أنا طالبة جامعية عندي 22 سنة
الأخت السائلة : الحقيقة أنني قرأت رسالتك أكثر من خمس مرات، ولم أستطع وضع يدي على مشكلةٍ حقيقية حالية اللهم إلا عقدتك الكبيرة الناتجة عن فكرتك الخاطئة عن الجنس، والتي تتضح خلال إفادتك كل عدة سطور ولكن بطريقة مختلفة. فأولاً: استخدامك للفظ الاعتداء حتى حين تتحدثين عن احتضانك للوسادة تقولين أعتدي على وسادتي! فاستخدامك لتعبير الاعتداء ناتج بالطبع عن اعتبارك الجنس سلوكًا شريرًا أو جرمًا كبيرًا، مع أن الجنس هو إحدى أروع الغرائز التي فطرنا الله سبحانه وتعالى عليها وجعل سرور الإنسان بها ومتعته فيها عظيمةً، بل وجعله مثابًا عليها ما فعلها في حلال. يوجد في إفادتك تاريخ للضرار الجنسي في الطفولة، تقولين أنهُ لم يؤدِ إلى أضرار جسدية ولكنه أدى إلى ضررٍ نفسي، وأنا معك في ذلك إذا اعتبرنا أنهُ تسببَ في إثارتك بشكل أو بآخر، فأصبحت تحتاجين لمثل تلك الإثارة كما ظهر بعد ذلك في سلوكياتك التي وصفتها لنا، ولكن من المهم هنا أن أنبه إلى أنهُ ليس من الضروري أن تسير الأمور بهذا الشكل وليس أصلاً في كل ما فعلته من سلوكيات ما نستطيع اعتباره انحرافًا كبيرًا عن سلوكيات الأخريات، ولكن المشكلة أن معظمهن لا يدرين بأن هناك من تعانين من مثل مشاكلهن، أي بالضبط كما حدثَ معك، وتعالي نتناول سلوكياتك تلك واحدةً واحدةً لنبين لك كم كنت طيبة النية وعلى سجيتك تماما، فأول هذه السلوكيات كان حب الاستطلاع (أو حب الإطلاع كما تسمينه) وكان ذلك مع بنات عمك، هذا بالطبع تعتبرينه أنت جريمة كبيرة ، بينما هو لعبٌ جنسي طفولي طبيعي تماما بل هو مرحلةٌ من مراحل النمو النفسي، ويحدثُ بين الأولاد وبين البنات، وبين كل جنس على حدة، وليس فيه شيء مادامت الأعمار دون سن البلوغ، ولكن المشاكل تكونُ إذا كان أحد الطرفين بالغًا والآخر طفل فهنا يعتبرُ الأمرُ تحرشًا جنسيا يؤدي إلى ضرار جنسي كالذي حدثَ معك، أما ما يحدثُ بينَ الأطفال ويسمونه (عروس وعريس أو لعبة الدكتور) فهو لعب جنسي طبيعي، بل إنني أقول لك ما هو أبعد من ذلك لكي تعرفي أن اللعب الجنسي هو سلوك طبيعي فطري، فأنت لو لاحظت مجموعة من القطط الحديثة الولادة على سبيل المثال فستحدين أنهم يفعلون أفعالاً مشابهةً لذلك اللعب الجنسي وتحدثُ بغض النظر عن جنس القط أي بين الذكور والذكور والإناث والإناث كما تحدثُ بين الذكور والإناث! فهل الحيوانات تتصرف على غير الفطرة ؟؟؟ نصل بعد ذلك إلى اعتدائك كما تسمينه على الوسادة وعلى أي أحد ينام بجوارك، فهل يحاسبُ النائم ؟؟ أليس الحرج مرفوعًا عن النائم حتى يصحو؟ لماذا لا تقولين أنك تحتضنين الوسادة وأنت نائمة أو تحتضنين النائم بجوارك؟ ولماذا تعبرين مثل هذا السلوك جنسيا بالأساس رغم أنه أقرب إلى التعبير عن الحب والحنان؟ لست أدري لماذا تجرمين الجنس إلى هذا الحد ؟ وأما الاسترجاز (أو ما تسمينه بالعادة السرية)، فهو أيضًا سلوك شائع بين المراهقات إلى حد كبير، ليست لدينا إحصاءات عربية طبعًا عن مدى شيوعه بين الفتيات العربيات، لكنهن يفعلنه وبعضهن يمارسن الاسترجاز ولا يدرين أصلاً أن له علاقة بالجنس. إذا أردت أن تقرئي ما يؤكد كلامي هذا فعليك بقراءة إجابة على صفحة مشاكل وحلول للشباب في إسلام أون لاين بعنوان استرجاز البنات والقراءة الخاطئة للمعلومات الصحيحة وأما ما حدثَ ما بينك وبين زميلتك تلك، فلم يكن في حقيقة الأمر سحاقًا (أي جنسيةً مثليةً بين امرأتين أو بنتين) متطرفًا، بقدر ما كانَ نوعًا من التنفيس عن الكبت الجنسي الذي تعيشانه ولم تخلُّ مشاعرُ أي منكما من الشعور بالذنب والخوف من عقاب الله، وهذا مختلفٌ تماماً عن السحاق بمفهومه الغربي