مادة الرياضيات وأصبحت مدرسة لهاالآن عندما أتذكر هذا الأمر، وأقرأ مذكراتي التي كتبتها في تلك الفترة، والتي لا تخلو من عبارات الحب والألم، أضحك على نفسي، وأحاول أن أتذكر ما الذي أعجبني فيه فلا أذكر سوى الطيبة والإخلاص في العمل والمعاملة اللطيفة مع القوارير، والقدوة الحسنة التي ساعدتني كثيراً في عملي فيما بعد.وأنا أعتقد أن تلك التجربة أفادتني كثيراً: فلقد وجدت في هذا الأستاذ متنفساً لعواطفي في تلك الفترة ولكني لم أكن أعبر عنها إلا من خلال الاهتمام بالمادة و مسح السبورة غصب عن الأستاذ لأنه كان يصر على مسح السبورة بنفسه، وأهديت له هدية بسيطة لكونه معلماً رائعاً في عيد المعلم. وكان هو في المقابل يمدحني كثيراً ويسأل عني عندما أتغيب، ويبتسم كلما رآني ويسلم علي قبل أن أسلم أنا.ثم إنه كان سبباً في تفوقي في المادة حتى في مرحلة الجامعة. ثم إنه جعلني أتعرف بشكل علمي على فئة من المسلمين موجودة في بلدنا بكثرة وأعطاني فكرة حسنة عنها بدلاً من أفكار العامة. ثم إن طريقته في التدريس أفادتني كثيراً في عملي.ترى يا أختي هل وصلت فكرتي إليك بعد كل هذا الكلام الذي أطلت عليك فيه: مشاعرك نحو أستاذك جميلة وصادقة، ولكنك لم تذكري شيئاً عن عمر هذا الأستاذ مثلاً، وما هي احتمالات الارتباط، على كل حال أعتقد أنه ليس من الصعب عليك أن تعرفي ذلك، فإذا وجدت الأمر مستحيلاً فلا تجري نفسك إلى الألم فما زلت صغيرة وهناك الكثير أمامك، قد لا تستطيعين نسيان مشاعرك بسهولة ولكن أحسني التعامل معها بحيث تكون دافعاً لك لتحققي ما تصبو إليه نفسك في هذه الحياة، ويوماً ما ستذكرين هذه المشاعر الجميلة بالخير بدلاً من الألم من أجلها، ولا قيمة لحب لا يدفعنا نحو الأمام ويطلق فينا قوانا الخفية.أنطلق إلى الجانب الآخر فبما أني مدرسة فأنا أعرف أن مشاعر الطالب (من كلا الجنسين) تجاه المدرس(من كلا الجنسين) قد تختلط أحياناً وخاصة عندما يكون الأستاذ لطيفاً ويحاول أن يتقرب إلى طلابه ليحببهم بالمادة، ويزداد الأمر سوءاً إذا كان أحد الطرفين يعاني من الفراغ العاطفي، ولا تستغربي فقد يتعلق المدرس بالطالب في بعض الأحيان. عندما عملت في مدرسة بنات كانت إحداهن تلاحقني دوماً، وتهديني الورود الحمراء في كل مناسبة حتى في عيد الحب، هذا غير رسائل الغرام بين الحين والآخر، وكنت سعيدة بهذا الحب الجميل، ولكن في نهاية العام تألمت تلك الطالبة كثيراً وطلبت أن أكتب لها ذكرى وفعلت ونصحتها نصائح أرجو أن تفيدها في حياتها، طبعاً الأمر أسهل في حالة الجنس متماثل، إذ يكون هناك مجال للصداقة والتواصل، وعندما عملت في مدرسة شباب رأيت بنفسي كيف تعلق أحد الطلاب بمدرسة شابة وكان يكتب لها رسائل بل و بعث أهله لخطبتها، وهي تأخذ الأمر بروح الدعابة والنكتة وتضحك عليه في غرفة المدرسات وقت الاستراحة وتقرأ لنا رسائله.وعندما يكون هناك مدرس وطالبة قد تختلط مشاعر الحب مع مشاعر الاحترام والتقدير خصوصاً بالنسبة لطالبة ما زالت صغيرة ولا تستطيع تمييز مشاعرها تماماً. أختي: نصيحتي لك أن لا تعيشي لحظاتك كلها وأنت تفكرين في ذلك الأستاذ وفي المقابل قد لا يكون هو كذلك، بمعنى أنك بالنسبة له لست أكثر من طالبة معجبة، والرجل يحب أن يكون محل إعجاب للفتيات، قد تخونك نفسك أحياناً ويسيطر عليك التفكير فحاولي أن تجعلي من هذا –كما قلت لك- سبباً يدفعك نحو الأمام، للتفكير في مستقبلك الغالي الأغلى من أي شيء آخر، ولست بحاجة أن أذكرك أن العلم والإيمان هو أقوى سلاح للفتاة في معركة الحياة الصعبة.شكراً لك لصبرك على قراءة رسالتي.. وفقك الله و أرجو أن تصبحي في الأيام القادمة العاشقة الفرحة والمتفائلة فالحب الحقيقي يجب أن يجعلنا نفرح لا نحزن كما تصور الأفلام6/7/2005
ملف خطير هذا الذي يتعلق بالحب الأول في حياة الشباب، وفي حياة كل فتاة سيكون هذا الملف من أهم ما ينبغي النقاش حوله، وتبادل الخبرات، ونقل التجارب، وهنا فإن هذه المشاركة تبدو مفيدة ونافعة للغاية، أو هكذا أعتقد وأرجو.أتحدث عن الفتاة العربية، وأنا منشغل بأوضاعها وظروفها وحياتها من وقت أن تستيقظ إلى أن تنام، حين تحب، وحين تشتهي، حين تلهو، وحين تطمح إلى العلا، حين تجتهد في الدراسة، أو تنكسر تحت وطأة المشاعر من طرف واحد، أو إهمال من أهلها، أو ضغوط من مجتمعها، وكأنني أقول للرسول الأعظم، الذي أزعم أنني أحبه أكثر من أي أحد، وأسأل الله الإخلاص والقبول، أصغي إليه وهو في مرض وفاته يذكر المسلمين بالصلاة ورعاية النساء، فأقول: سمعا وطاعة، وأجتهد وأسعى في تحليل وتحرير أوضاع الفتاة والمرأة العربية المسلمة، وأحتمل في سبيل هذا ما أكره، وأسأل الله أن يلهمني العزيمة والرشد.هذه المشاركة هي ضوء جديد وكم نحتاج إلى أضواء تنير درب الفتاة العربية التي تاهت أقدامها، وتعثرت خطواتها، واختلطت عليها المعاني والدروب والمسالك، فأصبحت مسخا مشوها وضحية ومذنبة، ولا أقصد التعميم بالطبع. وهي سطور خرجت من خبرة في الممارسة ثم نضج نابع من الاهتمام والوظيفة، وهذا نموذج لما نتوقعه ونطلبه من مشاركات.إن خللا هائلا يكمن في حياتنا ويتولد عنه شقاء واسع حين نغفل عن ضبط مسألة الحب والوعي بها والنقاش حولها بانفتاح وعمق يتجاوز التجاهل الساذج أو المصادرة التسطيحية، نعم.. نحن نحتاج إلى حوار دائم وهادئ ليتعلم الجاهل، ويزداد العالم علما، ونقترب أكثر من الحقيقة، ومن حالة الصحة النفسية والاجتماعية، ومثل هذه المشاركة تفعل هذا، فهل من مزيد؟!!!