أخي السلام عليكم،لدي مشكلة وهي باختصار أن لي أخ يبلغ من العمر13 سنه ولكن تصرفاته غريبة ومنها أنه يقطع رموش عينه، وهو كثير الكذب ويحب أن يأكل عند الناس أعني أنه يريد أن يرينا أنه يأكل كثير وهو أيضا كثير السرقة ويقوم بتصرفات لكي يجذب انتباهنا وهو عدواني من الدرجة الأولى.. فكيف أتعامل معه؟ الضرب والكلام لا يفيد فيه إطلاقا فهو لا يبالي.11/10/2003
الأخت السائلة، أهلا وسهلا بك وشكرًا على ثقتك بموقعنا وصفحتنا استشارات مجانين، الحقيقة أن برقيتك التي أرسلتها لنا مستشيرةً جاءت أقصر من أن تسمح لنا بالكلام عن حالة أخيك هذا بعينها، لأننا لا نعرف عنه أكثر من أنه ذكرٌ في الثالثة عشرة من عمره، وتصرفاته أو سلوكياته تسبب مشاكل له ولأسرته، وربما للمجتمع بشكل أو بآخر، ويغيبُ عن إفادتك أحد أهم أبعاد الحكم على سلوك ما بوصفه مرضًا أم لا، وهذا البعد هو بعد الذكاء أو القدرات العقلية بوجه عام. فنحن لا نعرف حتى إن كان أخوك طالبًا أم لا، ولكننا نعرفُ أنه كثيرُ الكذب والسرقة وعدواني من الدرجة الأولى، ونحن الأطباء النفسيون في هذا السن نسمي مثل هذه السلوكيات باضطراب التصرف Conduct Disorder، ونعرف عنه أنه يقوم بتصرفات غريبة فسرت من قبلكم على أنها لجذب الانتباه، ولم تضربي لنا مثلاً إلا إن كان أكله بشراهة عند الناس(ليريكم أنه يأكل) هو المثال الكافي في رأيك، ونعرف أيضًا أنه يُـقَـطِّـعُ رموشَ عينه.المهم أننا وبسبب أن صفحتنا ما تزال في مرحلة التأسيس لنشر مفاهيم الصحة النفسية السليمة في المجتمع العربي المسلم فإننا سنعرضُ أولاً عرضًا موجزًا لاضطرابات التصرف في الأطفال والمراهقين: فهي مجموعة اضطرابات تتميز بنمط متكرر ومستمر من التصرف المستهين بالمجتمع أو العدواني أو المتحدي وقد يصل هذا السلوك في أشد حالاته بالنسبة للفرد إلى حد الانتهاكات الشديدة لما هو مناسب بالنسبة لعمر الطفل والمنتظر منه اجتماعيا، وبالتالي فهو أشد من شقاوة الأطفال العادية أو تمرد المراهقة أما الأفعال المتفرقة المستهينة بالمجتمع فليست في حد ذاتها مبررا للتشخيص الذي يستدعي نمطا من السلوك أكثر استمرارية. وقد تتطور إضرابات التصرف في بعض الحالات إلى إضرابات الشخصية المستهينة بالمجتمع Dissocial Personality فاضطراب التصرف تصاحبه كثيرا أجواء بيئية نفسية اجتماعية سيئة تتضمن علاقات عائلية غير مستقرة وفشل في المدرسة كما يلاحظ بمعدل أكثر بين الذكور.. ومن أمثلة السلوكيات التي يستند إليها التشخيص: الإفراط في الشجار أو المضايقة، القسوة علي أفراد آخرين أو علي الحيوانات تدمير الممتلكات، إشعال الحرائق، السرقة، الكذب المتكرر، الهروب من المدرسة ومن المنزل، نوبات مزاج عصبية شديدة وكثيرة فوق العادة، سلوك متحدٍ استفزازي وعصيان شديد ومستمر وأي من هذه المعايير إذا كان شديدا يكفي للتشخيص، ولكن الأفعال المستهينة بالمجتمع المنفردة (أي التي تحدث مرةً واحدةً أو كل فترةٍ طويلةٍ) لا تكفي وحدها للتشخيص، كما لا يستخدم هذا التشخيص إلا إذا استمر السلوك الموصوف أعلاه لمدة ستة أشهر أو يزيد، ويبدو أن معظم ما سبق ينطبقُ على حالة أخيك، ولكننا لا نستطيع تحديد نوع اضطراب التصرف لديه فهناك عدة أنواع سنذكرُ منها ما قد ينطبق على حالة أخيك في إطار نقص المعلومات الحاد لدينا: (1) اضطراب التصرف المقتصر علي إطار العائلة: Conduct disorder confined to the family context وتشمل اضطرابات التصرف التي تتضمن سلوكا مستهينا بالمجتمع Dissocial,أو عدوانيا Aggressive(وليس مجرد سلوك معارض أو متحد أو مزعج) ويقتصر فيها السلوك غير الطبيعي تماما، أو يكاد أن يقتصر علي المنزل أو علي التعامل مع أعضاء العائلة المصغرةNuclear Familyأو المعاشرين المباشرين للطفل أو علي كليهما، مع مراعاة أن أشد علاقات الآباء بالأطفال اضطرابا لا