مشكلة نفسية عائلية إن مشكلتي قد تكون صغيرة أمام مشاكل غيري لكن إذا استطعتم الرد عليها سأكون شاكرا: نشأت في بلد مع أهلي في أسرة متكاملة إلى حد ما. وعندما وصلت إلى عمر دخول الجامعة أرسلني أبي إلى بلد آخر لأدرس في الجامعات ومكثت عند أقربائي، لم تكن علاقتي قوية بهم بسبب البعد بالرغم من قوة القرابة. فحاولت عند وصولي أن أدخل قلوبهم كأسرة لي. وأستطيع أن أقول أني نجحت لكن بدرجة معينة أو بنسبة حيث حدثت أمور كثيرة أثرت بي جدا وجعلتني أكون الحاضر الغائب أي حاضر في كياني وغائب في قلبي اتجاههم، وبدأت أنعزل عنهم بشكل خاص وعن من حولي بشكل عام حتى أصدقائي الذين تعرفت عليهم وأصبحت أعتبرهم من أقرب الناس لدي بدأت أنعزل عنهم. ولي صديق نشأت معه وأنا في موطني جاء البلد حيث أدرس ليعمل، وكنت أعتبره من أعز الأصدقاء وحتى بغلاوة الأخ لدي فرحت به كثيرا، لكن بعد فترة بدأت الانعزال عنه ولماذا؟ يمكن أن أقول لانعدام الثقة بالكل، وحدثت معي مشاكل عديدة مع أقاربي وكانت متوقعة بالنسبة لي لكن لم أكن أتوقع أن تؤثر في نفسي لهذه الدرجة. بعد الجلوس وحيدا ومنعزلا عن الجميع وهذا عكس طبيعتي والتفكير بحالي توصلت إلى عدة أمور لا أعرف صحتها لكن سأعرضها: إن مشاكلي مع أقاربي وطبعهم الذي لا أعرفه جعلني أفقد الثقة بكل من حولي والانكماش على نفسي مؤمنا بحب الناس لنفسها أكثر من أي شي، حتى أني بدأت كتابة ما أحب البوح به في دفتر صغير كي أستطيع الراحة، والمشكلة أن جلوسي وحدي والأفكار التي تأتيني تزيد من الجفاء في قلبي حتى بدأت أؤمن بعدم وجود الصديق في هذه الأيام. وأحيانا أبحث في الإنترنت عن شخص لا أعرفه لأتعرف عليه محاولا الخروج من عزلتي وأحاول أن يكون من دولة أخرى حتى لا يكون هناك ما يجمعنا إلا الأفكار والحديث، ومررت بحالة يمكن أن أسميها الحب في بداية مشواري ولكنها فشلت ويمكن أن أقول لأسباب قلة الوعي وهذه الحالة أثرت بي جدا لأنها أفقدتني الإيمان بالمرأة وبطموحها لأنه سبب فشل العلاقة انعزالي جعلني أقرر عدم السفر إلى أسرتي في هذه السنة مع أن جميع أقاربي سافروا وعشت شهرين وحدي. انعزالي قربني إلى الله كثيرا حيث آمنت أن لا إنسان أثق به وليس علي الوثوق إلا بربي، وانعزالي أثر بدراستي سلبا على عكس المتوقع الفراغ الذي أعيشه بدأ يصل إلى أهدافي وطموحي حيث قلل من حماسي واندفاعي مع أني كل من حولي كان يعتبرني مندفع إلي الأمور كثيرا، أجلس ساعات كثير مع نفسي أفكر بما أنا فيه حتى تصل دموعي إلى خدودي وأزداد غضبا من كل من حولي وقد أقول يصل إلى الكره أحيانا.