إغلاق
 

Bookmark and Share

الاسم:   abdou 
السن:  
15-20
الجنس:   ??? 
الديانة: مسلم 
البلد:   españa 
عنوان المشكلة: مجانين يتحدى: وسواس واكتئاب ما له القرين؟ 
تصنيف المشكلة: نفس اجتماعي: مشاكل الأمة Islamic Umma Problems 
تاريخ النشر: 17/12/2009 
 
تفاصيل المشكلة


السلام عليكم؛
أولا وقبل كل شيء أود أن أشكركم على هذا الموقع الجميل "الذي تعاونتم فيه على البر والتقوى والعلم النافع" أتمنى من الله أن يتقبل عملكم. هذه الرسالة قد سبق لي وأرسلتها على موقع "المستشار.كم" ولم يردوا علي حتى الآن وقد طورتها بعض الشيء حسب التغيرات التي أحسست بها.

أنا شاب عندي 20 سنة، طالب أعيش في اسبانيا أصبحت عندي مشكلة في ديني، وأرجو منكم المساعدة بإذن الله واعذروني إن كانت هناك أخطاء في الكتابة.
في الحقيقة لا أعرف من أين أبدأ؟ قصتي طويلة سأحاول أن ألخصها لكم. في 16 من عمري أصبت بالرهاب الاجتماعي ذهبت إلى العديد من الأطباء النفسين هنا في اسبانيا وفي بلدي الأصلي وصفو لي الدواء (ديازيپام 3 مغ، پاروسيتينا 5مغ، سيپروليكس 1 مغ) ولكن بدون جدوى وقد تطور في هذا المرض حتى أن بدأت تأتيني أفكار غير عقلانية وليس لها معنى.

وأحببت أن أعرف ماذا عن هذا المرض في الإسلام قرأت العديد من المقلات والكتب التي تتكلم عن الإعجاز العلمي في القران والسنة، وفي شهر مارس الماضي دخلت على أحد الموقع في الإنترنت في الإعجاز العلمي في القرآن وصاحب الموقع تكلم عن كيفية تأثير الشيطان على الإنسان (علميا، منطقيا، ومعرفيا) وقال أن كل الاضطرابات النفسية هي من الشيطان وأن لكل واحد منا له قرين (شيطان) وأن جميع أفكار السوء: (القتل، الانتحار، الشتم.....)، الفحشاء: (تصورات بذيئة....)، والقول على الله بما لا يعلم الإنسان: (الشك، شتم الدين.....) التي تأتينا وتسبب لنا الخوف، الحزن، القلق.....إلخ هي من القرين.

والمشكلة التي صارت عندي الآن هي أنني من بعد ما عرفت وتعلمت هدا، تأثرت جداً بالذي قرأته وفهمته فلما ركزت على أفكار القرين الثلاث وجدت نفسي في عالم آخر وكأنني في حلم ولست في الوقع شعرت علي أن أغير الكثير ما بنفسي فأحيانا أتساءل لوحدي كثيراً لماذا كل هدا العنف بين الناس والحروب والحسد والقتل والنميمة.... إذن كل هذا بسبب الشيطان كلما فكرت وفكرت أجد أنني في ضيق محاصر ومحدود ليس باستطاعتي أن أبعد عني هذه الأفكار لا أعرف ما الذي حصل لي وكأنني أصبت بصدمة انقلبت رأسا عن عقب، يعني كلما تأتني فكرة أو أريد أن أفكر في شيء ما أو أريد أن أفعل شيء أبدأ أتكلم مع نفسي وأبدأ أقول إنا هده الفكرة من قريني، وكأن غشاءاً التف بعقلي لم أعد أسيطر على أفكاري، يعني كل الأفكار التي تخطر على ذهني بدأت تسبب لي الاكتئاب، الحزن الشديد، عقدة في الحلقوم، عدم التركيز فمثلا عندما أقف وأتحدث مع الناس أسمع أفكارا في عقلي تقول بأنني أتكلم في الغيبة وأنني أطبق أفكار القرين وهذا يجعلني طوال الوقت منشغل متحدث مع نفسي وفي نفس الحين مكتئب وشديد الحزن لم أعد أركز في الحديث، الناس تتكلم معي وأنا في عالم آخر؛
 
