الأخت السائلة: أحسنت عرض مشكلتك، ونرجو أن نكون عند حسن ظنك، وأهلا بك دائما حتى تزول معاناتك هذه بمشيئة الله. ذكرتني قصة والدك بما تعلمناه وما يتعلمه كل دارس في مجال الطب النفسي عن بعض العلامات التي ترافق ظهور مرض الفصام، وهي الاهتمام بدراسة الروحانيات إلى درجة الاستغراق فيها، وتفسير الكثير من الظواهر والأحداث تفسيرا خاصا يسميه المريض باطنيا أو ينسبه إلى العلم اللدني – نسبة إلى قوله تعالي (وعلمناه من لدنا علما) – أو يقرر المريض صراحة بأن وحيا أو إلهاما يأتيه ليخبره بالمعلومات والمعاني !!! ولأن الطب النفسي كما نتعلمه في جامعاتنا هو حصاد خبرة غربية بالأساس ، ومساهمة العرب والمسلمين في تغذيته من ثقافاتهم وتراثهم وواقع خبراتهم قليلة ، فالنتيجة تكون مجرد معلومة نعرفها عن تلازم بين أمراض الفصام ، وصاعد الاهتمامات الغيبية/ الروحانية/ الدينية ... قد تأخذ أشكالا مختلفة حتى عما ذكرته هنا كأمثل. وإذا صح ما تعلمناه من أساتذتنا ومنهم أساتذة العالم المخضرم الأستاذ الدكتور يحي الرخاوي، وهو يصف الفصام بأنه عملية تشظي أو تصدع لبنيان النفس والعقل، فهل يمكن أن نفهم الاتجاه للأمور الغيبية بوصفه محاولة من الإنسان – ولو بغير وعي – للبحث عن معني ضام أو محور جامع تلتئم حوله أنقاض النفس والعقل المتهدم !!! ولا نعرف معني يملك هذه القدرة والقوة على إعطاء روح التماسك والتناسق بين الأجزاء والمتناقضات والشظايا العقلية والنفسية أكثر من الدين والتدين، وصحيح أنه هنا يأتي شكل غير سليم، وهذا مفهوم لأنه بحث من نفس مريضة، وبطريقة غير منهجية أو واعية، ولنقل أنه مجرد اتجاه أو رد فعل لأن كلمة بحث تحمل في طياتها معانيا إيجابية ومنهجية تفتقدها الظاهرة التي نتحدث عنها، وهذه أفكار مبدئية تحتاج إلى تطوير واجتهاد من الزملاء المتخصصين . وأغلب الظن يا أختي السائلة أن والدك مريض بأعراض فصامية يبدو وأنها من النوع المصحوب بضلالات الاضطهاد أحيانا وجنون العظمة – كما يسميه البعض – ولا أذكر لك على سبيل التشخيص الطبي الدقيق، فلا تشخيص إلا بفحص مباشر، كما نؤكد دائما، ولكنني أحاول إفهامك بعض أبعاد حالة والدك، أو تفاعلي وتعليقي على رؤيتك عنها . وربما يترافق مع أعراض الفصام في حالة والدك هذه أعراض أخرى للاضطراب المزاجي قد تكون المسئولة عن تصرفاته الخاصة بالإنفاق السفيه، أو النشاط الزائد بعدم النوم أو الأكل لمدة خمس أيام أو ستة، وكذلك الميل المرضي إلى العزلة لفترات طويلة ..... الخ وربما يقول قائل أن كثيرا من الوقائع والتصرفات التي تصدر عن والدك قد تقع من بعض المتصوفة أحيانا، فهل يعني هذا أن كل متصوف هو مريض نفسي أو على الأقل مرشح لكي يكون كذلك!!! وأقول: أن التطرف في أي مسلك قد يكون بالفعل من مقدمات الدخول إلى تجربة غير طبيعية أو خبرة مرضية، والاعتدال من علامات الصحة النفسية بما يعنيه من توازن وتركيب ومرونة واستمرار ... هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن أي نشاط عقلي أو نفسي/ روحي يتعارض مع قيام الإنسان بواجباته والأدوار والأعمال المطلوبة منه أبا أو زوجا أو فاعلا في تيار الحياة وعمارة الكون، إن هذا النشاط المعيق يقع بتقديري في نطاق الأمراض النفسية بوضعه مقدمة أو علاقة من علامات اعتلال أكبر في أداء الوظائف النفسية الأخرى فمرحبا بالزهد أو الصمت أو حب المناجاة في خلوة ...ومرحبا بالتخفف من الماديات لصالح الروحانيات والمعنويات، ومرحبا بإيثار الآخرة وما عند الله على الدنيا وما بين أيدي الناس من متاع زائل، مرحبا بطريقة أبسط في العيش المتوجه إلى غاية أسمي للوجود الإنساني من مجرد الطعام والشراب والزينة بشرط ألا يشل هذا حركة من يمارسه، أو ينحرف به عن سنة المصطفى الذي وضع الحد الفاصل بين الإحسان في العبادة، والدروشة أو الابتداع في النشاط الروحي حين قال لمجموعة من الشباب الراغبين في الالتزام والتفاني في العبادة بما لم يفرده الله، ولم يأمر به الرسول صلى الله عليه وسلم ... فقال لهم: (ألا إنني أتقاقم لله، وأعرفكم به .. ولكنني أصوم وأفطر وأقوم وأنام، وأتزوج النساء ... فمن رغب عن سنتي .. فليس مني) . وأنا أضيف هنا أن المسلم الذي يخالف هذا النهج الواضح المتوازن المرغوب إنسانيا وإسلاميا، ويخطط لنفسه مسارا آخر، فردا كان أو جماعة، فهو مرشح بشدة للواقع في المرض النفسي إن لم يكن مريضا بالفعل، وكم من مرضى ينكرون أو لا يعرفون بأنهم مرضى!!! وأعود لوالدك فأقول: ليس والدك ملحدا ... معاذ لله ولكن أغلب الظن أنه مريض لدرجة فقدانه البصيرة بمرضه، وبما يفعله، وإذا كانت علاقته مستمرة بالطريقة الصوفية أو ببعض أصدقائه منها أو من غيرها فقد يكون هذا هو المدخل لبداية الإقناع بالعلاج الذي يمكن أن يؤتي ثماره على نحو يدهشك، وفي الأسواق الآن بعض عقاقير سائلة وشفافة تمكن إذابتها في المشروبات أو وضعها في الطعام، وهي بلا طعم ولا رائحة وقد تبدءون العلاج بها شرط أن يرى والدك طبيبا متخصصا أولا. ويضيف الدكتور وائل أبو هندي ، الأخت العزيزة السائلة أهلا وسهلا بك ، وأشكرك على ثقتك في صفحتنا استشارات مجانين ، وأما ما أود إضافته فقط بعد الإجابة الشاملة للأخ الزميل الدكتور أحمد عبد الله ، فهو فقط أن أحيلك إلى معلومات توجد على موقعنا عن اضطراب الفصام هي : الفصام بعد ظلمة نفسي ، وانقطاع رجائي : عاشقة الفصام نقاب فعباءة فبنطلون !! إحترس من حواء أسمعهم ولكن من يصدقني: نحن نصدقك ولكن ! اكتئاب أم فصام وهل هناك احتمالات بارانويا ؟ ما هو الفصام ؟ الرد بعد المعلومات ! وأهلا وسهلا بك دائما فتابعينا بأخبارك وأخبار والدك، وشاركينا بآرائك.