الأخ السائل العزيز ، أهلا وسهلا بك وشكرًا على ثقتك ، رسالتك هذه حيرتنا كثيرًا بسبب ما يكتنفها من الغموض ، فرغم أنك واضحٌ ومباشرٌ كما يظهرُ لأول وهلة ! إلا أن غموضًا كثيفا يحير ذهن الفاحص لكلماتك ، ولعل السبب في ذلك هو اختلاط المفاهيم لديك ، وذلك رغم أنك يفترضُ أنك جاوزت العشرين من العمر ، إلا أننا نظرًا لعمق المأساة التي تعبرُ عنها سطورك ، لا نرى بدا من محاولة استنطاق تلك السطور. وأول الغموض الذي يواجهنا هو ما الذي تعودت أنت عليه ؟ فأنت تقول في تعريفنا به : (ما تعودت عليه هو البحث عن البنات لأكلمهن ..أي البحث عن صديقة أو حبيبة...) ، وتسبق ذلك بقولك (وعندما أنظر يميني ويساري وأمامي وخلفي في الجامعة أراه..مما يجعلني أجد صعوبة في تركه أو نسيانه ، وأتألم كثيرا عندما أتذكر الماضي مع أنه لم يكن كما أريد..) ، وهكذا يتوارد إلى أذهاننا أنك تخبرنا عن علاقةِ حبٍّ مررت بها مع بنت ، كالبنات اللائي تراهن يحطن بك في الجامعة من كل صوب ، وأن تلك العلاقة انتهت ، وأنك الآن شخص متدينٌ يشعرُ بالذنب لأنه فعل ما لا يجوز شرعا ، فأنت تقول : (أعلم أن هذا الأمر لا يجوز شرعا ، وهذا ما يزيد من معاناتي وأنا المتدين ..ولكن ما العمل ؟) ، فماذا تقصدُ بالماضي (السلوكي) الذي تجدُ صعوبةً في تركه أو نسيانه ، لا ندري بالضبط ، وماذا تقصد بوصف نفسك بالمتدين الذي زادت معاناته لأنه متدين لا ندري أيضًا. ثم تقول بعد ذلك : (عندما أكون بلا صديقة أحس نفسي كئيبا) ، وهكذا أوصلتنا إلى حد اعتبارك صاحبَ علاقات ماضية عديدةٍ بالبنات ، ويعيشُ الآن صراعا بين الالتزام بما يمليه عليه تدينه ، وبين العودة لما كانَ عليه من التنقل بين الصديقات ! فمن يصف نفسه بالكآبة عندما يكونُ بلا صديقة ، لابد وأنه خبر نفسه مع صديقة ، بل وأكثر من صديقة. وإلى هذا الحد وقبل أن تفاجئنا بما سيلي ، إلى حد هنا أنت باختصارٍ تعبرُ عن المفهوم المغلوط الشائع بين المسلمين ، والذي يرى العلاقة بين الذكور والإناث من منظور ثنائيةِ الأبيض والأسود كلونين وحيدين ، لا طرفين لمنظومةٍ متعددةِ الألوان ، وبذلك يكونُ منع العلاقة بين الأولاد والبنات تماما بمثابة إبعاد النار عن البنزين ، ويرى المجتمع في ذلك درءًا للخطر وللمعصية التي لابد ستقع ، مثلما النارُ لابد ستشعل البنزين ، ومن هنا يستغلُّ الدين لإضفاء شرعية دينية لا أساس لها على مخاوف المجتمع ، مع أن تاريخ الإسلام حافلٌ بنماذج من كل الألوان في علاقة الرجل والمرأة في إطار جماعي اجتماعي ، ولكن الخوف سيدُ الأخلاق في وعي ولا وعي (أو على الأقل في لا وعي) المجتمعات العربية مع الأسف ، ولأن ذلك الفصل التام بين الجنسين مخالف لسنة الله في أرضه ، ولطبيعة النفس البشرية فإن النتيجةَ تكونُ أخطر من ترك النار مع البنزين مع الأسف ، وليس ما يسود مجتمعات الشباب العربية الآن من خلل في المفاهيم وخلل في التوجهات والهوية الجنسية ومن اضطراب في الميول وازدواجية في السلوك ، ليس كل ذلك إلا بعض ما ظهر حتى الآن من عواقب الفصل التام بين الجنسين. وبعد ذلك تفاجئنا بمشكلتك الحقيقية وهي أنك تتحدثُ أصلاً عن علاقات إليكترونية عندما تقول : (ومما يزيد معاناتي أنه عندما أتعرف على بنت بواسطة الشات ..وأكلمها بعد ذلك .... لا تستمر العلاقة أكثر من أسبوعين كحد أقصى ..لماذا لا أدري..) ، أي أنك اختزلت العلاقة الإنسانية إلى ما يتم على الإنترنت ، ولم تكن لك علاقاتٌ واقعيةٌ إذن ؟ ، فمن الواضح أنك تتعرفُ على البنت بواسطة الإنترنت من خلال مواقع الدردشة ، وتكلمها بعد ذلك ، وهنا نشعرُ أننا نكادُ نفقدُ العلاقة مع صاحب نصف السؤال الأول الذي كان يفعل الذنوب ، وقد تعود عليها ولا يستطيع لا تركها ولا نسيانها ! ، لقد أوقعتنا في خلطٍ كبيرٍ بين حياتك كإنسان يعيش بين الناس الحقيقيين ، وبين كائن إليكتروني يعيش في الفضاء الإليكتروني ، فالبحثُ عن علاقات والكلام ، والحب والإعجابُ كلها تفاعلاتٌ تحدثُ بين هذين الصنفين من الكائنات ! فعن من تتحدثُ أنت يا بني ؟ عنك أنت الحقيقي أو عن ذاتك الحقيقية أم عن ذاتك الإليكترونية ؟ فلا ندري أولاً ما هو الكلام الذي تقصدهُ هنا ؟ وهل هو الكلام الذي تريده بقولك :(لا أريد أكثر من أن أكلم الفتاة لأشعر بالطمأنينة إلى أن يمن الله علي بالزواج..) فهل أنت تصرخُ مستغيثا يا بني ، وتريد النجاح ولو في علاقةٍ واحدةٍ ، ولو حتى إليكترونية !!!! ، أم أنك تسعى لإقامة علاقة حقيقية مع بنت في الواقع بحيث تسمح لك تلك العلاقةُ بأن تكلمها ؟ أنت تقول بوضوح : "علاقةٌ لله" وتعيد استغاثتك : (لماذا لا يكون لي حبيبة؟ لماذا هم لهم معجبات وأنا لا ..علما بأني أجمل منهم بكثير...) ، ولا ندري هل تريد حبيبة أو معجبةً إليكترونية أم حقيقية ؟ ، وأين الفارق عندك بين ما يشعرك بالذنب وما لا يشعرك ؟ وهل أنت تتعرفُ على البنات بواسطة الإنترنت وتكلمهن بعد ذلك ، وتعجزُ عن أن تكلم بنتا حقيقية ؟ كل هذه أسئلةٌ نحتاج إلى إجابة منك عليها ، خاصةً أننا ، وعندما نعرفُ أن تعيشُ في جزء من الخليج العربي هو من أكثر مناطق الخليج بل والعالم العربي انفتاحا في مسألة العلاقة بين الجنسين ، نجد أن حيرتنا تصبح أكبر وأكبر ، فهل لكونك تعيش في الغربة دورًا في ذلك ، لا نظن ! ، إذن فلديك مشكلةٌ لم نعرف أبعادها الحقيقية بعد ، ونريدك أن تعرفنا بها ، وما هو سببُ معاناتك أنت ، وأن توضح لنا في متابعتك ما إذا كنت تتكلم عن ذاتك الحقيقية وتطلب ذواتا حقيقية ، أم أنك تتكلم عن ذاتك الإليكترونية ، ولا تطمح لأكثر من ذلك ، هل تعاني مما نسميه: رهاب الجنس الآخر ؟؟ وأما قولك : (فالآن وأنا في الجامعة 99 بالمائة من الطلاب يستخدمون مواقع الشات ..والواحد بالمائة يفتح إيميله فقط ....) فإننا نفهمه على أنه يشيرُ إلى الانتشار الواسع للكلام والعلاقات على الإنترنت بين الأولاد والبنات ، ولا ندري هل هذا هو فقط ما تراه حولك ؟ أم أنك أيضًا ترى أن هناك من يصاحبون حبيبات أي أنهم يموتون على بعض كما تقول ؟ ، وهل كل ذلك عندك سواء ؟ أي أنك ترى العلاقة إما أبيض أو أسود ! ، نحن في انتظار متابعة أوضح إذن بعد أن تقرأ ما أحلناك وما سنحيلك إليه من صفحات. ولكي تعرف وجهة نظرنا في العلاقة السوية بين الأولاد والبنات في المجتمع المسلم ، أحيلك إلى مقالٍ عن الحب في الجامعة على موقعنا تحت عنوان : الحب في الجامعة بينَ الحلم و الواقع وكذلك أحيلك إلى العناوين التالية على صفحتنا استشارات مجانين لتعرف رأي صفحتنا في ذلك أيضًا وفي العلاقات الإليكترونية : أحبيه لا عيب ، ولكن …. بعيدا عن الأهل : لقاءات ولمسات يد أسير اليأس: عرض الأزياء والقلب الحجري ! عرض الأزياء و القلب الحجري - متابعة ثانية هل يوجد حب عن طريق النت هل يوجد حب عن طريق النت متابعة العلاقة عبر الهاتف ليست صداقة شكر ومتابعة عاشقة الأكشن جريئة وتبحث عن الحنان من النت إلى الجوال : عجائب الخليج العصري الكائن الافتراضي (الرجل الحلم) ، والفتاة الطيبة وتختمُ إفادتك لنا بقولك : أريد بنت أكلمها وتحبني ولا أجد ، وبالوقت نفسه حرام شرعا ، وبالوقت نفسه جميع الضغوطات تدفعني لذلك ، وإن حصل لا تستمر العلاقة فهل هذا لعيب فيني ؟ ونحن نظن أننا أجبنا على كل هذه الأسئلة من خلال ما أحلناك إليه من صفحات ، فيما عدا سؤالك عن وجود عيب فيك من عدمه وهذا هو ما قد نستطيع الإجابة عليه بعد أن تكتبَ لنا الإفادة التي طلبناها منك ، وأهلا وسهلاً بك دائما فتابعنا بأخبارك.