السلام عليكمأنا فتاة في 19 من عمري أعاني من مشكلة: من عدة أسابيع استيقظت علي صوت صراخ وذلك كان قرب الفجر وذلك لوفاة أحد الأشخاص منذ ذلك الحين وأنا لا أستطيع النوم، فأستيقظ مفزوعة، ولكن في هذه الفترة كنت أمارس حياتي طبيعي جدا ولا تأتي هذه الحالة إلا في الليل فقط، ولكن الآن أصبحت هذه الحالة في كل وقت، وزادت الأعراض بأن أحسست بأن الدنيا غريبة من حولي والناس أيضا وحتى أهلي، وإني أخاف من أي شيء الكلام الأكل الخروج كل شيء حتى النظر إلى الساعة، ولا أكون مبالغة إذا قلت أني خائفة وأنا أكتب إليك فإحساسي بالموت في كل شي أقوم به وتأتي لي حالة بأن يصيبني حالة من الفزع وأترك المكان.أرجو الإفادة في أقرب وقت، جزاكم الله كل خير29/12/2003
الابنة العزيزة أهلا وسهلا بك وشكرا على ثقتك في صفحتنا استشارات مجانين، إن ما تصفينه لنا هو خليط من أعراض القلق الذي بدأ بعد تعرضك لموقف مخيف وهو سماعك للصراخ وأنت نائمة مما أدى إلى استيقاظك في حالة من الفزع والرعب، وكان من الممكن أن يمر الأمر بهدوء بعد عدة أيام، ولكن الواضح هو أن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن! فقد تفاعلت تأثيرات تلك الحادثة مع بعض الاستعداد البنيوي لديك، فإذا أنت تشعرين بما نسميه اختلال الشعور بالواقع Derealization ، أو اضطراب اختلال الإنية Depersonalization مع تبدل الشعور بالواقع، وهو في الحقيقة شعور سخيف ومقلق لصاحبه، ولكنك أيضًا بدأت تربطين مخاوفك ومشاعرك المضطربة تلك بأشياء ليست لها علاقة أصلا بها مثل الأكل والكلام والخروج والنظر إلى الساعة وحتى الكتابة لنا كما قلت، وفي آخر إفادتك يوجد ما يشير بوضوح إلى نوبات الهلع Panic Attacks حيث تقولين:(وتأتي لي حالة بأن يصيبني حالة من الفزع وأترك المكان) ، ولم توضحي لنا هل الحالة التي تشيرين إليها هذه تحدث من تلقاء نفسها أم لا ؟ ولتعرفي كل شيء عن نوبات الهلع هذه وكذلك عن معنى اختلال الإنية واضطراب تبدل الواقع أو استغرابه عليك بمراجعة الردود السابقة على صفحتنا استشارات مجانين تحت العناوين التالية: نوبات الهلع: عرضٌ أم تشخيص!؟! / نوبات الهلع وضربات القلب / "مجرد قلق ، ولا اختناق من القلق!" / اختلال الإنية وخلطة القلق والاكتئاب / اضطراب القلق المتعمم/ القلق المزمن والبحث عن الطمأنينة / إذا هبت أمرًا فقع فيهالمهم يا ابنتي أنني أنوي هنا أن أشرح لك نقطة هامة وهي ما مدى ارتباط الحدث الذي ترينه محوريا في حالتك، بالحالة نفسها التي تعانين منها، وكذلك بالتطورات التي توالت عليك؟ لأن في ذلك ما قد يصحح فكرة ارتباط اضطراب نفسي ما بحدث حياتي ما عند كثيرين من الناس، فلا أحد يستطيع الجزم بأنه لو لم يحدث أنك استيقظت من نومك مفزوعةً على صوت صراخ الجيران لأن أحدا مات، لسبب بسيط جدا هو أن كثيرين يحدث معهم نفس ما حدث معك وربما منهم جارات لك في مثل سنك، وربما لك أخوات أكبر أو أصغر منك، ولكن لم يحدث لأيٍّ منهن ما حدث لك لماذا؟ ستقولين لي: لأني حساسة، وسأقول لك وهذا ما قصدته بقولي أن لديك استعدادا بنيويا (أي في تركيبتك النفسية العصبية الجسدية) للقلق.