إغلاق
 

Bookmark and Share

الاسم:   هـ 
السن:  
الجنس:   ??? 
الديانة:  
البلد:   لبنان 
عنوان المشكلة: الأثرية وغيرها ..متى تكون مرضية؟ 
تصنيف المشكلة: اضطرابات التفضيل الجنسي Sexual Preference Disorder 
تاريخ النشر: 01/06/2007 
 
تفاصيل المشكلة


السلام عليكم ورحمة الله وأشكركم جزيل الشكر على هذه الصفحة الرائعة والموقع العظيم.

أما بالنسبة لمشكلتي التي ترافقني منذ زمن بعيد وأصبحت تسبب لي الكثير من الهم فهي الانحراف الجنسي  السلوكي، ولا أقصد بها الشذوذ أو الـhomosexuality إنما اقصد المازوخية والفيتيشية خاصة ما يسمى بفيتش القدم Foot Fetish.

لدي عدة أسئلة حولها،
أولا: ما حكمها في الدين، طبعا، عند ممارستها مع الزوجة وإلا اعتبر زنا؟
ثانيا: هل صحيح أن هذه الاضطرابات خلقية أحيانا تلعب الوراثة دورا فيها؟ وإن كان لها علاج فما هو وما مدى فعاليته؟ وفي حال عدم وجود حل فما تأثيرها على العلاقة الزوجية السليمة؟

أرجوكم أن تساعدوني لأتخلص منها فأنا دائما أشعر أنني لست كباقي البشر وهذه المشكلة جعلتني أتردد كثيرا حول الزواج، هل أصارح زوجتي بها وهل ستتقبل هي هذا؟

وبالنسبة للأسباب فما هي وما مدى تأثير المجتمع عليها رغم أن وضعي الاجتماعي والمادي جيد ولله الحمد وليس لدي ما قد يسبب لي عقدة سوى هذه المشكلة التي أريد لها حلا ضمن نطاق الدين. وفي النهاية أرجو منكم إغاثتي وأشكركم على جميع الأحوال.

18/4/2007

 
 
التعليق على المشكلة  

الأخ السائل العزيز، أهلاً بك..
الحقيقة أنها المرة الأولى التي تصلنا فيها رسالة يستفسر صاحبها عن مشكلة تقع ضمن
الشذوذات الجنسية، ونجد أننا لا نحمل داخل ذواتنا إلا التقدير لمرسلها والشعور بمدى معاناته ومنهجه السليم في التعامل معها والسؤال عنها، لست أدري بالضبط ما هيَ الكلمات التي احتوتها إفادتك فأنتجت كل هذا التعاطف داخلنا إضافةً إلى الشعور بالمسئولية تجاه معاناتك، ولعلها تحديدك للأمر منذ البداية بأنه إن كان فسيكون مع الزوجة، وبأنه في غير ذلك سيعتبر زنا، وربما يكون السبب هو طلبك لحل في إطارِ الشرع والدين، المهم أننا نلمس في رسالتك صدقا في السؤال، وحرصًا على طلب العلاج داخل إطار الدين، ولم نجد لدينا إلا شعورًا بالواجب تجاهك وإخلاصًا في محاولة مساعدتك.

ولسنا ندري بدايةً هل ينطبق عليك تشخيص المازوخية والفيتشية أم لا فقد يكون الأمر ليس أكثر من تخيلات جنسية تثيرك وهذا ما لا يعتبر مرضا، فهناك إلى جانب ما نعتبره تخيلاتٍ جنسية سوية تحدث لكل بني آدم توجد أنواع من التخيلات الجنسية غير السوية على الأقل حسب مفاهيم ومعتقدات الشخص نفسه، ونستطيع اعتبار هذه التخيلات غير السوية ذات علاقة إما بالشذوذات الجنسية Paraphilias ولكن بدرجة ضعيفة، وغير مكتملة التكون والثبات في نفسية الشخص بحيث لا تصل إلى الحد الذي يجعل منها اضطرابًا نفسيا كما سأوضح بعد قليل، أو تكون هذه التخيلات متعلقة بالجنسية المثلية التي يرفضها الشخص السوي، لكنها لا تصل إلى مرحلة الوساوس أو الأفكار التسلطية التي تعيق أيضًا عن الأداء، ومن المهم أن نشير إلى أن رجلاً ما تثيره قدم المرأة أو حتى إحدى القطع من ملابسها الداخلية أو حليها كمقدمة لعلاقةٍ جنسية طبيعية ليس إلا رجلاً ككل الرجال (أي أنه ليس مريضا بإحدى الشذوذات الجنسية)، أما أن تصبح علاقة أدائه الجنسي بالقدم أو بغيره شرطية بحيث يستحيل الأداء الجنسي بدونها، أو أن يقتصر في علاقته على التعامل مع الفيتش أيا كان فهذه هيَ الحالة التي نسميها بالفيتشية.

