السلام عليكم و رحمة الله وبركاته، أنا من أرسلت لكم مشكلة زوجتي وعرضت على الصفحة بعنوان:" الفصام المزمن وأعراضه السالبة" شكرا جزيلا لاهتمامكم بالرد على رسالتي السابقة وإن كان ردكم قد أضاف تشخيصا آخر لم يتطرق إليه أحد من قبل ولا أدري هل ذلك بغرض التخفيف فقط أم لرؤيتهم الحالة على الطبيعة. بالنسبة للتناقض في التصرفات فهي موجودة بشدة في حالة زوجتي فهي كثيرا ما تنفعل وتنعتني بأوصاف سيئة يعلم الله أني بريء منها ثم تعتذر بعد ذلك بشدة لدرجة أنها تكون على استعداد لتقبيل يدي مع أنه قد لا تكون هنالك مشكلة في الأصل استدعت هذا الانفعال وهذا الاعتذار. كما أنها كثيرا ما تعامل الأولاد بقسوة شديدة ثم تحاول تدليلهم بعد قليل بصورة مبالغ فيها سواء عن طريق إظهار الحب أو شراء هدايا أو الاستجابة الكاملة لكل رغباتهم، في الحقيقة أشعر أنها تقدم هذا على سبيل الرشوة حتى تظل صورتها جميلة في عيونهم خصوصا بعد أن أصبحوا مدركين أنها تعانى مشكلة نفسية. بالنسبة للعلاج فهي تتناول الأدوية بصورة منتظمة لأنها تشعر أنها مريضة وتحتاج لهذا العلاج وبالمناسبة فقد كانت فرحة جدا جدا عندما أخبروها ذات مرة باحتمال وجود ورم بالمخ لأن ذلك كان يعنى بالنسبة لها أن ما تعانى منه بسبب مشكلة عضوية وليست نفسية. بالنسبة للعلاج فهي تتناول الأدوية حتى أقصى جرعة مسموح بها بالمنزل مما اضطر الطبيب المعالج لإدخالها مصحة نفسيه لمدة 13يوم وعمل جلسات كهرباء حتى يستطيع إعطاء جرعات أكبر. أود أن أذكر لك بعض نصائح الأطباء ورأيهم في الحالة، فقد أخبرني الأخصائي النفسي الذي كان يعالجها أنني يمكن أن أتزوج مع عدم تركها نظرا لظروفها الاجتماعية.أخبرني آخر أن الحالة ممكن أن تتحسن بعد العلاج الطويل ولكن ممكن أن ترتد بسهولة عند أي مشكلة حياتية صغيرة. كما أوصاني آخر أن أتزوج معللا ذلك بأنها لن تتأثر على الإطلاق وأن هذا الموضوع لن يعنى لها أي شيء. شكرا لكم على سعة صدركم. ولكن بقى استفسار أخير عن جملة وردت في ردكم وهى"حتى لا تكون لدينا أسرة كاملة مريضة بالفصام" أرجو توضيح تأثير ذلك المرض في حال وجودة على الأولاد وهل هو وراثي وكيفية التعامل معه حتى ينشأ الأطفال أسوياء. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ السائل أهلا وسهلا بك، وشكرًا على متابعتك، الحقيقة أننا لم نضف تشخيصا جديدا لحالة زوجتك لم يتطرق له أحد من قبل كما تقول، وإنما قلنا التشخيص الذي نراه والذي يراه الآخرون ولا يواجهونك به لأسبابٍ ربما تتعلق بقلقهم من رد فعلك أنت شخصيا. وأما ما يتعلق بآراء الأخصائيين النفسيين الذين أشاروا عليك بالزواج من أخرى فهم بالطبع أكثر منا درايةً بالحالة التي لم نرها رأي العين، ولكنهم في نفس الوقت مسئولون عن آرائهم وتأثيرها على الأسرة، لكن مسألة أنها(أي زوجتك) لن تتأثر على الإطلاق بزواجك من أخرى فهذا في الحقيقة رأي قاصر لا يستطيع الإلمام بألف باء مشاعر الأنثى حتى ولو كانت فصامية، ولا نتصور أن يصدرَ عن طبيب نفسي.