وسنسير خطوة خطوة معا مبتدئين من أول الأعراض التي عانيت منها فقد كان الأرق Insomnia ، تكرار تقطع النوم Interrupted Sleep مع الفزع، ولكنك كنت تعيشين حياتك بصورة طبيعية ولا تأتي هذه الحالة إلا في الليل فقط كما قلت، ومع الأسف لم توضحي لنا إن كانت الحالة (أي نوبة الهلع) هي التي توقظك من نومك أم ماذا، فلا يكفي قولك فأستيقظ مفزوعة لكي نعتمد عليه في ذلك، وإن كنا سنعتبر أن جملة ما سقطت منك لأنك تكتبين لنا وأنت خائفة كما قلت، فمن المفترض إذن أن الحالة كانت توقظك من النوم، وأنها كانت في بداية اضطرابك النفسي تحدث فقط في الليل لكنها بعد ذلك أصبحت تحدث في أي وقت بل وزادت الأعراض المصاحبة لها حيث تقولين: (ولكن الآن أصبحت هذه الحالة في كل وقت وزادت الأعراض بأن أحسست بأن الدنيا غريبة من حولي والناس أيضا وحتى أهلي)، وعرض اختلال الإنية أو تبدل الشعور بالواقع قد يكونُ أحد أعراض نوبات الهلع، والتي لم تذكري لنا منها إلا الفزع، وإن كانت الأعراض الجسدية الأخرى المصاحبة لها موجودة على موقعنا في الإجابات السابقة التي أحلناك إليها، ونتيجتها المعرفية لديك بادية في كلماتك عن الخوف من الموت الذي أصبحت تشعرين به في كل وقت ومع كل نشاط تقومين به، وهذا ما يبدو مصحوبا لديك بمستوى عال من القلق التوجسي Anticipatory Anxiety ،والذي يعني الخوف المستمر من أن تداهمك الحالة في أي وقت وفي أي مكان. فهناك من يتحول هذا الأمر معه إلى خوف من الموت، وهناك من يتحول الأمر معه إلى الخوف من أن يفعل فعلا يؤاخذ عليه اجتماعيا كأن تداهمه الحالة مثلا وهو في قاعة المحاضرات فيقوم جاريا حتى دون استئذان، خاصة في الحالات التي تظهر فيها تأثيرات القلق الشديد على الكلى بزيادة إفراز البول فيشعر الشخص فجأة بضرورة الدخول إلى دورة المياه، وأحيانا يخاف من أن يفلت منه البول، أو الحالات التي تكونُ فيها أعراض القلق الشديد أكثر تأثيرًا على المعدة فيشعر الشخص بالغثيان ويخاف من أن يتقيأ أمام الناس. كل هذه الأفكار إذا حاصرت الشخص الذي يتعرض لنوبات الهلع المتكررة فإنها قد تؤدي به إلى ما نسميه رهاب الساحة Agoraphobia والذي يمكنك أن تجدي كثيرا عنه وكذلك عن الخوف من الموت كمفهوم وكظاهرة مرضية وذلك إذا قرأت ما تحت العناوين التالية من على صفحتنا استشارات مجانين:رهاب الساحة إلى متى؟ / خوف الموت المرضي / الخوف من الموتوأتمنى بعد أن تقرئي ردي هذا، وما قد أحلتك إليه من روابط أن تستشعري أن هنالك ما يستدعي التحرك السريع بعرض نفسك على أقرب طبيب نفسي متخصص، لماذا؟ أولاً لأن تسلسل الأحداث بهذه الطريقة، وكذلك قصر عمر اضطرابك فأنت تتحدثين عن أسابيع، كل هذا يعني أن ما تمرين به إن شاء الله عابر وما زلنا نستطيع اعتباره ثانويا لما مررت به من تجربة قاسية، هذا إذا قيم الطبيب النفسي الحالة بأنها لم تتجاوز أعراض اضطراب التأقلم Adjustment Disorder ،وهذا يعني أن استجابتك للعلاج النفسي والسلوكي المعرفي ستكون طيبة وسريعة إن شاء الله .وثانيا: لأنك لو انتظرت وترددت طويلا في طرق باب أقرب طبيب نفسي من مكان إقامتك، فإن الأمور قد تزداد سوءا ويتحول القلق الذي ما يزال متعمما إلى حد كبير إلى قلق من النوع الرهابي Phobic Anxiety Disorder الذي قد يصل في حالة عدم العلاج إلى اضطراب معيق بالفعل عن الحياة بصورة طبيعية في شكل رهاب الساحة، أي أنك لا قدر الله قد تأخذين الطريق من نوبات الهلع والقلق التوجسي المصاحب إلى اضطراب رهاب الساحة، وذلك عبر ارتباطات شرطية سلوكية معرفية متتالية إضافة إلى أنه قد يؤدي إلى اكتئاب جسيم Major Depression بعد ذلك، فمن فضلك سارعي بطلب العلاج من المتخصصين، وأهلا وسهلا بك دائما فتابعينا بالتطورات.