إذن فشرط اعتبار التخيل الجنسي اضطربًا نفسيا واقعًا ضمن الشذوذات الجنسية النفسية هو أن يستحيل على الشخص الوصول إلى المتعة الجنسية في غياب ذلك التخيل، ففي حالة الرجل المصاب بالمازوخية مثلا يكون إظهار المرأة لخشونتها وتفوقها الجسدي على الرجل بضربه أو سبه أو إهانته بشكلٍ أو بآخر شرطًا لا غنى عنه لكي يتمكن الرجل من ممارسة الجنس معها والوصول إلى الإرجاز الجنسي، والإرجاز هو الاسم الصحيح لما يسمى بالشبق.

وأما سؤالك عن الأسباب فليست هناك أسبابٌ معروفةٌ على وجه التأكيد في الطب النفسي لا للمازوخية ولا للفيتشية بأشكالها وألوانها المختلفة بل إن بعض النظريات تبدو غير مقنعة -لي على الأقل- فمثلاً في محاولتهم البحث عن سببٍ لفيتشية القدم تحديدًا تراهم يربطون انتشار هذا النوع من الفيتشية بالوباء الذي عرفته أوربا في القرن الثامن عشر حيث كان انتشار الأمراض الجنسية الانتقال Sexually Transmitted Diseases كالزهري Syphilis والسيلان Gonorrhea أمرًا مرعبا دعا الرجال إلى استخدام قدمي المرأة كبديل عن الفرج، وهذا ثابتٌ بالمناسبة في التاريخ الطبي الاجتماعي في أوربا، بل كانوا أيضًا يربطون قدمي المرأة ببعضهما (ربما عند سفر الزوج)، ويمكنك أن تعرف المزيد عن هذه الأنواع من الشذوذات الجنسية النفسية من خلال قراءة إجابات سابقة لنا على صفحتنا
استشارات مجانين بعنوان:
بين الخيال والممارسة: أنواع الشذوذات الجنسية

وأما تلك الاحتمالات التي تتحدث عن دورٍ للتعلم والاشتراط Learning and Conditioning فليست هناك أيضًا أبحاثٌ علمية تؤكده، حتى إنه من غير المؤكد حتى وقت كتابة هذه السطور إن كانت الاستجابات أو السلوكيات الجنسية البشرية human sexual behavior متعلمةً أم لا! وذلك فيما يتعلق بالسلوكيات التي تعد طبيعية وبتلك التي تمثل انحرافًا بشكل أو بآخر، ونفس الكلام ينطبق على محاولات إرجاع الأمر إلى الوراثة، فنحن يا أخي السائل وبمنتهى الوضوح لا نعرف الأسباب!

وهنا نقطةٌ مثيرةٌ للتأمل، هل يا ترى لم تكن مثل هذه الأشكال من الميول أو الانحرافات الجنسية المختلفة عما هو منتشر ومعتمد في الإطار الاجتماعي، لم تكن موجودةً أيام أجدادنا العرب والمسلمين؟ ليس بين أيدينا بالطبع ما نستطيع الاستناد إليه، فمعظم تراثنا ضائع أو محجوب والله أعلم، لكن العقل والمنطق يشيران إلى أن مثل هذه التوجهات والميول (ولا يشترط أن تكونَ واصلةً دائمًا إلى حد الشذوذات paraphilias كما عرفناها)، لا بد أنها كانت موجودةً أيام أجدادنا ولا بد أنهم تعاملوا معها في إطارٍ من الضوابط الشرعية السليمة، تلك التي تجيز لك الجنس مع زوجتك الحلال، وفي إطارٍ حدود ما تتفقان، ولا تنس قول الله تعالى: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) "سورة البقرة الآية 223".

وما أجده -كطبيبٍ نفسي مسلمٍ- (وليس كمفتٍ ولا جديرٍ بالإفتاء لا أنا ولا الصفحة التي أكتب من خلالها) من هذه الآية في حالتك هو أن ما قد تجد نفسك مضطرًا لممارسته من طقوس مع قدمي الزوجة (خاصةً أن هذا قد يرضي كلا من النزعة الفيتشية والمازوخية في نفس الوقت) يمكن أن يدخل ضمن إطار (قدموا لأنفسكم)، وكل جزء في جسد المرأة يعتبر حرثًا لزوجها (في إطار "من حيث أمركم الله") ومثيرًا لها في ذات الوقت، ثم يستمرّ الأمر القرآني بعد ذلك إلى (واتقوا الله)، وهو ما قد أفهم منه أن عليك مراعاة حاجة الزوجة مثلما راعيت حاجة نفسك أي لا تكتفي بذلك الفيتش.