أفتقد كثيرا والدي لكن لا أحب مشاركتهم همي حتى تحدث مشاكل سواء بيني وبينهم أو بينهم وبين أقربائي, وكي لا يقلقوا علي أكثر مما هم قلقون، انعزال يحتاج الهروب من كل من هم حولي لذا اضطر أحيانا كثيرة إلى الكذب والحجج الوهمية بالرغم من كرهي الشديد لهذه الأساليب. شعرت أني الأيام الأخيرة فقدت حسن الكلام والنقاش والمداعبة وأشياء كثيرة كنت متميزا بها، وأزيد أني أعتبر إنسان عاطفي حماسي اجتماعي حيث بأقل من سنة استطعت أن أكون صداقات في هذا البلد تصل إلى150شخص وبنفس الوقت استطعت أن أغير نظرتي إليهم بأقل من أسبوع بالرغم من أني لست الذي يتسرع في الحكم بل أضع الأعذار ومن ثم أتحقق بنفسي، إذا أمكنكم تقديم بعض النصائح حول حالتي أهي طبيعية أم لا وكيف يمكن أن أقيمها والطريق إلى الحل إذا استطعتم التقييم. 24/09/2003
الأخ السائل العزيز، أهلا وسهلا بك وشكرًا على ثقتك في صفحتنا استشارات مجانين، لعل المحور الذي تدور عليه حالتك النفسية الآن هو الانسحاب، وقد يكون الانسحاب سمه عامة للشخصية وقد يكون اضطرابا مؤقتا طارئاً عليها فالشخصية الاجتنابية Avoidant Personality التي تتميز بالانعزال والانسحاب وتجنب إقامة علاقات اجتماعية أو أي نشاط يتطلب التفاعل الاجتماعي ويكون ذلك حالة مصاحبة للشخص منذ بداية طور البلوغ وتمتدُ إلى معظم مراحل عمره.أما إذا كان الشخص يتمتع بشخصيه متزنة وجَدَّ أو استحدث عليها شئ ليس من طبيعتها فإننا نطلق على ذلك اضطرابا، والواضح من إفادتك أن ما حدثَ لك لا يمثل سمةً من سمات شخصيتك بقدر ما يمثل تغيرًا حادثا في سلوكك. كما أني أحب أن أوضح نقطة في غاية الأهمية وهى أن الانسحاب والانعزال الاجتماعي وعدم التواصل مع الآخرين عرض من عدة أعراض للاكتئاب الذي ربما يكون قد حل عليك لعدة أسباب منها بعدك عن الوطن فقد أوضحت لنا أنك انتقلت من بلدك لبلد آخر كما ذكرت لنا أنك كنت تعيش وسط أسرة متزنة تتمتع بالدفء وذكرت لنا أيضا أنك تعيش الآن مع أقربائك الذين حاولت أن تتفاعل معهم ونجحت في ذلك قليلا غير أن هناك ما حدث جعلك تكون الحاضر الغائب. فأنا لم أستطع أن أحدد قصدك من ذلك؟ هل حدثت منهم بعض المضايقات لك؟ أم أن هناك بعض المواقف التي سببت ذلك؟ أم ماذا؟ كنت أتمنى لو وضحت لنا أكثر ووضحت هل هناك أعراض أخرى تشعر بها ربما ساعدنا ذلك في الوقوف على التشخيص الصحيح لحالتك.على إي حال فان ما حدث لك من انتزاع من أهلك وبيئتك السابقة تلك البيئة الدافئة التي تمثل لك مصدرا للحنان والرعاية والأمان إلى بيئة أخرى تعتبر جديدة عليك لا تعلم ماذا تخفيه لك فأنت وحدك عليك الاعتماد على نفسك فلا ملجأ لها غير أنت كل ذلك سبب لك ما تعانيه الآن وأعتقد أنك لم تبارح أهلك من قبل وربما لم تكتشف في نفسك ذلك وربما أيضا لم تتوقعه هناك الكثير من الناس الذين يتميزون بثبات في الأنماط الاجتماعية والذين غالبا ما ينتمون لأسر متماسكة متحابة وهم من لا يحبون الابتعاد عن الأهل لما