وأحيانا أكون جالسا مع عائلتي أو أصدقائي عندما أبدأ أتكلم في موضوع يأتيني إحساس غريب وهو أنني أشعر بعدم وجودي في الواقع أحس أنني أفقد الوعي وكأنني أنام والكلام يطرب من فمي، حتى أنني بدأت أنعزل لوحدي وهذا قد غير حياتي، وأغلبية الأفكار التي تدور في عقلي هي عن الدين وكل الذي قرأته في الإعجاز تأتني وتبقى ملتصقة طوال اليوم وكلما حاولت أن أفكر في شيء آخر ألقى نفسي محاصر ومحدود التفكير، وعندما أستيقظ في الصباح أستيقظ منقلب المزاج تعبان بدون رشاقة وهكذا يوم على يوم، فقدت العديد من وزني وفقدت الرغبة في أي شيء لا في الدراسة ولا العمل بكثرة الأفكار التي تسبب لي الضيق والفوبيا أمام الناس، سيكلوجيتي تغيرت بالكامل سرت قليل الكلام فقدت السعادة، النشاط والمرح.

وشيء آخر غريب يحدث معي حينما أستمع أو أتذكر آيات من القرآن، أو حديث شريف أبقى طوال اليوم وأنا أفكر تائه متسائل مع نفسي كالمجنون وألوم نفسي على أنني لم أطبق الذي تعلمته وبعد ذلك أبدأ أشعر بالحزن، القنوط، الضيق، الخوف. وهذا جعلني أشعر أنني بدأت أنفر من المعرفة والاستماع إلى القرآن خشيت من أن يحدث لي أسوأ مما في السابق وخشيت أن يشتد علي الحزن والاكتئاب، لم أعد أعرف كيف أعيش عادي كما كنت من قبل ولا كيف أفكر لقد تشتت أفكاري أرى أنني أصبحت غريبا بين المجتمع وبدأت انظر إلى الأمور بغرابة، يوم على يوم تتدهور صحتي وحياتي.

أنا مؤمن بأن الإسلام هو الحل لجميع المشاكل و لكن أرى أن نفسي فقدت التوازن، أنا في حيرة لا أعرف كيف أتقدم ولا كيف أتأخر لقد سُديتُ، هل هناك أمل لحل مشكلتي ساعدوني من فضلكم، بالعلم أنني في أسبانيا ولو ذهبت إلى طبيب نفسي هنا وحكيت له ما جرى لي لا يفهمني والظروف المادية لا تسمح لي بالذهاب إلى بلدي. (هده هي الأبحاث الذي تكلم فيها صاحب الموقع في هدا الرابط الالكتروني وأرجو منكم أن تعلقوا عليه وهل الذي قاله صحيح مائة بالمائة لا أشك في القرآن ولكن ليطمئن قلبي).
(الإعجاز العلمي) http://www.scribd.com/-/d/173107
(الإعجاز المعرفي) http://www.scribd.com/people/documents/4414/folder/2154?page=5
أنظر في أسفل الشاشة تحت عنوان: تشخيص وعلاج الاضطرابات النفسية بهدي القرآن
 
13/12/2009

 
 
