الأخ الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي، شكرا على اهتمامك وردك وتحليلاتك التي أراحتني كثيرا وخصوصا أنني شعرت منها أنني لست منحرفة جدا كما اعتقدت، وسأجيب لحضرتك على ما طرحته من أسئلة لعلها تساعدك في تحليلاتك وتساعدني في العلاج، كنت أريد أن أوضح أنني لم أكن أقصد بالإهانة والتعذيب استخدام الضرب أو اللسع بالنار كما أوضحت لي حضرتك ولكن كنت أقصد شيئا بسيطا من الغلظة. أنا الآن أستطيع أن أقول في ضوء رد حضرتك أنني طبيعية إلى حد ما، وإن كانت لدي بعض انحرافات التفضيل الجنسي التي أعتقد يمكن السيطرة عليها فأنا لا أعتقد أنني كنت أقصد أن المتعة ستستحيل بدون هذا التنكيل، وهو شيء مازال على مستوى التخيلات ولم يثبته الواقع أو يدحضه لأنني لم أتزوج بعد، ولكني أقول أنني أحيانا أتخيل أنه سيكون شديدا معي في تعاملاته، ولا أقصد فقط في اللقاء الجنسي، ولكني أتخيل أنه سيعاملني بقسوة ويضربني، وأنا أبكي وأنه سيأتي ليصالحني، ولكني أستمتع جدا بهذه الأفكار، ولا أقصد متعة جنسية بالتفكير في أنه سيكون قاسيا معي. سألتني حضرتك عن الرابط عندي بين الجنس والألم وسأحاول أن أقص عليك بعض التفاصيل: أولا لم يكن ضياع البنت عندي في الطفولة المبكرة معنى مجردا كما تظن حضرتك، كنت أفهم معني النهاية وأنها الموت أو القتل للبنت على يد أهلها إذا أصاب هذه الجزء مكروه، كانت التنبيهات مستمرة وواضحة، تربيتي كانت في قرية صغيرة بالصعيد تتفتح فيها مدارك البنت مبكرا على هذه الأمور وهي محور حياتها هناك في هذه الثقافة التي أصفها بالجهل والمرض كان هذا الأمر يتكرر أمامي كثيرا في سن الثانية عشر أجريت لي عملية الختان بدون تخدير، حيث أمسكت بي سيدة، وقامت الأخرى بعملية الختان أمام عيني وأنا أصرخ، لكنهم قالوا لي أن ذلك عفة للبنت، ولا يعلم أحد إلا البنت، أن الختان لا يزيد العفة ولا ينقصها بل الدين والتربية الصحيحة، لكن بقي الختان أثر سلبي في نفسي جعلني ثائرة من هذا الاحتقار للأنثى. أمام عيني وأنا في سن المراهقة تكررت أمامي مشاهد ليلة الزفاف البلدي التي تشتهر بها الصعيد ورأيت كثيرا الأهل يرقصون بمناديل مليئة بالدماء مهللين بصراخ ابنتهم لأن ذلك دليل شرفها سألت أمي فقالت لي أنهم يهللوا لأنها حافظت على شرفها، سألتها على الدماء فقالت لي على طريقة فض الغشاء يوم الزفاف، قالت لي أيضا أن الزوج يمارس الجنس مع زوجته في هذا اليوم على الرغم من صراخها، فهو ينشغل بمتعته ويستعذب صراخها. عرفت أن الزفاف مؤلم جدا وربطت بينه وبين ما حدث لي في عملية الختان، وقررت بداخلي أن لا أتزوج لأتجنب الألم الذي كتب على البنت، لكن كنت شبه مخطوبة لابن عمي. جاهدت في أن التحق بالثانوي العام ومنه للجامعة في القاهرة، وفي الجامعة اقتربت من أخوات ملتزمات وعرفت أن هذه الأمور ليست من الدين، لكن كان هناك قهر بداخلي، وإحساس بهوان الأنثى، وقاومت