التخزين المرضي وسواس أم فصام؟حضرة الدكتور المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لقد تابعت معك استشارتي السابقة، ولكني أحببت إضافة بعض ما جد خلال الأيام الماضية؛ فقد شعرنا أن أخا زوجي يعاني كثيرا في الآونة الأخيرة؛ فقد أصابه التهاب في العصب الوركي وعانى من شدة الألم حتى منَّ الله عليه بالشفاء. ورغم أن أخا زوجي اضطر لطلب العون نظرا لعدم قدرته على السير لشدة الألم، بل طلب مساعدة صديقه الموجود على بعد أميال منه، فإن زوجي لم يقبل أن يسافر إليه قائلا لا داعي لإزعاجه، وتركنا وحدنا هنا للسفر إليه. المهم هو الآن مستقر جسديا بشكل جيد ولله الحمد، لكن يبدو من حديثه أن هنالك أعراضا جديدة تظهر عليه؛ حيث يقول إنه يشعر بضعف نفسي يتمثل في التقهقر والتردي والرجوع للوراء حسب تعبيره، وأنه منذ عام أو أكثر قليلا بدأت تزيد عنده الأعراض السابقة مثل الضيق عموما، وعدم الرغبة في القيام بشيء حتى الأمور اللازمة، كما أنه يقضي وقته لا مباليا يحلم في اليقظة ولا يميز الأوقات. يلهي نفسه أحيانا ويهرب مما هو فيه باللجوء إلى بعض ألعاب الكمبيوتر ليقضي جزءا من الوقت الفارغ الذي يكتنفه حتى تعلق بهذه الألعاب (البوكر على سبيل المثال ولا حول ولا قوة إلا بالله). ربما هي تنسيه الضيق الذي يحسه مؤقتا، ويبرر ذلك بأنه لم يستطع استغلال حريته كما يجب وأنه لم يظفر بعمل مناسب ينظم أموره بالتزامه فيه.. يهمل نظافة المكان ويهمل نفسه... يشعر بالضيق الكبير من الغرفة التي يقطنها ومن كل ما يحيط به ويريد أن يسعى في التغيير، لكن لأنه بحالته تلك ليست لديه أي عزيمة للتحرك الجاد فهو يدور في حلقة مفرغة. حضرة الدكتور، أليست هذه الأعراض التي يزداد وضوحها مؤشرا على الاكتئاب؟ أنا قلقة لأني مقتنعة أن وحدته وعدم تمكنه من تغيير ظروفه حتى لو أراد سيزيد الأمر سوءا (فهو لا يستطيع حتى السفر من مكانه لأنه مجرد مقيم في الدولة التي يعيش فيها وليس لديه جواز سفر صالح للتنقل)، فهو "عالق" في المكان الذي هو فيه لا إمكان للخروج أو الدخول حتى يحدث الله أمرا، وأشك في أن زوجي سيقبل أن يذهب إليه؛ فهو لا يزال يكابر كما يبدو. وزوجي لم يأخذ حتى الآن الأمر بجدية كافية فهو كما أسلفت شخص عملي واقعي مشغول في عمله كأستاذ جامعي لا يجد الوقت الكافي للاهتمام بالتفاصيل، وينسب أي شيء من ذلك إلى غرابة الأطوار وحسب.. هل يمكن أن يقدِم شخص سئم كل شيء على إيذاء نفسه في لحظة ضعف، خاصة أنه ليس مؤمنا ليردعه الخوف من سخط الله؟ لقد وجدت أن وضعه يزداد سوءا لأنه بات يرفض الرد على رسائل الماسينجر أو حتى البريد الذي يصله مثل الفواتير، فهو يهملها ولا يحس بالدافع للتجاوب مع أي من هذه الأمور، مع العلم أنه يقول لا أعرف ماذا يحصل معي ولمَ هذا الضعف والخواء. وهكذا سيدي الدكتور وجدت أن الأمر بحاجة للإضافة؛ فعلى ما يبدو لا أحد غيري يأخذ الموضوع بجدية ولا أحد يشعر بأن هنالك شخصا يذبل ويضعف تدريجيا.. وليس لأي أحد فكرة حقيقية، بل إن الجميع يختلق الأعذار ويجد أن الوضع طبيعي، ربما لأنه لا يصارح أحدا إلا نادرا، واضطر لذكر بعض هذه المسائل لي لأني عاتبته لعدم الرد على رسائلنا الإلكترونية؛ وهو ما دفعنا للقلق لصمته المستمر. حضرة الدكتور وائل أبو هندي، أرجو أن تسامحني على الإطالة، ولعل التفاصيل تكون مفيدة في تحديد المسألة ككل.. وبصراحة لم ألجأ بعد الله إلا إليك، وتفضل بقبول فائق احترامي واحترام زوجي، وشكرا. 8/4/2007