بعد السلام، هل الأبوة بالفطرة أم إحساس يكتسب بالتعايش؟ بمعنى آخر: هل يكفي لأي رجل في الدنيا أن أخرج من صلبه لكي يكون أبي؟ وبالتالي تبدأ قائمة من الحقوق والواجبات التي يجب أن أؤديها له؟ أم أن الأبوة شيء يُكتسب بالتعايش اليومي، ومدى التواصل مع هذا الأب، ونوع العلاقات بينك وبينه من حب أو كره أو احترام أو خوف.. وغير ذلك. لقد تهت في هذا العالم، ولم أعرف ما الذي يكفي لأي شخص أن يكون أبي. وبصراحة: أبي أقل ما يقال عنه أنه ظالم عنيد متجبر معقد نفسيا، يوزع حقده يمينا وشمالا، ويكوي به العائلة أولا، ثم الأقارب والجيران، لا يكلم أحدا، وليس لديه أي استعداد لمناقشة أي شيء، وهو منزوٍ على نفسه جدا، ويبدو من خلال تفسيري لمشكلته أنه عانى من تسلط أبيه عليه في الماضي؛ وهو ما جعله على هذه الصورة، ولكن هذا ليس ذنبي؛ فأنا من حقي أن أعيش وأحلم، ولكن ما الحل مع أب كهذا؟ إنني وأفراد عائلتي نحقد عليه، ونتمنى له الموت ليل نهار؛ حتى نتخلص منه، وإنني أدعو الله ليل نهار أن يخلصنا من هذا الكدر والهم والغم، ولدي ثقة في إجابة دعائنا؛ لأنه لم يبق لنا غيره، وخاصة في مجتمع كمجتمعنا، كل شيء فيه إرهاب وقسوة وعنف وتسلط وتجبر من الأسرة إلى القبيلة... وكل أسرة تنطوي على مشاكلها، ويحرم الحديث عنها؛ لأنها شيء من العيب؛ فحتى جارك لا يدري عنك شئيا، وهذا ما زاد الطين بلة. واعلموا أنني في الفترة الأخيرة تعبت جدا، ومع أننا عائلة تخاف الله في كل شيء ويشهد لها بالأمانة إلا أن نفسي تعبت، وأحسست -وأستغفر الله ألف مرة فيما سأقوله- بعدم جدوى الحياة، وأكاد لا أحس بوجود الله، وأستغفره؛ لأنه لو كان هناك إله لما رضي بحال كهذا لعائلة طيبة مباركة كهذه. ستقولون: امتحان! أي امتحان؟ من منكم يرضى أن أدوس عليه بشاحنة كامتحان فقط؟! بالضبط هذا امتحاننا الذي وقعنا فيه. لقد تفهت كل شيء؛ حتى صلاتي وقراءتي القرآن لم أعد أداوم عليها؛ لأنني رأيت أنه لا جدوى منها ما دام حالنا هكذا، والظلم هو سبب لكل المعاصي. أرجو إجابتي هل يكفي أن أخرج من صلب هذا الرجل لكي يكون أبي؟ وبالتالي تترتب عليّ عدة مصائب أقلها أن أطيعه طاعة عمياء في كل شيء دون استثناء؛ لأنه طبعا لا يناقش، وهل يمكن لأي قوة في الدنيا عدا قوة الخالق الجبار أن تغير كرهي لهذا الرجل وحقدي وغلي عليه، فقط هذا شعوري نحوه لا غير؛ فكيف وهو أبي؟ إنني أشمئز من رؤية وجهه النتن؛ لأنني لا أتذكر أنه ضحك في وجهي يوما، أو قال لنا حتى كلمة "السلام عليكم"، وهكذا معاملته مع كل العائلة.. انظروا حجم المعاناة! لم يبق لي من ألومه إلا ربي وديني؛ فسبحان الذي لا يلام، ومع تفكيري في قتل هذا الأب، وقتل نفسي أيضا؛ على الأقل لترتاح باقي عائلتي؛ فإن أملي كبير بالله مع حجم الأفكار التي تراودني بين الفينة والأخرى من أنه لو كان هناك إله لما رضي بمعاملة كهذه، وفى إمكانه أن يصلح حالنا في لحظة واحدة. وختامي، أرجو ممن يقرأ رسالتي أن يدعو معي الله أن يفرج عنا هذا الكرب، وأرجو من كل أب يقرأ رسالتي الرفق بأبنائه والخير والحب والصفح، وأستغفر الله على كل ما قلته، وأرجو أن نتواصل، وألف سلام. 22/4/2007