هذا القهر برفضي للزواج من ابن عمي بالرغم من ضرب أهلي وتنكيلهم لي بسبب هذا الرفض، وتجرأت أكثر بأن عرضت عليهم خطيبي وهو من أهل القاهرة وزميلي بالعمل وأرد الآن على التساؤلات التي طرحتها على يا طبيبي تساؤلا تساؤلا: (1) كانت الألعاب التي كنت تقومين بها كطفلة وأنت تمثلين الأدوار التي تتلقين (وربما تحدثين) فيها التعذيب والإهانة، مرتبطةً لديك بمشاعر طفلية كالفرح مثلا، وربما الزهو بالنفس، فهل كانت ترتبط أيضًا بمشاعر جنسية أم لا؟ لا لم يكن الأمر له علاقة بالجنس نهائيا، لأن ذلك كان في سن بين السادسة والثامنة، كنت فقط أقوم بالصعود فوق أي مكان عالي، وأقفز منه وأتخيل أن أحدا يلقيني في النار وهكذا، والألعاب برئية جدا ولم تكن تعني بالنسبة لي شيئا (2) أحلامك التي كنت تتصرفين فيها بمازوخية، هل كانت أحلاما جنسية أحلامي تدور حول امرأة تريد أن تنكل بأحد غيري، وأنا موجودة وأراقب فقط ما يحدث وهذا الحلم كان يتكرر لدي كثيرا، وأحيانا يكون الأمر أن أحدا يضربني بشدة وأنا بالفعل أستمتع بذلك كما لو كان أحد يداعبني؟ (3) تخيلاتك الجنسية الآن، والتي تعبرين عنها بتخيلاتك لحياتك مع حبيبك بعد الزواج المبارك إن شاء الله استأذن حضرتك في أن أصف لك نوع حبي لخطيبي: هو زميلي في العمل ولذا فقد كان أمامي كل يوم وقد رأيت فيه دينا ودماثة خلق ولكني لم ألتفت إليه لأني أعلم استحالة زواجي منه فهو من القاهرة، وأنا من أسره كبيرة في الصعيد تؤمن بأن البنت لابد أن تتزوج من نفس العائلة، في البداية عندما بدأ زميلي يلمح بحبه شعرت بأن له مكانة عندي مثل مكانة الأخ أو الصديق، كنت أحب أن أكون قريبة منه وأرتاح للكلام معه عندما تقدم لي ورفضه أهلي وشعرت بالمعاناة لما يحدث ازداد حبي له، كان حبي له روحيا بمعنى أنني كنت أشعر به ويشعر بي، لم أكن أفكر في العلاقة بيننا كعلاقة جنسية كل ما كنت أفكر فيه أن نظل معا لأوقات طويلة، ومع مرور الأيام تطورت مشاعري إلى رغبة في أن أكون له جارية ولست زوجة. فأنا أريد إنسانا أفعل كل شيء يرضيه وهو لا أريد منه شيء إلا أن يعاملني معاملة السيد للجارية، فبدأت أتخيله يضربني وأنا أبكي ثم يأتي بعد قليل ليصالحني، زادت الأمور، كنت أسأل نفسي هل أنا فعلا أحبه لأن هذه الأفكار ليست طبيعية وتأتي لي وأنا لوحدي، ولكن في حضوره الأمر مختلف هو شخص يحترمني وأحترمه، ولكن تخرج مني هذه الأفكار أحيانا في فلتات لساني فأجد نفسي أرجوه باستعطاف أحيانا أن يفعل شيء يمكن أن يقوم به دون هذا الاستعطاف، أندم كثيرا عندما أجده قد لمس هذا الضعف وأحاول أن أكون قوية!! بعد ذلك تقدم لي هذا الزميل مرة أخري ووافق الأهل مبدئيا على مضض، تجرأ زميلي على إثر ذلك وبدأ أحيانا يصرح لي بمشاعره وحبه لي، وأنا في وجوده أتجاهل ما يقول ولا أرد عليه، ولكن عندما أكون لوحدي أعيش هذه اللحظات مع نفسي مره ثانية، وأستمتع بهذه الكلمات ولكن أربطها