وسوف نقصر تعليقنا لك اليوم على ما طلبت توضيحه من العلاقة بين اضطراب الفصام وبين الوراثة: فلم تستطع الأبحاث الطبية رغم التقدم الهائل الذي حققته حتى الآن أن تشير إلي السبب المباشر لمرض الفصام. *إلا أن بعض العلماء قد أشاروا إلي أن بعض الأشخاص قد يرثون الاستعداد للمرض الذي قد ينطلق ويسبب المرض فعلا في وجود عوامل بيئية محيطة مثل الالتهابات الفيروسية التي تغير كيميائية الجسم ككل أو وجود مواقف غير سعيدة في فترة الطفولة أو ضغوط عصبية في بداية فترة البلوغ أو كل هذه العوامل مجتمعة. *وقد أجمع العلماء بناء على نتائج دراسات عديدة علي أن اضطراب الفصام يتوارث في العائلات وأن له علاقة وثيقة بالوراثة, حيث أثبتت الدراسات أن الطفل الذي يعاني أحد والديه من المرض ترتفع فرصة الإصابة بالنسبة له ما بين 8 إلى 18 % أما الذي يعانى والداه الاثنان من المرض تكون فرصة الإصابة بالنسبة له من 15 إلى 50%، أما الطفل الذي لا يعانى أي من والديه من هذا المرض فإن فرصة الإصابة بالنسبة له لا تتجاوز 1% وهى النسبة العادية الموجودة بين الناس، بل إن الأدهى من ذلك هو أن فرصة الإصابة ترتفع من 50 إلى 60 % لدى التوائم في حالة إصابة أجدهما بالمرض، كما أنها تكونُ أعلى في حالة التوائم المتماثلة منها في حالة التوائم غير المتماثلة. لكن الناس لا تتوارث هذا اضطراب الفصام بطرق الوراثة المباشرة مثل وراثة ألوان العين أو الجلد أو الشعر ولكنه مثل بعض الأمراض المتعلقة بالوراثة يبدأ في الظهور عندما تبدأ التغيرات الهرمونية والجسدية في الظهور لدى المراهقين ولأن الجسم محكوم بشكل وكيمائية الجينات الوراثية ولأن كيميائية الجسم تتغير بصورة حادة أثناء فترة البلوغ لذلك فإن بعض الباحثين فسر ظهور أعراض اضطراب الفصام في هذه الفترة من حياة الإنسان بأن المرض يظل في حالة سكون ثم ينطلق مع انطلاقة البلوغ عند وجود خلل في الجينات الوراثية، وقد يعنى هذا عدم استطاعة الشخص أن يطلق أنزيمات أو مادة كيماوية معينة وقد يؤدى هذا إلى ظهور بعض الأمراض. وفى حالة اضطراب الفصام نجد أن العوامل الوراثية تجعل المريض حساسا أكثر من اللازم لأحد المواد الكيماوية أو تجعله يفرز هذه المادة بكمية أقل أو أكثر من الكمية اللازمة للمحافظة على المخ في حالة صحيحة، أو بمعنى آخر فإن وجود خلل بالعوامل الوراثية يؤدى إلى تطور غير طبيعي بمخ مريض الفصام، لذلك فإننا نجد أن ضحية المرض قد لا يستطيع تمييز المؤثرات التي يستطيع الطبيعيون التعامل معها بسهولة. ولكننا بالرغم من كل ذلك لا نستطيع الجزم بأن أحدًا من أبنائك أو بناتك سيصاب لا قدر الله بهذا الاضطراب، كما لا نستطيع الجزم بعكس ذلك، فمثل هذا يعتبر ضربا بالغيب، والغيب أمرٌ لا يعلمه إلا الله، ولكن المهم هو أن ننصحك بأن تكونَ أكثر وعيا وانتباها بالعلامات المبكرة التي قد تنذر بحدوث الفصام خاصة بداية من فترة المراهقة فأولادك الآن أطفال وأعمارهم كما ذكرت في إفادتك الأولى((بنت 10 س وولدين 8و4 س))، 0ولعل السؤال الذي يدور بذهنك الآن هو ما هي العلامات المبكرة للفصام وهنا سندعوك إلى متابعة موقعنا وصفحتنا لأن هذا سينشر قريبا وفقط نقول لك أن العلامات تختلف من شخص لآخر، وأن العلامات البادرية Prodromal Symptoms، قد تختلط في أحيان كثيرة مع أعراض أخرى لاضطرابات غير الفصام وربما أحيانا مع تغيرات الشخصية العابرة أثناء المراهقة، *كل ما ننصحك به هو أن تهتم بأولادك، وأن يكونَ اتجاهك للزواج من أخرى غير مغفل لهذه النقطة الهامة، وأن تسارع في حالة شكك في ارتباك أو تغير تصرفات أحد أبنائك أو بناتك أو ميله الزائد عن الحد إلى الانعزال والانطواء أو كثرة الشرود(وهذه هي أشهر العلامات البادرية)، أن تسارع بعرضه على أقرب طبيب نفسي، وسبب ذلك هو أن العلاج كلما كان مبكرًا كلما كان المآل المرضي أفضل، وأهلا بك دائما وتابعنا بأخبارك.