التعليق على المشكلة  


وعليكم السلام يا "عبدو"، وأشكرك على مشاعرك الطيبة، وأسأل الله تعالى أن يبقى هذا الموقع مصدر فرج وعطاء لكل من يقصده...
جاءني مرة يا ولدي ملف صوتي طريف فيه قصة "ليلى والذئب" بالحلبية (نسبة إلى مدينة حلب في سورية)...
والملف فيه سرد طريف وجديد لقصة ليلى والذئب بلهجة أهل حلب... والمهم أنه ورد فيه عندما طرق الذئب الباب على جدة ليلى وسألته: من يطرق الباب؟ وأجابها أنه ليلى، فتحت له الجدة... فقفز إلى بيتها وقال لها: (يبلاكِ بأتلِك شْأَدْ جدبة! شو كل مين ألِّك أنا ليلى بتفتحيلو؟!!)... [الترجمة: ابتلاك الله بالقتل كم أنت غبية! أكُلّ من قال لك: أنا ليلى، تفتحين له؟!! (يعني تصدقينه وتفتحين له الباب)!]
فذهبت هذه العبارة مثلاً عندنا في البيت! فكلما جاء أحد بخبر غريب يحتاج إلى دليل، وكاد أن يصدقه قلنا له: (شو كل مين ألك أنا ليلى بتفتحيلو)!!
وأنا أقول لك نفس العبارة الآن!!

يا ولدي أكلما سمعت أحداً يقول: قال الله تعالى وقال رسوله تصدقه فيما يقول فوراً ودون تمحيص؟!! هلا سألت أولاً عن صحة كلامه قبل أن تموت كمداً بسبب تخريفه؟
قد رجعت إلى الرابط الذي أوردته، وقرأته بكل اهتمام! وإذ بالمؤلف يهرف بما لا يعرف! ويكتب ما هو أشبه بالهلاوس والضلالات!!
أولاً أخي الكريم: المؤلف معه دكتوراه في الهندسة الطبية من بريطانيا، فما أدراه بعلوم الشريعة وقواعد الكتابة فيها؟ ما أراك إذ أخذت الدين منه إلا كمن يتعلم الرياضيات من بائع الخضار!!

ثانياً: كلامه بعيد عن الحقائق العلمية والشرعية!! وإليك أمثلة (وإن كان المقال كله من هذا النوع):
- قال في مقدمة مقاله (أو بحثه كما سماه) [يعاني الناس بشكل عام من سماع أفكار في عقلهم تتسبب لهم بالقلق والضيق النفسي...-وبعد أن عدد مضمون هذه الأفكار قال-:... ويطلق على الذين يسمعوا (ولاحظ الخطأ النحوي في يسمعون) مثل هذه الأفكار في علم النفس: بالمرضى النفسيين]!!! أسألكم أيها الأطباء النفسيون: أكل من يسمع أفكاراً في عقله هو مريض نفسي؟؟ إذن يا سعدنا!! فكلنا مرضى نفسيون! وما الدنيا إلا مصح نفسي كبير!!
- ثم يقول: [لهذا اليوم في علم النفس لا يوجد تشخيص ولا علاج لمثل هذه الأفكار]!! أحقاً ما يقول يا دكتور وائل؟؟ هذا الجواب من اختصاصكم!
- ثم عندما وصل إلى الكلام عن الوسواس القهري المرضي (والذي بدا من كلامه أن جميع الوساوس تنتمي إليه) قال: [وتتلخص الطريقة المتبعة الآن في الطب النفسي للعلاج في إعطاء الإنسان حبوب (أيضاً لاحظ الخطأ النحوي في حبوبًا) تعمل على تثبيط إنتاج مادة السيروتنن (هكذا كتبها) في الدماغ البشري، وأثبتت هذه الطريقة فشلها في علاج هذه الاضطرابات النفسية]!!! يا مساكين أيها الأطباء النفسيون!... أفي كل شيء تفشلون؟!
حرام عليك يا ولدي! كيف تصدق كل هذا؟!
- ويقول أيضاً: [إذا سألت طبيب نفسي (واعذره في الخطأ النحوي أيضاً في طبيبًا نفسيًا) حول الأفكار التي يشتكي منها الذين يطلق عليهم مرضى نفسيين فالجواب هو التالي:
1- أفكار سوء:......
2-
أفكار فحشاء:.....
3- أفكار الإساءة للقيم الدينية....]!! يا سيدي إذا كان هذا كل ما يعاني منه المريض النفسي من الأفكار، فكلنا إذًا أطباء بارعون! ولا أدري ما فائدة الأطباء النفسيين بعد ذلك!!

