إغلاق
 

Bookmark and Share

الاسم:   سين 
السن:  
30-35
الجنس:   C?E? 
الديانة: مسلمة 
البلد:   الإمارات 
عنوان المشكلة: الطلاق ذلك أبغض الحلال مشاركة مستشار 
تصنيف المشكلة: نفسي عائلي: عواقب الطلاق Divorce Consequences 
تاريخ النشر: 11/08/2005 
 
تفاصيل المشكلة

 


الطلاق - ذلك أبغض الحلال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
تأخرت في إرسال مشاركتي بسبب امتحاناتي في الجامعة التي أقدمها في هذا العمر المتأخر، فمازالت أحلامي كثيرة وإن كانت الظروف منعتني بالسابق، ولكني مصرة على تحقيقها حتى ولو في آخر العمر، المهم رغبت في مشورة منكم بكارثة أشهدها الآن في هذا المجتمع الطيب الذي أعيش فيه، فأنا لا أعرف ما الذي دهاه؟؟؟ ولا أعرف ما الذي يجري به؟؟؟ أتحدث الآن عن نسب الطلاق المرتفعة جدا هنا؟؟؟؟ لماذا يحدث هذا في مجتمع تقل فيه نسب الفقر؟؟؟ في مجتمع يستطيع الشباب الزواج بيسر وبسن صغيرة مقارنة مع المجتمعات الأخرى؟؟؟

لقد ثبت رسميا أن الطلاق في هذا البلد الذي أعيش فيه هو الأعلى بالمنطقة، لقد سألني
الدكتور أحمد عبد الله عن البيوت التي تتفرغ فيه المرأة للتربية فقط وشؤون البيت، وأخبره أني الآن لا أعرف فالطلاق موجود حتى في هذه البيوت أيضا؟؟؟ هل فقدت المرأة المهارة في إدارة بيتها أو مملكتها كما يسمونها؟؟؟

ولماذا تريد ترك هذه المملكة؟؟؟ ما أثار هذا الموضوع عندي هو أنني اعتقدت أن الطلاق يحدث فقط لغير المتدينين، طبعا المتدينون هم الذين يحافظون على صلواتهم الخمسة ويبعثون أطفالهم لتحفيظ القرآن (أعرف أن التدين أكثر من هذا ولكنا عادة نحكم على الأشخاص بهذه الطريقة الساذجة) لا يحدث الطلاق في أسرهم أبدا، ولكني يجب أن أراجع الكثير من المفاهيم الموجودة عندي، لقد حدث الطلاق أمامي بين زوج وزوجة يوصفان بالتدين والطيبة والغنى المادي، الزوجة طيبة ومجتهدة وجامعية خريجة أحد كليات الشريعة أعرفها منذ أيام الطفولة في المدرسة وكنا جيران لبعض الوقت أيضا، عائلتها معروفة وغنية يذهبون للحج كل سنة، والزوج بنفس المواصفات تقريبا وأعرف عائلته بنفس مواصفاتها تقريبا، هناك تكافؤ في كل شيء حسب ما أعتقده، لماذا حدث الطلاق بين هذين الشخصين؟؟؟ طبعا الزواج دام لمدة 12 عاما وهناك أطفال، هل هو عدم اهتمام بالأسرة؟؟؟

أخبركم بما أعتقده هو عدم وجود تواصل بين أفراد الآسرة الصغيرة والسبب هو كثرة الخدم فأنا أقرأ في جريدة رسمية أن (10%) من طلبة المدارس الحكومية في مختلف المناطق التعليمية في الدولة يعانون من مشكلات وصعوبة في النطق واللغة وأرجع موجه برامج علاج النطق في وزارة التربية العوامل الرئيسية شيوع عيوب النطق واللغة لدى طلبة المدارس إلى ازدواجية اللغة لدى الطفل منذ السنوات التكوينية الأولى لاكتساب مهارات اللغة لديه خصوصا السنوات الخمس الأولى من عمره بسبب وجود الخادمات في المنازل والزواج من الأجنبيات، فهذا الطفل يتعامل مع المربية والخادمة الآسيوية أكثر من تعامله مع والديه، وتتعامل الأم مع خادمتها التي تبقى بجانبها طوال اليوم أكثر من تعاملها مع زوجها وأطفالها وهذا ينطبق على الزوج أيضا، فإذا طلبوا يطلبون من الخادمة وإذا سألوا سألوا الخادمة، فلا داعي لإزعاج بقية أفراد الأسرة فالخدم كثيرون وهم تحت إمرتهم بدون أسئلة كثيرة عن لماذا وكيف؟؟

