الشذوذ الجنسي مرض أم قلة أدب
أحببت أن أطلعك على القليل الذّي تعّلمته من خلال تجربتي مع هذا الدّاء (الشّذوذ الملازم للإحساس بالأنوثة), وأودّ أن أخبرك منذ البداية أنّني لا أدّعي الشّفاء التّام منه ولكنّ ما حصلت عليه بفضل من الله والمجهود الذّي بذلته هو زيادة ثقتي بنفسي (بعد أن كنت مفرطا في خجلي وحساسيتي) وتخلّصي من شعوري بأنّني امرأة في جسم رجل (وقد كانت تلك حالي منذ صباي وحتّى عهد قريب جدّا) بل أصبحت أحسّ برجولتي وأستطيع الاستمتاع بالتّفكير بمداعبة خطيبتي و.....(أثناء خلوتي طبعا), وفي الحقيقة أنا لم أذهب إلى أيّ طبيب نفسيّ لحد الآن ولكنّي انوي الذهاب قريبا, إن شاء الله, ومع ذلك فقد استفدت من كثير المواضيع والخبرات التي اطلعت عليها على الويب (خصوصا ما يكتب بالفرنسية).
إن أوّل ما أبدأ به نصيحتي, وهذا ما يفترض أن يبدأ به كلّ من لديه دراية بواقع الدّاء, أن أحثّك على أن ترضى بقضاء الله وأن تعلم أنّ ما تعانيه ويعانيه مثلك ملايين البشر في هذا العالم هو ابتلاء من الله سبحانه وتعالى ليعلم أي عباده أحسن عملا وأنّك معنيّ كباقي النّاس بقوله تعالى: "لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ.................." (البقرة:286). فإنّ إحساسك بأنوثتك وميولك إلى أشخاص من جنسك منذ الطفولة ليس من اختيارك, وإنّ لومك على ميولك الجنسيّة يشبه تماما لوم مرضى السّكري على مرضهم, ولكن إذا تعلّق الأمر بالأفعال, فإنّه لا نقاش في مسؤوليّتنا عنها, ولذلك وجب عليك التخلّص قدر الإمكان ممّا نما في نفسك مع الأيّام من رغبة ملحّة في فعل المحرّمات:
"ابتعد عن كلّ ما يغذّي الأنوثة فيك" - توقّف عن الاهتمام الزائد بمظهرك كالتّسريح المبالغ فيه لشعرك وترتيب حواجبك والإفراط في حلق اللّحية والشّوارب أو حلق شعر الصّدر والسّاقين... , ولا داعي كذلك للإكثار من العطور خصوصا التي تشّك في أنّها تشبه عطور النّساء.
- كفّ عن الاستماع للأغاني خصوصا إذا كان لديك "مطربة مفضّلة" تحفظ الكثير من أغانيها وتتأثر بشخصيتها (وما أدراك ما مشقّة التّوقف عن سماع الأغاني بعد التّعوّد عليها), ولا داعي أبدا لأن تقنع نفسك بأنّ الاستماع لأغاني الرّجال لا بأس به وأن ذلك قد يفيدك في توجيه مخيّلتك نحو الجنس اللطيف لأن ما سيحصل فعلا هو استثارة الإحساس المرهف في داخلك فتجد نفسك تستحضر ما تحفظه من أغاني المطربات.
- ابتعد عن تعمّد ترقيق صوتك, لكن لا داعي لأن تحاول تضخيم صوتك وتغييره مرة واحدة, بل التزم التدرّج دائما لكي تتجنّب الضّغط ويسهل عليك اكتساب الثقة في نفسك.
- تجنب لبس الثياب الضيقة أو التي تشعرك بأناقتك واستحسان الذّكور لك (في الواقع يشعر الشباب الطبيعيون بالاحتقار حيال ذلك), وعليك أن تجتنب الغريب من الثياب الذي يلفت إليك الانتباه .
- تحاش أن يكون لديك صديقات في العمل أو الدراسة أو حتى في البيت يعاملنك على أساس أنك مختلف عن باقي الذكور (وتأكد انه في أول اختلاف لك مع إحداهن فإنها ستنعتك بما يزعزع ثقتك في رجولتك).
- ابتعد عن المكوث كثيرا في البيت ومشاهدة المسلسلات لاّن ذلك يؤجّج العواطف فيك و يجعلك خياليّا ومرهف الإحساس, ولكن إيّاك ومحاولة محاربة العواطف الإنسانيّة النّبيلة فيك كالرّحمة والتّسامح...
