السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. مقالات الموقع عن الريجيم والاستشارات التي أتابعها عن الريجيم والتزامي أنا شخصيا بخطة العلاج السلوكي التي وضعها الدكتور وائل لإعادة علاقتنا طبيعية مع الطعام ولنفقد الوزن بشكل طبيعي, كلها أمور رائعة وقد أثبتت فعاليتها بشكل كبير جدا.. سؤالي الآن: عندما نكون في مواقف خاصة فإننا نتوجه إلى الطعام أكثر من ذي قبل, المواقف الخاصة مثل: العصبية والنرفزة, أثناء الدراسة, بعد المشاجرات, أو الطعام للتسلية في وقت الفراغ.. وهكذا .. ماذا نفعل لنضبط توجهنا التلقائي إلى المطبخ حين نكون في مثل هذه الحالات, أما من بدائل عن الطعام نلجأ إليها في هذه الحالات؟؟ وهذه مشكلة الكثيرين من حولي كبارا وصغارا.. أي هي مشكلة عامة.. طبعا قد يبدو الجواب على هذا التساؤل بسيطا, وهو: استبدل نشاط التوجه للمطبخ بأي نشاط آخر, ولكن الأمر أعقد من ذلك, لأنه وفي كثير من هذه الحالات تظل فكرة الأكل تلح على الذهن وبشدة, بل أحيانا ليست فكرة الطعام بشكل عام, بل فكرة طعام محدد.. كما حدث مع أختي عندما كانت في فترة تحضير امتحان الثانوية العامة, حيث أصبحت المرات التي تأكل فيها ست أو سبع مرات يوميا وأحيانا بل غالبا يلح عليها اشتهاء نوع محدد (الدجاج المقلي) وتتمنى لو أنها تستطيع أن تأكله في كل وجبات نهارها.. وأخذ وزنها في الازدياد بشكل كبير, فخافت من السمنة، وحاولت أن تخفف من استجابتها للطلبات الملحة والمتكررة للجوع أثر ذلك على دراستها فلم تعد تستطيع التركيز.. فتركت نفسها تأكل كما تشتهي فازداد وزنها 10 كغ خلال شهرين.. مثال آخر.. إحدى صديقاتي لا تهدأ بعد مشاجرة عنيفة مع زوجها أو بعد نرفزتها من أولادها إلا بأن تملأ معدتها.. هذا كله يحتاج إلى وضع ضوابط.. هل نحن أمام حالات وسواس قهري؟؟ أم ماذا.. وجزاكم الله كل خير. 12/12/2003
لم أكن أتوقع وأنا أقرأ سطورك الإليكترونية يا صديقة صفحتنا (وهذا يشرفنا بحق) لم أكن أتوقع كل هذا القدر من الفهم العميق لما يبدو أننا نقوله في هذا الموقع على صفحة الاستشارات والمقالات، وفي صفحة مشاكل وحلول للشباب على إسلام أون لاين! أقول هذا الكلام لربطك الذكي بين بعض أعراض اضطرابات الأكل وصورة الجسد وبين الوسوسة، وفهمك لظاهرة التوق الملح التي أشرنا إليها في إجابة أشتهى السكر فهل أعانى من الإكتئاب؟؟؟؟ وكذلك في أكل الثلج: عقعقةٌ، ربما المهم أننا لا نريد الآن الحديث عن نطاق الوسواس القهري، ولا عن المكان الذي تحتله اضطرابات الأكل بأعراضها المختلفة فيه ولا عن علاقة التهام السكريات بزيادة بعض المواد الكيميائية التي تحسن المزاج، وهو ما يدفع كثيرين إلى التهام الطعام في مثل ما تصفينه بالمواقف الخاصة، وهو ما أشرنا إليه في إجابة: بين الاكتئاب ونوبات الدقر وإجابة: اضطراب نوبات الدقر (الأكل الشره)، وإنما أريد أن أرد مباشرةً على سؤالك الذي حددته في إفادتك وهو: ماذا نفعل مع الطعام في الأوقات" الحرجة"؟؟ لأقول لك لو أن التزمنا بما قلنا أننا سندرب أنفسنا عليه خلال المرحلة الأولى من البرنامج الذي أشرت إليه بقولك: خطة العلاج السلوكي، لو التزمنا بذلك حرفيا، حتى فقط على المستوى السلوكي الخالص، فإن شروطًا ستصبح سابقةً لسلوك الأكل في تركيبتنا النفسية، فتنفيذ الخطوة الأولى من البرنامج والتي تقول باختصار: 0 الأكل حدثٌ له احترامه ففرغي نفسك له تماما، وأفردي لكل وجبةٍ نصف ساعةٍ، وتوضئي للأكل وضوءك للصلاة، واجعلي نيتكِ نيةَ المتعبد لله بالأكل، ولا تجعلي الأكل نشاطًا يضافُ إلى أي نشاط آخر أي أنك حين تأكلين يجبُ ألا تفعلي إلا الأكل، فمثلا لا تشاهدي برامج التليفزيون ولا تسمعي أغنيةً مسجلةً وأنت تأكلين.