يتحدثون عن مكتسبات المرأة الخليجية هنا وهي مكتسبات اقتصادية وسياسية، وأتساءل أنا عن ما فائدة هذه المكتسبات للمرأة أو للرجل إذا تحطمت الأسرة وتشرد الأبناء بين المطلقين؟ عندنا أكبر برج وأكبر مركز تسوق وأكبر ميناء وأفضل خدمات في العالم ممكن أن تتوفر للمواطن وللوافد، ولكننا يبدو أننا نفشل في الحفاظ على تلك الأسرة الصغيرة (زوج وزوجة وأطفال).

هناك مشاريع جبارة للنهوض الاقتصادي وجذب المستثمرين، ولكنني إلى الآن لم أجد مشروع واحد كبير يحاول حل مشكلات الأسرة والحفاظ عليها، طبعا لأن هذه المشاريع لن تجذب المستثمرين أبدا فلا داعي لمثل هذه المشاريع، وتكفي المطلقات الرواتب التي يحصلون عليها من وزارة الشئون الاجتماعية وما يقوم به مشروع صندوق الزواج من حل لبعض هذه المشكلات، فهذا ليس من أولوياتنا!!!!

المهم المشاريع الكبيرة ذات المردود الاقتصادي للدولة وهذا ليس خطأ أبدا ولكن أتمنى أن لا يكون على حساب أسرنا، فهل ننتظر تدخل أمريكا لإصلاح أسرنا كما أنها الآن تتدخل وتتهم بعض دولنا أنها تتاجر بالرقيق بسبب وجود تلك العمالة الآسيوية الكثيفة في هذه الدول، لا أريد أن أرى هذا اليوم فنحن نعلم ما هي المشكلة أو ربما لا نعلم؟ أعود لصديقتي أسألها على استحياء عن سبب الطلاق تخبرني والحزن بادي على وجهها لعدم التوافق
؟

أعود لأسألها باستغراب عدم توافق دام 12 عاما؟ أخبرها عن اعتقادي أن السبب هو الخدم وأن عليها أن لا تيأس من إصلاح الأمور مع زوجها فالبيت يوجد فيه مربية وخادمتان وسائق وخادم يعتني بالحديقة هذا كثير، ينظرون إلي باستغراب واستنكار ولكن الأطفال بحاجة إليهم ولا تستطيع الأم لوحدها القيام بالمهمة فنحن بشر!!! أسكت الآن فالتدخل في هذه الأمور ليس مباحا هنا حتى ولو كان من أجل صديقة حميمة!!!

24/06/2005

 
 
التعليق على المشكلة  


في مجلة الكويت يكتب دكتور التميمي عدة مقالات تحت عنوان:

"
ماذا فعل النفط بنا؟!!"، وأنا أبحث عن كل الحلقات لأني أتمنى تجميعها وقراءتها ومن ثم طرحها للنقاش لأنها تتناول مدخلا من أخطر وأهم المداخل تأثيرا في حياتنا خلال العقود القليلة الماضية، وإلى أن يشاء الله!!!

وطبعا فإن النفط هنا لم يكن مجرد ذاك السائل الذي يخرج من باطن الأرض ثم يجري تكريره للحصول على مشتقاته المعروفة، ولكنه في حالتنا صار نظام حياة، ومنظومة معرفة وسلوك، ونمط تفكير وتحديث، وموقف إنساني وذهني من الكون
!!!

ولا أعتزم الاستطراد لشرح أبعاد ما أعني هنا رغم إغراء ذلك خشية الإملال أو ضياع الخيط الذي تطرحه رسالة الأخت، وكذلك
رد أختنا الكريمة الدكتورة " نعمت".

أشرت يا أختي إلى الفقر والغنى، وليس هذا هو المحك ولا التحدي ولا المأزق الذي نحن فيه الآن، فتمر على الأفراد فترات تشح فيها الموارد أو تتضخم المصارف أو يحدث الأمران معا فيكون الفقر، أو العكس فيكون الغنى، ولكن الذي ضربنا هنا، وأفسد حياتنا جنبا إلى جنب مع عوامل أخرى، هو شيء آخر يسمى الترف.