- ثم عندما تكلم عن (الوسواس الخناس) أتى بتفسير يضحك الثكلى ولا تجده عند أي من المفسرين! فإذ يقول المفسرون: إن "الخناس" هو الذي يختفي ويتأخر عن القلب عند ذكر الله تعالى. كان تفسير ذلك المؤلف: أن (الوسواس الخناس) هو الذي يوسوس ويختفي في آن واحد (وليس عند الذكر)! وطريقة اختفائه –حسب ما اكتشف- تكون بتقليده للصوت النفسي للإنسان فيوسوس له دون أن ينتبه إليه أنه شيطان!!

- وكذلك عندما فسر: (النفاثات في العقد): قال إنها تعني: نفخ الشيطان في العقد العصبية في دماغ الإنسان!! ونفى أقوال المفسرين بقوله: [...فإذن العقد المذكورة في سورة الفلق ليست عقد السحر والساحرات وإنما هي العقد العصبية في الدماغ ونلاحظ (سبحان الله العظيم) أن وصف العقد هو أفضل وصف لهذه التكتلات العصبية في الدماغ]!!!!
لا أدري من أين جاء بتفسيراته تلك، وأي وحي نزل عليه وأخبره بها؟!!

هذا عدا عن أنه لم يرجع إلا لكتاب لمؤلف غربي، إضافة للقرآن الكريم، وكتاب صحيح السنة النبوية، ولا أدري كيف أتى بحديث ضعيف جداً في آخر بحثه من كتاب صحيح السنة النبوية؟! وكأنه لم يجد غيره ليبرهن على أن بعد الناس عن كتاب ربهم زاد من تسلط الشيطان عليهم!! ولا أدري –أيضًا- لمَ لم يستشهد بقوله تعالى: ((وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ)) [الزخرف:36] قال ابن كثير –رحمه الله تعالى- في تفسيره: (أي: هذا الذي تغافل عن الهدى نقيض له من الشياطين من يضله، ويهديه إلى صراط الجحيم).
هذه أمثلة فقط مما كان يهذي به! وقد عدت يا ولدي إلى سائر مقالاته الموجودة في الوسوسة والشياطين فوجدتها عبارة عن تكرار لكلامه في هذا المقال أو جزءٍ منه ولكن تحت عناوين مختلفة!!

كل هذا ذكرته لك، وفصلت فيه لأنبهك على أن مثل هذا الشخص –وأمثاله- لا يؤخذ منه دين ولا فتوى، (وليس كل من قال لك: أنا ليلى تفتح له أذنيك)! والحمد لله أنك استشعرت شيئًا غريبًا فيما يقوله، فطلبت التأكد منه.

أعود الآن لأبين لك ما احترت فيه:
إن الأمراض النفسية يا عبدو شأنها شأن الأمراض العضوية، تصيب البر والفاجر، (راجع: المرض النفسي لا يصيب المؤمن القوي) فإن أصابت الفاجر كفرت عنه خطاياه وكانت تنبيهاً له للرجوع إلى الله تعالى...، وإن أصابت الصالح من الناس كانت ترفيعاً لدرجاته وإكراماً له بمزيد من الحسنات...
أما عن كون جميع هذه الأمراض من الشيطان، فهذا أمر لا يمكننا الحكم به من غير دليل.

نعم، قد ورد الدليل على أن الوساوس القهرية -التي كانت تصيب الصحابة- مصدرها من الشيطان، وهناك مجموعة من الأحاديث تدل على ذلك، منها: ما رواه البخاري ومسلم: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «يأتي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا، مَنْ خَلَقَ كَذَا، حَتَّى يَقُولَ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ، وَلْيَنْتَهِ». (وراجع سائر الأحاديث في منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري 3). ولكننا لا يمكن أن نعمم ذلك في جميع الأمراض ما لم يرد دليل يدل على هذا التعميم... والأمر يحتاج إلى بحث دقيق، لا إلى تأملات وخواطر تدون على أنها هي الحقيقة التي لا مفر منها ثم تلصق لصقاً بالقرآن الكريم وهو منها بريء!...