تكفي في حد ذاتها للتشخيص، وقد تكون هناك سرقة من المنزل ترتكز غالبا علي أموال وممتلكات فرد أو فردين بعينهما وقد يصاحب ذلك سلوك تدميري عمدي يركز مرة أخري غالبا علي أفراد معينين من الأسرة ويتضمن تكسير اللعب أو التحف وقطع الملابس، ونحت الأثاث وتدمير المقتنيات الثمينة، كذلك فان العنف الموجه ضد أعضاء العائلة(دون غيرهم) وإشعال الحريق المتعمد والمقتصر علي المنزل هي أيضا من أسس التشخيص. معنى ذلك أن انطباق هذا النوع على حالة أخيك يتطلب ألا يكون هناك اضطراب في التصرف له شأنه خارج نطاق العائلة السوي، وأن تكون علاقات الطفل الاجتماعية خارج إطار العائلة في النطاق السوي. وفي أغلب الحالات سوف نجد أن اضطرابات المسلك المقتصرة علي العائلة قد برزت في سياق شكل ما من الاضطراب الشديد في علاقة الطفل بواحد أو أكثر من أعضاء عائلته المصغرة ففي بعض الحالات علي سبيل المثال قد يبرز الاضطراب في ارتباط بصراع مع زوجة أب جديدة أو زوج أم جديد. (2) اضطراب التصرف غير المتوافق اجتماعيا: Unsocialized Conduct Disorder ويشترط لتشخيصه عدم الانخراط الفعال في مجموعة من الأقران هو مفتاح تميز اضطراب التصرف غير المتوافق اجتماعيا عن اضطرابات التصرف المتوافقة اجتماعيا، ويستدل علي اضطراب العلاقات مع الأقران أساسا بالانعزال عن الأطفال الآخرين أو المواجهة بالرفض من قبلهم وعدم الشعبية بينهم أو بكليهما معا، وكذلك بافتقاد الأصدقاء المقربين والعلاقات المستمرة، المتعاطفة، المتبادلة مع آخرين من نفس المجموعة السنية أما العلاقات مع البالغين فتتميز بالخلاف والعدوانية والرفض ومع ذلك قد توجد علاقات طيبة مع بعض الأفراد البالغين(ولكنها تفتقر غالبا إلى الطبيعة الوثيقة). والعلاقات مع الكبار ذوي السلطة تميل إلى أن تكون سيئة ولكن قد تكون هناك علاقة طيبة مع بعض الكبار، وتكون الاضطرابات العاطفية عادة ضئيلة وقد يتضمن اضطراب التصرف أو لا يتضمن الإطار العائلي ولكن اقتصاره علي المنزل يستبعد هذا التشخيص. وغالبا ما يكون الاضطراب أكثر وضوحا خارج إطار العائلة وإذا ما اقتصر علي المدرسة (أو أطر أخري خارج سياق العائلة) فان ذلك لا يتناقض مع التشخيص.(3) اضطراب التصرف المتوافق اجتماعيا: Socialized Conduct Disorder ويتميزُ هذا النوع من اضطرابات التصرف بوجود صداقاتٍ قويةٍ ودائمةٍ مع أقران من نفس المجموعة السنية تقريبا، وكثيرًا ما تتشكل تلك المجموعة من صغارٍ آخرين متورطين في نشاطاتٍ منحرفةٍ مختلفة في البيئة التي يعيشون فيها، وفي هذه الحالة يكونُ تصرف الطفل المرفوض اجتماعيا مقبولاً وسط هذه المجموعة، وأنت لم تذكري لنا أي شيء عن الناحية الاجتماعية لأخيك. كما أن هناك أنواعا أخرى منها ما يسمى باضطراب التصرف الاكتئابي Depressive Conduct Disorder ، ومنها الاضطرابات المختلطة في التصرف والانفعالات، وغير ذلك، أي أن الأمر ليس بالبساطة التي تتخيلينها، ولابد من مساعدة طبيب نفسي متخصص واختصاصي نفسي يقوم بتقييم معدل الذكاء وتقييم ما يمكنُ تقييمه في هذا السن من أبعاد الشخصية عند أخيك.أما مسألة تقطيع رموش العينين فنحتاج فيها إلى معلومات أكثر تفصيلا، فهل هو فقط ينتف الشعر من رموش العينين؟ أم أيضًا من شعر الحاجب أم من شعر رأسه، ومتى وبأي معدل يفعل ذلك وبماذا يفسره؟ وهل الأمر يتعلق باضطراب نتف الشعر Trichotillomania القائم بذاته أم أن كل ما ذكرته من أعرض هو أصلا جزء من اضطراب سلوكي وذهني أكبر. ونفس القول ينطبق على التصرفات التي تفسرونها على أنها لجذب اهتمامكم، إن حالة أخيك لا يمكنُ أن نضع لها حتى احتمالاً تشخيصيا في إطار نقص المعلومات الحاد الذي تركتنا فيه، وفي النهاية نطلب منك أن تقومي بعد القراءة المتأنية لما ذكرناه لك، وأن تسارعي بعرض أخيك على أقرب طبيب نفسي متخصص، وتابعينا بأخبارك وأخباره.