أحمد الله الذي لا إله إلا هو على كل حال، وأصلي وأسلم وأبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،أشكر القائمين على هذا الموقع الرائع، وبارك الله في جهودكم الطيبة وجعلها الله في ميزان حسناتكم أبداً.كنت أعيش طفولة سعيدة نوعاً ما، لكن كان بها بعض الشوائب التي كانت تجعل مني مكتئباً، وذلك بأني كنت أعيش في جو غير أسري بالمرة لا يسمح بتربية أطفال. كان أبي مريضاً بمرض الفصام وكان يعاملني بقسوة شديدة أحياناً، مما ترك في نفسي أثراً كبيراً، وأمي أصبحت عصبية أيضاً، كان يفتعل المشاكل كل يوم مع معظم الناس ويصرخ بصوت مرعب. لكن لم تكن تلك المأساة، فأن أتربى مع أم عصبية بشدة -وهي معذورة- بالإضافة إلى أب مريض بالفصام أدى ذلك إلى الإهمال في تربية طفل، مما جعلني دون شخصية، لكني عبرت مرحلة الطفولة بسلام ودخلت إلى مرحلة الثانوي الصناعي.كنت أتصفح النت مرة ودخلت على الغرف النصرانية وفجأة -ومع الأسف الشديد- سمعت سب الرّسول صلّى الله عليه وسلم، أستغفر الله العظيم، وطبعاً صدمت لأنها كانت أول مرة في حياتي أسمع شيئاً من هذا القبيل، ومن هنا بدأ مرض الوسواس القهري من سن 16 سنة. بدأ يحتل المرض كل تفكيري فحاولت مقاومة الأفكار لكن لم أستطع فلم أكن أدري أي شيء وقتها ولا أعرف أنه مرض، وبعدها وقعت في "الزفت" إلى أسنة الحشيش لكن نادراً ما كنت "أكيّف"، وعرفت أن الحشيش لا ينفعني، المهم أني أتعاطاه بين الفينة والأخرى وليس بصورة منتظمة ودائمة. أنهيت دراستي وحصلت على شهادة الدبلوم منذ سنتين لكني ما زالت عاطلاً عن العمل حتى الآن.أما بالنسبة للعاطفة فليس لدي حالياً أي شعور داخلي، متبلد المشاعر والإحساس، فقدت كل لذة في الحياة، لا أشعر حتى أني أعيش، تائه، وكل يوم عادة سرية، ولا أصلي، ولا أحس أني إنسان، وليس عندي أي هوايات، وأنا في عزلة. هل تتخيل يا دكتور أن يلزم شخص بيته لسنة كاملة؟! وحين يحتاج لأن يصرف على نفسه أو يعمل شيئاً لنفسه لا يجد الحماسة التي تدفعه لذلك! هناك شيء واحد يدفعني للإحساس هو القرآن الكريم. أنواع الوساوس التي لدي بدأت بالسّب وانتهت بالإلحاد والشك في العقيدة، وهذا من نطاق الوسواس وليس من عندي، حتى أني أشعر أن الوسواس يقول لي ستموت على كفر -أعوذ بالله من ذلك-، وكأنه يقول: "مهما رأيت من إعجاز علمي وطبي واضح وضوح الشمس سأتغلب عليك".أما بالنسبة للأعراض الجسمانية؛ فأنا كسول للغاية ولا أفعل أي شيء ولا أخرج من المنزل إلا قليلاً، وإذا خرجت أخرج دون هدف، وأصابني ضعف شديد في التركيز والذاكرة حتى أني أنسى كثيراً، ولما أتلكم مع أحدهم وأقول جملة مثلاً وأبدأ في الجملة الثانية أكون قد نسيت الأولى. عندي أفعال قهرية كثيرة منها: أني أدوس على أي شكل على هيئة صليب وغيرها، ومن المشاكل التي تروادني وأظنني قرأت عن حالة مشابهة لها في نفس الموقع -وهى حالة الاستمناء وعلاقة القذف بالأشياء المقدسة، عافانا الله وإياكم-. والشق الآخر هو أني لم أعد أعرف كيف أتكلم! فترتيب الأفكار في رأسي أصبح صعب للغاية، والمضحك في كل هذا أني أصبحت مدمناً على الانترنت والمواقع الإباحية.كيف يبدأ يومي؟ أصحو من النوم فترة العشاء -طبعاً أنا أنام صباحاً وأصحو ليلاً- وبعدها آكل، ثم أدخل على النت 12 ساعة لأنام بعدها، وكل يوم على هذا النظام، واليوم المتميز عندي أن أخرج ساعتين ليلاً مع أخي وأحد أصاحبنا نتحادث ونتسلى قليلاً... هذه حياة شخص أو صفر، لن نختلف قليلاً، ولكن أسأل نفسي إلى متى الهروب؟ أنا لا أعرف كيف سأتغير، وليس لي هدف، وإن حددت الهدف فلا عزيمة بداخلي ولا مشاعر تدفعني لأحقق هذا الهدف، أصبحت أملّ من نفسي.. أريد أن أكون "إنساناً"، أريد الدافع لأحقق أهدافي، فكل إنسان له دافع يجعله يحارب من أجل تحقيق هدفه، لكن ليس عندي أي دافع، عندما كنت أريد تحقيق شيء ما كانت تغمرني الحماسة، أما الآن فلا، فما الداعي لتحقيق الهدف؟!. أنا ضائع، أسأل الله أن ينجيني، اختلطت عليّ الدنيا فلا أعرف إلى أين ستهوي بي.أسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك في أعمالكم الصالحة ويجعلها في ميزان حسناتكم، وأنتم مجرد سبب والشفاء من الله تبارك وتعالى وحده لا شريك له.والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. 22/03/2009
عزيزي الموسوس التائه،أستغرب قليلاً لمن في حالتك أن يستطيع الكتابة بهذا التناسق وتسلسل الأفكار!أستطيع القول إن كل من يقرأ شكواك يجول في خاطره أنك تعاني من اضطرابات الوسواس القهري، ولا أريد أن أخوض في هذا الموضوع لكثرة الحديث عنه في موقعنا هذا، لكن ما لفت انتباهي شيء مثير وممتع في رسالتك مما جعلني أتوقف على كل كلمة، والتي قد تجعل من التشخيص يأخذ منحنى آخر، وهذا الشيء هو أنك ذكرت الآتي:- تاريخ عائلي بمرض الفصام.- تدهور ملحوظ في التحصيل العلمي.- تدهور في العلاقات الاجتماعية.- العزلة وحب الوحدة مع عدم وجود مؤشر للاكتئاب.- طبيعة وغرابة الأعراض الوسواسية دون أعراض قلق واضحة.- كثرة ممارسة العادة السرية.كل هذه الأعراض مجتمعة قد تكون مؤشراً على بداية مرض ذهاني، حيث أن ثلاثين بالمئة من المرضى يستخدمون الوسواس القهري كوسيلة للدفاع ضد الفصام. عليه نأمل من عزيزي "التائه" مراجعة طبيب الأمراض النفسية لفحص حالتك، وهل أصبح هذا الوسواس جزء من الوهم.