إن تصديقك لهذه المعلومات المغلوطة، وسيطرتها على ذهنك، جعلك تحس بأنك محاصر ومحدود... وذلك لأن هذه المعلومات أوحت إليك بأن الشيطان قادر على أن يتلاعب بك وبغيرك حسبما يشاء من خلال نفخه في عقد الدماغ العصبية!! وحينها فإنك عاجز عن فعل أي شيء، وكذلك الأشرار الذين يديرون الحروب وغيرها... والشر إذن مقدر عليك ولا مفر لك منه، ولا قدرة لك على إبعاده، إذ إنه يتحكم بعقلك مباشرة!! ويجعلك وسائر الناس من المرضى النفسيين!! ولكن حقيقة الأمر كما قال الله تعالى في كتابه الكريم: ((إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً)) [النساء:76]. فهو لا يقوى على التأثير عليك، ولكنه يلقي الفكرة، وأنت الذي تقبل مضمونها أو ترفضه حسب المعطيات التي في ذهنك سابقاً...

يا ولدي يبدو أنك موسوس قبل أن تقرأ هذا المقال، وهذا ظاهر من قولك عن تطور الرهاب الاجتماعي لديك: (و قد تطور هذا المرض حتى أنه بدأت تأتيني أفكار غير عقلانية وليس لها معنى). فلما قرأت هذا المقال، تمحورت الأفكار الوسواسية لديك في أمر الشيطان وشره!! وما ذلك إلا لعاطفتك الطيبة تجاه الدين وحرصك عليه. وأنت وإن وصفت نفسك بأنك غير ملتزم إلا أنك تعظم الدين في قلبك، واستشعرت هذا من قولك في آخر رسالتك بعد أن سألت عن المقال: (لا أشك في القرآن ولكن ليطمئن قلبي). فأنت تهاب أن تسأل عن صحة المقال لأنه يتعلق بالدين، وتخاف أن تكون معترضاً عليه لأنه من المفروض أن الدين شيء لا نقاش فيه!! وهذا يدل على مكانة الدين في قلبك... وهنا استغل الشيطان استعدادك للوسوسة المرضية، وحرصك على الدين ليلقي إليك بأفكار سرعان ما صدقتها –لعدم علمك ببطلانها- ويمكنك الآن وبكل سهولة أن تتخلص منها، ومن الحالة النفسية التي تولدت عنها، بعد أن عرفت بطلانها.

ثم من علائم وسوستك أيضًا أنك أصبحت تلوم نفسك بشدة عند سماع النصوص الدينية لعدم تطبيقك لها، ثم صرت تتحاشى سماعها!! والموسوسون أصحاب ضمير حي، شديدون في محاسبة أنفسهم. ومن هذا يا ولدي الذي يطبق جميع ما يعلمه؟؟ كلنا مقصرون في جنب الله تعالى، ولولا رحمته بنا لما دخل أحد منا الجنة، مهمتك يا أخي أن تطلب العلم، وتعزم على تطبيقه، وتسأل الله تعالى المعونة، ثم تمرن نفسك على فعل ما علمته شيئاً فشيئاً إلى أن يصير سهلاً عليها...، فلا أحد يستطيع تطبيق جميع ما يعلمه دفعة واحدة، وهذا خارج عن وسع البشر، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.
فاسمع وتعلم، واعزم على العمل، فإن قصرت فاعترف بتقصيرك واستغفر الله، وهو الكريم الذي يقبلك ويغفر لك على ما كان منك ولا يبالي... وكلنا مثلك يا عبدو...

وألخص لك الآن ما ينبغي أن تفعله:
1- باعتبارك مصاباً بالوسواس، وأن هذه الأفكار التي تأتيك وتؤثر عليك سلبًا هي أفكار غير صحيحة، فلا تحاول التأمل فيها، ولا تفسير الحياة على أساسها... بل كلما جاءتك، استعذ بالله، واصرف ذهنك عنها مباشرة، وتفكر بغيرها من الأفكار المحببة إلى قلبك... وهذا هو العلاج الناجح للوسواس.