والترف غير الغنى، الترف حالة ذهنية ونفسية ومعرفية، وتصور للحياة التي لا تكون طيبة إلا بتوافر معايير ومقاييس وممتلكات معينة، لاحظوا التشابه اللفظي بين توافر، وفرة، توفير، ترف، إنها حروف متشابهة، ولكن بالمعكوس، وهكذا الحال فعلا!!!

الترف بهذا المعنى لا يقتصر على الأغنياء، وإن كانوا يمارسونه أكثر، بحكم الوفرة والتوافر، أما الفقراء فيحلمون به بوصفه "الحياة الطيبة ولعلكم تابعتم الملف الخاص الذي خصصته مجلة "النيوزويك" عن هذا الموضوع منذ أسابيع قليلة، وأحيانا فإن نفس المسالة توضع تحت اسم الاستهلاك وثقافته وعقليته، وأنا أحب أكثر لفظة "الترف" لأنها أكثر أصالة وتعبيرا، وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما روي عنه- يقدمون له شراب اللوز فيقول لهم أبعدوه عني فهو شراب المترفين، وفي كتاب الله سبحانه نقرأ، وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها وفي قراءة تشدد الميم فتكون فعلا من الإمارة إضافة إلى القراءة الشائعة بأن الفعل من الأمر بالفسوق، ولم يرد "الترف" في القرآن ولا السنة ولا سيرة الرسول ولا خلفائه الراشدين إلا مذموما.

وانظري حولك لتكتشفي بنفسك أننا جميعا كعرب فقراء أو أغنياء نعيش عصر الترف بامتياز الأغنياء يمارسون، والفقراء يحلمون ويغتاظون!!! ولا تبتعد بقية البشرية حاليا عن نفس المادية والاستهلاك والترف، ممارسة وحلما، وهذه قصة تطوووول.

ليس ذم الترف وتشريح ذهنيته هو موضوعنا هنا على أهميته ولكن تأثيره على الأسرة وبنيانها، ولا أريد أن أكرر ما قلته أنت أو
ما قالته السيدة المستشارة، فقط أضعه في سياق ما أتحدث عنه.

لا يريد الزوج أن يتعب نفسه فيتحمل ما لا يرضيه، أو ما لا يروق له في زوجته وأدائها أو شكلها أو أخلاقها، لماذا يتحمل؟!! وما معنى التحمل أصلا؟! فهو لا يعرفه!! فلم يلقى حياته مشقة، ولا فعل شيئا وهو له كاره، أو تكيف مع وضع صعب أو مرت به شدائد تماسك أمامها، وواجه صعوباتها وآلامها، فلماذا يصبر؟!!

تشير
الدكتورة نعمت، وتلمحين أنت إلى البيت وقيمته، والأولاد ومستقبلهم، طيب البيت منه كثير، فالزوجة لديها إمكانية ليكون لها بيت مستقل فخم، أو على الأقل معقول في بنيانه وأثاثه، وكذلك الرجل، هل الرعاية المتبادلة هي المعنى؟! طيب.. رعاية الأسرة بكل أطرافها هي مسئولية الخدم، طيب... الأولاد؟! ماذا عنهم وهم ما بين المدرسة والأطباق اللاقطة والملاهي والمجمعات التجارية يتربون!!! فما الذي تقدمه الأسرة هنا لتكون جديرة بالبقاء؟!! أشرت مرة إلى خطورة هذا الوضع على المرأة فظنت الأخوات من الخليج أنني أنال منهن!!!

والحقيقة أن ذهنية الترف لم تترك أحدا لا في الخليج ولا في غيره، لأن من لديهم المال في المغرب وسورية ومصر صاروا يتصرفون بالمثل، نفس الخادمات، ونفس النظرة للحياة، ونفس الأهداف والممارسات، في الملبس والمطعم والمشرب، وقضاء الوقت، واقتناء الأشياء.

في منتصف الثمانينات زار مصر وفد من المجاهدين الأفغان، وكانت ملحمة هذا الجهاد تطربنا في شبابنا، ونعتبرها مثلا وقدوة، ونسبغ عليها كل آيات الكمال قبل أن نكتشف أن الكمال لله وحده، وأن الأفغان وغيرهم مثل كل البشر يحتاجون إلى مقدمات وسياقات معروفة لتنصلح أمورهم السياسية والمعيشية، وأن غياب التعليم والتدريب الجيد، وغياب الانسجام الاجتماعي، والحوار والتفاوض بين الفصائل والقبائل والأعراق من شأنه أن يصل بأية أمة إلى ما وصلت إليه أفغانستان الحبيبة، وهو ما زاده الاحتلال الأمريكي وبالا، أدعو الله لها بمستقبل يليق بالتضحيات والدماء التي بذلها شباب طيب أراد وجه الله سبحانه فيما أعتقد فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من هو مرتحل في الأرض لا يجد وطنا ولا سكنا ولا موئلا، حين انقلبت ملحمة الجهاد إلى تهمة تلاحق كل من شارك فيها!!

