إغلاق
 

Bookmark and Share

الاسم:   أحمد 
السن:  
الجنس:   ??? 
الديانة: مسلم 
البلد:   مصر 
عنوان المشكلة: الطموح المكبوت.. وعسر المزاج 
تصنيف المشكلة: اضطرابات وجدانية: عسر مزاج Dysthymia 
تاريخ النشر: 04/04/2007 
 
تفاصيل المشكلة


وظيفتي مدرس مساعد بقسم الرياضيات - كلية العلوم. مشكلتي أنني أشعر بالملل الشديد منذ سنوات، ولا أرغب في مذاكرة الدكتوراه، وكلما هممت بالمذاكرة، ابتعدت عنها يبدو أن إرادتي وعزيمتي أصبحت أضعف ما يكون.

إنني شخص حساس للمشاكل المحيطة بي؛ مما يجعلني لا أشعر أن للحياة أي معنى، ووالدي رحمه الله- رباني على الحياة المثالية والتدين، فكلما وجدت شيئا خطأ اقشعرت نفسي وأُصبت بالكآبة الشديدة. الكلية التي أعمل بها في إقليم من أفقر محافظات مصر، الإدارة فاسدة لأبعد الحدود، لا إمكانيات للبحث العلمي، أغلب الأساتذة يطلبون بطريق غير مباشر الهدايا والخدمات من المعيدين والمدرسين المساعدين. من أعطاهم نال كل الحظ، ومن لم يعطهم أصابه السخط وتأخر في رسالته.

بعد حصولي على الماجستير في الرياضيات نشرت بحثين في مجلتين عالميتين بإنجلترا وإيطاليا، ورغم حبي الشديد للرياضيات فإنني كنت أجد أن بحوثنا ليست ذات جدوى، والرسول الكريم استعاذ من علم لا ينفع. فاقترحت على أستاذي أن أُعد رسالة الدكتوراه في موضوع يربط بين الرياضة والكمبيوتر أو الرياضة والاقتصاد، لكنني قوبلت بمعارضة شديدة منه ومن بعض الدكاترة بالقسم.

وبعد أن تأخرت لمدة عام ونصف حتى أسجل الدكتوراه سجلت في موضوع الماجستير مع بعض التطبيقات في مجال الكمبيوتر، لكنني أجد الأستاذ المشرف مشغولا، ولا وقت لديه لمناقشتي. بالإضافة إلى أنني أتقاضى مرتبا قدرة 650 جنيها، ولي زوجة وطفل، ولا يكفي ذلك للإنفاق على البحث، وزيارة المشرف بالقاهرة والإنفاق في المواصلات. بالإضافة إلى ذلك فإن والدي توفي إلى رحمة الله منذ 16 عاما، وأنا أكبر إخوتي، منهم ولد واحد والبقية بنات، وفعلا مشاكلهم تؤثر في كثيرا؛ فأنا المسئول الوحيد عنهم، وعندما تحدث لأحدهم مشكلة لا أستطيع أن أفتح كتابا، والآن يتقدم زملائي ويحصلون على الدكتوراه وهم أقل مني علميا -كما تشير تقديراتي السابقة- وأزداد بذلك حزنا على نفسي.

فكرت في الحصول على منحة للدراسة بالخارج، لكن دراسة الـ TOEFL كانت عائقا أمامي؛ فهي تحتاج وقتا ومالا، وكلاهما غير متوفر لي.

ومشكلتي الآن كيف أذاكر؟

أرجو الإفادة بأسرع ما يمكن.
وجزاكم الله كل الخير.

28/2/2007

 
 
التعليق على المشكلة  

الواضح من رسالتك أن حجم ووطأة المعاناة التي تعانيها شديدة وطويلة من حيث المدة الزمنية، ومن الواضح أيضا أن ظروف عملك وظروفك الاقتصادية قد زادت الأمر سوءا على سوء، ولكن الذي أراه أنك تحتاج إلى تغيير الكثير من المبادئ التي تؤمن بها وتراها غير قابلة للمناقشة أو أنها أفكار مسلَّم بها.. فليست جامعتك وحدها هي التي لا توجد بها إمكانيات للبحث العلمي بل كذلك كل الجامعات في منطقتنا العربية، وليس ما نحتاجه فقط هو الإمكانيات؛ بل إننا نحتاج إلى تغيير العقول أو طرق التفكير ربما أكثر من الإمكانيات المادية للبحث العلمي.