2- وباعتبار أن الوسواس أدى بك إلى الاكتئاب كما هو واضح من كلامك، فحبذا لو تذهب إلى الطبيب لتداوي الأمرين معًا، ووجه اهتمامك للقراءة في النصوص، والمواضيع الشرعية التي تتكلم عن رحمة الله تعالى، وعظيم فضله على الناس، ورحمته بهم، وقبوله لهم على تقصيرهم...

3- تعرف على دينك وتعلمه، ولكن عن طريق السبل الصحيحة لطلب العلم: فلا تكتفي بأخذ دينك من التلفاز، أو من الإنترنت...فلم يكونا يومًا مصدرًا موثوقًا للعلم، ولكنهما للاستئناس فقط، أو للإرشاد لا أكثر، والصواب فيهما يختلط بغيره كما هو معلوم ومشاهد... فإن أردت العلم الموثوق: فاسأل عن أفضل العلماء في عصرك، ممن اتفق أكثر الناس على علمه وورعه، فخذ عنه أو ممن أخذ عنه... واعلم أنه في كل علم -من العلوم الدينية أو الدنيوية- هناك من هو عالم، ومن هو متعالم لا يعرف رأسه من رجله فيما يتكلم فيه... فكن يقظًا خبيرًا بمن يؤخذ عنه العلم وبمن لا يؤخذ...

4-
ابدأ بتعلم أساسيات الدين من الموثوقين الذين اخترتهم، وبعد فترة ستجد أنه أصبح بإمكانك أن تسأل وتناقش المناقشة المثمرة، كما تتكون لديك ملكة تستطيع أن تشم بها رائحة المعلومة المغلوطة... وحينها يمكنك أن تسأل عنها وعن صحتها من تثق بهم من العلماء قبل أن تصدقها أو ترفضها...

أخي الكريم: إن قضية: ما هو العلم؟ وكيف نطلبه؟ وممن؟ من أهم القضايا التي أهملها الناس، وعانوا بسبب ذلك الكثير الكثير! وأنت واحد ممن عانَوا!
لماذا يا شباب المسلمين تجهدون أنفسكم في معرفة أفضل بائع أحذية، وأحسن شركة ثياب، وأشهر مطعم، لتأخذوا حاجياتكم منها... وتخافون أن يغشكم أحد في هذه الأشياء التي تؤول إلى النفايات، ثم لا تسألون عن أفضل من يعطيكم دينكم الذي يثمر ويزداد ويبقى لتنالوا أجر تطبيقه في جنة عرضها السماوات والأرض؟!
أيعقل أن دين أحدكم أهون عليه من حذائه؟!!

الدين مبدأ.. والثياب والأحذية قشور!! فانظروا ما حل بكم عندما فضلتم القشور على المبادئ!!
لماذا تحرمون عقلكم الغالي من التفكير؟ من غذائه الذي يحيا به؟ كيف تريدون لعقولكم أن تنمو بلا غذاء ولا رياضة؟ قد حرمتم -والله- أنفسكم من أجمل شيء في هذه الحياة، ومن أهم شيء يميزكم عن البهائم!! بل إن البهائم تستعمل ما أودعه الله تعالى فيها من قوى! أما من عطل عقله فقد أهمل منحة غالية منحه الله تعالى إياها...
كنت أتردد من ذكر هذا في استشارتك خشية أن تلوم نفسك مرة أخرى على التقصير...
ولكن لا بأس يا ولدي: اعزم على العمل، وابذل ما تستطيع في سبيل تطبيقه ولا يضرك بعدها قلة النتائج... لكن إياك إياك أن تهين عقلك!!

واقرأ على هذا الموقع:
لا فائدة من العقاقير النفسية
الأمراض النفسية كلها مس أو تلبس بالجن
مصدر الفكرة التسلطية الأولى 2

واقرأ أيضاً: مقالات منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري من أولها لآخرها، ففيها -بإذن الله تعالى- ما تبغي من معرفة نظرة الإسلام لمرض الوسواس.