تنفيذ هذه الخطوة يعني أن دخول الطعام إلى الفم يجبُ أن يسبقه الوعي والوضوء والتفرغ والانتباه! وكل كلمة هنا لها معناها ومدلولها ليس فقط على مستوى الفهم وإنما على مستوى إنزال ذلك الفهم على مشروع السلوك، إن الالتزام بمكونات هذه الخطوة سيجعل الإنسان بالتدريج يربط بين الأكل وبين التفرغ والوعي والوضوء والانتباه، ونية التعبد لله، ولن يصبح بعد فترة ما قادرًا على الأكل في الشارع أو وهو يذاكر أو وهو غضبان مثلا، ولن يكونَ الأكل تسلية أيضًا إلا باعتباره تسلية بذكر الله! فإذا التزم متبع هذه الخطوة وحدها من البرنامج بما يرد فيها فإنه سيغير المواقف الخاصة التي تتحدثين عنها في قولك:(عندما نكون في مواقف خاصة فإننا نتوجه إلى الطعام أكثر من ذي قبل, المواقف الخاصة مثل: العصبية والنرفزة, أثناء الدراسة, بعد المشاجرات, أو الطعام للتسلية في وقت الفراغ)، إن التغير الذي حدث ولم ينتبه له أحد سواءً في مجتمعاتنا أو في المجتمعات البشرية بوجه عام هو أن كثيرًا من الاستعدادات لبدء سلوك الأكل التي كانت تجري في الماضي، قد تم الاستغناء عنها بسبب ما وفرته الحضارة الحديثة من الطعام السهل المتاح الجاهز للالتهام حتى دونما مضغ لكي لا نتعب أسناننا! كان الحصول على وجبة الطعام قديما أمرًا يستدعي المجهود، وكانت العائلة غالبا ما تجتمع على مائدة الطعام، بحكم أن للأكل وقتا، وكان ذلك شائعا في كل المجتمعات البشرية على اختلاف الأديان والثقافات، إلا أن ذلك تغير الآن، وبينما اعتبر ذلك التغير تقدما حتى عهد قريب، وما يزال الغافلون عندنا يظنونه كذلك، فإن آثاره السلبية لم يعد ينكرها الآن أحدٌ ممن يتعاملون مع المشتكين من البدانة واضطرابات الأكل بصفة عامة. وقد تناقص الالتزام بآداب الأكل في الإسلام جيلاً بعد جيل، ومن المعروف أنه في وقت من أوقات الخلافة الإسلامية كان من يثبتُ عنه أنه يأكل في الأسواق ترد شهادته أمام القاضي، لأنه بذلك لا يعتبر شاهد عدل!! ولكن ذلك بالطبع تغير الآن لأننا تقدمنا في الابتعاد عن السنن التي لم نكن نفهم مغزاها وكان الغرب يشرح لنا كيف يريحنا ويقدم لنا التكنولوجيا التي ستجعل منا ملوكا، وبغض النظر عن حكاية التقدم هذه، فإن ما نطلبه من متبع برنامجنا المقترح هو أن يلتزم بما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم التالي: فقد جاءَ في الخصال عن الرسول صلى الله عليه وسلم في وصيته لعلي رضيَ الله عنه: "يا علي اثنتا عشرة خصلة ينبغي للرجل المسلم أن يتعلمها في المائدة: أربع منها فريضة، وأربع منها سنة، وأربع منها أدب، فأما الفريضة فالمعرفة بما يأكل، والتسمية، والشكر، والرضا وأما السنة: فالجلوس على الرجل اليسرى، والأكل بثلاث أصابع، وأن يأكل مما يليه ومص الأصابع وأما الأدب: فتصغير اللقمة، والمضغ الشديد، وقلة النظر في وجوه الناس، وغسل اليدين" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهناك أيضًا قول مأثورٌ في آداب الأكل لدى المسلمين فقد قال الحسن بن على رضي الله عنه: في المائدة اثنتي عشرة خصلة يجب على كل مسلم أن يعرفها: أربع منها فرض وأربع منها سنة وأربع منها تأديب، فأما الفرض: فالمعرفة، والرضا، والتسمية، والشكر، وأما السنة: فالوضوء قبل الطعام، والجلوس على الجانب الأيسر، والأكل بثلاث أصابع، ولعق الأصابع، وأما التأديب: فالأكل مما يليك، وتصغير اللقمة، والمضغ الشديد، وقلة النظر في وجوه الناس. وما هو في الخطوة الأولى من برنامجنا المعرفي السلوكي هو تطبيق إما لسنة من سنن الأكل أو لفرض من فروض الأكل في الإسلام، ونتيجته هي أنني لن آكل وأنا غضبان، لأنني توضأت وضوء الأكل، وتذكرت أن ما آكله حلال، ونويت بالأكل نية التعبد لله، وذكرت اسم الله بعد ذلك، فكيف سأبقى غضبان؟ وبعد فترة من التطبيق المتكرر ثلاثة مرات في اليوم لما سبق في الخطوة الأولى فقط بانتظام، سيحدثُ نوعٌ من الارتباط الشرطي بين سلوكيات إيمانية تضادُ لجوء الإنسان إلى الأكل وهو في أيٍّ من تلك الحالات التي وصفتها بالمواقف الخاصة، وللحديث بقية معك يا أختي، ولكن لا تستعجليها، وأهلا بك دائما على صفحتنا.