الذي ينادي بالاستغناء عن الرجل، وليس هذا حالكما بالمرة، ومعظم حالات السحاق بين الفتيات العربيات حسب خبرتي كثيرًا ما يكونُ فيها البعد الاجتماعي المتمثل في شعور البنت بالعزلة والخوف من الآخرين سواءً وصل إلى حد الرهاب الاجتماعي أو لم يصل هو العامل الفاعل أصلاً في العلاقة السحاقية، إضافةً إلى أن الفصل الغبي بين الجنسين الذي ما يزالُ قائمًا في بلدان إسلامية كثيرة يجعل المشكلة أسوأ! وسأشرح لك الآن مفهوم السحاق: فالسحاق مفهومٌ فضفاضٌ يمتدُّ من نقطةٍ بسيطةٍ جدا، وتكادُ تكونُ تافهةً جدا هي أن أنثى تتلمسُ أنثى طلبًا للمشاعر الجنسية البسيطة، وقد يكونُ ذلك مزاحًا، وقد يكونَ تجريبًا جنسيا، وقد يكونُ تعبيرًا عن مرحلة عابرة من التَّمَيُّز الجنسي، وقد يكونُ بمثابة الفضفضة الجنسية ما بينَ صديقتين في مجتمعٍ مغلقٍ يفصلُ فصلاً غير صحيح ما بينَ الجنسين، وهو في كل هذه الحالات عابرٌ وغالبًا بسيط، وهو أيضًا في كل هذه الحالات ليسَ شذوذًا ولا انحرافا، وليسَ أكثرَ من سلوكٍ خاطئٍ عابر، بشرط ألا يتكررَ إلي حد أن يصبحَ عادة. ويمتدُّ مفهوم السحاق من مثل هذه النقطة إلي نقطةٍ في أقصى الطرف الآخر يوجدُ فيها توجهٌ جنسيٌ نفسي وفعلي كامل من الأنثى نحو أنثى، ليسَ لأن الرجل غير موجود، ولكن لأنهُ مرفوض، هذا هو السحاق العصري. إذن فالسحاقُ العصري شيء مختلف تمامًا، تختارُ الأنثى فيه أنثى أخرى مثلها لكي تشبع حاجتها الجنسية من خلالها مع رفض الاختيار الفطري الطبيعي الذي هو الذكر! فهل كنت أو صديقتك يومًا كذلك؟ ويوجد في مكان ما بينَ هاتين النقطتين بعض الإناث اللاتي لا يرفضن الذكر ولا يرفضن الأنثى أيضًا، فلا مانع عندهن من التفاعل الجنسي المزدوج، وغالبًا لا يعلم أحدٌ بذلك، لأن هذه الأنثى تعيشُ حياتها الاجتماعية والأسرية بشكل طبيعي تماما، وتبقى علاقتها أو علاقاتها غير الطبيعية سرًّا مكتومًا، وكل ما يدخل في هذا المفهوم...سحاق وكل ما يدخل في مفهوم السحاق حرام شرعاً ويحاسبها عليه الله سبحانه وتعالي بعلمه وبقدرته. وحسب ما أعرفُ من معلومات عن الفقه الإسلامي فإن عقوبة السحاق أمرٌ متروك للقاضي، واسم هذه النوعية من الأحكام الفقهية "التعزير"، ويفهمُ من ذلك أن العرب القدماء عرفوا ظاهرة السحاق وسمَّوها، وأعتقدُ -والله أعلم- أن السحاق المقصود كأن من النوع الأخير، أي عند الأنثى المزدوجة الهوية الجنسية أي التي تستطيع أن تتفاعل مع الذكر ومع الأنثى أيضًا، ولا أظنُّ لديك أو لدى صديقتك ما يوحي بذلك. كما أن الحقيقة التي لا بد من ذكرها هنا هي أن السحاق بالمفهوم الغربي الجديد ليس إلا ابتداعًا حديثًا جدا من ابتداعات الحضارة الغربية أو علي الأقل هكذا يقول التاريخ الغربي المكتوب، فهو علي عكس اللواط تماما في هذه النقطة. *إذن فليسَ هناكَ تاريخ لظاهرة السحاق أبعد من أقل من قرنٍ ونصف من الزمان، ليسَ هذا فقط بل أنهم يستدلون علي وجوده فقط من أن امرأتين عاشتا بمفردهما لفترةٍ طويلة في ذلك التاريخ البعيد (النصف الثاني من القرن التاسع عشر) وليس أكثر من ذلك، ومعنى هذا هو أن السلوك الحميم ما بينَ امرأتين نادرًا ما كأن ينظرُ إليه اجتماعيا علي أنهُ شذوذ لأنهُ في أغلب الأحوال ليسَ كذلك! وأصل بك في النهاية إلى آخر نقطةٍ في إفادتك وهيَ ذلك الخطيب الذي تقدم لك وأعجبت به واستخرت الله واسترحت للموضوع، وكان هذا هو سبب إرسالك للمشكلة، وأنا أصل هنا وبعد كل هذا الشرح والتفصيل فقط لأقول لك أين هيَ المشكلة ؟ أنت الآن أنثى عذراء طبيعية تماما، تقدم لها شابٌ وأعجبت به وشعرت بميل نحوه فمبارك زواجكما إن شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.