ولكن السؤال الذي ما يزال مطروحًا هو لماذا لم تكن مناقشة تلك الأمور علنيةً ومنتشرةً إبان ازدهار حضارتنا الإسلامية مثلما هيَ الآن في الحضارة الغربية؟

والإجابة عن ذلك في رأيي ربما تكون راجعةً إلى ما اتصفت وأحيطت به علاقة الرجل الجنسية بزوجته من سرية وكتمان، فلم تكن النساء المسلمات يتحدثن في ما يجري بينهن وبين أزواجهن والعكس صحيح، إذن فمن أين لنا أن نعرف أن مثل حالتك لم تكن موجودة؟

أما ما يتعلق بتأثير ذلك الأمر على العلاقة الزوجية فالأمر هنا يتعلق بعقلية ونضج المرأة التي سيكرمك الله سبحانه وتعالى بها وعليك أن تحسن اختيار دينها وعقلها (ولك أن تختار صفةً معينةً في قدميها ستقع تحت إطار الجمال) لكن المهم هو أن يكونَ بينكما من الحب والتفاهم والتواد ما يجعل أي شكل تأخذه علاقتكما الجسدية غير مؤثرٍ على علاقتكما في الإطار الأسري أو الاجتماعي، فقط عليك بإحسان الاختيار.

وأما سؤالك عن العلاج فهو يتطلب التشخيص أولا لأن وصفك لنفسك بأنك مازوخي أو فيتشي لا يعني أنك كذلك كما أسلفنا، وما قد يستوجب العلاج في مثل حالتك هو أن تكونَ الأمور واصلةً إلى أنك ستكتفي بالتعامل مع قدمي زوجتك وتهمل باقي جسدها مثلاً، ففي ذلك يصبح الأمر بحاجةٍ إلى العلاج، والحقيقة أن علاج المسلمين خاصةً المراعين لدينهم والحريصين على أن يجدوا الحل لمشاكلهم في إطارٍ من الضوابط الشرعية، سيكون بالتأكيد أيسر من علاج غيرهم، وليست هناك في الطب النفسي الغربي إنجازاتٌ تذكر في هذا الإطار، أما في الطب النفسي الإسلامي فادع لنا الله أنا وأخي الدكتور أحمد عبد الله ومن يهديه الله لمساعدتنا في الوصول إلى الإنجاز الذي نستطيع إعلانه فيه فيما يتعلق بمثل حالتك، فنحن بالطبع نهتم حتى الآن بما هو أكثر شيوعًا من الاضطرابات النفسية، لكنني أعتقد أن اهتمامنا بالجنس في الإسلام يتزايد يوما بعد يوم، وفقك الله واختار لك من تعينك على دينك ودنياك و
تابعنا بأخبارك.

* ويضيف
د. أحمد عبد الله:
تأخرت في التعليق على رد أخي
أ.د.وائل أبو هندي عليك يا أخي السائل، فمعذرة، والحق أن صفحتكم هذه قد آثرت من أول يوم أن تدخل إلى كل المساحات المتعلقة بالإنسان ومشكلاته، وهي لا تخاف في ذلك لومة لائم، وإن كانت تتطور بنقدكم العميق، وإفاداتكم، الواقعي منها والنظري، لنصل بمشيئة الله إلى تصورات أكثر تبلورا ونضجًا لما يمكن أن يندرج تحت عطاء الإسلام في مجال النفس: طبيعتها وأمراضها.

لو كانت عندنا جامعة لاكتفينا بمقرراتها الدراسية، وقلنا للجاهلين ـ وما أكثرهم ـ تعالوا لتتعلموا، ولو كانت لدينا مراكز متخصصة منتشرة في بلدان المسلمين لقلنا لأصحاب المشكلات تعالوا نعالجكم، ولو كانت لدينا وسيلة أخرى للتواصل معكم غير النشر لاستخدمناها، ولكننا لا نملك إلا هذه المساحة، ومن التحديات التي تواجهنا أنها مساحة بوح منكم وتنفيس عن المعاناة ودعم منا وتعليم وإرشاد، ثم هي مساحة تفاعل بيننا: أنتم بالمعلومات، ونحن بالتحليل والتنظير والإرشاد، والتفكير، والبحث والتأليف، وهو جهد كبير، وعملية متشابكة وعميقة ودروكم فيها أصيل بالإفادة والمصارحة بالحقائق ثم بالمتابعات والمشاركات فلا تترددوا في الكتابة لنا فإننا نتعلم من رسائلكم كما تتعلمون من إجاباتنا.