- لا تطلق العنان لتخيّلاتك قبل النّوم وأنت في فراشك, وإن صعب الأمر عليك في البداية فحاول أن لا تتعدّى السّطحيات عند تخيّلك لممارسات شّاذة, وأقلع عن ذلك تماما عندما يصبح بإمكانك الاستمتاع بتخيّل الجنس اللّطيف. أمّا في الصّباح عند استيقاظك من النوم فلا تبق في فراشك إلا قدر ما يلزمك من ّالوقت للأذكار.
- إذا كنت من مدمني العادة السّرّيّة (وقد يصل الأمر إلى الاعتقاد بأن لا سبيل لخروج المني إلاّ ذلك وهذا اعتقاد خاطئ فبمرور الوقت يستعيد الجسم طريقته في القذف بالاحتلام, كما انّه من الخطأ التفكير في أنّ الاستمناء يخلّصك من النّزوات الشّاذة), فعليك بالتخلّص منها في أقرب وقت, وإذا حدث وأخطأت (وهذا وارد في البداية ودواؤه التّوبة عند كلّ مرة), فلتوجّه مخيّلتك نحو الإناث لا الذّكور. وفي كل الأحوال عليك بتجنب كل ما يتعارف على أنه خاصّ بالنساء دون غيرهن.
"عزّز ثقتك برجولتك" - حافظ على صلاة الجماعة لأنك وأنت في بيت الله ليس أمامك إلاّ المقاومة مهما كانت الوساوس, وأنصحك في هذه الحال أن تتصرف بذكورة حتى وإن كان ذلك تصنّعا منك لكي تضمن تفوّقك على وساوسك.
- مارس الرياضة باستمرار, وللنيّة هنا دور كبير, فلا تنس أنّ هدفك من وراء ذلك هو الحصول على جسم رجوليّ ليس فيه ما يدعو للشعور بالنّعومة والأنوثة, حاول وأنت في لحظات إجهادك أن تستحضر رغبتك في التغّلب على المرض فإنّه من المهم أن يكون لك رصيد من الجهود تخاف عليه من الضّياع.
- تحدّ خجلك ولا يمنعنّك من فعل ما تراه ضروريّا كالحديث وسط جماعة فيها غرباء أو النّزهة والّتسوّق... لا تقاوم خجلك بل قل في نفسك دائما: وماذا عساي أخسر إن نسيت مشيتي واحمرّ وجهي وتصبّب العرق من جميع أنحاء جسدي وسالت الدّموع من عينيّ؟ فليكن ذلك, تلك ليست نهاية العالم, وثق أنّ شعورك المزعج عند خجلك أنت فقط من يحس به وهو لا يعني بالنسبة إلى الناظر إليك شيئا, وأنّه بمرور الوقت سيتلاشى.
- استعمل العبارات التي توحي برجولتك حتى وإن شعرت بعدم تلاؤمها مع شخصيتك (لا بأس ببعض النّفاق عند الضّرورة), وعندما تكون على الإنترنت عبّر عن مشاعر الرّجولة فيك (اصطنع ما يجب اصطناعه) وأكثر من القول بأنّك رجل وأنّك تشعر برجولتك (أقدّر صعوبة الأمر ولكنّ ذلك في البداية فقط ثمّ تتعوّد على ذلك وتبدأ بالشّعور به فعلا عند إحساسك بتعوّد الناس على ذلك واقتناعهم به).
- تقرّب من الأشخاص الذين تتوسّم فيهم التّرحيب برغبتك في التغيّر وتحمّل انتقاداتهم المحتملة (على كلّ حال انتقادات الآخرين ستظلّ جزءا من حياتك وعليك بالصّفح وطول البال), ولكن إيّاك ومصارحتهم بحالتك لأنّك ستستكين إلى الاستسلام للأمر الواقع إن أحسست بتعاطفهم وإشفاقهم على حالك(فقط الطّبيب أو باسم مستعار على الإنترنت).
- حافظ على رزانتك أثناء تعاملك مع أي رجل فيه ما يشعل فيك الإحساس بالرّغبة والانجذاب إليه, ولا تشعرنّه بذلك ولو بنظرات عينيك (قد تخرج عن سيطرتك بعض الأمور كاحمرار وجهك مثلا ولكن, لا بأس, فهو لن يفهم السّبب أبدا), وستعرف بنفسك حلاوة ما ستشعر به من كبرياء وكرامة وأنت تفعل ذلك.
- كن قويّا وحازما مع نفسك ما استطعت وذا همّة في ملء فراغك بما ينفعك ولا تهن أمام الخلق بل خصّ بذلك الخالق فهو أدرى بوعورة دربك وأعلم بما لديك من مؤهلات للتّغلّب على ما توسوس لك به نفسك.
