السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كل عام وأنتم بألف خير.. وأمتنا الإسلامية كلها والعالم كله بألف ألف خير..
أحب أن أشارك على استشارة: قصة للتدريس .. في مناهج الجهل الزواجي
وأوجه كلامي أولا للأخت السائلة: كان الله في عونك يا أختي على هذه الورطة الكبيرة.. أنت الآن أمام حلّين كما نصحتك الدكتورة فيروز, وكان الله في عونك لاختيار أحدهما لأن أحلاهما مر!!! لكم حزنت وأنا أقرأ مشكلتك, بل لقد بكيت فعلا, فمشكلتك يا أختي ذكّرتني بكم نحن النساء ضعيفات, وكم من السهل كسرنا!! حسبنا الله ونعم الوكيل.
أنا لا ألوم الرجال على تردي أوضاعنا, لأنني لو بحثت بموضوعية ودقة عن الجاني الحقيقي عن ما نحن فيه فسينتهي عمري قبل أن أنتهي من إحصاء الجناة.. وعزائي الوحيد أن الله الذي خلقنا يرى كل شيء ويسمع كل شيء وهو قادر على أن ينصفنا يوما ما.
أحس كم كانت خيبة أملك في هذا الزواج كبيرة.. بل لقد كانت أضخم مما تستطيعين حمله, لأنك توقعت شيء, وجاء الواقع مخالفا 180درجة لما توقعته أنت.. وهذا هو سبب بكائك المتواصل وحزنك الذي أرجو أن ينتهي سريعا.
كان الله في عونك يا أختي في اختيار الطريق الذي ستسلكينه, وأنار بصيرتك وأعانك على تحمل تبعات كل قرار..
فقط أريد أن أقول لك.. لو أنك اخترت أن تعطي نفسك فرصة أخرى للتعامل مع زوجك –أصلحه الله وأصلحنا جميعا– فأقترح أن تؤخري الإنجاب ريثما تتأكدين من الطريق الذي ستتخذينه: هل هو الاستمرار معه, أم الانفصال عنه.. لماذا أقول ذلك؟؟
لأنك لو أنجبت فإن طفلك سيكون عامل ضغط كبير عليك لتستمري في هذا الزواج الذي قد لا تستطيعين تحمل تبعاته فيما بعد.. وذلك خوفا على هذا الطفل من أن يتعقد نفسيا بسبب أن والديه منفصلين.. وربما لن تستطيعي ترك طفلك بين براثن أب متوحش.. فتختارين البقاء معه علّ وجودك يخفف من ما سيعانيه الطفل لو بقي وحيدا.
نصيحتي هذه هي من وحي تجارب الواقع المرّ.. كثيرات هن –ممن أعرفهن– تحمّلن حياة أشبه بالجحيم كي لا يتركن أطفالهن.. وماذا كانت النتيجة؟؟
تدهور أوضاعهن النفسية والصحية بشكل كبير.. بالإضافة إلى نشوء أولادهن وقد امتلأت نفسياتهم عقدا تحتاج إلى جهود فرق طبية كاملة لتخلصهم من بعضها.
وها هو زوجك حالة واقعية أمامك.. هو إنسان مليء بالعقد.. ولا أدري إن كان وصفي هذا صحيحا من الناحية الطبية, ولكن ما أنا أكيدة من صحته هو أن زوجك ليس إنسانا سويا أبدا.. بل هو حتى لا يقف في الوسط بين السواء والشذوذ النفسي.. بل هو أقل من ذلك.. فهل تريدين أن يكون أطفالك مثل والدهم؟!؟!؟ أعانك الله.. وثبتك في مواجهة الحياة كلها.
نصيحتي الثانية لك هي أن تلتزمي هذه الدعوات التي ستخرجك بإذن الله من همك وحزنك.. الدعوات موجودة في هذه الاستشارة: العلاج الرباني للاكتئاب
ولا تنسي أنه قد أصبحت لك أخت جديدة في هذه الدنيا هي أنا, فطمئنيني عنك:
والآن أحب أن أوجه كلامي إلى السادة الأكارم القائمين على هذا الموقع. أرأيتم حالة أختي السائلة؟؟
خوفي من الوقوع في مثل هذه التجربة جعلني أولي هاربة من أي عريس يتقدم لي.. يا سبحان الله, وما أكثرهم..