أما حكاية أنك تتضايق جدا كلما رأيت شيئا خطأ فإني أقول لك: إن هذه الطريقة في التفكير تكفي وحدها لتحميلك الكثير من الخسارة على مدى حياتك! لا بد يا أخي أن نستطيع التفريق بين الخطأ الذي نحن مسئولون عنه وأخطاء الآخرين، وبين ما تجب علينا محاولة تصحيحه وما لا تسمح لنا ظروفنا بتصحيحه، ولا بد هنا من أن نفعل ما تمليه علينا الظروف.

أنا بالطبع لا أقول لك: إن عليك مجاراة الخطأ أو المشاركة فيه، ولكن أقول: إن عليك ألا تحمل نفسك ما لا تستطيع، وأن تكون أكثر حكمة في تعاملك مع الحياة، كما أن فساد بعض النماذج من أعضاء هيئة التدريس موجود في كل مكان، ولكنه ليس بحال من الأحوال ظاهرة عامة، ولا بد أن في كلامك شيئا من المبالغة، أو لعل بعض المعلومات وصلتك بطريقة مغرضة من خلال أشخاص يريدون إيلامك أو تهويل الأمور عليك.

أنت تستطيع الاستعانة على ذلك كله بالله -عز وجل-، ومن أهم شروط ذلك أن تقوم بأداء ما عليك من واجبات، وأولها المذاكرة بالطبع، وأما مسئوليتك على إخوتك فإنها شيء يُحمد لك، ولكن في حدود ألا يكون ذلك معيقا لك عن التقدم في دراستك.. عليك أن توازن جيدا بين الأمور، وأن تحدد دائما أولوياتك.. فأنت مُحاسَب عن نفسك أمام الله قبل أن تحاسَب على إخوتك إلا إن كنت تهرب من مواجهة الواقع، وهذا ما أتمنى ألا يكون.

أما ما توحي به رسالتك من ناحية الأعراض النفسية؛ فإن فيها ما يوجهنا ناحية نوع من الاكتئاب البسيط، ولكنه طويل العمر؛ أي ما نسميه اليوم في الطب النفسي "عسر المزاج"، وهو نوع خفيف الشدة من الاكتئاب أهم ما يميزه هو كونه مزمنا، ولكن مشكلته أنه يتداخل مع أسلوب الحياة، ومع أفكار الشخص؛ بحيث لا يحس به المرء، وقد لا يحس به أهله والمحيطون به؛ لأنهم ببساطة يرون فيه إنسانا شخصيته هكذا.. أي أنه -مثلا- شخص ميال إلى الحزن والنكد، وهذا النوع من الاضطراب النفسي المزمن يحتاج إلى مساعدة من طبيب نفسي مختص.

كما يمكن أن يصل الأمر إلى حدوث اضطراب واكتئاب جسيم، إضافة إلى عسر المزاج؛ فيكون التدخل العلاجي هنا واجبا، ووصفك لعدم قدرتك على مذاكرة دروسك رغم رؤيتك لمن هم أقل منك يتقدمون، ويحصلون على الدكتوراه إنما يشير بقوة إلى احتمال وجود اضطراب نفسي لن تستطيع مقاومته وحدك؛ إذن فأنت في حاجة إلى مساعدة طبيب نفسي، ولكي يستطيع تحديد سبب معاناتك من ناحية، ولكي يستطيع وصف طريقة العلاج المناسبة، وحالتك في النهاية يمكن جدا أن تتحسن بعد أسابيع من الانتظام على جلسات العلاج المعرفي عند الطبيب النفسي.

واقرأ أيضًا:
الاكتئاب الدائم أم عسر المزاج؟  
عسر المزاج، والاكتئاب  
   
المستشار: أ.د.وائل أبو هندي