"...... سدّو واستريح" إنّ باب الفساد مفتوح على مصراعيه والدعوة مفتوحة للجميع دون استثناء, خصوصا مع انتشار الإنترنت والفضائيات: - إيّاك والصّور والأفلام الإباحيّة وخصوصا بين الشّواذ جنسيّا لأنّ ذلك يهدم في دقيقة ما قد تبنيه خلال شهر, وحتّى النّظر إلى أصحاب الثيّاب الضّيّقة والعضلات المفتولة ومقارنة نفسك بهم(نعم, إيّاك والمقارنة).
- اقطع السّبيل على نفسك بأن تحدّد جيّدا ما ستقوم به عند دخولك الإنترنت وقراءة بعض الآيات من القرآن الكريم قبل ذلك إن لزم الأمر, وفي البيت قم بمحو كلّ القنوات الفضائيّة الدّاعية إلى المحرّمات وتخلّص من أشرطة الفيديو , الأقراص المضغوطة... التي تحتوي على أفلام إباحيّة, واقطع صلتك بمصادرها.
لا بدّ من أن تعلم أنّ الطّريق صعب وشاقّ في البداية ولا زاد له غير الصّبر والتّوبة (نعم فالأمر يتعلّق بواحدة من أقوى الرّغبات في الإنسان "الشّهوة الجنسيّة" ومن الطّبيعيّ أن تتكرّر أخطاؤك فاحرص على تجنّب الكبائر, ولا داعي للإفراط في لوم نفسك بل فكّر دائما في الخطوة المقبلة), وعليك بالتوكّل الصّادق على الله والدّعاء بالشّفاء في كلّ حين: عند إحساسك بضعفك, عند قيّامك بأيّ عمل تتصدّى فيه لهذا الدّاء, في شهر رمضان المبارك... واعلم أنّه بمرور الوقت ستكتسب خبرة بالبلاء وستتعلّم كيف تتعامل معه إلى حين الشّفاء منه أو القدرة على تجاهله بعيش حياة طبيعيّة وبناء أسرة عندما ترى أنّك تستطيع تحمّل تبعات الزّواج (حاول تنمية رغبتك في المرأة بتخيّلاتك وأثناء الشّهوة قبل الإقدام على الزّواج, فأنا لا أنصحك بمحاولة محكوم عليها بالفشل مسبقا, وعلى كلّ حال أنت أدرى باستعدادك وأنت وحدك من يقرّر ).
تأكّد من أن نصائحي لك هي من صميم تجربتي وأدعوك لدعمها باستشارة محلّل نفسانيّ إن أمكن (وهذا ما أنوي فعله بعد أن قرّرت التّوكّل على الله والزّواج بعد مدّة أحسبها كافية, بإذن الله, لترتيب ما يجب ترتيبه استعدادا للحياة الأسريّة) وإنّي أحثّك, وألحّ في حثّك, على الأخذ بهذه النّصائح ومثيلاتها ممّا يدعوك إلى الصّبر والاجتهاد في التّصدّي لمرضك مع الحرص على مرضاة الله في سعيك, خصوصا إن كانت من أشخاص عاشوا المشكلة وعرفوا قسوتها وصعوبة الخلاص منها (أنا في السّابعة والعشرين من العمر, والله وحده يعلم كم عانيت من هذا المرض ولكنّي الآن ,والحمد للّه, راض ومتفائل, بل أشعر أحيانا أنّني أكثر تفاؤلا من أصدقائي الذين عافاهم الله من هذا البلاء حتّى في موضوع الزّواج نفسه, وأشعر بالثّقة خصوصا عندما أستحضر نعم الله عليّ كتفوّقي في الدراسة منذ صغري واستسهالي لممارسة الرّيّاضة....). هذا ولا يخفى عنك أنّك ستمرّ حتما بفترات استسلام وضعف في العزيمة وطغيان لنزواتك فاسع أن تخرج منها بأقلّ الخسائر, ولتتذكّر دائما أنّ في هذا العالم بعيدا عنك ومن حولك أناس يعانون مثلك فمنهم المستعجل ومنهم التّوّاب المتطهّر فكن من الفريق الثّاني..…
وفي الأخير, بقي لي أن أسأل الله لي ولك ولجميع من حيّره هذا الدّاء دوام الرّغبة الصّادقة في التّغلب عليه لأنّه بغيرها لا تنجح أيّة محاولة للّتغيير, وأن يعصمنا من كبائر الإثم ويجزينا خير الجزاء على صبرنا ويرزقنا الثبات ونحن نتّقيه, وهو القائل في كتابه الكريم: "ومن يتّق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب...".
''أخي في الله, أتمنّى أن تفيدك تجربتي وتفيد بها غيرك, لا تنسني بدعائك''، وصلّى الله على سيّدنا محمّد, والسّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. مبتلى صابر على البلاء الجزائر
14/10/2006 |