يمثلونه لهم من أمان ودفء حتى وإن التمسوه في مكان آخر فإن ذلك لا يعوضهم أو يشعرهم بنفس الأمان، الكثير من هؤلاء الأفراد عندما يتركون أوطانهم لبلاد أخرى يصابون بما نطلق عليه اسم الشُّواق(أو الحنين إلى البيت والأهل) Home Sickness وربما الأمان والاستقرار اللذان استشعرتهما قديما مع أسرتك وافتدتهما في الغربة ساعدا على إحساسك بذلك. ولم يساعدك وجود صديقك معك على الخلاص من هذا الشعور بالفقد. فإذا صحت رؤيتنا لحالتك على أنها حالة الشُّواق، فإنها حالة عرضية تنتج عن إحساسك بالغربة والوحدة ولكن لا تحاول أن تترك نفسك في هذه الحالة فنحن هنا أمام واقع مفروض عليك، أنت بعيد عن أهلك وتريد أن تتم دراستك وسوف تطول غيبتك هذه فهل ستترك نفسك هكذا؟؟؟ لا تنظر للغد وتتساءل عما يضمره لك فقط فكر في يومك وان شاء الله سوف تنتهي من دراستك وتعود لوطنك إنها سنة من سنن الله في الحياة أن ننتقل ونبحث عن ضالتنا في الأرض إذن فماذا تفعل؟ لماذا لا تبحث عن إحساس آخر يعوض إحساسك بالغربة؟ فأنت الآن في مجتمع جديد عليك وأنت تعلم أيضا أن لكل مجتمع خصائصه التي تميزه عن باقي المجتمعات فلماذا لا تستكشف ذلك المجتمع وتجعل من إقامتك بجانب الدراسة فرصة للاستطلاع والاستكشاف فلماذا مثلا لا تقوم ببعض الرحلات لماذا لا تتعرف على عادات ذلك المجتمع وتقارن بنها وبين عادات مجتمعك كيف يحتفلون بأفراحهم كيف يستقبلون أعيادهم......الخ ربما خرجت من ذلك بحكمة. لماذا لا تدون ما يحدث لك في مذكرات تعبر فيها بمنتهى الحرية عن مشاعرك؟ لماذا لا تكون صداقات جديده مع أقرانك أو تحاول أن تنضم لإحدى جماعات النشاط في الجامعة؟ أنا أقصد من كل ما سبق أن تجعل من إقامتك في هذا البلد متعة لا ألم، فأنت الآن تقيم فيه فلماذا لا تعتبر نفسك ولو مؤقتا جزءًا منه؟ إذن فلتتفاعل معه إيجابيا، كف عن التفكير في ما تركته ورائك لأن ذلك سوف يجلب لك المتاعب والأفكار الوسواسية كأن تتساءل هل سوف أرى أهلي ثانية؟ هل سأعود فأجدهم كلهم هناك أم سأفقد منهم أحد؟ هل سأموت دون أن أراهم؟ بلا شك أن هذه الأفكار تملأ رأسك! أتمنى أن يجدي معك ما قلته وأن يخرجك العلاج الاجتماعي ولو تدريجيا من حالتك هذه وإياك وأن تقع في شرك الاكتئاب وإن وجدت أن ما قلته لك لم يفدك أو أن حالتك تزداد سوءًا فلا بأس من زيارة طبيب نفسي.* ويضيف الدكتور وائل أبو هندي: الأخ السائل الحقيقة أن الأخت الزميلة أ.