المهم جاء الوفد، وضمنه كان الأخ محمد ياسر، وكان يشغل منصب وزير الخارجية في إحدى حكومات المجاهدين المؤقتة، وكان ياسر مثقف الفكر يجيد عدة لغات، وله نظرة حكيمة رغم صغر سنه، وسألته: كيف وجدتنا؟! ما رأيك فيما شاهدته في البلدان العربية وفي مصر؟! وكان حديثا شخصيا خاصا، فقال في كلمات قليلة: "واقعكم بعيد جدا عن البساطة، وهذه الدنيا الثقيلة والزخارف المنتشرة تجعل من الصعب على الإنسان أكثر وأكثر أن يخلص قلبه، أو يشغل وقته وعمره وتركيزه بالعمل لدين الله، أو الجهاد في سبيله، ولاحظوا أن الشباب الهارب من قبضة الأنظمة قد عاش فترة من عمره طالت أو قصرت بعيدا عن هذا الترف مما أتاح أمامهم الفرصة لتغيير نفسياتهم، والعيش في ظروف صعبة أخرى، والرضا بها والتكيف معها، ولا أتحدث هنا عما يفعلونه أو موقعه من الصواب أو الخطأ، إنما أشير فقط إلى التعبير الذي لحقهم في موقفهم من الترف، وسبب هذا التغيير ومناخه.

إن شيوع الترف كان لا يدمر بنيان الأسرة فحسب بل هو يأتي على كل قيمة إيجابية، ويتحول معه الناس إلى عبيد لشهواتهم، والرسول الكريم يقول "تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار، تعس عبد القطيفة... الخ الحديث

والطلاق شائع في الخليج لأن الإمكانيات المادية موجودة بما يتيح انفصال كل طرف ببيت ومرافق، أما في غير الخليج فالطلاق غير المعلن، وغير الرسمي أكثر شيوعا، ولكن الناس ليس لديها الفرصة للإعلان والتصريح!!! والمسألة أوسع من مجرد أن تبقى المرأة في بيتها أو تخرج للعمل كما ترون.

الأسرة كيان يقوم على التنازلات والتضحيات من كل أطرافه، فإن غاب معنى التضحية ومنطق التنازلات عن الحياة كلها، فلا يوجد مكان للأسرة إذن.

إن الخطط التنموية في البلدان العربية تهدف التمكين للمرأة وتقوية وضعها الاقتصادي والقانوني، ولا تدري أن هذا من شأنه إضعاف حاجتها التاريخية التقليدية للرجل، فلماذا تستمر في "التنازل" أو "التحمل" أو "التكيف"؟!! والرجل لماذا يتمسك بامرأة نافرة معرضة مستغنية، لا تعتني ولا تصبر، وتعمل مثلها مثله وتقبض راتبا كراتبه، وربما أكبر، لماذا يحافظ على علاقة كهذه في حياته؟! من أجل "البيت" و"الأولاد" أي بيت؟! وأي أولاد؟!

هل هذا هو وضع الخليج وحده؟! اللهم لا ولكن إمكانيات أهل الخليج، وربما بقايا أصالتهم- وفي أهل الخليج أصالة وبساطة وفطرة نقية لولا ما استجد عليها!!! –هذه الإمكانات والأصالة تجعلهم يتصارحون ويجاهرون بما يكتمه الآخرون ويمارسونه خفية!! هل سنجرؤ مرة على فتح الملفات المسكوت عنها في الخليج وغيره؟! هل يمكن أن يقف عاقل أو يسبح ضد التيار ليصرخ بالناس أن الخطر شديد والمستقبل مفزع إن لم نتدارك ونراجع.

خططنا التنموية بحاجة لمراجعة وتعديل، ومفاهيمنا وأفكارنا وحياتنا كلها تحتاج إلى مصارحة ومراجعة ونقد وإعادة بناء، لكن من يجرؤ على هذا كله؟!!.

 
   
المستشار: د.أحمد عبد الله