عندما أقرأ عن مشاكل البنات اللواتي تقدمت بهن السن ولم يتزوجن لأن أحدا لم يطرق الأبواب.. أبتسم وأقول: وكيف بمن طرق بابها العشرات ولكن خوفها من المفاجأة جعلها تعزف عن الزواج.. حتى أصبح الناس لا يرونها إلا متكبرة مغرورة!!!
عن أي مفاجأة أتحدث؟؟
عن المفاجأة التي حدثت لأختنا صاحبة الاستشارة ..
لقد وصلتُ بعد تجاربي إلى نتيجة مهمة جدا: لا يمكن معرفة شخصية الإنسان الذي سأتزوج به قبل الزواج, لا عن طريق السؤال عنه, ولا عن طريق التعارف باللقاءات المتكررة, ولا عن طريق التعارف عن طريق النت والدليل: تجارب واقعية. وهي:
1-لا يمكن معرفة شخصية الإنسان من خلال السؤال عنه وذلك لأنه وفي موضوع الزواج خاصة لا يقول الناس إلا خيرا, محتجين بأنهم لن "يقطعوا بنصيبه".. ووالله أن هذا أمر مخالف تماما لما أمر به الله عز وجل, بعد أن فسخت خطوبتي الثانية بدأ الناس يقولون ما عندهم وما يعرفونه عن الشخص الذي كاد أن يصبح زوجي.. أحسست يومها بالنار تشتعل فيّ.. كيف يخدعونني ويخفون ما يعرفونه من معلومات مهمة إلى هذه الدرجة؟؟ حسبي الله ونعم الوكيل..
هذا من ناحية.. ومن الناحية الأخرى فإن الرجل لا يمكن أن يظهر معدنه الحقيقي إلا مع امرأته.. مهما كان جنتلمان ومهما كان لبقا ولطيفا ووو.. فإن تعامله مع امرأته هو الشاهد الحقيقي عليه.. وهذا يعني أنه لا مجال لنجاح الزواج إلا بأن أتزوج برجل "مُجَرَّب"!!!!.. وهنا أيضا حسبنا الله ونعم الوكيل لقد صدق رسول الله حين قال:"خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي".
2-ولا يمكن أيضا معرفة شخصيته مهما كثرت اللقاءات قبل الزواج.. ومهما كثر الكلام وتنوعت المواضيع.. وحالة أختنا السائلة أكبر دليل على ذلك.. فكيف بمن يطلب منها أن تقول: نعم أو لا بعد مقابلتين أو ثلاث لا تتجاوز في مجموعها 3ساعات على أحسن تقدير..!!!
3-أيضا جرّبت الانترنت من خلال اشتراكي في خدمة: شريك الحياة التي يقدمها موقع إسلام أون لاين, ولكن كله كلام.. وماذا يضمن لي أن هذه الصورة التي رسمتها للطرف الآخر ليست صورة خيالية؟؟ وبالفعل, هذا ما أكده الدكتور أحمد من خلال تحليله لمدى مصداقية الحديث المتبادل على النت..
إذا.. يبقى السؤال المهم بدون جواب: كيف سأتعرف على شخصية الإنسان الذي يخطبني بحيث أقرر الارتباط به أم لا وبدون أن أتعرض لمثل هذه المفاجآت؟؟
ولا أدري هل سأجد الجواب قبل أن أغادر محطة الحياة أم أنني سأموت فآخذ سؤالي معي إلى الله تعالى ليجيبني عليه فيحل هذه المعضلة!!
أعرف أن للوضع الاجتماعي القائم الآن اليد الطولى فيما أعانيه.. ولهذا فقد آثرت أن أترك موضوع الزواج جانبا وإلى الأبد, وأن آخذ بدوري في تغيير المجتمع.. علّني بذلك أساعد بناتي وحفيداتي في أن يتزوجن زواجا طبيعيا خاليا من العقد والمشاكل التي ملأت حياتي.. أصبح الزواج في حياتي أحجية لا حل لها!!!
وقراري في التخلي عن الزواج نابع من معرفتي لإمكانياتي, فلو أنني كنت مكان الأخت السائلة فإن مصيري هو أحد أمرين: القبر, أو مشفى الأمراض العقلية.. أنا لا أمزح.. فأنا أعرف نفسي وأعرف إمكانياتي جيدا.. ولهذا لا يمكنني أن ألقي بنفسي وبأطفالي في تهلكة الزواج هذه.. والآن.. هل من حل لهذه المعضلة؟؟ أم أنها الداء الذي لا برء منه
وجزاكم الله كل خير.. وأعانكم على حلّ معضلات الحياة كلها 7/2/2004 |