* ويضيف د. وائل أبو هندي المستشارة الفاضلة أ. رفيف الصباغ بالطبع عرفت وأنا أسمع ما يقوله صاحب ذلك الموقع من أن مريض الوسواس القهري يسمع أفكارا أن المتكلم لم يتعامل مع موسوسين بشكل فيه عمق وتفهم وتفكر أي كما يتعامل الفقيه مع المسائل التي تعرض عليه، فمريض الوسواس يجد الأفكار في عقله ولا يسمعها بل إنني إذا قال لي أحد الموسوسين سمعت الفكرة أسأله على الفور: ماذا تقصد بقولك سمعت هل سمعت صوتا مثل صوتي هذا فيقول لا هي أفكار في رأسي فأقول له إذن هكذا تكون الوسوسة أفكار أو صور أو اندفاعات أو مشاعر تجدها حاضرة في وعيك، وأما سماع الأصوات فأمر يأخذنا إلى الفصام وغيره من أنواع الذهان، ثم بعد ذلك أحذر هذا المريض من خطأ التعبير عن وساوسه بأنه يسمعها لكي لا يخطأ طبيب نفساني متعجل فيشخص الحالة ذهانا! لأن الهلاوس السمعية Auditory Hallucination هي أحد أهم علامات ذهان الفصام...

المهم عرفت أن صاحبنا قليل دراية بالمرضى النفسانيين وكذلك باللغة العربية لغة القرآن الذي يتمسح صاحب الصفحة بإعجازه، ولكني الحقيقة لم أستطع العثور على السيرة الذاتية لصاحب تلك الصفحة، وأسعدني أن أعرف أنه لا طبيب ولا فقيه ولا حتى صاحب علم شرعي راسخ... هناك بالطبع علاج معرفي سلوكي خاص لكل نوع من أنواع الأفكار الوسواسية ولنا نحن المسلمين ما يناسبنا وسنضع قريبا على مجانين نماذج من ذلك..

هناك ثلاثة مواضيع كبرى لأغلب الأفكار التسلطية (أو الأحداث العقلية التسلطية) هي الدين والجنس والعدوان، وحول أي منها أو حول اثنين منها معا تدور معظم الوساوس لكن هذا ليس كل شيء فهناك أفكار الشك وهناك وأفكار التناظر والتماثل التسلطية وغيرها.... لكن ليس السوء والفحشاء والإساءة للقيم الدينية فقط بأي حال، كذلك ليست الحبوب التي نصفها لمرضى الوسواس القهري والاكتئاب تثبط إنتاج السيروتونين بل هي تفعل العكس أي أنها تحافظ على بقائه في الفلج المشبكي من خلال تثبيط إعادة امتصاص أو استرداد السيروتنين من الفلج المشكي Synaptic Cleft إلى داخل الخلية العصبية... وهذه هي عقاقير الم.ا.س.ا التي نجحت وتنجح ما تزال في علاج قطاع كبير من مرضى الوسواس والاكتئاب وغيرهما من الأمراض النفسية، وأما إذا أعطينا أحد المرضى حبوبا تقلل من إنتاج السيروتونين الدماغي أو تضاد عمله فإن النتيجة تكون زيادة الوسوسة أي أننا فعلا إذا كنا قاصرين في فهمنا واستخدمنا ما يقوله صاحب الصفحة من عقاقير تثبيط السيروتونين فإننا نكون نزيد المريض وسوسة!

تسأليننا: أكل من يسمع أفكاراً في عقله هو مريض نفسي؟؟ بالطبع لا كلنا يجد أفكارا في عقله وربما يقولها لنفسه ويسمعها داخل نفسه لا في أذنيه، وأما الأفكار المرضية فإما هلاوس سمعيه أو أفكار تسلطية تطرأ على الذهن ولا تسمع في الإذن أو غير ذلك مما يضيق المقام هنا عن الاسترسال فيه.. أحييك على إجابتك بارك الله فيك.

 
   
المستشار: أ. رفيف الصباغ