* ويضيف
أ. مسعود صبري:
إن ممارسة الجنس مع قدم الزوجة من الناحية الشرعية له شقان:
الأول: أنه ليس هناك من النصوص الشرعية ما حرم مثل هذا الفعل.
والآخر: أنه لا بد في المعاشرة الجنسية بين الزوجين من مراعاة حاجة كل من الزوجين، فإن كنت ترى أن مداعبة القدم بأي شكل من الأشكال تؤدي إلى درجة الإثارة، لكنك لن تقف عند هذا الحد، بل تقوم بإعطاء زوجتك حقها الشرعي في الجماع في موضع الحرث، فلا بأس بهذا.
لكن أن تبقى كل الممارسات الجنسية محصورة حول القدم حتى تصل إلى حد الإنزال ففيه ظلم للمرأة.

وأحسب أن الاطلاع أولا على الممارسات الجنسية المشروعة، الواردة في السنة النبوية، وما أفرزه العقل البشري، فيه كثير مما يحد من حالتك، وبنوع من التدريب تنتقل إلى مرحلة غير التي أنت فيها. وكم من أناس كان عندهم أفكار أشبه بالمعتقدات والمسلّمات، ولكن مع القراءة والاطلاع، أو مع بعض التأثيرات الأخرى، تغير تفكيرهم، وأحسب أنك ستكون واحدًا منهم.

إن وصولك إلى هذه الحالة لا بد له من سبب، ربما كانت رؤية بعض الأفلام التي ركزت على هذا السؤال، وكان لافتا للنظر، لغرابته، أو لجدته، لفت انتباهك دون غيره، لأن البعض دائمًا يبحث عن الغريب الذي لم يعتده الناس. ولكن التسليم له وجعله أمرًا لا فكاك منه يحتاج إلى شحنة نفسية، وذلك أن نفس الإنسان هي المحرك الأول لجسده، فإن علت النفس، علا الجسد، وإن هبطت النفس هبط الجسد.

ومن المعلوم في الممارسة الجنسية أنه يجوز للزوج أن يمارس مع زوجته ما يشاء باستثناء الجماع في الدبر، والجماع وقت الحيض والنفاس، وما سوى هذا، فهو يعود للعودة والعادة، وما يتقبله الزوجان معًا، دون أن يجبر أحدهما الآخر على فعل شيء، وفي هذا نلحظ أن الإسلام وسع دائرة الاستمتاع الجنسي بين الزوجين، بشكل كبير. ولكن لي تعليق على حبيبي وأخي الدكتور وائل، حيث فسر "فأتوا حرثكم أنى شئتم" بأن الحرث هو كل جسد المرأة، حيث قال: "وكل جزء في جسد المرأة يعتبر حرثا لزوجها في إطار "من حيث أمركم الله").

إنما الحرث موضع الولد، يعني جامعوا نساءكم في موضع الولد مقبلين أو مدبرين، وذلك أن اليهود كانوا يزعمون أن الرجل إن جامع زوجته في قبلها من دبرها، أتى الولد أحول، فنزلت الآية تنفي مزاعم اليهود وتبيح للمسلم أن يأتي زوجته في قبلها مدبرًا أو مقبلا، وفيها إشارة إلى اختلاف أوضاع الجماع، وقد سبق القرآن العلم الحديث فيها. وقد شبه القرآن الكريم فرج المرأة كالأرض، والنطفة كالبذر، والولد كالنبات.

أما عن تساؤل أخي الدكتور وائل عن وجود هذه الممارسات في عصر أجدادنا، وإيحائه بأنها ربما كانت موجودة، وتعاملوا معها في إطار الشرع، فإن إثبات الشيء يحتاج إلى دليل، كما أن نفيه أيضا يحتاج إلى دليل إن وجد، وأحسب أن هذه الممارسات إنما هي إفراز لثقافات مختلفة متنوعة، تتجدد عبر الزمن، بتأثير عوامل عديدة، وخاصة في عصور ثورة الاتصالات، لأن الممارسات الجنسية كان الغالب عليها التستر في العصور السالفة. وعلى كل، فأوصى أخي السائل أن يقرأ نفسه قراءة جيدة، وهل الممارسة التي يتطلع لها نسيج في داخله، أم أنها نتيجة لبعض الأسباب التي إن زالت عاد الإنسان إلى طبيعته.

كما أنصحه أن يقرأ في الثقافة الجنسية، وكيفية الاستمتاع الجنسي بين الزوجين، فربما يعجبه ما هو أكبر من هذا، مما هو مقبول للزوجة أيضًا، والله أسال له التوفيق في حياته.
 
   
المستشار: أ.د وائل أبو هندي