إيناس نبيل مشعل قد أحاطت في تعليقها على مشكلتك بمعظم جوانب المشكلة، لكنني أود فقط أن أضيف عدة نقاط هي: أن تشخيصنا للشواق والذي يندرج في التصنيفات الحالية تحت ما يسمى باضطرابات التأقلم Adjustment Disorders سيصطدم بحقيقة أن المدة التي يسمح فيها بتشخيص مثل هذه الاضطرابات قد انتهت فهي محددة بستة أشهر من حدوث الحدث الحياتي والمتمثل في ترك الوطن والأهل في حالتك والتي يفهم منها أنك قضيا عاما على الأقل في البلد الجديد، إضافةً إلى اصطدامه بأنك لم تعد لأهلك في الإجازة الماضية. والنقطة الثانية هي أنني أنبهك إلى مخاطر الانسحاب من المجتمع الحقيقي الذي تعيش فيه الآن شئت أم أبيت إلى المجتمع الافتراضي الذي تخلقه الإنترنت، فأنت مع شديد الأسف عشت قصصا على الإنترنت منها قصة حب وصدقت نفسك، ثم انتهت القصة ووصلت أنت إلى ما عبرت عنه بقولك(ومررت بحالة يمكن أن أسميها الحب في بداية مشواري ولكنها فشلت ويمكن أن أقول لأسباب قلة الوعي وهذه الحالة أثرت بي جدا لأنها أفقدتني الإيمان بالمرأة وبطموحها لأنه سبب فشل العلاقة).فأنت هنا وصلت إلى استنتاجٍ خاطئ مثله مثل أن أحدًا غير جدير بالثقة، وكنت تسحبُ نتائج العلاقة غير الحقيقية على الإنترنت إلى الواقع وعندما أقول لك أنها لم تكن علاقة حقيقيةً فأنا أعني ما أقول إلى حد أنني لا أرى أنها كانت بالتأكيد امرأة تلك التي أحببتها على النت فعندما تطلق حكما مثل حكم أن طموح المرأة هو سبب فشل العلاقة ثم تفقد الإيمان بالمرأة فإنك هنا تفكرُ بأسلوب خاطئ تمام الخطأ. وأنا أنصحك بقراءة المشكلات التالية على صفحتنا استشارات مجانين: هل يوجد حب عن طريق النت / هل يوجد حب عن طريق النت متابعة / العلاقة عبر الهاتف ليست صداقة / العلاقة عبر الهاتف ليست صداقة شكر ومتابعة / عاشقة الأكشن جريئة وتبحث عن الحنان / من النت إلى الجوال : عجائب الخليج العصري / حب سابق التجهيز : من النت إلى الجوال ! مشاركة وأما النقطة الأخيرة التي أهمس بها في أذنك فهي أن ما أستطيع استنتاجه من جزءٍ قلته في آخر إفادتك(شعرت أني الأيام الأخيرة فقدت حسن الكلام والنقاش والمداعبة وأشياء كثيرة كنت متميزا بها، وأزيد أني أعتبر إنسان عاطفي حماسي اجتماعي حيث بأقل من سنة استطعت أن أكون صداقات في هذا البلد تصل إلى150شخص)، ما أفهمه من ذلك، شيء يقلقني جدا لأنني أفهم من ذلك أنك قد تكون صاحب شخصية دورية أو فرح انقباضية Cyclothymic Personality، وأنت بالتالي معرضٌ للاكتئاب ثنائي القطب Bipolar Depression، وهنا أحذرك من الإفراط في استخدام الإنترنت لأن قابليتك لإدمانها عالية وكذلك قابليتك للاكتئاب. وفي النهاية أحيلك إلى هذين الردين السابقين على استشارات مجانين: الشخصية النوابية (الفرح انقباضية) / وسقطت في شراك العنكبوت : أختي مدمنة إنترنت ! وأنصحك إن لم تستطع تطبيق ما نصحتك به الأستاذة أ.إيناس مشعل أو لم تجده أفادك بسرعةٍ، أنصحك بسرعة عرض نفسك على طبيب نفسي مختص ولا تنس إخباره بما أشرت إليه في الجزء الأخير من الرد لأن إعطاءك عقاقير الاكتئاب يجب أن يتم بحذر، وأهلا بك دائما فتابعنا بأخبارك.