بمشاهد التحقير والإهانة، والتي تخص الحياة بصفة عامة معه والحياة الجنسية بصفة خاصة أخاف جدا من المستقبل وأن تكون ذكريات الطفولة قد أفسدت دور الأنثى الطبيعي بداخلي وحولتني إلى إحساس الجارية، والمشكلة أنني أتأثر جدا لو وجدت أحدا يضرب طفلا أو يعذبه، وإذا حدث ذلك أرتبك، وأقوم وأجذب هذا الطفل من يد أمه أو أبيه حتى لو كنت لا أعرفهم ما يربكني أن هذه المشاهد تؤثر فيَّ جنسيا جدا، وهو ما يضايقني ويشعرني بتأنيب الضمير، أنا قلقة جدا يا دكتور وائل، خائفة حياتي الزوجية تنتهي بسبب هذه الانحرافات، ولا أعرف ما هو الطبيعي من المرضي لأن ثقافتنا في هذه الأمور محظورة؟ (4) هل تستحيل عليك التخيلات الجنسية الممتعة والمصحوبة ببعض الإثارة دون أن تسبقها تخيلات مازوخية تخيلاتي لا تستحيل بدون التخيلات المازوخية ولكن تخيلاتي ليست دائما جنسيه بل حياتية هل قدمت لك بهذه التفاصيل أسباب حالتي؟ لكن ماذا بعد التشخيص هل هناك علاج؟ وشكرا لك 11/2/2004
الأخت العزيزة أهلا وسهلا بك علي موقعنا مجانين، وشكرا على متابعتك وعلى إطرائك، بهذا الشكل أرى أننا نستطيع أن نكونَ مطمئنين إلى عدم وجود ما يستدعي العلاج النفسي في حالتك، فما أظهرته متابعتك يعني أن لديك بالفعل بعض السمات المازوخية، التي تقتصر على علاقتك بشريكك الجنسي، فصحيح أنها حياتية ولكنها في حياتك مع زوج المستقبل، فلم تظهر مازوخيتك في أي منحى من مناحي حياتك الأخرى، فأنت ناجحة في عملك وفي علاقاتك الاجتماعية، بل وانتصرت على الجمود الفكري الذي واجهته مع أهلك، وها أنت تفوزين بمن دق له قلبك، وما أتوقعه لك سائلا رب العزة أن ينعم عليك بصحة توقعيهو أن عدم كون المتعة الجنسية عندك مرتبطا بالضرورة بالإهانة أو التعذيب من جانب الذكر كما قلت في متابعتك هذه يضعنا أمام احتمالين ستسير الأمور في اتجاه أحدهما بعد الزواج: الاحتمال الأول هو أن تكتشفي عالما جديدا تماما من الإثارة والمتعة الجنسية مع زوجك لا توجد فيه تخيلات مازوخية ولا مكان فيه للألم أو للإهانة، وما يعزز ذلك الاحتمال هو أن هناك فرقا بين أن تكونَ مشاهدتك لمشاهد التعذيب تثيرك جنسيا، وبين أن تكونَ مشاهد التعذيب هي المثير الوحيد، أي أنك بعد الزواج ستتعرفين على أشياء أخرى تثيرك، وبالتدريج ستقل تلك التخيلات، أو ستصبح أحد صور التنوع في خيالاتك الجنسية، وأنصحك أن تحاولي قدر الإمكان التخلص من حالة الخرس الجنسي المشهورة عند المرأة العربية مع زوجها تحديدا!، بمعنى آخر قولي لزوجك هذا يمتعني وهذا لا يمتعني فماذا يمتعك يا حبيبي؟ الاحتمال الثاني هو أن تجدي أن الارتباط بين المتعة والألم الجسدي أو النفسي مهم في حياتك الجنسية وغير الجنسية، وأن شعورك بالعبودية لذلك الزوج يعطيك ما لا تجدينه في غيره من المشاعر، وهنا لا أظن أن المشكلة ستكونُ كبيرة أيضًا، أولا لأن حالتك بسيطة، وثانيا لأنك تستطيعين دون تصريح أن تنبهي زوجك إلى أهمية أن يقسو عليك قليلا أو أن يعاملك بخشونة أو غلظة، سواء في الحياة بوجه عام أو في الجنس بوجه خاص، يمكنك أن تستفزيه بحكمة ودلال حتى يقسو عليك ثم بعد ذلك تتوددين له، ثم تصرحين بأن هذا اللقاء كان من أمتع لقاءاتكما الجنسية معا، ويمكن أن تقولي أنك تحبينه عندما يكون قاسيا أو بالعامية المصرية (حمش) مثلا، وفي الأثر عند المسلمين: (يا بنية كوني لزوجك أمة يكن لك عبداً ولا تدني منه فيملك ولا تباعدي عنه فتثقلي عليه)، المقصود أنك تستطيعين أن تشعريه بأنه السيد وأنك أمته أو جاريته، وليس في ذلك ما يعيبك مادام يحدث بينك وبين زوجك. عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواه الترمذي وقال حسن غريب، وهذا الحديث صححه الحاكم وابن حبان ولفظه عند ابن حبان: «لو أمرت شيئا أن يسجد لشيء لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها والذي نفسي بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها...» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. هنالك طبعا فيما حكيته لنا في متابعتك ما يشير (وينبهنا في ذات الوقت) إلى وعي الفتاة العربية مبكرا جدا في بعض (أو معظم) مناطق عالمنا العربي بمسألة العذرية وغشاء البكارة ومفاهيم العفة، وما يرتبط بذلك من ممارسات ما أنزل الله بها من سلطان لكنها ما تزال سارية في مجتمعاتنا، وهناك ارتباط واضح ومبكر بين الألم والجنس عند الفتاة العربية كما يستطيع أي قارئ لكيفية إجراء عملية الختان في الصعيد أن يستنتج، وكذلك لرؤيتك لجمع المهللين وهم يعرضون دم ابنتهم لأنه دليل عفتها، كل ذلك قد يرسب ارتباطا بين الجنس والألم، لكنه أولا قاصر على الأنثى، وثانيا لا يسببُ سمات مازوخية كتلك التي لديك في معظم الأحيان، أي أنه لن يملك مقدرة تفسيرية لإشكالية الإمراضية النفسية لحالات المازوخية، لا في الإناث ولا في الذكور بالطبع. إلا أن الشكوى من الإثارة الجنسية عند رؤية طفل أو شخص يُعذبُ أو يهان أو يعامل بقسوة هي شكوى شائعة على ألسنة المشتكين من المازوخية، وسلوكك الواعي إزاء ذلك الموقف كما يظهر من كلماتك هو سلوك مركب، فبينما يثيرك المشهد (وهذا هو الوجه الآخر للمازوخية الذي نسميه بالسادية لأنك تشعرين بالإثارة والاستمتاع) إلا أنك تسارعين بوضع نهاية لمعاناة الطفل، فأنت تقولين: (والمشكلة أنني أتأثر جدا لو وجدت أحدا يضرب طفلا أو يعذبه، وإذا حدث ذلك أرتبك، وأقوم وأجذب هذا الطفل من يد أمه أو أبيه حتى لو كنت لا أعرفهم)، وكأننا هنا نرى الميول السادية متخفية خلف الميول المازوخية الظاهرة، لأن المازوخية الخالصة إن وجدت، فستكونُ أن أستمتع أنا بإيلامي أنا وإهانتي أنا وتعذيبي أنا، وليس بأن أرى غيري يتعذب أو يهان، أيا كان يا صديقتي، ليس في حالتك في حدود ما وصلني عنها ما يستدعي القلق، ولا العلاج بالتالي، فاطمئني وقري عينا وتابعينا بأخبارك وشاركينا بآرائك.